كتبت صحيفة “النهار” تقول: يمضي الرئيس المكلف تأليف الحكومة حسان دياب وسط حقل من الالغام لا يعلم متى ينفجر أحدها فيعطل مسيرته نحو التأليف الذي يأمل ومعه فريق من داعميه ألا يطول الى ستة اسابيع كما اعلن سابقا بل ان تندفع الامور بسلاسة تؤدي الى حكومة جديدة في زمن الاعياد مطلع السنة الجديدة، على ان تكون حكومة مصغرة ارتفع عددها الى 20 بدل 18 بعدما تبينت صعوبة عدالة التمثيل الطائفي في العدد الاول، وفي ظل توجه الى حكومة اختصاصيين، أي تكنوقراط كما يطالب المجتمع الدولي من جهة، والانتفاضة الشعبية من جهة أخرى.
ويبدو ان ثقل الازمة السياسية والمالية والاقتصادية بدأ يدفع قوى السلطة الى البحث عن حلول وسط، تلبي المعايير الاميركية التي تحدث عنها وكيل وزارة الخارجية الاميركية للشؤون السياسية ديفيد هيل، وتقضي بخلو التركيبة الحكومية من الوجوه السياسية والحزبية البارزة، وان تكون حكومة موثوقاً بها وذات صدقية، قادرة على تنفيذ الاصلاحات، ترضي الشعب وتوحي بالثقة الى الخارج، تأتي بوجوه جديدة من الاختصاصيين ممن لم يتربعوا سابقاً على العروش السياسية، وألا تكون خاضعة لسيطرة أي حزب أو فريق سياسي أو محور خارجي، تنأى في بيانها الوزاري بالبلد وتمارس هذا النأي فعلاً.
وتسعى قوى 8 اذار ومعها “التيار الوطني الحر” الى انجاح دياب في مهمته، لان أي انتكاسة جديدة في المسار الحكومي ستدخل البلاد في انهيار بات قاب قوسين أو أدنى.
وقد صرح دياب بعد الانتهاء من الاستشارات النيابية غير الملزمة السبت في ساحة النجمة وسط اجراءات أمنية بالغة التشدد: “بحثت مع رئيس مجلس النواب نبيه بري في ماهية الحكومة والعدد وتوزيع الحقائب، وأكدت له برنامجها في محاربة الفساد والنهوض الاقتصادي والمالي، على أن يكون تشكيلها مناسبة للم الشمل وبالتالي تمثيل جميع الشرائح البرلمانية من الحراك والمستقبل والقوات والاشتراكي”.وشدد على “اننا بحاجة إلى حكومة مستقلين واختصاصيين وهدفي أن نشكل حكومة مصغرة من نحو 20 وزيراً”.
ولم تتمكن الاحتجاجات في الشارع، السني تحديداً، والتي استمرت الى ليل أمس، وشهدت قطعاً للطرق في مناطق عدة، من تأجيل الاستشارات النيابية غير الملزمة التي اجراها الرئيس المكلف السبت، وحرصت القوى الامنية على تأمين وصول الكتل الى ساحة النجمة، علما ان بعض النواب اعتذروا أو قاطعوا تلك الاستشارات، واعرب عدد منهم عن الرغبة في عدم المشاركة في الحكومة المقبلة، ما يدفع الى جعلها حكومة لو واحد. ذلك ان غياب مكونات ما عرف سابقاً بقوى 14 اذار عن الحكومة، اي “تيار المستقبل” وحزب “القوات اللبنانية” والاشتراكي والكتائب على ما بدا من لقاءات السبت، سيدفع أيضاً احزاب 8 اذار و”التيار الوطني الحر” الى الخروج العلني من الحكومة المقبلة فلا تتحول حكومة مواجهة تتحمل احزابها مسؤولية ما قد يذهب اليه البلد، من انهيارات سياسية واقتصادية ومالية، في ظل رفض دولي وعربي لها. وبذلك تكون الانتفاضة الشعبية حققت هدفاً بارزاً بابعاد الاحزاب عن الحكومة، ولو ظاهريا، ودفعت باتجاه حكومة تكنوقراط، ومصغرة.
الحوار مع الانتفاضة
وانطلاقا من الكلام الذي تردد أمس وكان مثار جدل حول حوار مجموعات من الانتفاضة مع الرئيس المكلف حسان دياب، وقبلها قول رئيس الجمهورية ميشال عون انه وجه دعوة الى الحراك للحوار لم تلق استجابة، علمت “النهار” ان الحوار حصل وان في مكتب الرئيس عون كتاباً يتضمن أبرز مطالب الحراك، أودعه رئيس المجلس الاقتصادي الاجتماعي شارل عربيد قبل اكثر من شهر، بعدما بادر الاخير، أثر مرور ثلاثة أسابيع على بدء الانتفاضة، الى لقاء ممثلين لها افراداً وجماعات وجمع أفكارهم في ملخص رفعه الى قصر بعبدا في 14 تشرين الثاني، ليشكل مساهمة من المجلس في دفع الحوار الوطني. وبدا مستغرباً عدم اعلان دوائر القصر عن خلاصة الافكار تلك، والاصرار على عدم استجابة الناشطين في الساحات الدعوات الى الحوار. وقد حصلت “النهار” على نسخة من الكتاب الذي تضمن الاتي:
“يعيش لبنان منذ 17 تشرين الأول 2019، حالة غير مسبوقة في تاريخه من حراك شعبي ينادي بمطالب محقة ومشروعة. فاجأ هذا الحراك الجميع، من حيث الانتشار الجغرافي والاجتماعي الذي ضم فئات عمرية متنوعة علمياً ومهنياً وحتى طبقياً، كان الحضور الطاغي فيها لشبان وشابات ميزوا هذا الحراك من يومه الأول.
