كتبت صحيفة “اللواء ” تقول : بعد ليل الحرائق والفتن، والاحتقان في الشارع، انطلقت حركة المشاورات بحثاً عن توافقات، إذا نجحت، تغني عن تأجيل ثالث للاستشارات النيابية، بعد إرجاء طويل، تلا استقالة الرئيس سعد الحريري في 29 ت1، بعد أسبوعين من اندلاع انتفاضة 17ت1 (اكتوبر).
وبصرف النظر عن الإجراءات التي اتخذت لتحصين مداخل مجلس النواب، للحؤول دون أية محاولة للتسلل منها، في إطار التحركات الجارية، احتلت احداث ليل الاثنين- الثلاثاء، التي وصفت بأنها من أسوأ حالات العنف منذ بدء التحركات في الشارع، والتي أدّت إلى إصابة 55 شرطياً بجروح، واعتقال ثلاثة أشخاص، وحرق الخيم في وسط بيروت، بعد شيوع “الفيديو” الذي يتعرّض فيه أحد الأشخاص خارج لبنان، إلى الشخصيات الدينية والزمنية والسياسية، والأئمة، جزءاً من المناقشات بين الرئيسين نبيه برّي وسعد الحريري، خلال اللقاء الذين جمعهما في عين التينة، واستغرق ما لا يقل عن ساعة ونصف، والذي تمسك رسمياً:
1 – بالحفاظ على السلم الأهلي والوحدة الوطنية.
2 – إفساح المجال امام الجيش والقوى الأمنية للقيام بدورهما.
3 – واكتفى البيان الرسمي في الشأن الحكومي بالتشديد على ان الحاجة الوطنية باتت أكثر من ملحة للإسراع بتشكيل الحكومة وضرورة مقاربة هذا الاستحقاق بأجواء هادئة، بعيداً عن التشنج السياسي، وبتقديم مصلحة الوطن على المصالح الشخصية..
وفيما امتنعت أوساط الرئيسين عن الغوص في أية معلومات إضافية، كشفت مصادر متابعة لـ “اللواء” المعلومات التالية:
1 – طرحت في الاجتماع خيارات الحكومة الممكنة..
2- اقترح الرئيس برّي ان تتألف الحكومة من شخصيات تجمع بين التكنوقراط والسياسيين المقربين من التيارات والكتل السياسية والنيابية.
3 – قالت المعلومات أيضاً ان صيغ طرحت بأن تتألف الحكومة من 14 وزيراً تكنوقراط على ان يضاف إليهم 4 من الوزراء التكنوقراط المسمين من الكتل الحزبية بحيث يرتفع العدد إلى 18 وزيراً.
4 – ذكرت المعلومات ان الرئيس برّي عرض بأن تبقى الاستشارات في موعدها غداً، على ان يُشارك فيها الرئيس الحريري ويسعى إلى التفاهم مع رئيس الجمهورية لهذه الغاية.
5 – ولهذه الغاية، أجرى الرئيس برّي اتصالاً بالرئيس عون.
لكن مصادر أخرى، توقفت عند ما اسمته تسريب من اجواء عن لقاء الرئيسين بري والحريري، وذكرت ان الرئيس الحريري لا يزال مرشحا جديا كما سربت اجواء اخرى عن احتمال تأجيل الاستشارات النيابية المقررة غدا الخميس لكن اللواء علمت من مصادر مطلعة ان القصر الجمهوري ليس في جو ان الرئيس الحريري هو المرشح الوحيد لرئاسة الحكومة بمعنى ان قدر لبنان ان يكون رئيس حكومة البلد كما ان القصر ليس في جو تأجيل الاستشارات على الاطلاق انما في جو اجراء الاستشارات في موعدها. وذكرت مصادر مقربة من القصر ان ما من شيء تبدل لجهة المهلة التي منحها الرئيس عون لاجراء المشاورات بعدما استجاب لتمني الحريري في تأجيل الاستشارات مع العلم ان الاخير تمنى ان يكون التأجيل حتى الأسبوع المقبل .
الى ذلك فهم من مصادر تكتل لبنان القوي ان اي اجتماع للتكتل لم يعقد كي يبدل من مواقفه السابقة .
وقالت مصادر نيابية انه كلما اقترب الموعد من الخميس كلما اتضحت الصورة في ما خص مشهد الاستشارات وبروز معطيات وتمنيات ربما او حتى قرارات مصيرية مع ترقب حركة الشارع في الوقت نفسه.
وافادت مصادر كتلة نيابية كبيرة ان اي قرار لم يتخذ بعد بانتظار انتهاء الاتصالات التي يفترص ان يقوم بها الرئيسان بري والحريري، وان الاجواء ستتبلور مساء اليوم، فإذا كانت الاجواء ايجابية وانتهت الى توافق تجري الاستشارات الخميس، واذا احتاجت مزيدا من التشاور قد يتم ارجاءها بطلب من رئيسي المجلس والحكومة المستقيل اياماً قليلة.
