بدأ العالم بالاتجاه للانفتاح التدريجي، من الصالونات في الدنمارك، والشواطئ في أستراليا، للمكتبات في ألمانيا، بينما انقسمت الولايات المتحدة بين مؤيد ومعارض، حيث اتخذت كل ولاية قراراتها الحاسمة منفصلة عن الأخرى.
وعلى مدى الأيام القليلة الماضية، شجع الرئيس دونالد ترامب المتظاهرين الذين يطالبون برفع أوامر البقاء في المنزل التي تفرضها الدولة، بينما اتخذت بعض الولايات – معظمها تحت قيادة الجمهوريين – خطوات لتخفيف بعض القيود.
لكن حكاما آخرين حذروا من أنهم لا يمكنهم المضي قدما بدون مساعدة من الحكومة الفيدرالية في توسيع نطاق الاختبارات.
وفي جميع أنحاء العالم، الخطة الحالية هي الانفتاح تدريجيا، لكن الحفاظ على ما يكفي من التباعد الاجتماعي لمنع تصاعد جديد للفيروس الذي أصاب 2.4 مليون شخص في جميع أنحاء العالم، وقتل أكثر من 165 ألفا، وشل الاقتصاد العالمي.
وقال رئيس منظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس لوزراء الصحة في مجموعة العشرين في اجتماع على الإنترنت، إن تخفيف عمليات الإغلاق “ليس نهاية الوباء في أي بلد. إنه مجرد بداية المرحلة التالية”.
وحذر الحكومات بشدة من خطورة التسرع في العودة إلى الحياة الطبيعية، قائلا: “من الأهمية بمكان أن تكون هذه الإجراءات عملية مرحلية”.
انقسام أميركي
وبلغ عدد القتلى في الولايات المتحدة، البلد الأكثر تضررا حتى الآن، أكثر من 40 ألفا مع أكثر من 750 ألف إصابة مؤكدة، وفقا لإحصاءات جامعة جونز هوبكنز للتقارير الحكومية.
ويعتقد أن الأرقام الحقيقية أعلى منذ ذلك بكثير، غويرجع ذلك جزئياً إلى محدودية وصعوبة عملية إحصاء القتلى.
في حين يقول ترامب وأعضاء إدارته أن أجزاء من البلاد على استعداد لبدء العودة التدريجية إلى الحياة الطبيعية، يقول العديد من الحكام إنهم يفتقرون إلى إمدادات الاختبارات التي يحتاجونها ويحذرون من أنهم إذا أعادوا فتح اقتصاداتهم في وقت قريب جدا، فقد يتعرضون لضربة ثانية من عدوى الفيروس.
وقال حاكم ولاية نيويورك أندرو كومو: “أظهرنا أنه يمكننا السيطرة على الوحش، عندما تغلق، يمكنك في الواقع إبطاء معدل الإصابة، لكن هذا هو نصف الوقت فقط. لا يزال يتعين علينا التأكد من أننا نحافظ على هذا الوحش تحت السيطرة، نحافظ على معدل الإصابة منخفضة”.
وبتشجيع من الرئيس، خرج متظاهرون إلى الشوارع في بعض الولايات، متذمرين من أن عمليات الإغلاق تدمر سبل عيشهم وتدوس حقوقهم. في تحدٍ لقواعد الإبعاد الاجتماعي، وفي بعض الحالات بدون كمامات قام متظاهرون بتوبيخ حكامهم وطالبوا بإقالة الدكتور أنتوني فاوتشي، كبير خبراء الأمراض المعدية في الحكومة.
لكن يوم الاثنين، حذر فاوتشي: “ما لم نتمكن من السيطرة على الفيروس، فإن الانتعاش الحقيقي اقتصاديًا لن يحدث”.
وقال في برنامج “صباح الخير أمريكا” على شبكة إيه بي سي: ” إذا تسرعت وذهبت إلى موقف يكون لديك فيه ارتفاع كبير، فسوف تعيد نفسك إلى الوراء. ورغم أنه أمر مؤلم بقدر ما يجب اتباعه من خلال التوجيهات الدقيقة الخاصة بالتدرج في إعادة الفتح، وإلا فسيكون للأمر نتائج عكسية”.
وفي الأيام القليلة الماضية، أعطت فلوريدا موافقة على إعادة فتح الشواطئ، وأعلنت تكساس عن خطط للسماح للمتاجر بتقديم خدمات بيع على قارعة الطريق.
عودة المتاجر في ألمانيا
وفي أماكن أخرى حول العالم، أعربت إيزابيل بينيكامب، التي تتسوق في مدينة كولونيا الألمانية، عن امتنانها لإعادة فتح أجزاء من البلاد المتاجر الصغيرة.
وقالت: “حسنا، أعتقد أنه أمر جيد، لأنه الآن يمكن للناس أن يخرجوا أكثر قليلاً والحياة الطبيعية أصبحت أمرا ممكنا أكثر مرة أخرى”.