فتحت هذه الانتفاضة الشعبية افاقاً جديدة لبناء دولة على قواعد الكفاءة والنزاهة والمصلحة العامة، فيما تحاصر البلد مخاطر جسيمة ليس أقلها الترنح بين انهيارات مالية أو أمنية، أو فوضى، أو مراوحة تدخل البلد في المجهول.
الجميع معني، أو مسؤول، في مواجهة هذه المخاطر الحقيقية، غير الوهمية ولا المهوّل بها. هذه المسؤولية تفرض على الجميع ، كل بحسب موقعه وقدرته، التفكير الجدي والعملي، للبحث عن الحلول التي تلبي الأهداف المحقة والمشروعة والممكنة للناس، كما تحافظ على بنية الدولة ومفهوم الوطن.
انسجاماً مع روحية ما تقدم، بادر رئيس المجلس الاقتصادي الاجتماعي شارل عربيد إلى التواصل مع مجموعات مختلفة في الحراك، كما شخصيات مؤثرة وفاعلة فيه، في مسعى للخروج بـ “ورقة” تكون بداية عملية في مشوار الألف ميل…
انطلق رئيس المجلس في تواصله مع المنتديات والمجموعات المشاركة بالحراك الشعبي عبر طرح سؤالين أساسيين في استبيان أرسل اليهم:
1 – ما هي المطالب التي ترون في تحقيقها تلبية للحراك، بحسب الأولوية التي تقدرونها، مع الأخذ في الاعتبار، كل الظروف التي تعرفون؟
2 – ما هي خريطة الطريق، أو مجموع الوسائل والسبل التي ترونها ممكنة لتجسيد تلك المطالب، ووفق أي آليات مرحلية أو زمنية؟
خلص التواصل مع عدد من قوى الحراك إلى الاجوبة الاتية:
المطالب بحسب الاولويات:
1- تشكيل سريع لحكومة إنتقالية إنقاذية، من الاختصاصيين المستقلين، تتمتع بصلاحيات استثنائية.
2- إجراء انتخابات نيابية مبكرة بموجب قانون انتخابات عصري عادل يعكس صحة التمثيل.
3- مكافحة الفساد واستعادة الأموال المنهوبة.
– إقرار قوانين استقلالية القضاء و استعادة الأموال المنهوبة وتشكيل الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد.
– رفع السرية المصرفية عن حسابات كل السياسيين وأفراد أسرهم وكبار موظفي الدولة.
– الغاء المحميات القائمة على التقاسم السياسي.
– إلغاء المجالس و الوزارات والصناديق التي تُستخدم للتمويل الحزبي و الطائفي.
– إقرار قانون عصري للمناقصات يكرس الشفافية ويمنع الاحتكار ويتيح فرصاً متساوية للجميع.
– إزالة التعديات على الأملاك العمومية البحرية والنهرية وتغريم المعتدين.
– إعادة النظر في المشاريع والمخططات التي تستنزف الموارد الطبيعية وتستهدف البيئة.
– القضاء على التهريب و مكافحة التهرب الضريبي وتفعيل الجباية وكشف المؤسسات المكتومة.
4- سن التشريعات الكفيلة بالانتقال من النظام الطائفي السائد الى الدولة المدنية
5- صياغة سياسة اجتماعية تبني شبكات الامان الاجتماعي
- التخلي عن نمط الاقتصاد الريعي لصالح القطاعات المنتجة كالصناعة، الزراعة والسياحة لخلق فرص عمل والحد من هجرة الشباب.
– رسم سياسة ضريبية تصاعدية من دون فرض أي ضريبة تُضعف قدرة الناس المعيشية.
– إصلاح وتحديث الضمان الاجتماعي واقرار قانون ضمان الشيخوخة، التقاعد والحماية الاجتماعية.
– وضع خطة علمية وجدية لمكافحة الفقر المُدقع.
– تطوير قطاع التعليم الرسمي في جميع مراحله ورفع كفاءته.
– إقرار سياسة إسكانية عادلة و متوازنة.
– تأمين الرعاية الصحية لكل اللبنانيين.
– العمل بقوانين التي ترعى ذوي الاحتياجات الخاصة.
6- خريطة الطريق لتحقيق المطالب وسبل تنفيذها:
العمل من خلال المؤسسات الدستورية ، وضمن الانظمة والقوانين وذلك وفق جدول زمني واضح محدد ومعلن.