كتبت صحيفة “اللواء” تقول: ما كشفته “اللواء” قبل أيام، حول اتجاه التيار الوطني الحر لعدم المشاركة في الحكومة الجديدة التي يزمع الرئيس سعد الحريري تشكيلها بعد تكليفه رسمياً في الاستشارات النيابية الملزمة، الاثنين، أو في أي وقت آخر، أعلنه بصورة رسمية مباشرة، وبعد اجتماع لتكتل لبنان القوي رئيس التيار الوزير جبران باسيل، بالقول: إذا أصرّ الحريري على مقولة “انا أو لا احد” واصر “حزب الله” وحركة “امل” على مقاربتهما في مواجهة المخاطر الخارجية بحكومة تكنوسياسية برئاسة الحريري، فإن “التيار الوطني الحر”، وتكتل “لبنان القوي” غير مهتمين بالمشاركة في حكومة كهذه، مع ترك الحرية لمن يريد من الحلفاء، لأن مصيرها الفشل حتماً, مضيفاً “لا نشارك لكن لا نحرض بل نقوم بمعارضة قوية وبناءة للسياسات المالية والاقتصادية والنقدية القائمة ونقوم بمقاومة منظومة الفساد القائمة منذ ثلاثين سنة والتي يريد البعض الاستمرار فيها من خلال استنساخ نفس الحكومة الفاشلة”.
وهكذا بين المناورة والتسهيل، احتل موقف باسيل عشية الاستشارات النيابية، التي يُمكن ان تكون مسبوقة بتظاهرات أو تجمعات اعتراضية، واستدعى تضامنا ودفاعا عن رئيس التيار الوطني الحر من حزب الله على لسان نائب الأمين العام الشيخ نعيم قاسم الذي اعتبر ان باسيل “يعاقب دولياً بسبب قراره بفتح الأبواب مع سوريا”. متمنياً ان يكون التيار الوطني الحر جزءاً مشاركاً في الحل الا انه يعتبر قراره مشاركة في الحل..
وفي ما يخص الملف الحكومي أعلن قاسم أن “حساسيتنا البالغة مع طرح حكومة الإختصاصيين هي عدم القابلية لذلك ونحن جزء من الحل ولسنا وحدنا الحل”.
وفي لقاء مع “إتحاد شباب العهد”، قال الشيخ قاسم أننا “نواجه أزمتين، الكبرى داخلية والتي هي الإنهيار بسبب الفساد والمحاصصة، والثانية هي التدخل الخارجي المتمثل بشكل رئيسي بأميركا التي تريد ركوب أوجاع الناس”.
وأوضح أن الحزب خرج من الحراك تخفيفًا للإستفزاز الذي كانَ من خطة من أراد ركوب الحراك، مشيرًا “نحن لم نرسل “الخليلين” لإستجداء الرئيس سعد الحريري يومًا ولن نستجديه يومًا!”.
الحريري والبنك الدولي
وفي خطوة، سبقت موقف باسيل واعتبرت من قبل أوساط سياسية متابعة أن اتصال الرئيس الحريري بكل من رئيس البنك الدولي دايفيد مالباس والمديرة التنفيذية لصندوق النقد الدولي كريستينا جيورجيفا، وعرض معهما للمصاعب الاقتصادية والنقدية التي يواجهها لبنان، جاء بمثابة رد على موقف التيار العوني.
وأكد الرئيس الحريري لكل من مالباس وجيورجيفا التزامه إعداد خطة انقاذية عاجلة لمعالجة الأزمة، بانتظار تشكيل حكومة جديدة قادرة على تطبيقها، وبحث معهما المساعدة التقنية التي يمكن لكل من البنك وصندوق النقد الدوليين تقديمها في اطار اعداد هذه الخطة.
كما بحث الرئيس الحريري مع رئيس البنك الدولي امكانية ان تزيد شركة التمويل الدولية التابعة للبنك مساهمتها في تمويل التجارة الدولية للبنان، في اطار الجهود التي يبذلها الرئيس الحريري لتفادي اي انقطاع في الحاجات الأساسية المستوردة بفعل الأزمة.
وأفادت وكالة “رويترز” الدولية ان “سندات لبنان السيادية المقومة بالدولار ارتفعت 2.5 سنت بعد ان بحث الحريري في الحصول على مساعدة فنية مع صندوق النقد والبنك الدوليين.
