كتبت صحيفة “النهار” تقول: تسابق ما بين الحكومة والشارع مع تصعيد عم الشوارع والمناطق ليل أمس تمهيداً لاضراب واعتصامات اليوم دعت اليها المجموعات الناشطة في الانتفاضة رفضا لحكومة اعتبرها المحتجون “حكومة المستشارين ومساعديهم” وليست أكثر من “نسخة طبق الاصل” عن الحكومات السابقة مع تبديل في الاسماء والوجوه. والتردد الذي ساد في الايام السابقة وخفف الاحتقان، نتيجة عدم رضى القوى السياسية عن الرئيس المكلف حسان دياب، عاد وتفجر امس مع زيارة دياب عين التينة واتفاقه مع الرئيس نبيه بري على سلة الحقائب، وعلى محاولة ارضاء رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط باستبدال اسم رمزي مشرفية بأخر، بناء على طلب بري الذي كان صرح قبل ايام بعدم تسمية احد للحكومة وتعهده اعطاءها الثقة، لكنه أمس تريث في تسليم الاسماء الشيعية الى اللحظة الاخيرة قبل اصدار المراسيم، ما يعني ان التسميات في جيبه وستصدر من عنده. كذلك برزت عقد مسيحية مع الوزير جبران باسيل الذي كان أعلن في مؤتمر صحافي ان “التيار الوطني الحر” لن يسمي أحداً للحكومة، فإذا بالاسماء المرشحة وفق التسريبات عملت وتعمل معه ومع وزرائه بصفة مساعدين ومستشارين، ما يؤكد تمسك الطبقة السياسية بتقاسم الحصص والحقائب.
واستمرت ضغوط الساعات الاخيرة قبل الولادة المرتقبة للحكومة غداً أو بعد غد، للحصول على حقائب اضافية أو استبدال اسماء بأخرى ما يوحي بان موعد الولادة اقترب جدياً. وبرز اعتراض كاثوليكي من جديد على حصر الطائفة بحقيبة البيئة، ومطالبتها بحقيبة ثانية، وهو المطلب الذي كان نائب رئيس المجلس الاعلى للطائفة ميشال فرعون نقله الى الرئيس المكلف. وقد اعلن النائب ميشال ضاهر انه “اذا لم تُمثّل طائفة الروم الملكيين الكاثوليك بحقيبتين كما الطائفتين الكريميتن الدرزية والارمنية فلن أعطي الثقة للحكومة انطلاقاً من مبدأ عدالة التمثيل لا من منطلق طائفي”.
وأفاد متابعون ان الخلاف على الحصة المسيحية لم ينته بين الرئيس المكلف والوزير باسيل الذي يعمل على وضع فيتو على بعض الاسماء من أجل استبدالها باخرى تحقق له الثلث المعطل، وهو ما يعترض عليه أكثر من طرف شريك في الحكومة. فالحزب السوري القومي الاجتماعي يطالب بمقعد ارثوذكسي، فيما يطالب “تيار المردة” بحقيبة ثانية من حصة وزيرتها، ما يفسره قريبون من “التيار” بانه سيناريو منسق يحمل رسالة غير مباشرة الى باسيل ما يستدعي تصلبه في مواقفه. وهذه الامور مجتمعة تدفع جهات متابعة الى التشكيك في الولادة القريبة.
وكان الوزير علي حسن خليل، الذي حضر اجتماع بري – دياب، أشار الى تقدم كبير “أمن المناخات للاتفاق على تشكيل حكومة من الاختصاصيين، تمثل أوسع الشرائح الممكنة. وقد اصبحنا على عتبة تأليف حكومة جديدة من الاختصاصيين من 18 وزيراً كما طرح الرئيس المكلف اعتمد فيها معايير موحدة”.
في الشارع، استمرت التحركات ليل أمس قرب منزل دياب، وعلى مداخل ساحة النجمة، وأمام مصرف لبنان، رغم الطقس العاصف، وتكاثرت دعوات على مواقع التواصل الاجتماعي الى التصعيد اليوم، والزحف الى المجلس السبت.
قضائياً، اطلق امس عدد من الموقوفين من ثكنة الحلو بعدما أوقفتهم القوى الامنية أول من أمس. وأعطى النائب العام القاضي غسان عويدات إشارة الى الأجهزة المختصة بتخلية جميع الموقوفين في أعمال الشغب في شارع الحمرا وامام ثكنة الحلو باستثناء عدد قليل، إما لقيامهم بأعمال عنفية وإما لأسباب أخرى مثل وجود مذكرات توقيف في حقهم.
مالياً، جمع اجتماع مسائي في “بيت الوسط” جمع الرئيس سعد الحريري ووزير المال علي حسن خليل وحاكم مصرف لبنان رياض سلامه، صرح بعده الحريري بان الموضوع المالي في شأن سندات الاوروبوند متروك للحكومة المقبلة، وقال خليل إن القرارات في شأن مستحقات السندات الدولية يجب أن تكون جزءا من خطة شاملة للحكومة الجديدة.
وفي شأن مرتبط، قال كبير محللي التصنيف السيادي في وكالة “فيتش” إن مالية لبنان غير المستقرة تعني أن البلد الذي يعاني أزمة يبدو من المرجح أنه سيتخلف بطريقة ما عن سداد ديونه بل من غير المستبعد أن يعمد إلى سيطرة على جزء من الودائع المصرفية للمدخرين على غرار ما حصل في قبرص.
وقد طفت مشكلات ديون لبنان على السطح مجدداً هذا الأسبوع بعد ظهور تقارير عن مسعى من السلطات لمحاولة تأجيل تسديد بعض السندات التي يحين موعد استحقاقها في الاشهر المقبلة.
وقال مصدر لبناني لـ”رويترز” إن وكالات للتصنيف الائتماني أبلغت السلطات أن الخطة ستشكل تخلفاً “انتقائيا” أو “محدوداً” عن السداد، وهو ما ينهي سجلا بلا شائبة حتى الآن للتصنيف ومن المحتمل أن يثير المزيد من المشاكل.
وقال رئيس محللي التصنيف السيادي لدى “فيتش” جيمس مكورماك لـ”رويترز” إن حالة الديون المتعثرة تعرّف بأنها عندما يكون هناك تغيير جوهري في شروط السداد. ويشمل ذلك مد أجل الاستحقاق (الموعد النهائي للسداد) لتجنب تخلف عن السداد. وأضاف في مقابلة: “وقت الإعلان، من المرجح خفض التصنيف إلى C. وعند اكتمال التبادل، من المرجح خفض التصنيف إلى تعثر محدود RD”.
وأوضح مكورماك أن “المزيد سيأتي في ما بعد. نعتقد أن المالية غير مستقرة وأن نوعا من إعادة الهيكلة هو أمر محتمل”.
وأضاف أن توقيت ذلك أقل وضوحاً، لكن “عندما ننظر في وضع الحكومة في ما يتعلق بالسداد، يبدو تحت السيطرة بالنسبة الى حجم احتياطات النقد الأجنبي لدى المصرف المركزي. يبدو على ما يرام… سنقول إنه شحيح بعض الشيء، لكن إذا لم تتحقق التدفقات، سيصبح الأمر بالفعل أكثر إلحاحا”.