بعد عجز اكبر الدول واكثرها قوة وتطورا امام اضعف مخلوق لا يرى بالعين المجردة، فاتكا باقتصادياتها وبشرها دون تمييز، أسئلة شائكة حول كل ما هو واقع في عالمنا المعاصر، وقليلة هي الإجابات في ظل هشاشة وجودنا وقدرتنا على حلّ المشكلات، تجربة مريرة تمر بها البشرية، تجربة غريبة وجديدة تتجسد في انتشار فيروس كورونا المستجد في العالم.
وفي ظل هذه التجربة وفي خضمها يصعد الاعلام الجديد، أو الكوني، أو الرقمي كلها تسميات لمسمى واحد هو الاعلام الالكتروني الذي بات هو السلطة الأولى في العالم، بعد أن كان منافساً للإعلام التقليدي، والذي يقوم على التكامل والتداخل الوظيفي ويجمع كل مزايا وسائل الاعلام التقليدي ويزيد عليها مزايا ووظائف عديدة منها تدفق المعلومات عبر العملية الاتصالية الناتجة من اندماج الكمبيوتر وشبكة الانترنت والوسائط المتعددة.
من ميزات الاعلام الرقمي:
يمكن القول أنه إعلام كوني لأن بيئة الاتصال خاصته بيئة عالمية تتخطى حواجز الزمان والمكان.
حيث يكون الاتصال تفاعلي ثنائي الاتجاه وتبادلي وليس في اتجاه أحادي كالاعلام التقليدي.
إمكانية التفاعل مع العملية الاتصالية في الوقت المناسب للفرد سواء كان مستقبلاً أو مرسلاً أو مشاركاً في نشر المعلومات، وبالتالي يكون كل فرد ناشراً يرسل رسالته للآخرين.
المرونة وسرعة الحركة عبر الوسائل الجديدة كالحاسب المتنقل، الهاتف الجوال، والاجهزة الكفية.
وفرة الخيارات للمتلقي في وسائل الاعلام الجديد حيث يختار المحتوى والتفاعل معه وحفظه وتحليله.
ومع كل هذه الميزات ظهر فيروس كورونا المستجد ليعزز كونية هذا الاعلام على البيئة العالمية ليصبحا في خط متوازٍ يسيطران على العالم كله.
ومن آثار هذا الفيروس الوبائي الذي اجتاح الأرض والبشرية على كافة نواحي الحياة في العالم: جسدياً ونفسياً، اجتماعياً واقتصادياً وسياسياً، وكل ذلك بانتظار العلم والعلماء المحتارين في كيفية ايجاد لقاح أو علاج لإيقاف جموح هذا الفيروس.
ومن هنا برز دور الإعلام الجديد ثورياً مقاوماً لهذا الوباء وكان أحد أهم الأسس في مواجهة الفيروس القاتل، بالتوازي مع الفرق العلمية والطبية.
وزارة الاعلام اللبنانية إنموذجاً:
منذ بداية ظهور أزمة انتشار فيروس كورونا المستجد في لبنان تحولت وزارة الاعلام اللبنانية إلى خلية ألكترونية ورقمية في مواجهة الفيروس والحد من انتشاره. فشكلت الوزارة فريقاً للعمل على رأسه وزيرة الاعلام اللبنانية د منال عبد الصمد مؤلفاً من مديريات الوزارة: الوكالة الوطنية، مديرية الدراسات، والاذاعة اللبنانية والمجلس الوطني للإعلام بالتعاون مع تلفزيون لبنان. وكان هذا الفريق هو مصدر معلومات الدولة.
وفي حملة الاعلام اللبناني الالكتروني في مواجهة كورونا استحدث وزارة الاعلام منصات الكترونية رقمية وأهمها:
إنشاء صفحة بعنوان “كورونا” CORONA.MINISTRYINFO.GOV.LB على موقع وزارة الاعلام الالكتروني MINISTRYINFO.GOV.LB في إطار تسهيل مهمة الاعلام والجمهور للوصول إلى المعلومات الصحيحة الرسمية وقد تضمنت آخر التطورات العالمية المتعلقة بفيروس كورونا المستجد وتوثيقها، وبما فيها الاحصاءات، والتوجيهات العامة للناس وتعريفها بماهية الفيروس والوقاية منه، كما وعملت على نشر فيديوهات توعية لذوي الاحتياجات الخاصة، كل ذلك كان متابعاً من الفريق ساعة بساعة وباشراف مباشر من وزيرة الاعلام وإدارة مديرية الدراسات والمنشورات.
وفي هذا الاطار كان ملفتاً أن هذا الموقع كان السباق والأول المتخصص في العالم العربي، وما زالت الوزارة على وتيرة متصاعدة من العمل وبذل الجهد إذ تعمل على ربط مواقع وزارة الاعلام بمواقع الوزارت الأخرى وتفعيلها لتكون مرجعاً للناس على مستوى الداخل والخارج للإطلاع على نشاطات الدولة وقراراتها.
بالاضافة إلى اللقاءات والندوات والتعاون مع وزارة التربية في موضوع التعليم عن بعد وبثها عبر تلفزيون لبنان الرسمي البرامج الدراسية. بالاضافة الى الجامعة اللبنانية ومنصة الدراسة الخاصة بها عبر شبكة الانترنت، وكان هذا بالنسبة إلى لبنان تحدياً كبيراً وتجربة جديدة انطلقت من الصفر.
ليكون الاعلام الالكتروني كما ذكرنا في العنوان هو وسيلة أساسية في مواجهة كورونا المستجد، فسمح بالتباعد الاجتماعي والوقاية دون المس بانتاج العمل عن بعد أو الدراسة عن بعد فهو: تباعد وتواصل في آن .
د. سنا الحاج
رئيسة دائرة البحوث والدراسات في وزارة الإعلام اللبنانية
الدراسة نشرت بالتعاون مع مجلة “شرق غرب” الصادرة في سلطنة عمان