بدأت تداعيات الأزمة المالية تتظهّر أكثر فأكثر في أرقام القطاع المصرفي. وفيما كانت المصارف مرتاحة الى نسبة القروض المصنّفة متعثرة، ارتفعت هذه النسبة الى مستويات خطيرة، في فترة زمنية قصيرة، وهي مرشّحة لمزيد من النمو في الايام المقبلة.
كشف مصدر مصرفي لـ«الجمهورية»، انّ نسبة القروض المتعثرة ارتفعت من 4.30% في كانون الاول 2018 الى 8.11% في تشرين الثاني 2019 وصولاً الى نسبة قياسية بلغت 25% في كانون الثاني الماضي، مع ارتفاع عدد الاشخاص المتخلّفين عن الدفع بسبب التخفيضات الكبيرة في رواتب القطاع الخاص، والتي بلغت 50%، بالإضافة الى تسريح ما يصل الى 220 ألف موظف من مؤسسات القطاع الخاص.
واشار المصدر، انّ المصارف تحاول في المقابل، خفض محفظاتها الاجمالية من التسليفات من خلال حث أصحاب القروض بالدولار، الى تسديد كامل القيمة المتبقية من قرضهم، بالليرة اللبنانية بسعر صرف عند 1515 ليرة مع خفض في الفوائد، ضمن سياسة الحدّ من المخاطر وفي محاولة لتجميل ميزانيات المصارف وخفض حجم تسليفاتها.
وفي السياق، ذكر تقرير بنك عودة الاخير، انّ بعض الزبائن المدينين عمدوا بالفعل الى السحب من حساباتهم الدائنة لتسديد ديونهم، وبالتالي، ادّى تضاؤل فرص التسليف الى تقلّص محفظة التسليفات، حيث بلغت الديون المصرفية على القطاع الخاص 49.8 مليار دولار في كانون الاول، أي بانخفاض قدره 9,6 مليارات دولار في العام 2019.
وقد استأثرت التسليفات بالعملات الاجنبية بنسبة 72% من التراجع الاجمالي لمحفظة التسليفات الممنوحة للقطاع الخاص. تاركة 28% للتسليفات بالليرة. وبلغت نسبة دولرة التسليفات 68.7% في كانون الاول 2019. وكان معظم التراجع الذي اصاب المحفظة المذكورة عائداً الى المقيمين (84%).
وإستناداً إلى إحصاءات مصرف لبنان، إنخفضت محفظة تسليفات القطاع المالي المستعمَلة بنسبة 6.36% على صعيدٍ سنويّ، لتجاور عتبة 98,605,14 مليار ل.ل. (65.41 مليار دولار) مع نهاية الأشهر التسعة الأولى من العام 2019، من حوالى 105,303,45 مليارات ل.ل. (69.85 مليار دولار) في الفترة نفسها من العام 2018. وقد بلغت التسليفات المستعمَلة الحائزة على تخفيضٍ من الإلتزامات الخاضعة للإحتياطي الإلزامي 1,920,1 مليار ل.ل. (1.27 مليار دولار) من إجمالي محفظة تسليفات القطاع المالي المستعمَلة.
وشكّلت حصّة القروض مقابل تأمينات عقاريّة 39.09% (25.57 مليار دولار) من مجموع القروض المستعمَلة، تبعتها الحسابات المكشوفة overdrafts بقيمة 17.77 مليار دولار (27.16%) والقروض مقابل كفالات شخصيّة (11.17 مليار دولار أي 17.08%) للذكر لا للحصر. وقد بلغ إجمالي عدد القروض المستعمَلة 609,869 قرضاً كما في نهاية شهر أيلول 2019 ، لتنتج منه قيمة وسطيّة للقرض الواحد تقدّر بـ 159,645 مليون ل.ل. (107.252 دولار).
أمّا لجهة توزيع محفظة التسليفات المستعمَلة بحسب القطاعات، فقد تركّزت التسليفات الممنوحة من القطاع المالي على قطاع التجارة والخدمات خصوصاً (22.53 مليار دولار، 34.44%)، تلاه قطاع الأفراد (19.88 مليار دولار، 30.40%) وقطاع المقاولات والبناء (10.55 مليارات دولار، 16.13%). أمّا في ما يختصّ بعدد المقترضين، فقد تصدّرت قروض الأفراد القائمة، بحيث إستقطبت حوالى (84.42%) من إجمالي عدد المقترضين، تبعها قطاع التجارة والخدمات (10.48%) وقطاع الصناعة (2.58%).
جغرافيّا،ً بلغت حصّة التسليفات الممنوحة في منطقة بيروت وضواحيها 74.64% من إجمالي تسليفات المصارف التجاريّة الممنوحة في نهاية الأشهر التسعة الأولى من العام 2019، تبعتها محافظة جبل لبنان (13.21%)، والشمال (4.45%) للذكر لا للحصر. (تقرير بنك الاعتماد اللبناني)
رنى سعرتي – صحيفة “الجمهورية”