كتبت صحيفة “النهار” تقول: تكثر الشائعات المالية التي بات فيها المواطن أسير التناقض بين مواقف المسؤولين المطمئنة والواقع المغاير الذي يشي بأن الامور تتجه الى الأسوأ في انتظار معجزة تخرج الاقتصاد من عنق الزجاجة. لعل آخر هذه الشائعات، أن ثمة اتفاقاً بين حاكم مصرف لبنان رياض سلامة والمصارف يقضي بتسعير الدولار في المصارف بـ2000 ليرة، في تدبير يهدف الى منع خروج الدولارات من المصارف وتصريفها لدى الصرافين، وهذا ما نفاه الحاكم لـ”النهار” قائلاً إن شيئاً من هذا القبيل لم يتفق عليه مع اصحاب المصارف، علما أنه كان قد أكد سابقا أن سعر الصرف الرسمي للدولار سيبقى في حدود 1500 ليرة.
وقالت مصادر مالية متابعة لـ”النهار” إن ثمة اجراءات نوقشت في الاجتماع الاخير للحاكم وجمعية المصارف تتعلق بإمكان أن “تقوم المصارف من خلال شركات متخصصة تابعة لها بالتعامل مع سوق الصيرفة، وأن تقوم شركة لبنان المالية بتنسيق التسعير اليومي. وقد يجعل هذا التنظيم أسعار الصرف مضبوطة أكثر مما هو قائم حالياً، خصوصاً أن عدداً كبيراً من الصرافين غير مرخص لهم ما يسبّ الفوضى الحالية”. وأوضحت المصادر أن إجراء كهذا يحصر تعامل شركة لبنان المالية مع الصرافين المرخص لهم، بدل أن تكون أبواب المصارف مشرعة للصرافين (المرخصين وغير المرخصين) من كل حدب وصوب.
وفي حين أفادت المصادر أن لا مستجدات مصرفية خارج اطار ايجاد “مسوغ” للقرارات السبعة التي اتخذت في 17/11/2019 بغية حماية المصارف من الدعاوى التي تقام عليها محلياً وخارجياً، إتفق الحاكم والمصارف على تحديد السقف الشهري للسحوبات بالليرة اللبنانية عند 25 مليون ليرة للمودع الواحد، مع تطبيق كل إجراءات مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب ، على أن تحصر التحاويل الى الخارج (دون الأموال الجديدة) بتغطية النفقات الشخصية الملحة على ألا تفوق الـ50 ألف دولار سنوياً.
واذا كانت حماية المصارف من طريق اجراءات يتخذها الحاكم بتفويض من مجلس النواب، او بطريقة اخرى، حاجة ملحة، فقد كثر الحديث في الفترة الأخيرة عن إمكان اللجوء إلى عمليات الدمج والاستحواذ في القطاع المصرفي، وذلك لتفادي تفاقم الأزمة التي طاولت القطاع أخيراً والتي أثرت على سمعته محلياً وخارجياً، وكذلك لتفادي خفض وكالات التصنيف العالمية للبنان والمصارف.
وكان الحاكم مهد لهذه الخطوة في مقابلة تلفزيونية، إذ أعلن نهاية النموذج المصرفي اللبناني الذي ساد منذ بداية التسعينات من القرن الماضي، والتحول الى نموذج مصرفي مختلف. ويبدو أن هذا الإعلان جاء كترجمة لاقتناع مصرف لبنان والهيئات الرقابية بضرورة تغيير النموذج المصرفي القائم عبر “إعادة هيكلة” المصارف اللبنانية، وتالياً إعادة هيكلة القطاع المصرفي برمّته.
البيان الوزاري
على صعيد آخر، يتوقع أن تراجع لجنة البيان الوزاري في اجتماعها التاسع برئاسة رئيس الوزراء حسان دياب في السرايا اليوم، الصيغة الأخيرة للبيان الوزاري قبل عرضه على جلسة مجلس الوزراء لإقرارها وطلب ثقة مجلس النواب على أساسه.
وكانت النسخة الاخيرة المعدلة للمرة الرابعة للبيان الوزاري سربت امس (النص الكامل في الصفحة 9) وتضمنت خفض معدلات الفائدة وإعادة رسملة المصارف في إطار خطة إنقاذية طارئة لمعالجة الازمة المالية العميقة في البلاد.
وقالت الحكومة في مسودة البيان إن خطة الانقاذ الاقتصادية تتضمن “خطوات مصيرية وأدوات علاج ستكون مؤلمة” تجنباً “للانهيار الكامل الذي سيكون الخروج منه صعباً إن لم نقل شبه مستحيل”.
وتدعو الخطة الى التواصل مع كل المؤسسات والجهات المانحة أو الداعمة من اجل تأمين الحاجات الملحة والقروض الميسرة وتغطية الحاجات التمويلية للخزينة والاسراع في إجراء دورة التراخيص الثانية في قطاعي النفط والغاز وتعيين الهيئة الناظمة لقطاع الكهرباء كجزء من اصلاح قطاع الكهرباء.
وركز البيان على “حماية أموال المودعين ولا سيما صغارهم في المصارف اللبنانية وتنظيم علاقة المصارف مع عملائهم … والمحافظة على سلامة النقد. واستعادة استقرار النظام المصرفي من خلال مجموعة تدابير منها إعادة رسملة المصارف ومعالجة تزايد القروض المتعثرة”.
كما تضمن مشروع البيان “إجراء إصلاحات ضريبية تعتمد على تحسين الجباية وعلى مكافحة التهريب من المعابر الشرعية وغير الشرعية ومكافحة التهرب الضريبي باعتماد الضريبة التصاعدية الموحدة على مجمل المداخيل”.
ووفقا لمسودة البيان الوزاري فإن الحكومة تتعهد “تخفيض النفقات العامة وإعادة هيكلة القطاع العام عبر خطوات عدة بما فيها مكافحة الهدر”.
أما في ما يتعلق بتحفيز النمو الاقتصادي، فقد دعا البيان الى “العمل على توسيع مروحة التسهيلات المقدمة من مصرف لبنان وحثه على ضخ السيولة بالدولار الأميركي لدعم استيراد المواد الأولية والمعدات الصناعية وقطع الغيار”.
والخطة المتكاملة ستشمل مشاريع قوانين وإجراءات مجدولة على مراحل ثلاث من مئة يوم الى ثلاث سنوات من تاريخ نيل الثقة في مجلس النواب.
وأكد البيان “حق المواطنات والمواطنين اللبنانيين في مقاومة الاحتلال الاسرائيلي ورد اعتداءاته واسترجاع الأراضي المحتلة … واعتماد سياسة النأي بالنفس عن السياسات التي تخل بعلاقاتنا العربية”.
وشملت مقترحات البيان الوزاري أيضا الاسراع في إجراء دورة التراخيص الثانية في قطاعي النفط والغاز وتعيين الهيئة الناظمة لقطاع الكهرباء كجزء من إصلاح قطاع الكهرباء.
والتزم البيان العمل “على إعداد مشروع قانون للانتخابات النيابية يعكس تلاقي اللبنانيات واللبنانيين في الساحات ويحاكي تطلعاتهم”.