ولكن، رغم الإيجابية التي اشاعها تقرير “رويترز”، تلقى لبنان ضربة اقتصادية جديدة، عندما خفضت وكالة “فيتش” الدولية، تصنيف لبنان إلى CC، متوقعة انكماش الاقتصاد في العامين 2019 و2020.
ومن جهتها، أكدت وكالة “بلومبرغ” ان اتجاه لبنان إلى إعادة هيكلة ديونه المقدرة بـ87 مليار دولار هو مسألة وقت بالنسبة إلى عدد كبير من حاملي السندات.
إلى ذلك، تحدثت معلومات عن زيارة وصفت بأنها الأهم لمسؤول أميركي إلى بيروت منذ اندلاع انتفاضة 17 تشرين، وهي زيارة مساعد وزير الخارجية الأميركية للشؤون السياسية ديفيد هيل الذي سيصل في الأسبوع المقبل، وفقاً لما كشفته صحيفة “ذا انترناشيونال” الاماراتية، التي لاحظت ان الزيارة تأتي خلال فترة تكثيف المفاوضات لتشكيل الحكومة الجديدة.
ومهما يكن من امر دفن التسوية الرئاسية مع الرئيس الحريري، التي أتت بالعماد ميشال عون رئيسا للجمهورية، اعتبر مصادر نيابية في 14 اذار أن الإعتراف بالفشل الذريع في خلاصة ثلاث سنوات من ادارة رئاسة الجمهورية بالوكالة وعشر سنوات بالوزارة والتعطيل المبرمج لعمل الحكومتين، لايفيد بمحو اللهجة الطائفية من الذاكرة. ولا استعارة مطالب المتظاهرين وتبني شعاراتهم، تعفي التيار الوطني الحر من نوايا وارتكابات قمعهم وانكار وجودهم، او الاعفاء من مسؤولية الفساد لشركاء السلطة منذ ثلاثين سنة وأنتم معهم على طاولة واحدة حتى اليوم من بقاء اللبنانيين بلا كهرباء حتى اليوم وتستولون على مقدرات اداراتها. ولا تفيدكم اساليب توجيه العدالة لتصفية حساباتكم السياسية في تثبت مواقع التيار، وخلصت المصادر الى القول بكلام مقتضب ومفيد انقضى الوقت باسرع مما كان متوقعا،ولا ينفع البكاء على الأطلال بعد اليوم.
بالنسبة للثنائي الشيعي، الذي لمس احراجاً له من موقف باسيل، علمت “اللواء” ان الرئيس نبيه بري و”حزب الله” كانا في صورة قرار التكتل، من خلال زيارة الوزير باسيل الى كل من عين التينة وقيادة “حزب الله”، حيث تردد انه التقى مساء امس الاول رئيس لجنة التنسيق والارتباط في الحزب وفيق صفا لكن مصادر “التيار الحر” نفت حصول اي لقاء.
كما أن زوار الرئيس ميشال عون أمس، أكدوا انه كان في صورة القرار، وهواوضح لزواره ان الاستشارات النيابية الملزمة ستجري في وقتها الاثنين المقبل، وعلى الارجح ان يتم خلالها تكليف الحريري رئاسة الحكومة، لكن تأليف الحكومة قد تكون دونه عقبات بحسب مواقف الكتل النيابية من المشاركة فيها.
وفيما رجحت بعض المصادر أن يمتنع تكتل “لبنان القوي” وكتلة “حزب الله” عن تسمية الحريري، قال عضو كتلة الوفاء للمقاومة امين شري لوكالة “انباء الاناضول” ان الكتلة ستعقد اجتماعا استثنائيا اليوم الجمعة لتقرير الموقف من التكليف والتأليف. فيما يترقب الوسط السياسي إطلالة الامين العام للحزب السيد حسن نصر الله في الخامسة والنصف من غروب اليوم ايضا للحديث عن التطورات وموقف الحزب منها.
وبالنسبة لموقف تكتل “لبنان القوي” من التكليف، قالت مصادر مطلعة عن قرب ان المنطق يقول انه طالما لن يشارك التكتل في حكومة برئاسة الحريري فمن الطبيعي ان لا يسميه لرئاسة الحكومة، لكنها استدركت ان الايام الثلاثة الفاصلة كفيلة ببلورة مواقف الكتل والقوى السياسية بخاصة موقف حزب الله الذي سيعلنه السيد نصر الله.
