أكد رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط، في حديث لـ “اندبندنت عربية”، أنه يخالف الأحكام المسبقة على التشكيلة الحكومية، موضحا أن “وجود حكومة أفضل من الفراغ، وأن المهمات الملقاة على عاتقها كثيرة في الاقتصاد والإصلاح، بعدما فشل العهد الرئاسي فشلا ذريعا في الأعوام الثلاثة الماضية نتيجة أداء صهر العهد “.
أضاف: “التحدي اليوم أمام هذه الحكومة، إبعاد شبح هذا الصهر عما تبقى من العهد لينجح، بدءا من الإصلاح البنيوي المطلوب في الكهرباء ومحاربة الفساد عبر القوانين المطلوبة، ولا يتم ذلك إلا عبر قضاء مستقل، وأهم بند على لائحة مطالب الحراك كان استقلالية القضاء، وهذا يتطلب قانونا، ويجب أن تعطى الحكومة مهلة، وأنا لا أشارك الرأي بأنها حكومة لون واحد، لأن اللون الواحد هو لون العهد المدعوم من “حزب الله”.
واشار جنبلاط الى أن “أغلبية الوزراء باستثناء وزراء (التيار الوطني الحر) ليسوا ملتزمين حزبيا، لكن التحدي الكبير يكمن في البيان الوزاري، بحيث يبعد لبنان عن الصراع الدولي، لأن لعبة الأمم أكبر من قدرة أي لبناني أكان في الحراك أو في أي معسكر سياسي، تدمر ولا تجدي”. ويقول: “علينا أن نعمل على استعادة اللبنانيين ثقتهم ببلدهم، لا أحد سيساعدنا على المستوى الدولي، باستثناء فرنسا ربما من خلال مؤتمر “سيدر”، إذا طبقنا التزاماتنا الإصلاحية، فالعالم العربي منشغل بهمومه في ظل الفوضى الحاصلة والقائمة على مصالح تتصل بالنفط والغاز، وعندما نتحدث عن خطوط الغاز والنفط، تتقدم مصالح الدول على ما عداها”.
وسئل عما اذا كان في لبنان يوجد نفط وغاز؟ اجاب: “نعم، والأفضل أن يبقى في الأرض حتى نتثبت من مصداقية الدولة، يطالب الحراك اليوم في الشارع بانتخابات نيابية مبكرة، لكن على أي قانون. كنا أول من طرح فكرة الدائرة الواحدة خارج القيد الطائفي، على أن يتم إنشاء مجلس الشيوخ الذي يرعى مصالح الطوائف، معطوفا على قانون الأحوال الشخصية المدني، وهذه في رأيي الوسيلة الوحيدة لتغيير النظام، شعار إسقاط النظام جيد جدا ولكن كيف؟ في لبنان لا يمكن لأي فريق أن يسقط النظام بالحرب أو بانقلاب عسكري، بل يكون في صندوق الانتخابات، إنما بقانون جديد، لأن القانون الحالي سيولد النظام نفسه، ومسؤولية الحكومة الجديدة أن تقدم قانونا جديدا إلى البرلمان”.
واستطرد “أخشى أننا وصلنا ربما إلى حاجة لإعادة النظر في دستور الطائف، وقيام الجمهورية الثالثة على أنقاض الجمهورية الثانية، قادرة على مواجهة التحديات الاقتصادية والمالية، وأن ترسي لبنان على قاعدة قانون انتخابي لا طائفي، وأن تعطي طمأنينة كبيرة إلى الطائفة الشيعية وضمانات إلى “حزب الله” تحديدا، إذا فتح النقاش الوطني حول الاستراتيجية الدفاعية”.
