كتبت صحيفة “اللواء ” تقول : هل تحمل الـ48 ساعة المقبلة خواتيم سعيدة لازمة حكومية ناهزت الشهر، بتكليف المهندس سمير الخطيب تأليف حكومة تكنوقراط - سياسية، تمثل القوى الممثلة بالحكومة المستقيلة، بالإضافة إلى الحراك المدني، الذي سارعت أطراف منه ليلاً، لقطع طريق جسر الرينغ، احتجاجاً على “صفقة التفاهم” التي أنطلقت إلى التأليف قبل التكليف والاستشارات الملزمة، بالتزامن مع الكشف عن أن مصادر رؤساء الحكومات السابقين ما تزال على دعمها لتولي الرئيس سعد الحريري لتأليف الحكومة العتيدة، وان لا معطيات جديدة تستدعي تغيير الموقف.
وحاولت فرق مكافحة الشغب تفريق التجمع على الجسر بالقوة، ورفض عدد من الشبان المغادرة، وافترشوا الأرض كسلسلة بشرية.
وخارج إطار المشهد المرجح لتكليف المهندس الخطيب، كشف مصدر دبلوماسي فرنسي ان الولايات المتحدة وبريطانيا فوضتا فرنسا اجراء الاتصالات لتسريع تسهيل تأليف حكومة لبنانية توحي بالثقة الداخلية والخارجية برئاسة سعد الحريري، وتتكون من وزراء موثوقين، وتكون مهمتها الأولى معالجة الأزمات الاقتصادية والمعيشية والمالية التي يُعاني منها لبنان، وتشرف على تنفيذ كل مترتبات مؤتمر “سيدر” وتعمل على السهر لصرف الأموال المنبثقة عنه بشفافية.
الوضع الحكومي
وفي تقدير مصادر سياسية مطلعة، ان الوضع الحكومي على الرغم من كل الأجواء الإيجابية التي جرى تعميمها بشكل فجائي أمس، وصل إلى التوازن بين الانفراج والتشاؤم، مع تسارع وتكثيف الاتصالات بين المرشح بتشكيل الحكومة المهندس سمير الخطيب وبين المعنيين بتشكيل الحكومة ولا سيما مع الرئيسين ميشال عون وسعد الحريري، حيث تردّد ان هذه الاتصالات قطعت شوطاً كبيراً للاتفاق على الشكل والحجم، أي انها ستكون حكومة تكنو-سياسية، ومبدئياً من 24 وزيراً بينهم ستة وزراء دولة أو من يمثل التيارات السياسية، والباقي تكنوقراط أو اختصاصيين وممثلين عن الحراك الشعبي.
لكن المصادر عادت واستدركت بأن الأمور تسير حسب مقولة الرئيس نبيه بري: “لا تقول فول حتى يصير بالمكيول”، ذلك ان التفاصيل الجاري بحثها من حيث توزيع الحقائب لا سيما السيادية منها واسماء ممثلي القوى السياسية، يمكن ان تؤدي الى تفجير المساعي اذا لم يحصل الاتفاق عليها وقد يطير اسم الخطيب كمرشح للتكليف، كما يمكن ان تؤدي الى توافق نهائي بحيث يمكن ان يتم تحديد موعد الاستشارات النيابية خلال الساعات الاربع والعشرين المقبلة.
وأفادت مصادر مطلعة انه خلال هذه المدة اما يكون سمير الخطيب المرشح الوحيد أم تحترق ورقته ويعود البحث بخيار آخر، واما نعود إلى الرئيس سعد الحريري أو يكون هناك مرشّح آخر الذي قد يكون النائب فؤاد مخزومي.
وكان الرئيس عون أكّد امام زواره أمس ان الأيام المقبلة ستحمل تطورات إيجابية، لكنه لم يعط تفاصيل، معلناً العمل على إيجاد الحلول المناسبة لمختلف وجوه الأزمة، والاستمرار في عملية مكافحة الفساد.
ومن جهتها، أوضحت مصادر سياسية مطلعة على أجواء قصر بعبدا، لـ”اللواء” ان المشهد الحكومي بات على طريق الأكتمال وان الساعات المقبلة سترسم هذا المشهد لجهة النتائج التي تعزز ايجابيتها الدعوة الى الإستشارات النيابية الملزمة، اما اي عقبة غير متوقعة فتبقى مرهونة بتطور ما ليس في الحسبان.
ولفتت الى انه بالنسبة الى شكل الحكومة والوزراء وعددها فليس نهائيا بعد لكنها ستكون حكومة مصغرة اما التمثيل السياسي فيها فبات واضحا بين المكونات التي تشارك ايضا بوزراء تكنوقراط.
