كتبت صحيفة “النهار ” تقول : الاتصالات التي يجريها الرئيس المكلف تأليف الحكومة الجديدة حسان دياب تمضي بوتيرة بطيئة حرصاً على عدم حرق الطبخة، وهو يلوذ بالصمت وسط كم من الشائعات عن اسماء الوزراء وتوزعهم على الحقائب، محاولاً تجاوز العقبات الداخلية والخارجية التي تحاول عرقلته بفرض شروط، تعجيزية أحياناً، كما يجري عادة في أمور مشابهة. واذا كان “التيار الوطني الحر” والثنائي الشيعي يرغبان في تسهيل مهمته الى ابعد الحدود، فان لهما أيضاً جملة من المطالب التي لم يحدد دياب بعد الجواب عنها، وقد برز تناقض في التصريحات التي تعبر عن اختلاف في الرؤية للحكومة المرتقبة.
ففي حين قال رئيس مجلس النواب نبيه بري بعد لقائه الرئيس المكلف السبت “اكدت على ان يكون تشكيلها مناسبة للمّ الشمل وبالتالي الاصرار على تمثيل جميع الشرائح البرلمانية، بدءاً من الحراك والمستقبل وانتهاء بالقوات، مرورا بالاشتراكي”، عاد أمس ليؤكد ان لا مشكلة “اذا كانت حكومة اللون الواحد بعد كل محاولات إشراك الجميع. يحصل مثل هذا الامر في اكثر ديموقراطيات العالم”. ورداً على قول دياب أنه يريد حكومة من الاختصاصيين والمستقلين، قال بري: “هذا رأيه ولنا رأينا. وفي أرقى الديموقراطيات يشترك حزبيون وتكنوقراط في مجلس الوزراء الواحد. وتستطيع الأحزاب أن تقدم وجوهاً شفافة وخبيرة وقادرة على تولي إدارة الوزارات”. وفي الاطار عينه، أعلن وزير ”حزب الله” في حكومة تصريف الاعمال محمد فنيش “أن الحكومة المقبلة بحاجة إلى غطاء سياسي، وعليه، فإننا ندعو إلى مشاركة واسعة من الجميع، وهذا مقتضى المسؤولية الوطنية، والشعور بمشاكل الناس، من خلال الدعوة إلى أن يكون هناك مد يد العون للرئيس المكلف، لأنه لا بديل من تشكيل حكومة، وبالتالي أي مطلب مهما كان محقاً، لا يمكن أن يحقّق أو يعالج إن لم تكن هناك سلطة ومؤسسات تعمل”. في المقابل كرر رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط “اننا أخذنا موقفا بعدم المشاركة لا في هذه الحكومة ولا في غيرها من الحكومات ومن دون تحالف وتفاهم”.
هذه السقوف المتباعدة الى حد التناقض، تؤشر لخلاف لا بد أن يظهر في الفترة المقبلة، بين دياب ومكلّفيه، شبيه بذلك الذي دفع الرئيس سعد الحريري الى الانسحاب من السباق الى السرايا.
وفي اجواء الرفض السني لعملية التكليف، وعدم استقبال دار الفتوى الرئيس المكلف، رفض النائب نهاد المشنوق أن ”يسمّي التيار الوطني الحرّ والثنائي الشيعي رئيس الحكومة وأن يعتبرا الأمر طبيعياً وميثاقياً”. وذكّر بأنّه “عندما يتعلق الأمر بالتمثيل الشيعي في الرئاسات، تكون الميثاقية هي الأساس، كما حصل حين فاز تيار المستقبل في انتخابات 2009، ويومها انتخبنا الرئيس نبيه برّي رئيساً لمجلس النواب، باعتبار أنّه ميثاقي، رغم دعوة أطراف سياسيين إلى انتخاب غيره. كذلك بقيت رئاسة الجمهورية محجوزة للعماد ميشال عون لسنوات، ومنع انتخاب غيره، وعُطلّ البلد كلّه، باعتبار أنّه هو الميثاقي. حين نتبع هذا المسار، وحين نصل إلى الموقع السنّي، لا يجوز أن تصبح الميثاقية مسألة فيها نظر، ليس هناك ميثاقية بزيت وأخرى بسمنة. هذا ليس مقبولاً”.
من جهة أخرى، تتداخل العوامل الداخلية والخارجية، ففي حين وافقت دول عربية على تكليف حسان دياب على مضض، ومن دون اعلان صريح للموافقة، تجنبا لدور قطري في العملية، كما أبلغ مصدر ديبلوماسي “النهار” قائلاً إن مفاوضات حصلت بين الوزير جبران باسيل والقيادة القطرية للترويج للنائب فؤاد مخزومي وان اتصالاً حصل بين بعبدا وأعلى المراجع القطرية الذي وعد بوديعة مالية كبيرة ترافق عملية التكليف، لكن الامور جرت بما لا تشتهي سفن العهد، اذ رفض “حزب الله” الخيار ما فرض الانتقال الى خطة بديلة لم يرفع العرب “الفيتو” في وجهها.
الى ذلك، كادت رسالة سعودية ان توتر الاجواء أول من أمس لولا مبادرة السفارة السعودية في لبنان الى الاعلان ان السيد فهد الركف الذي أجرى مداخلة هاتفية عبر قناة LBCI الأحد وقدّم نفسه كمختصّ في الملف اللبناني ووصفته وسائل اعلامية بأنه مسؤول حكومي، هو في الحقيقة شخص لا يحمل أي صفة رسمية وآراؤه تمثله شخصياً ولا تعكس موقف المملكة.
وكان الركف قال إن “السعودية لن تتصل برئيس الحكومة المكلف حسان دياب اذا قام بتأليف الحكومة المقبلة، الا اذا حصل على المباركة من دار الفتوى”، مشدداً على ان “حزب الله هو من أوصل دياب الى التكليف”، وأننا “بانتظار رضى الشعب اللبناني عن موضوع التكليف والتأليف”.
وفي اطار التدخل الخارجي التحريضي، صرح مستشار المرشد الإيراني للشؤون الدولية علي أكبر ولايتي، لقناة ”روسيا اليوم” بأن التظاهرات المتواصلة في لبنان بعد تكليف حسان دياب تشكيل الحكومة الجديدة تتم بتحريض من السعودية وإسرائيل. وأعرب عن ترحيب طهران بتكليف دياب، قائلاً: “نحترم أي قرار يتخذه الشعب”. وعبّر عن اقتناعه بأن التظاهرات في لبنان ستتضاءل وتنتهي مع تشكيل الحكومة وتحقيق مطالب الشعب