كتبت صحيفة النهار تقول: إذا كانت الكلمة الناريّة لرئيس الحكومة السابق سعد الحريري، بما انطوت عليه من مواقف رسمت التموضع الجديد لزعيم المستقبل في تعاطيه مع القوى السياسيّة، من داخل السلطة أو من خارجها، لا سيما في هجومه على رئيس “التيار الوطني الحر” الوزير السابق جبران باسيل، فهي حتماً فتحت البلاد على مشهد جديد من المواجهة، تتقدّم فيها معركة تصفية حسابات الماضي، وتثبيت المواقع، على كل التحديات الخطيرة المهددة للاستقرار، فيما بدت الحكومة مغيبة عن الساحة، بعدما آثر الحريري التوجه مباشرة الى من يقف وراءها.
أمام الصورة التي ارتسمت على المشهد السياسي من بيت الوسط في الذكرى الخامسة عشرة على اغتيال الرئيس رفيق الحريري، وفي انتظار ما ستحمله كلمة الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في إطلالته اليوم والتي ينتظر ان يتناول فيها موقف الحزب من التطورات الداخلية والإقليمية، بقي الأفق المالي والاقتصادي محفوفا بالمخاطر في ظل استمرار تعثر الحكومة في حسم خيارها بالنسبة الى استحقاق دفع السندات الدولارية المستحقة في التاسع من آذار المقبل، فيما تمضي المصارف بخطى حثيثة نحو التخلي عن سنداتها لمصلحة صناديق استثمارية اجنبية، في عملية قلبت التوازن بين حملة السندات المحليين والأجانب.
وعلمت “النهار” أنّه في الوقت الضائع في انتظار حسم الحكومة قرارها لجهة سداد الاستحقاق البالغ مليار و200 مليون دولار (من دون الفوائد)، ولجوء المصارف، الحاملة في الأساس لنحو 60 في المئة من قيمة الإصدار الى بيع سنداتها الى صناديق خارجية بأسعار اقل بما بين 20 و30 في المئة، بعدما بلغتها معلومات عن توجه الحكومة الى دفع المستحق لحاملي السندات الأجانب مقابل عملية مبادلة لحاملي السندات المحليين، ارتفعت نسبة الأجانب الى 80 في المئة، ما وضع الدولة في وضع محرج حيال القرار الذي ستتخذه. وفي رأي مصادر وزارية بارزة ان هذا الامر يشكل عاملا مسيئا يضع لبنان في موقع تفاوضي صعب جداً، في حال اتخذت الحكومة قرارا بإعادة هيكلة الدين. ورأت ان هذا الامر يرتب مسؤولية كبيرة على السلطات النقدية من أجل وضع حد لهذه المسألة.
اما عن سبب تأخر الحكومة في حسم قرارها حيال اعادة الهيكلة، فقالت المصادر إنّ الحكومة لم تتأخر ولكنها كانت في انتظار نيلها الثقة من المجلس النيابي، لأن هكذا قرار يحتاج الى حكومة فاعلة، فضلاً عن ان الثقة مطلوبة داخليا وخارجيا حيال قرار على هذا المستوى، نظرا الى ما سيرتّبه على لبنان. كما ان الحكومة التي طلبت المساعدة التقنية من صندوق النقد الدولي، تنتظر وصول بعثته الى بيروت للاستماع الى رأيها.
وكشفت أنّ الجنة التي شكلها مجلس الوزراء لمتابعة هذا الموضوع تستمع ايضا لآراء خبراء قانونيين واقتصاديين دوليين، قبل اتّخاذ قرارها.
وفي هذا السياق، وعلى مسافة يومين من وصول بعثة الصندوق، وبدء عملها مع المسؤولين اللبنانيين، برز موقف للمديرة التنفيذية فيه كريستالينا جورجيفا لمحطة ” CNBC” وصفت فيه الوضع في لبنان بأنه “صعب جداً وليس هناك وقت لإهداره”، كاشفة عن ايفاد بعثة تقنية بناء لطلب الحكومة، لتقديم تقييم افضل”، آملة ان تنجح الحكومة في سلوك مسار واضح لمعالجة الاختلالات القائمة، واظهار القدرة على القيام بالاصلاحات المطلوبة.
وعليه، ينتظر أن يشكل الأسبوع المقبل محطة حاسمة في اتجاه اتّخاذ الخيار الذي ستسلكه الحكومة والسيناريوات الذي سيتبع في عملية اعادة الهيكلة.