كتبت صحيفة “النهار ” تقول : الاثنين المقبل اثنين الحسم، اذ لن يكون في وسع أفرقاء الداخل إدارة الظهر لأفرقاء الخارج الذين يقدمون اليوم دعماً دولياً للبنان من أجل “تشكيل حكومة بسرعة لأن كل تأخير سيؤدي الى تفاقم الازمة، والعمل من أجل أن تباشر الحكومة اجراء الاصلاحات التي يحتاج اليها البلد”.
وهذا الدعم الدولي، يأتي اليوم مشفوعاً بدعوة دول الخليج في ختام قمة مجلس التعاون السنوية أمس في الرياض، اللبنانيين إلى التعامل بحكمة مع التطورات الأخيرة بطريقة تلبّي “التطلعات المشروعة” للشعب اللبناني. وقال قادة الخليج في بيانهم الختامي إنّ مجلسهم حريص على “أمن لبنان واستقراره ووحدة أراضيه، وعلى انتمائه العربي واستقلال قراره السياسي، والوفاق بين مكونات شعبه الشقيق”.
واسترعى الانتباه تصريح وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان بن عبدالله آل سعود بأن “استقرار لبنان مهم جداً جداً للمملكة (…) والأهم أن يمضي الشعب اللبناني والنظام السياسي في طريق تضمن الاستقرار والاستقلالية”.
وبدا واضحاً أن ايران استبقت قمة مجلس التعاون واجتماع باريس بموقف ملتبس أرادت منه توجيه رسالة بأنها معنية بالملف اللبناني ولها فيه اليد الطولى، اذ قال مستشار رئيس الحرس الثوري الايراني “اذا ارتكبت إسرائيل أصغر خطأ تجاه إيران، فستسوى تل أبيب بالتراب انطلاقاً من لبنان”. وقد تفاعل الموقف فغرّد وزير الدفاع في حكومة تصريف الأعمال الياس بو صعب: “اذا صحّ ما نُسب الى مستشار رئيس الحرس الثوري فإنه لأمر مؤسف وغير مقبول وتعدّ على سيادة لبنان الذي تربطه بالجمهورية الاسلامية الايرانية علاقة صداقة لا يجوز أن تمس استقلالية القرار اللبناني بأي شكل من الاشكال”. وتعليقا على الموقف نفسه تساءل الوزير السابق سجعان قزي عبر”النهار”: “لماذا انطلاقا من لبنان وليس من سوريا حيث الاعتداءات الاسرائيلية تتوالى على الحرس الثوري الايراني؟”. واعتبر أن “هذا التصريح لا يثير القلق في مضمونه وانما في توقيته وخلفيته عشية لقاء باريس”.
الحكومة
داخلياً وفيما ظهر انقطاع في التواصل بين المعنيين، علمت “النهار” أن دوائر قصر بعبدا تتعامل بشكل أكثر من جدّي مع الموعد الاثنين المقبل، لحسم الأمر بإجراء استشارات لا تزال تعطي الأولوية للرئيس سعد الحريري رغم إصرار الأخير على “حكومة تكنوقراط” كما نقل عنه أمس. وبينما غاب التواصل المباشر بين الرئاستين الأولى والثالثة، وكذلك بالواسطة، علمت “النهار” أن الثنائي الشيعي تحرّك في اتجاه “بيت” الوسط للاتفاق على “صيغة تكنوسياسية وسطية” لا يشارك فيها سياسيون مرفوضون لدى الشارع، ولا تحتكر الأحزاب الحقائب الأساسية من خلال ممثليها التكنوقراط، بل يعطى الحريري هامشاً واسعاً في التسمية أو امتلاك حق الفيتو على الأسماء المقترحة.
كذلك علمت “النهار” أن “تكتل لبنان القوي” أرجأ اجتماعه الذي كان موعده أمس، مفسحاً المجال لاتصالات ”الخليلين” قبل أن يحدد موقفاً حاسماً من الرئيس الحريري في الساعات الـ48 المقبلة.
ومن المتوقع أن تظهر إشارات في اليومين المقبلين قبل عطلة نهاية الاسبوع، فإما أن تكون ايجابية وتمضي الأمور على ما يرام، وإما أن تؤثر بعض القوى الخارجية بطريقة سلبية على عملية التأليف، وبالتالي يفرض اللجوء الى تسمية الحريري والبدء برحلة التأليف الشاقة او يعتمد الخيار الأسوأ اي تأجيل الاستشارات وبقاء الحريري في سدة تصريف الاعمال. ورأى مصدر وزاري ان تأجيل الاستشارات يعني حكماً تأجيل المساعدات الدولية للبنان، وتالياً التعجيل في الانهيار الاقتصادي والمالي.
مجموعة الدعم
ومتابعة لمجموعة الدعم الدولية، كتب مراسل “النهار” في باريس سمير تويني: يعقد صباح اليوم في” الكي دورسيه” في باريس مؤتمر مجموعة الدعم الدولية للبنان برئاسة فرنسية – اممية ومشاركة الولايات المتحدة وروسيا والصين والمملكة المتحدة ومصر والمانيا وايطاليا والكويت والمملكة العربية السعودية والامارات العربية المتحدة، الى البنك الاوروبي للانشاء والتعمير، وبنك الاستثمار الاوروبي، والاتحاد الاوروبي، وصندوق النقد الدولي، والبنك الدولي، وجامعة الدول العربية ولبنان.
