خلطت عملية إغتيال قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني الأوراق على مستوى منطقة الشرق الأوسط، ومنها الساحة اللبنانية التي لا تعيش في جزيرة معزولة عما يجري في محيطها، بدليل المواقف التي أطلقها أمين عام “حزب الله” السيد حسن نصرالله في خطابه الأخير، الأمر الذي دفع بالكثيرين إلى السؤال عن تداعيات التطوّرات الأخيرة على المستوى الحكومي، رغم الأجواء بأن ولادتها لا تزال قريبة.
في هذا السياق، تؤكّد مصادر مطّلعة في قوى الثامن من آذار، عبر “النشرة”، أن الأمور لا تزال في مكانها، نافية المعلومات عن أنّ إغتيال سليماني قد يؤدّي إلى قلب المعادلات، خصوصاً لناحية الإتفاق على الذهاب إلى تشكيل حكومة من الاخصائيين، لكنها تشير إلى أن الإتّصالات كانت قد هدأت في الأيام الماضية، لا سيّما أن “حزب الله” كان منشغلاً في التطورات الإقليميّة.
على الرغم من ذلك، تشدّد المصادر نفسها على عدم وجود أيّ ربط بين الملفّين، لا بل تلفت إلى أنها لا تزال ترى ضرورة الذهاب نحو تشكيل الحكومة بأسرع وقت ممكن، لمواجهة التداعيات التي قد تنتج عن أيّ تطور على مستوى الصراع في المنطقة، وتوضح أن المشاورات الحكوميّة كانت قد توقّفت عند البحث في الأسماء التي ستتولّى بعض الحقائب الوزارية.
من جانبها، مصادر “التيار الوطني الحر” تؤكد، “عبر “النشرة”، أنها تتعامل مع هذا الملف من منطلق التسهيل الكامل لمهمة رئيس الحكومة المكلّف حسّان دياب، لناحية عدم فرض أيّ إسم أو رفض آخر، وبالتالي تشدّد على أنّها لا تشكل أيّ عقبة على هذا الصعيد، وتلفت إلى أن الأمور هي عند دياب ورئيس الجمهورية العماد ميشال عون.
في هذا الإطار، توضح مصادر مطلعة، عبر “النشرة”، أنّ العقبات لا تزال تتوقف عند 3 مسائل أساسية: الأولى تتعلق بحقيبة الخارجيّة، حيث هناك من يرفض عودة وزير سابق إلى هذه الوزارة، المطروح الوزير السابق دميانوس قطار، بينما هناك رفض لعودة أيّ وزير من حكومة تصريف الأعمال، أما الثانية فتتعلق بنوعيّة الحقائب التي ستحصل عليها الطائفة الدرزيّة، نظراً إلى أنه في حكومة من 18 وزيراً من المفترض وجود وزير واحد، بينما في حكومة من 20 وزيراً سيكون هناك وزيران، وبالتالي الإتفاق الحالي على اسم رمزي مشرفيّة لتولّي حقيبة الشؤون الإجتماعيّة، يحتاج إلى استكمال على مستوى الحقيبة الثانية التي سيتولاّها، في حكومة من 18 وزيراً، أو على اسم الوزير الثاني مع الحقيبة في حال رفع عدد أعضاء الحكومة إلى 20.
أما المسألة الثالثة، فهي تتعلق بأسماء الوزراء الذين سيمثّلون الطائفة الشيعيّة، حيث لا يزال النقاش مستمراً حولها، بعد الإتفاق على عدم عودة الوزراء السابقين، ومن المفترض أن يحسم في الأيّام المقبلة، إلا أنّالمصادر المطّلعة تؤكّد أنّ كل هذه العقد ليست جوهريّة، وبالتالي من الممكن تجاوزها خلال ساعات، حيث أنّ أسماء الوزراء الشيعة يُحسمون عادة في اللحظات الأخيرة، أما بالنسبة إلى العقدة الدرزيّة فإنّ حلّها لن يكون صعباً، في ظلّ وجود إقتراح بتولّي مشرفيّة، بالإضافة إلى الشؤون الإجتماعيّة، حقيبة المهجّرين، لتبقى فقط هويّة الوزير الذي سيتولّى حقيبة الخارجيّة والمغتربين، بما تشكله من أهميّة نظراً إلى أنّه سيعبر عن الموقف اللبناني الرسمي في المحافل الإقليميّة والدوليّة، حيث أن رئيس الحكومة المكلف يصر على اسم القطار، بينما فريق رئيس الجمهورية يعتبر أن التخلّي عن الخارجيّة يتطلّب تخلّي دياب عن الداخليّة.
في المحصّلة، ترى هذه المصادر أنّ العقدة الأساس تكمن بالقرار النهائي بالذهاب نحو تشكيل الحكومة، وبالتّالي ربما هناك من ينتظر حتى نهاية الاسبوع الجاري لتبيان الخيط الأبيض من الأسود على مستوى المنطقة، وبعد ذلك من الممكن معالجة كل الأمور التي لا تزال عالقة خلال ساعات، خصوصاً أنّ عملية التأليف لا تتوقف عند القوى المعنيّة في الأكثريّة النيابيّة التي ستمنح الحكومة الثّقة في المجلس النيابي، بل أيضاً عند موقف باقي القوى السّياسية، لكن الخوف هو من دخول المعطيات الخارجيّة بقوّة في حال التأخّر أكثر في التشكيل.