قال وزير الصحة الألماني، ينس سبان، إن التخفيف التدريجي “عملية تدريجية، حيث نقيِّم، بمرور الوقت، النتائج المترتبة على العدوى”.
ستبدأ السيارات مرة أخرى في التحرك على بعض خطوط الإنتاج في ألمانيا والسويد وسلوفاكيا.
الشواطئ مهمة في أستراليا
في أستراليا، خطط منتجو المسلسل الوثائقي الأطول في البلاد “الجيران” إعادة العمل من خلال وجود طواقم منفصلة لكل موقع تصوير رئيسي.
وأعاد مجلس مدينة في سيدني فتح الشواطئ لكنه شدد على أنها كانت فقط لممارسة الرياضة مثل السباحة والجري وركوب الأمواج، وليس لحمامات الشمس.
وقال داني سعيد، رئيس بلدية راندويك: “أعيش على طول الساحل، أعرف مدى أهمية شواطئنا للصحة العقلية والبدنية للكثيرين”.
وبقي شاطئ بوندي الشهير في سيدني مغلقا.
عودة تدريجية
صالونات الشعر، أطباء الأسنان، أطباء العلاج الطبيعي وحتى أماكن رسم الوشوم سمح لها بإعادة فتح أبوابها في الدنمارك لكن العمل لا يجري كالمعتاد.
وترش كريستل ليرش مقاعد الزبائن بالكحول في صالونها بضواحي كوبنهاغن وتقدم معقم اليدين ومعلقات بلاستيكية للملابس- لتنظيفها بعد كل استخدام- للزبائن الراغبين في قص الشعر أو تسريحه وذلك لأول مرة منذ فرض القيود يوم 11 مارس. ولم تتح المجلات للزبائن.
وخففت الهند من أكبر إغلاق في العالم لتسمح باستئناف بعض نشاط التصنيع والزراعة- إذا تمكن أصحاب الأعمال من استيفاء معايير التباعد الاجتماعي والنظافة. جاءت الخطوة فيما سجلت الهند أكبر زيادة في يوم واحد في حالات العدوى بالنسبة لإحصائها.
وبدأت إيران فتح الطرق السريعة بين المدن ومراكز التسوق الكبرى اليوم الاثنين لدفع اقتصادها المكبل بالعقوبات بالرغم من الشكوك الكبيرة بشأن إحصاء البلاد الرسمي لحالات العدوى والوفيات.
إيطاليا
لكن ليست كل الحكومات مستعدة للتخلي عن حذرها بعد.
ففي إيطاليا، زادت التوترات بين المناطق الشمالية التي تضغط لإعادة استئناف الأعمال بالرغم من كونها الأكثر تضررا من الفيروس، والجنوب الذي يخشى من العدوى إذا تم تخفيف الإغلاق.
ويتوقع أن يحدد رئيس الوزراء جوزيبي كونتي ملامح “المرحلة 2” هذا الأسبوع، على أن يرفع الإغلاق الوطني بحلول 4 مايو.
لكن غوتشي استأنف العمل في بعض ورش العمل للإكسسوارات الجلدية والأحذية اليوم الاثنين، متفقا مع النقابات على تقديم “أقصى حماية للعمال.”
وتعد صناعة الموضة الفاخرة جزءا كبيرا من الاقتصاد في إيطاليا، وتقترب المهل النهائية للإنتاج بالنسبة لمجموعات الخريف.
دول أخرى
وفي بريطانيا، حيث لا يزال رئيس الوزراء بوريس جونسون يتعافى من كوفيد-19، يستمر إغلاق فرض في 23 مارس حتى 7 مايو على الأقل، وحذر وزراء من أن الإجراءات على الأرجح لن تخفف بشكل كبير على المدى القصير.
فرنسا أيضا مازالت تخضع لإغلاق وطني صارم بالرغم من أنه بدءا من اليوم الاثنين، سمحت السلطات للعائلات، تحت قيود مشددة، بزيارة أقاربهم في دور العجزة مجددا.
وفي بعض المناطق، كان التعب من الإغلاق الوطني على أشده. فقد فضت شرطة هولندا تجمعين غير قانونيين للمقامرة وغرمت عشرات الأشخاص لانتهاكهم القواعد المحلية.
في اليابان، أبرزت السلطات أن الوقت لم يحن لتخفيف الإجراءات من خلال قيامها بحصد عشرات الآلاف من زهور التيوليب المزدهرة قرب طوكيو. والمشكلة كانت أن الناس جاؤوا لرؤية الزهور.
وقال مسؤول المدينة تاكاهيرو كوغو “هذا الوضع الآن يتعلق بالحياة الإنسانية. إنه قرار يدمي القلب، لكننا اضطررنا له”.
المصدر: سكاي نيوز عربية