وقد سئل وزير الخارجية الفرنسي جان – إيف لودريان “ما الذي يمكن المجتمع الدولي، ولا سيما منه فرنسا، القيام به لتحقيق الاستقرار في القطاع المصرفي في لبنان خاصةً، وما هي الرسالة التي توجهونها الى السلطات اللبنانية التي لا تتحرك فعلاً لحل المشاكل؟”، فأجاب: “أردنا أن نأخذ زمام المبادرة بدعوة مجموعة الدعم الدولية من أجل لبنان إلى الاجتماع هنا. هدف ذلك هو حث السلطات اللبنانية على إدراك خطورة الوضع، والاقتراح عليها المضي قدمًا نحو الإصلاحات – علماً أن السلطات اللبنانية ستكون ممثلةً – وأخذ دعوة الشارع والمتظاهرين في الاعتبار، إذ أن المتظاهرين يحتشدون بانتظام منذ 17 تشرين الأول، فالتحركات الاحتجاجية طال أمدها ويجب الاستماع إليها. كما يجب ان تشكل السلطات اللبنانية حكومةً بسرعة لأن أي تأخير سيؤدي إلى تفاقم الوضع، والتأكد من أن الحكومة قادرة على أن تقوم بالإصلاحات التي يحتاج اليها هذا البلد. لقد اجتمعنا هنا في نيسان 2018 وكان ذلك أيضًا بمبادرة فرنسية في إطار ما سمي مؤتمر سيدر مع العديد من الجهات الفاعلة، وقد قمنا في حينه بتعبئة مبالغ كبيرة من المال شرط ان تقترن المساعدة المالية بتنفيذ الإصلاحات اللازمة. في الوقت الحاضر، توقفنا عند هذا الحد حيث أنه ما من إصلاحات وما من استقرار، لذلك فهي دعوة قوية سنوجهها الى جميع من يستطيع العمل ليستعيد لبنان استقراره”.
وسيصدر عن المؤتمر بيان يدعو فيه المشاركون لبنان الى القيام بما يلزم، ويبلغ في الجلسة الثانية بعد ظهر اليوم الى الوفد اللبناني الذي سيعرض بالطبع على المشاركين حاجاته، وسيطلب من السلطات اللبنانية تنفيذ مندرجات هذا البيان الذي يشكل خريطة طريق للحكومة الجديدة وقد يكون في صلب بيانها الوزاري.
وأوضحت مصادر متابعة للمؤتمر أن البيان الختامي لن يكون بعيداً البيان الذي صدر عن مؤتمر “سيدر”، اي دعوة للعمل بعد توصيف الوضع القائم واعتراف مجموعة الدعم الدولية باهمية ما يواجهه لبنان من ازمات قد تعرضه لخطر عدم الاستقرار الامني ولوقف هذا التدهور الامني والاقتصادي.
واستناداً الى البيان الذي وزع نصه أمس، سيدعو المشاركون السلطات اللبنانية الى “وقف هذا التدهور من خلال معالجة التحديات الاجتماعية والاقتصادية بشكل مستدام واعتماد الدولة سياسة ذات صدقية وفعالية واجراء حزمة من الاصلاحات الاقتصادية لاستعادة الاستقرار المالي ، ومعالجة الوضع الاقتصادي من خلال تدابير تستجيب للمطالب التي عبر عنها اللبنانيون منذ انتفاضة 17 تشرين الاول”.
ويعتبر المشاركون “ان عدم تشكيل حكومة يؤدي الى تهديد الاستقرار ووحدة لبنان وسيادته ووحدة اراضيه واستقلاله السياسي . فالمطلوب اذاً حكومة تشكل سريعاً وذات صدقية لتنفيذ حزمة الاصلاحات الضرورية وتنفيذ سياسة الناي بالنفس عن الصراعات والازمات الاقليمية، ومعالجة الفساد واعتماد خطة لاصلاح قطاع الكهرباء وتشكيل الهيئة الناظمة له وذلك ضمن فترة زمنية محددة”.
ويدعو البيان الى “اعتماد موازنة موثوقة لسنة 2020 هدفها عدم زيادة العجز والاهتمام بتعزيز المطالب الاجتماعية واتخاذ الاجراءات الضرورية الحاسمة لاستعادة استقرار لبنان والقطاع المصرفي. وان توضع موضع التنفيذ الاصلاحات التي وعدت بها الحكومة خلال مؤتمر “سيدر” للاستفادة من التسهيلات المقدمة من الاسرة الدولية”.
ويقترح المشاركون في البيان “مساعدة لبنان لضمانه الحصول على السلع الاساسية من خلال دعم من شركاء لبنان بما فيهم المؤسسات المالية الدولية”.
وسيشيد المؤتمر “بتصرفات ودور القوى الامنية اللبنانية خلال التظاهرات وسيدعو الى استمرار هذا التصرف للمحافظة على حقوق المواطنين في التعبير عن ارائهم . وهو اعتراف دولي بالمطالب الشعبية والمطالبة بتنفيذها”.
حركة الشارع
ميدانياً، توزعت حركة الشارع أمس بين المناطق، وبلغت ذروتها في الميناء – طرابلس، حيث قدم أعضاء في البلدية استقالاتهم نزولاً عند الرغبة الشعبية بعدما هاجم الاهالي مبنى البلدية وكسروا زجاجه وحطموا بعض أثاثه، وفي الزوق أقفل الاوتوستراد الى حين اطلاق شبان كان الجيش أوقفهم صباحاً، في بيروت تحركات عدةأابرزها توجه موكب سيار من الرينغ الى محيط منازل وزراء الأشغال السابقين احتجاجاً على سياساتهم بعد يوم الغرق الاثنين، واقفل ناشطون الطريق عند برج المر. كما حاصر قريبون من “حزب الله” احدى خيم الحوار في ساحة اللعازرية ينشطها لقمان سليم المعارض لسياساته.