واوضحت المصادر ان الرئيس ميشال عون مصرّ على الانتهاء من الاستشارات النيابية الخميس، لكنه لم يعد محرجا من التأجيل طالما ان الحريري نفسه يطلبه وبالتالي لم يعد متهما بمخالفة الدستور كما قيل على لسان بعض القوى السياسية.
ولكن المصادر تساءلت: هل بقيت مصلحة للرئيس عون و”التيار الوطني الحر وحزب الله” في تكليف الحريري طالما انه متمسك بشروطه بتشكيل حكومة اختصاصيين وانه يعتمد نفس السياسات الاقتصادية والمالية؟ وهل يعود عن موقفه ويعيد حساباته السياسية ويجدد اتصالاته بالتيار الحر لضمان الحصول على اصوات نوابه؟ فيتمثل التيار بدل ”القوات اللبنانية” في الحكومة الى جانب “حزب الله” و “حركة امل” و”المستقبل”؟
وقالت المصادر اذا اعتذر الحريري عن قبول التكليف بسبب صعوبة تراجعه عن موقفه وتم تكليف شخص آخر يقترحه الحريري تكون بداية الازمة قد انفرجت، بحيث تتمثل القوى السياسية الاساسية في الحكومة مع الوزراء الاختصاصيين. لكن اذا وافق الحريري على التكليف ستكون مفاوضات التأليف مختلفة عماطرحه من شروط، إذ انه سيحاول إشراك “القوات” الى جانب حليفه الحزب التقدمي الاشتراكي، فهل تقبل “القوات”؟
وفي الشأن الحكومي، شدد البيان على ان الحاجة الوطنية باتت اكثر من ملحة للاسراع بتشكيل الحكومة وضرورة مقاربة هذا الاستحقاق بأجواء هادئة بعيدا عن التشنج السياسي، اجواء تتقدم فيها مصلحة الوطن على ما عداها من مصالح”.
وسبق زيارة الحريري إلى عين التينة، اتصال اجراه برئيس تيّار “المردة” النائب السابق سليمان فرنجية، أوضح خلاله الحريري أن كلامه بالأمس (الاول) عن غياب الكتل المسيحية الوازنة عن عملية تسمية الرئيس المكلف لم يقصد منه أبدا أي إنقاص من احترامه الكامل لتمثيل كتلة “المردة” أو أي من النواب المنضوين في كتل أخرى أو النواب المسيحيين المستقلين.
وأكد شكره وامتنانه “لجميع النواب الذين كانوا في صدد التسمية واعتباره كل الأصوات وازنة في المسار الدستوري الضامن لنظامنا الديمقراطي الفريد”.
باسيل
يُشار إلى ان رئيس “التيار الوطني الحر” وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل، عاد أمس إلى بيروت من جنيف بعدما شارك في المؤتمر العالمي للاجئين الذي انعقد في مقر الأمم المتحدة بمشاركة رؤساء دول وحكومات ووزراء خارجية.
وخلال المؤتمر ?كانت للوزير باسيل كلمة لفت فيها الى ان “لبنان هو البلد الوحيد الذي لم يتعرض أهله في عز غضبهم المطلبي للنازحين الذين يستضيفهم بسعة صدر بالرغم من أن وجودَهم هو أحد أسباب هذه الأزمة الإقتصادية”.
وناشد المجتمعين: “أن تقفوا الى جانب لبنان، وأن تمنعوا إنهياره ليبقى الوطن النموذج، لمواجهة كل تطرف، وأن لا تزيد الحروب الإقتصادية مأساته فيصبح أهلَه وضيوفِهم قافزين على أول قاربٍ بحثاً عن أرضٍ جديدة في بلدانكم، يجدون فيها حاجتهم وكرامتهم”.
وقال: أننا ندفع سياسياً ثمن مقاربتنا للهجرة، بعدم تأييد مبدأ الإندماج وصولاً الى التوطين.
ورأى ان “ما حصل في سوريا مهدد بتكرارِه عندنا، وهو دليل على تدمير بلد وتهجير شعب بسبب إرغامه على وصفات سياسية معلّبة فهل هذا ما يراد للبنان?”.
كوبيش يلتقي عون وعثمان
ولليوم الثاني على التوالي، وقبل وصول ديفيد هيل الدبلوماسي الأميركي المكلف بمتابعة الوضع في لبنان، والذي يصل غداً، ويلتقي الرئيس عون في اليوم التالي (الجمعة) زار مُنسّق الأمم المتحدة في لبنان يان كوبيش في لبنان كلا من قائد الجيش العماد جوزيف عون ومدير عام قوى الأمن الداخلي اللواء عثمان عثمان، وجرى البحث في المواجهات الأمنية بين المتظاهرين وقوى الأمن وسط بيروت في الليلتين الماضيتين.