“المستقبل”: كلام مردود
الا ان قيادياً في تيّار “المستقبل” أبلغ “اللواء” ان كلام باسيل الذي حمّل الرئيس الحريري مسؤولية كبيرة في ما وصلت إليه أمور البلد، مردود عليه، لأنه كان وزيراً في كل الحكومات الماضية على مدى عشر سنوات، وبالتالي فإنه يتحمل جزءاً كبيراً من مسؤولية الفشل الذي تحدث عنه.
ورأى المصدر القيادي، انه مع ذلك يجب النظر إلى الوجه الإيجابي من كلام باسيل، من حيث عدم رغبته في المشاركة في الحكومة لتسهيل التأليف، فهذا الأفضل ما قاله، وان كان لا يُمكن استبعاد المناورة في كلامه، في انتظار ما ستحمله الأيام القليلة المقبلة، مشدداً على ان الميثاقية ستكون مؤمنة في الحكومة من خلال الشخصيات الاختصاصية التي ستشارك، وستكون موزعة على كل الطوائف.
وأعرب القيادي “المستقبلي” عن اعتقاده أن الطريق أمام الحكومة الجديدة أصبحت معبدة إلى حد بعيد، بالطريقة التي يريدها الحريري، بعدما أدركت القوى السياسية، وتحديداً “الثنائي الشيعي”، أن لا بديل منه، لإنقاذ وضع البلد الذي يكاد يفقد مقومات الصمود والاستمرار في مواجهة الضغوطات التي يتعرض إليها، لافتاً إلى ان اجتماع مجموعة الدعم وضع خريطة طريق واضحة للإنقاذ، ستتلاقى مع خطط الحريري الرامية لتجاوز المأزق الخطر الذي يتهدد لبنان.
مؤتمر باسيل
وكان الوزير باسيل، أقرّ في مؤتمره الصحفي الذي عقده بعد اجتماع استثنائي لتكتل “لبنان القوي” فشل التسوية السياسية التي جاءت بالعماد ميشال عون رئيساً للجمهورية، وان كان حرص على تسميتها “بالتفاهم الوطني”، على قاعدة الميثاق وقاعدة ان كل مكون أساسي يتمثل بالاقوى في طائفته، مشيراً إلى ان هذا “التفاهم” فشل في محاربة الفساد وفي بناء دولة حديثة وبتصحيح السياسات المالية والنقدية والاقتصادية، كما فشل بالاتفاق على خطة وطنية لإعادة النازحين، معتبراً ان الشعب اللبناني والدولة والعهد والقوى السياسية ومن ضمنها التيار الوطني يدفعون ثمن هذا الفشل، لأن النّاس نظروا إلى التفاهم على ان تسوية صفقات ومصالح بينه وبين الرئيس الحريري، ووصف ذلك بأنه “ظلم”.
وشدّد باسيل على ان المقصود من حكومة تكنوقراط ان كل الأحزاب مهتمة بالأزمة، وان رئيس الحكومة المستقيل بريء من تراكم الأزمات على مدى30 سنة، لافتآً إلى ان حكومة الاختصاصيين التي يطالب بها، يجب ان تكون من رأس الحكومة إلى كل أعضائها، وقال: “اذا أصرّ الحريري على “انا أو لا احد” واصر “حزب الله” وحركة “امل” على مقاربتهما في مواجهة المخاطر الخارجية بحكومة تكنوسياسية برئاسة الحريري، فإن “التيار الوطني الحر”، وتكتل “لبنان القوي” غير مهتمين بالمشاركة في حكومة كهذه، مع ترك الحرية لمن يريد من الحلفاء، لأن مصيرها الفشل حتماً.
تحريض الحلفاء
إلى ذلك، وصفت مصادر وزارية في تكتل “لبنان القوي” لـ “اللواء” موقف باسيل بأنه “نوعي” وانه “خرج من معادلة الصراع على السلطة، واختار الحكومة الفعالة والمنتجة، وبالتالي إذا رغب الحلفاء بالحريري رئيساً فليكن، وان كان لا يرغب بهم في حكومة تكنوسياسية.
وفيما يشبه التحريض أو المناورة التي يراهن عليها التيار قالت المصادر انه عند تصفية الخلافات بين الحلفاء والحريري نذهب إلى حكومة فعّالة ونقرر حينها ان نكون أو لا نكون، لكننا اليوم لن نرضى بالمعادلة الراهنة المفروضة علينا في الشكل مع الرئيس الحريري.