واوضح “إن كان الحراك يؤسس للجمهورية الثالثة التي يتحدث عنها، الأكيد أن الحراك أنهى الجمهورية الثانية، لكن علينا أن نحدد عن أي حراك نتحدث. أنا أتحدث عن الحراك الأول، لأن الحراك الذي نشهده الآن أصبح حراك عنف. الحراك الأول حدد مطالب، لكنه لم يحدد آلية. وأنا كنت من الأوائل الذين تقبلوا مطالب الحراك، وقلت إنه علينا أن نتقبل أننا فشلنا، وسقطوا في الامتحان، وآن الأوان أن تأتي طبقة سياسية جديدة وتتولى المسؤولية”.
ولدى سؤاله عما إذا كانت الحكومة الجديدة قادرة على استيلاد طبقة سياسية جديدة، وهي انعكاس للطبقة الحاكمة؟ قال:”المشكلة هي في صهر العهد، وإذا كان يريد الاستمرار في هيمنته، وأن يكون عراب هذه الحكومة، فسنظل مكاننا. لاحظت من بعيد أن رئيس الحكومة حسان دياب كان عنيدا في الوقوف في وجه مطالب صهر العهد. وهذا مؤشر جيد”.
وفي سياق متصل، اعلن جنبلاط انه لن يعطي الحكومة الجديدة الثقة، اذ امتنع عن تسمية رئيس الحكومة ورفض الدخول فيها، وقال:”لكنني أهنئ الأستاذ دياب ببعض الشخصيات التي اختيرت وأعرفها، ومنها مثلا الوزيرة منال عبد الصمد، ووزيرة العدل التي تتمتع بسمعة قضائية ممتازة، والوزير ناصيف حتي. أتحدث عن البعض الذي أعرفه”.
وسئل: هل هذا يعني الانتقال إلى صفوف المعارضة؟ اجاب “أي معارضة؟ العودة إلى اصطفاف 14 آذار؟ لا أبدا”.
وسئل عن اللقاء الأخير مع الرئيس سعد الحريري الذي ترك انطباعا بامكانية انتقاله الى المعارضة، قال: “لنا وجهة نظرنا، إذا كان عراب العهد يريد أن تبدأ هذه الحكومة بالاقتصاص من رموز مثل حاكم مصرف لبنان أو مدير عام قوى الأمن الداخلي أو رئيس “الميدل إيست”، فهنا سنكون إلى جانب الحريري بالمعارضة”.
سئل: أي معارضة على القطعة؟ اجاب: “يصح القول نعم، نراقب عمل الحكومة. والتحدي الأول هو في إصلاح قطاع الكهرباء حسب مطلب مؤتمر “سيدر”. والآن، أتانا المعاون الثالث لوزير الطاقة وأصبح وزيرا لنرى. لأن هناك قوة في هذا النظام تستمد من قوة عقد البواخر التركية (في إشارة إلى عقد استئجار بواخر من تركيا لإنتاج الطاقة)، الذي جرى التوافق عليه مسبقا في أروقة باريس. وللتذكير أن الكهرباء تكلفت 40 مليار دولار”.
وعما إذا كان يعتقد أن حزب الله سيذهب إلى المواجهة أو ينتقل إلى احتواء الأزمة ويدخل في مسار إصلاحي لإنجاح حكومته؟ يسأل مستغربا “المواجهة مع من؟ داخليا أو خارجيا؟ أو تقبل مطلب الشارع؟”. وردا على كلام النائب محمد رعد الذي قال أخيرا “لن ندعكم وشأنكم، إن شاركتم أو لم تشاركوا؟”؛ يوضح جنبلاط “فليسمح لي النائب رعد، لا يمكننا الاستمرار فيما نحن عليه اليوم. نحترم كل التضحيات في وجه إسرائيل، لكن لا يمكنهم الاستمرار في مخاطبة اللبنانيين بهذه الطريقة”.
كما ركز على الأولوية الاقتصادية والمالية، مؤكدا ذلك بالقول: “نعم وعلينا البحث عن المعجزة اللبنانية التي انتهت مع الأسف”.