وعلمت “اللواء” ان العماد عون واللواء عثمان شرحا للمنسق الدولي ان الإجراءات الأمنية صبت في إطار الحؤول دون صدامات أهلية في الشارع، وان القنابل المسيلة للدموع كان الهدف منها الحؤول دون وصول المحتجين والمعترضين على الحراك إلى بعضهم البعض.
وشدّد المسؤول الدولي على ان القانون يحمي حق المواطنين في التظاهر السلمي والتعبير عن الرأي.
قضائياً، كشفت مصادر حقوقية، ان خلافاً لما نشر في بعض وسائل الإعلام عن زيارة قامت بها النائبة العامة الاستئنافية في جبل لبنان القاضية غادة عون إلى مجلس القضاء الأعلى، أكدت مصادر قضائية بارزة ان القاضية غادة عون مثلت امام هيئة التفتيش القضائي بناء على استدعاء سابق لمخالفتها التعليمات القضائية.
هدوء بعد عاصفة الشغب
أمنياً، سيطر الهدوء على وسط بيروت، أمس، غداة المواجهات واعمال الشغب والاشتباكات الليلية العنيفة التي حصلت ليل أمس الأوّل واستمرت حتى الرابع من فجر أمس، على اثر انتشار فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي، يُسيء إلى قيادات سياسية ومقامات دينية من الطائفة الشيعية، نشره شاب طرابلسي يدعى سامر صيداوي يقيم في اليونان، ورد عليه مناصرو الثنائي الشيعي، ومعظمهم جاؤوا من الخندق الغميق بالاعتداء على خيم الناشطين في ساحتي الشهداء ورياض الصلح، وعلى الممتلكات العامة والخاصة في المنطقة، وسجل إحراق ثلاث سيّارات، كما سجل حرق خيم في النبطية وفي ساحة ايليا في صيدا والبقاع الغربي، إلا ان الخيم في وسط بيروت لم تتعرض للتخريب بعد ان حالت القوى الأمنية دون وصول الشبان إليها.
وعلى الرغم من الاعتذار الذي قدمه الصيداوي عبر شريط فيديو جديد له، فقد تحرك القضاء، حيث بدأت المباحث المركزية تحقيقاتها باشراف النيابة العامة التمييزية، على ان يصدر قاضي التحقيق مذكرة توقيف في حقه ويسطر بلاغ بحث وتحر عنه، طالما انه موجود في الخارج، لكنه سيطلب من الانتربول توقيفه. وتقدم محامون باخبار امام النيابة العامة في بيروت ضد صيداوي طالبين توقيفه والتحقيق معه وادانته مع كل من يظهره التحقيق مشاركاً أو محرضاً في جرم المادتين 317 و474، من قانون العقوبات، وانزال أشدّ العقوبات بحقه.
وفيما كات القوى الأمنية تخوض اشتباكات كر وفر مع الشبان في وسط بيروت، قطع متظاهرون فجرا اوتوستراد جل الديب بالعوائق الحديدية والحجارة، مطالبين بحكومة اختصاصيين، فتدخلت قوات الجيش وعمدت إلى فتح الطريق على المسلكين، وتوقيف 13 ناشطا، قبل ان تطلق سراحهم من ثكنة الفياضية.
وقبل ظهر أمس، اقتحمت مجموعة من الناشطين غرفة التجارة والصناعة في الصنائع حيث كان يعقد اجتماع في حضور الوزير محمّد شقير، وحصلت مواجهة كلامية بين الناشطين وشقير والحاضرين اعتراضا على خصخصة الهاتف الخليوي.
الخرق الإسرائيلي
وليس بعيدا عن مهمة المبعوث الأميركي ديفيد هيل في بيروت، والتي قد تتطرق إلى ترسيم الحدود البحرية في المنطقة الاقتصادية الخالصة مع إسرائيل، طلب رئيس الجمهورية ميشال عون من قائد القوات الدولية في الجنوب الجنرال ستيفانو دل كول، خلال استقباله في قصر بعبدا، التحقيق في أسباب خرق باخرة استكشاف للنفط يونانية تعمل لصالح الجيش الإسرائيلي المياه الإقليمية اللبنانية والبقاء فيها لمدة 7 ساعات، واكد ان “لبنان يرفض اي تعد على حقوقه المشروعة ضمن مياهه الاقليمية”، معتبرا ان “الخروق الاسرائيلية البحرية للسيادة اللبنانية لا تقل خطورة عن الخروق البرية والجوية التي تواصل اسرائيل القيام بها”.