واوضحت ان حكومة برئاسة الحريري نحن لسنا في داخلها هذا هو الموقف وقالت: نحن لا نتحدى انما نذهب الى ممانعة بناءة وتحدثت ايضا عن وقوف التكتل الى جانب الرئيس عون مذكرة في الوقت نفسه بأهمية الميثاقية التي تعبر عن التوازنات الحالية في مجلس النواب.
من جهة ثانية، اكدت مصادر مطلعة على موقف الرئيس عون لـ”اللواء” ان الاستشارات النيابية قائمة في موعدها الاثنين المقبل في القصر الجمهوري وان الفترة الفاصلة عن هذا الموعد فرصة بين المعنيين للتداول في بعض الاقتراحات وتفعيل أخرى وتطوير افكار مع العلم ان هناك ترقبا لبعض المواقف والاتصالات والجهود المبذولة في الملف الحكومي كما ان هناك خيارات يعمل عليها بعدما توضحت مواقف أخرى.
قضية حبيش- عون
على صعيد قضائي، تفاعلت قضية النائب هادي حبيش والقاضية غادة عون التي اتخذت أمس صفة الادعاء الشخصي في حقه، وطلبت ملاحقته وتوقيفه واحالته إلى المدعي العام التمييزي القاضي غسّان عويدات، الذي احال بدوره شكوى الدولة اللبنانية ممثلة بهيئة القضايا في وزارة العدل، ضد النائب حبيش وادعاء القاضية عون واخبار المحامي وديع عقل إلى المحامي العام التمييزي القاضية ميرنا كلاس وكلفها مباشرة التحقيقات، على ان يتم إرسال كتاب اليوم إلى مجلس النواب الذي هو في دورة الانعقاد لاعلامه باحكام المادة 40 من الدستور بأن الجرم الذي حصل هو جرم مشهود.
لكن مسألة رفع الحصانة عن حبيش، لا بدّ ان تقف أيضاً عند أبواب نقابة محامي الشمال التي دعيت إلى اجتماع عاجل بدعوة من النقيب محمّد مراد للبحث في القضية، علماً انه تمت إحالة القاضية عون إلى التفتيش القضائي لمخالفتها تعليمات مدعي عام التمييز وعدم اطلاعه على ملفات التوقيفات المهمة مسبقاً.
وأوضح نائب رئيس مجلس النواب ايلي الفرزلي ان المجلس يتحضر لاستلام الملف، حيث يفترض بالوزير المعني في حكومة تصريف الأعمال البرت سرحان ان يسلم الادعاء على النائب حبيش مرفقاً بالمستندات والملف الكامل للقضية إلى رئيس المجلس من أجل دعوة الهيئة العامة إلى مناقشة القضية وطلب رفع الحصانة، إذا كان الغرض من ذلك المحاكمة.
وطبقاً للنظام الداخلي لمجلس النواب (المادة 96) فإن قرار رفع الحصانة يتخذ بالأكثرية النسبية وفقاً للمادة 34 من الدستور.
وتنص الآلية أيضاً، وتبعاً للمواد التالية من النظام الداخلي ان يقدم طلب الإذن بالملاحقة وزير العدل مرفقاً بمذكرة من النائب العام لدى محكمة التمييز تشتمل على نوع الجرم وزمان ومكان ارتكابه وعلى خلاصة عن الأدلة التي تستلزم اتخاذ إجراءات عاجلة.
ويقدم طلب رفع الحصانة إلى رئيس المجلس الذي يدعو هيئة مكتب المجلس ولجنة الإدارة والعدل إلى جلسة مشتركة لدرس الطلب وعلى هذه الهيئة تقديم تقرير بشأنه في مهلة أقصاها أسبوعان.
وإذا لم تقدم الهيئة المشتركة تقريرها في المهلة المعنية في المادة السابقة، وجب على رئاسة المجلس إعطاء علم بذلك للمجلس في أول جلسة يعقدها، وللمجلس أن يقرر منح الهيئة المشتركة مهلة إضافية بالقدر الذي يراه كافياً أو وضع يده على الطلب والبت به مباشرةً.
وعندما يباشر المجلس البحث في طلب رفع الحصانة يجب استمرار المناقشة حتى البت نهائياً بالموضوع للإذن بالملاحقة مفعول حصري ولا يسري إلا على الفعل المعين في طلب رفع الحصانة.