كتبت صحيفة ” نداء الوطن ” تقول : الفتنة نائمة لعن الله من أيقظها… فمن يعمل على إيقاظها؟ فجأة ومن دون مقدمات ولا مبررات، ومن حيث لم يحتسب المتظاهرون، تتعرض ساحاتهم وخيمهم للتكسير والحرق والرشق بالحجارة والقصف بشهب المفرقعات النارية تحت شعار “إخماد الفتنة”! حفلة من الهياج والغضب ما أنزل الله بها من سلطان، لا ذوداً عن المقدسات ولا انتصاراً للمقامات الدينية عمّت ليل الاثنين – الثلاثاء وسط بيروت والنبطية وصيدا، حيث ساد الفساد والإفساد في الأرض تدميراً وتخريباً للممتلكات العامة والخاصة لضرورات “إخماد فتنة” مفتعلة أيقظها تسجيل مصوّر لشخص معتوه، فكان كفيلاً بإيقاظ الشارع الشيعي في عزّ الليل ليصبّ جام غضبه على الثورة وليضرم النار في ساحات مسالمة تطالب بلقمة عيش وكرامة إنسانية ولا ناقة لها ولا جمل لا بالفتن ولا بمن يفتنون.
لعبة مفضوحة لا تنفك قوى السلطة تلجأ إليها ضد الحراك المدني كلما شعرت بطوق الضيق والحصار يشتد من حولها، فتدفع شارعها إلى حرق الأخضر واليابس تحت شعارات غرائزية سياسية ودينية تحاكي تارةً رفض التعرض للزعيم وطوراً التصدي لخيوط المؤامرة والفتنة… وبمجرد أن تؤدي “الغزوات” المناطقية غرضها في إخلاء وإحراق الساحات، يهبّ “العقلاء” وترتفع أسهم “الوسطاء” في بورصة “تبويس اللحى”، فيعود الجيران جيراناً ويحلّ الوئام والسلام الأهلي لتعود “الفتنة” إلى سباتها الموقوت حتى يحين موعد إيقاظها التالي لإعادة إخماد نيرانها بعد أن يكون قد جرى إضرامها في هشيم الثورة.
وبينما تتزايد التساؤلات حيال تعاطي القوى الأمنية والعسكرية “بالقطعة” مع التحركات الميدانية، حيث يسود انطباع عارم في صفوف الثوار بأنها تميّز بين شارع وشارع، فتقف مكتوفة الأيدي أمام أعمال الشغب وتقطيع الطرقات وحرق الممتلكات العامة والخاصة كما حصل عند جسر الرينغ، بينما تسارع في المقلب الآخر إلى ضرب واعتقال المتظاهرين عند جسر جل الديب لمجرد أنهم حاولوا قطع الطريق، تفيد مصادر أمنية “نداء الوطن” أنّ الأجهزة تبذل جهوداً إستثنائية في أعمال حفظ الأمن منذ أكثر من شهرين، موضحةً أنّ سبب عدم تدخل الجيش في وسط بيروت مقابل مسارعته إلى فض اعتصام جل الديب ليلاً مردّه إلى أنّ “منطقة بيروت تأتي ضمن نطاق وصلاحيات قوى الأمن الداخلي (ومن ضمنها فرقة قوات مكافحة الشغب)، بحسب التوزيع الذي اعتُمد بين الأجهزة الأمنية والعسكرية”، وعليه تؤكد المصادر أنّ “الجيش لم يتدخل في أحداث ليل السبت في وسط العاصمة إنما اضطر إلى التدخل ليل الأحد وليل الاثنين استجابةً لطلب القيادات المعنية، في سبيل مؤازرة قوى الأمن الداخلي في ضبط الأحداث التي اندلعت، وفور تدخلها لم تتساهل الوحدات العسكرية إطلاقاً مع المخلين بالأمن بل على العكس من ذلك تعامل عناصر الجيش بكثير من الحزم مع المخربين، ما ساهم في إعادة لملمة الوضع”، لافتةً الانتباه في هذا السياق إلى أنّ ”التنسيق كامل بين الجيش وقوى الأمن غير أنّ التدخل العسكري لا يكون من دون طلب مؤازرة أو إذن”.
وتوازياً مع لعبة “الكر والفر” على الأرض، تستمر لعبة “التكليف والتأليف” في إعادة خلط الأوراق بين مكونات السلطة عشية الموعد الافتراضي الجديد لإجراء الاستشارات النيابية الملزمة في قصر بعبدا غداً الخميس. وفي آخر المستجدات الحكومية، برز أمس دخول رئيس مجلس النواب نبيه بري بقوة على خط “تدوير الزوايا” في عملية التكليف، من خلال تفويضه السعي إلى إيجاد أرضية مشتركة بين قصر بعبدا وبيت الوسط بتفويض ومؤازرة من ”حزب الله”، تمهيداً لتمرير استحقاق الخميس بأقل الأضرار الممكنة… و”إذا ما الخميس الاثنين” حسبما عبّرت مصادر مواكبة لهذه المساعي، في إشارة إلى احتمال اتخاذ قرار بإرجاء جديد للاستشارات ريثما “تستوي طبخة المشاورات الجارية”، موضحةً لـ”نداء الوطن” أنّ رئيس الجمهورية يبدو مصراً على إجراء الاستشارات في موعدها غداً، لكنّ “إمكانية إحداث خرق إيجابي في المشهد ليست مستبعدة إذا ما أعطيت جهود بري فرصة زمنية قصيرة لبلورة التقاطعات الحكومية المنشودة”.
وكان بري قد اجتمع مع الحريري في عين التينة على مدى أكثر من ساعة ونصف الساعة، وشدّدا في بيان مشترك على أنّ “الحاجة الوطنية باتت أكثر من ملحّة للاسراع بتشكيل الحكومة وضرورة مقاربة هذا الاستحقاق بأجواء هادئة بعيداً من التشنج السياسي، تتقدم فيها مصلحة الوطن على ما عداها من مصالح”. وكشفت مصادر مطلعة على موقف الثنائي الشيعي لـ”نداء الوطن” أنّ الساعات الـ24 المقبلة ستكون بالغة الحسم والدقة، في محاولة إيجاد مخرج لمعضلة ”التصويت المسيحي” وهذا ما يسعى بري للعمل عليه على أكثر من خط وجبهة، وفي طليعتها محاولة إقناع “التيار الوطني الحر” بضرورة منح تكليف الحريري أصوات “التيار” لاعتبارات ميثاقية، وإن لم يكن بكامل عدد نوابه فبجزء مقبول منهم، مشيرةً إلى أنّه مع عودة رئيس “التيار الوطني الحر” الوزير جبران باسيل من جنيف ستتضح الأمور أكثر اليوم لتبيان توجهاته وكيفية تعاطيه مع مساعي رئيس المجلس النيابي، الهادفة إلى تعبيد الطريق أمام التكليف والتأليف بأسرع وقت ممكن تفادياً للأسوأ على مسار ومصير البلد.
الرئيسية / سياسة / “نداء الوطن”: التكليف” في عهدة بري… “إذا ما الخميس الاثنين” ”فتنةُ”… إخماد الثورة