اكد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ان “لبنان سيشهد غدا يوما تاريخيا، سوف يذكره حاضر لبنان ومستقبله، بأنه اليوم الذي دخل فيه وطننا رسميا نادي الدول النفطية”.
وشدد خلال كلمة توجه بها الى اللبنانيين عند الثامنة من مساء اليوم عشية اطلاق اعمال حفر اول بئر نفطية، على انه “كان على يقين منذ عودته بعد سنوات المنفى في العام 2005، ان هذا الحلم لكثير من المخلصين يجب ان يتحقق، وان ليس قدرنا ان نبقى عرضة ازمات تتوالد من بعضها البعض، وتحمل الينا اليأس من وطننا فنهجره او نغترب عنه او نتنكر له. إننا اليوم، اكثر من اي يوم مضى، مصممون على تحمل مسؤولية مواجهة سياسات اقتصادية خاطئة وتراكمات متلاحقة ومتعددة، ووضع حد لها بهدف وقف المسار الانحداري الذي اوصلنا منذ عقود الى ما نحن عليه. ارادتنا ان نواجه من اجل بقاء لبنان وديمومته، ونحيي الاطمئنان ونعيد دورة الحياة الى طبيعتها”.
واكد الرئيس عون اهمية هذا الحدث الذي “سيشكل حجر الاساس للصعود من الهاوية، ومحطة جذرية لتحول اقتصادنا من اقتصاد ريعي نفعي الى اقتصاد منتج يساهم فيه الجميع ويفيد منه الجميع، وعلى ان ثروتنا النفطية والغازية هي لجميع اللبنانيين من دون مواربة، والدفاع عنها سيكون بالشراسة نفسها التي تم فيها الدفاع عن الحدود البرية، من دون مساومة او ارتهان”.
وفي ما يلي نص الكلمة التي القاها الرئيس عون:
“ايتها اللبنانيات، ايها اللبنانيون، ساعات قليلة تفصلنا عن الاطلاق الرسمي لأعمال حفر اول بئر نفطية في لبنان، من احدى نقاط مياهنا الاقليمية، قبالة شواطئنا وامام قمم جبالنا، التي ستكون شاهدة على اهمية هذا الحدث.
إنه ليوم تاريخي سيشهده لبنان في الغد. فهو سيفصل بين ما قبله وما بعده. وسوف يذكره حاضر لبنان ومستقبله، بأنه اليوم الذي دخل فيه وطننا رسميا نادي الدول النفطية، الدول الغنية في احدى اهم مصادر الطاقة في القرن العشرين ومطلع القرن الواحد والعشرين لاقتصاديات البشرية المعاصرة. ويسعدني ان يأتي هذا الحدث في السنة التي تشهد فيها الجمهورية اللبنانية المئوية الأولى لإنشاء دولة لبنان الكبير.
وقد كنت على يقين، منذ عودتي الى لبنان بعد سنوات المنفى، في العام 2005، ان هذا الحلم لكثير من المخلصين يجب ان يتحقق. وكان التزامنا من خلال تكتل “التغيير والاصلاح” النيابي الذي ترأسته لسنوات، والوزارات التي تولينا تحمل مسؤولياتها ولا سيما وزارة الطاقة التي تسلمها الوزير جبران باسيل والذين تعاقبوا من بعده، ان نعمل ليل نهار، ومن دون هوادة، من أجل تحقيق هذا الحلم الذي سأطلقه يوم غد بكل اعتزاز.
هذا الحدث كان من المفترض ان ينطلق في العام 2013، لكن صعوبات داخلية وسياسية حالت دون ذلك. وهل ننسى ما اعترضته من اضطرابات المنطقة تارة، ومن احداث عصفت في وطننا طورا؟ وكثيرا ما وقفت في وجه تحقيقه اطماع من هنا وارادات من هناك، ومناورات من هنا وهنالك. ولا تخلو المناسبة من واجب شكر كل من كانت له ايضا مساهمة في تحقيقه.
ايتها اللبنانيات، ايها اللبنانيون، إننا إذ نمر بأزمة اقتصادية ومالية هي الأقسى في تاريخ لبنان المعاصر، فإنني لواثق لما لهذا الحدث من أهمية بالغة، ليس اقلها على الصعيد الجيوسياسي وتأكيد حضورنا الفاعل وعناصر قوتنا وثباتنا.
ليس قدرنا ان نبقى عرضة ازمات تتوالد من بعضها البعض، وتحمل الينا اليأس من وطننا فنهجره او نغترب عنه او نتنكر له. إننا اليوم، اكثر من اي يوم مضى، مصممون على تحمل مسؤولية مواجهة سياسات اقتصادية خاطئة وتراكمات متلاحقة ومتعددة، ووضع حد لها بهدف وقف المسار الانحداري الذي اوصلنا منذ عقود الى ما نحن عليه. ارادتنا ان نواجه من اجل بقاء لبنان وديمومته، ونحيي الاطمئنان ونعيد دورة الحياة الى طبيعتها.
والحدث الذي سنحتفل فيه يوم غد، وإن كان يأتي وسط كل ظروف المعاناة التي نعيشها معا، الا انه سيشكل حجر الاساس للصعود من الهاوية، ومحطة جذرية لتحول اقتصادنا من اقتصاد ريعي نفعي الى اقتصاد منتج يساهم فيه الجميع ويفيد منه الجميع. اقتصاد تكون فيه طاقاتنا الشابة، بما فيها من اندفاع وعلم وارادة صلبة، هي المحرك والاساس والغاية. وقد فُتحَت لها الاف فرص العمل الحديثة والواعدة.
ايتها اللبنانيات، ايها اللبنانيون، ان ثرواتنا النفطية والغازية هي لجميع اللبنانيين من دون مواربة. وعائداتها ثروة سيادية لا تفريط فيها ولا طريق فساد اليها، ولا هيمنة لفريق عليها ولا وضع يد لأحدهم عليها. وهي كذلك وديعة لحاضر اجيالنا ومستقبلها، وسنحميها بما أوتينا من صلابة ومنعة وقوة. فلا تفريط بها. وكما دافعنا وندافع عن حقنا المشروع في كل شبر من ترابنا الغالي، سندافع بالشراسة عينها عن حقنا في كل نقطة مياه من مياهنا الاقليمية التي تحمل ثروات نفطنا وغازنا. وعهدي لكم الا يكون هذا الأمر موضع مساومة او ارتهان.
إننا إذ سنحتفل معا باطلاق اعمال حفر اول بئر نفطي في لبنان، ادعوكم جميعا الى ان نفتح نافذة أمل في جدار الازمة التي نعيشها. واني واثق اننا سنجتازها بإرادتنا وتصميمنا لنخرج منها اقوى، وقد تخلصنا من تداعياتها، لنعيد الى سنواتنا ومستقبل ابنائنا الهناء الذي يستحقونه.
عشتم وعاش لبنان!”.