وسئل عن الرابح الأكبر والخاسر الأكبر؟ فرأى أننا:”كلنا خاسرون، المطلوب عدم الانضمام إلى منظمة التجارة العالمية، وإعادة النظر في الاتفاقيات الموقعة، وضرورة العودة إلى إجراءات الحماية للإنتاج المحلي وحماية اقتصادنا، لنرى ما يفعله الرئيس الأميركي دونالد ترمب، وأنا معه في سياسة حماية الاقتصاد الأميركي، والعودة عن هذا الفلتان الاقتصادي العالمي، نحن دولة صغيرة، وعلينا حماية اقتصادنا”.
وسئل حول الربط بين لبنان والعراق نظرا إلى أوجه التشابه في الأوضاع بين البلدين. فهل تشكيل حكومة في لبنان سيؤدي إلى تسهيل قيام حكومة في العراق؟ رأى جنبلاط “أن الملف العراقي أصعب من الملف اللبناني لعدة أسباب، فالفساد هناك مضروب بخمسين عن لبنان، وثمة بحيرات من النفط، ووطنية عراقية لا تريد الهيمنة الأميركية ولا الإيرانية”.
وأوضح جنبلاط حول سؤاله عما تشهده المنطقة من تحولات، ومدى قربنا او بعدنا عن التسوية، أوضح “عن أي تسوية نتحدث؟ اليوم المواجهة هائلة بين واشنطن وطهران، ولم يبق أسطول في العالم إلا وأصبح في مضيق هرمز، وكل أسطول لحماية مصالح بلده، قد تحدث تسوية، وإذا ما حدثت، الدول الصغرى المنقسمة على نفسها هي من سيدفع الثمن. على الأقل فليكن لنا في لبنان في الحد الأدنى رؤية سياسية موحدة ونبتعد عن التنظير”.
وعن الكلام الذي يتردد في بيروت عن لجوء العهد إلى طلب الدعم من قطر؟ اجاب: “لم أسمع بهذا الطرح. وأنا مؤمن بأن الحل يجب أن يكون من خلال تنفيذ إصلاحات مؤتمر (سيدر). ويجب أن تشكل لجان مشاركة للتنفيذ، علما أن هناك المساعدات الأميركية المستمرة للجيش”.
وعن اعلان رئيس الحكومة جولة خليجية له، اعرب عن أمله في “ألا توصد أبواب الخليج في وجهه، وأن يستقبل، آخذين في الاعتبار أن لدى هذه الدول هموم وانشغالات كبيرة من حرب اليمن إلى غيرها، وقد لا تساعد لبنان. ولكن قبل أن نطلب كما اعتدنا أن نفعل، علينا أن نبادر إلى مساعدة أنفسنا بأنفسنا”.
وعن سؤاله بعد لقائه الرئيس الحريري، كان لافتا تطرقه إلى مسألة النفط والمساعدة الروسية، غامزا من قناة دور روسي ما في لبنان على غرار دورها في سوريا؟ قال: “انطلقت باقتراحي من الاتفاق بين التيار الوطني الحر وشركة النفط الروسية قبل عام تقريبا، واقترحت في سياق اقتناعي بالموارد المهمة التي يتمتع بها شمال لبنان مقابل مستويات مرتفعة من الفقر رغم الثروات الموجودة على المستوى الفردي، أن يعاد إحياء امتياز نفط العراق لتفعيل المنشآت فيأتي النفط العراقي أو الروسي عبر تركيا وروسيا، لأن خط الأنابيب مدد”.
وختم:”لا بد من دور روسي في لبنان، وأنا أعول على هذا الدور لأن لديهم احتياطيات هائلة، وروسيا لديها دور استراتيجي في المنطقة. كما يمكننا أن نعول على استقطاب استثمارات صينية إلى مرفأ طرابلس، وندرك أن الصينيين قاموا بأعمال توسعة المرفأ. ولما يكون هذا المرفأ على خط الحرير العملاق الذي يجتاح العالم، وفي هذه الأثناء، تضيع فلسطين”.