كتبت صحيفة “الأنباء” الالكترونية تقول: تنهمك الحكومة بإعداد بيانها الوزاري وإثبات تصميمها على إنجازه نهاية هذا الأسبوع على ان تكون الجلسة الأخيرة لصياغة هذا البيان يوم الأحد كحد أقصى، وفق ما أشارت الى ذلك مصادر حكومية لـ”الأنباء”، لكي يصار الى مناقشته في جلسة لمجلس الوزراء تعقد في بعبدا برئاسة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الاثنين او الثلاثاء لإقراره ووضع اللمسات الأخيرة عليه، ثم إرساله الى رئاسة مجلس النواب يوم الأربعاء لتحديد جلسة عامة لنيل الثقة على أساسه.
في هذا الوقت يسعى رئيس الحكومة حسان دياب لإحداث خرقٍ ما إيجابي في جدار الأزمة المالية والنقدية، مستفيداً من المعطيات الايجابية التي سُجّلت في اليومين الماضيين، والتي تمثلت بإعطاء الحكومة فرصة قبل الحكم عليها.
ولهذا السبب، عُقدت في السراي الحكومي ورشة عمل مالية واقتصادية بدعوة من دياب، وبحضور حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ورئيس جمعية المصارف وأعضائها والوزراء المعنيين، حيث جرى استعراض الأزمة المالية من ألفها الى يائها ووضع الاقتراحات الكفيلة بفتح مجال لإنقاذ البلد من الانهيارات؛ على أن تكون هذه المقترحات جزءاً من البيان الوزاري للحكومة، بحسب ما أفادت المصادر.
وأشارت المصادر نفسها عبر “الأنباء” الى ان الانطباع الأول بعد هذا الاجتماع يوحي بأن أفق الحل غير مسدود لكنه في الوقت نفسه ليس بالأمر السهل، كاشفة عن اتفاق بين دياب ووزيري المال والاقتصاد وحاكمية مصرف لبنان وجمعية المصارف لايجاد هامش من المعالجات تبدأ بضبط ارتفاع سعر الدولار لدى الصيارفة بما يتلاءم مع السعر المعتمد في المصارف، ما يتطلب تغييرا في النهج المتبع والوصول الى خطة انقاذية تكون بمثابة صدمة ايجابية تعطي الناس أملاً بأن الازمة في طريقها الى الحل. إلا أن وزير الاقتصاد راوول نعمة، قال لـ”الأنباء” ردا على سؤال حول هذا الموضوع: “لا كلام قبل الثقة”.
بالتزامن لا تزال “صفقة القرن” ترخي بثقلها على الاحداث، لا سيما في ظل القلق من المخاطر التي يمكن ان تنتجها؛ والخوف من توطين الفلسطينيين في لبنان، حيث أشارت مصادر التيار الوطني الحر عبر “الأنباء” الى ان التيار “كان ولا يزال ضد توطين الفلسطينيين والنازحين السوريين في لبنان”؛ وأن “الرئيس ميشال عون أبلغ المجموعة الدولية خلال مشاركته باجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة رفضه المطلق لكل ما يحكى عن مشاريع توطين”، لافتة الى ان “رئاسة الجمهورية ووزارة الخارجية لم تدعا مناسبة عربية او دولية الا وأعربتا عن رفض مطلق لمثل هذه المشاريع المشبوهة”.
وذكرت مصادر التيار ان الرئيس عون في اتصاله مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس أعلن تضامنه مع الشعب الفلسطيني وحقه في تقرير المصير والتمسك بكل المبادرات العربية لإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس، وكررت القول إن التيار وتكتل لبنان القوي ورئاسة الجمهورية “يرفضون رفضا مطلقاً أية مقايضة بين التوطين ومساعدة لبنان ماديًا؛ لأن لبنان قادر على تخطي أزمته ولن يقبل أية مساعدة مقابل توطين الفلسطينيين”.
بدوره أعرب القيادي في تيار المستقبل النائب السابق مصطفى علوش في اتصال مع “الأنباء” عن خشيته من ان “يكون التوطين أمراً واقعًا في ظل دولة ضعيفة ومفككة”، متخوفاً من “إجبار لبنان على ذلك بسبب الديون التي يرزح تحتها وأن يُشترط عليه القبول بتوطين الفلسطينيين مقابل انهاء قضية النازحين السوريين”.
وقال علوش: “من يقرأ التاريخ يعلم أن الكيانات السياسية في المنطقة معظمها مستحدث ولا شيء ثابت، وعندما لا يكون هناك لا سلام ولا استقرار ولا أمن فماذا بإمكان هذه الدول أن تفعل؟ ما يحدث في العراق وسوريا ولبنان خير مثال”. وسأل علوش: “من يضمن عدم تقسيم لبنان الى كانتونات؟ وإذا تم توطين الفلسطينيين قد يطالب الفريق الشيعي بالحكم الذاتي”، مذكّرا بأنه “في العام 2012 كان هناك نوع من الاتفاق بين القيادات المارونية على القانون الاورثوذكسي شعورًا منهم بأن المنطقة ذاهبة الى التقسيم”.
وتوقّف علوش عند الصمت العربي حيال صفقة القرن وقال: “حتى الاعتراض العربي هو على القدس وليس على مساحة فلسطين التي هي بموجب صفقة القرن أقل من اتفاقية أوسلو بـ7 في المئة، وكل شيء بيد إسرائيل الأمن وغور الأردن والقدس”، متوقعا عدم السماح للاجئين بالعودة الى ديارهم و”هذه الصفقة ستفتح من جديد باب الهجرة من الداخل الفلسطيني الى الخارج”.
وفي ظل كل هذه التطورات، اعتبر علّوش ان “حكومة دياب لن تستطيع ان تفعل شيئًا والبلد ذاهب نحو الفشل”، مشيرا الى انه “غير مقتنع بأن بشار الاسد سيعيد النازحين السوريين الى ديارهم”.
وبالتزامن مع كل هذه التحولات الجديدة، يبقى اللبناني يعيش همّه الأساس في ظل الاوضاع المالية والاقتصادية والمعيشية الصعبة، والتي لم تتحسّن مع وصول الحكومة، لا بل ان سعر صرف الدولار لا يزال على حاله لدى الصرافين، ولا تزال الازمة المتنقلة بين القطاعات تهدده في أبسط يومياته. ويبقى الترقب سيد الموقف لمعرفة ما يمكن ان تقدمه الحكومة الجديدة بعد نيلها الثقة وإذا ما كانت ستنجح بكسب ليس ثقة المجلس وحسب؛ بل ثقة الناس كما ثقة المجتمع الدولي لإحداث خرق فعلي في الأزمة المستفحلة في البلاد.