وفي هذا الإطار، رجّحت مصادر مطلعة أن تكون صيغة الحكومة المقبلة مؤلّفة من 24 وزيراً مقسمة على 6 وزراء للحراك وللأحزاب المشاركة في التحرّكات وغير الممثلة في البرلمان، في مقابل وجود 6 شخصيات سياسية معظمها وزراء دولة، في حين أنّ باقي الوزراء 12، سيكونون من الإختصاصيين لكن سيتم اختيارهم من قبل الأحزاب السياسية.
وأشارت المصادر إلى أنّ الوزراء علي حسن خليل ومحمد فنيش سيمثلان الثنائي الشيعي، في حين أنّ الوزير سليم جريصاتي سيكون من حصة رئيس الجمهورية، في حين لم يعرف بعد مَنْ هو الوزير الذي سيمثل “التيار الوطني الحرّ”.
أمّا الوزيران المتبقيان فهم من حصة “الاشتراكي” و”المستقبل” إلّا إذا قرّرا عدم المشاركة بوزراء سياسيين، فتزيد حصتهما وزيرين من الإختصاصيين.
واتفقت القوى السياسية على غالبية الحقائب التي سيتسلمونها عبر التكنوقراط، في حين أنّهم اختاروا الحقائب التي ستمنح للحراك.
مؤشرات إيجابية!
وكانت قد صدرت إشارات إيجابية عن قرب التفاهم على التكليف والتأليف، استناداً إلى مجموعة من المواقف بعد الجولات التي قام بها المرشح للتأليف المهندس الخطيب، والتي كان أبرزها لقاؤه بالرئيس عون في قصر بعبدا، في حضور الوزير جبران باسيل والمدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، وجاء في أعقاب لقاء ثنائي في قصر بسترس بين الخطيب وباسيل.
وبحسب معلومات “اللواء” فإن الاجتماع مع الرئيس عون كان ايجابياً جداً، وكذلك اللقاء مع باسيل، لكن لا تزال هناك بعض المطالب التي يجري العمل على تذليلها.
وأوضحت مصادر قريبة من المهندس الخطيب ان الاتصالات بلغت مرحلة غربلة الأسماء واسقاطها على الحقائب.
ومن الإشارات الإيجابية أيضاً المواقف التي اعلنها كل من الرئيس الحريري ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، بعد زيارته لكل من عين التينة وبيت الوسط، حيث أعلن جنبلاط ان الحزب سيسمي وزراء أكفاء من الطائفة الدرزية، يختار منها الرئيس الحريري أو الخطيب الأسماء المناسبة منها، وهو ما تمّ تفسيره على انه موافقة مباشرة من الحزب على المشاركة في الحكومة ولو بوزراء اختصاصيين.
اما الرئيس الحريري، فقد أعلن للمرة الأولى بعد لقاء جنبلاط، انه يدعم ترشح اسم الخطيب لرئاسة الحكومة، لكن لا تزال هناك بعض التفاصيل.
وأكّد رداً على سؤال انه لا يضع شروطاً، بل رئيس الحكومة هو من يشكل حكومته، وأعلن انه لن يُشارك في الحكومة بشخصيات سياسية بل باخصائيين.
والتقى الحريري ليلاً وزير المال في حكومة تصريف الأعمال علي حسن خليل والمعاون السياسي للأمين العام لحزب الله حسين الخليل، وقالت معلومات لقناة N.B.N الناطقة بلسان حركة “امل” ان أجواء الاجتماع كانت إيجابية.
لكن لفت الانتباه، التعميم الذي أصدره الحريري أمس، وطلب فيه من الوزراء وجوب التقيّد باحكام المادة 64 من الدستور في معرض تصريف الأعمال، بعد اعتبار الحكومة مستقيلة، فهم ان هذا التعميم جاء رداً على دعوات نواب الثنائي الشيعي بالتساهل في تصريف الأعمال إلى حدّ تعويم عمل الحكومة خلافاً للقانون.
باسيل
ومن المؤشرات الإيجابية أيضاً في نظر المعنيين بالحكومة، الموقف الذي أعلنه رئيس “التيار الوطني الحر” الوزير جبران باسيل، بعد الاجتماع الدوري لتكتل “لبنان القوي” والتي كانت مصادر التيار قد وصفته قبل إعلانه بأنه سيكون مفصلياً، ثم تبين ان ملخصه هو استعداد باسيل للتضحية بمقعده الوزاري من أجل خلاص البلد، وكذلك استعداده لإلغاء الذات كي تتشكل حكومة ذات ميثاقية ودستورية وتحافظ على روح هذا البلد وعلى نظامه، ولا نذهب إلى مجهول أكبر.
ولفت إلى ان وجودنا كتيار وكتكتل في الحكومة هو ثانوي بالنسبة إلى نجاح الحكومة في الاقتصاد والمال ومكافحة الفساد، وليس لدينا شرط أهم من توفّر شروط النجاح.
… وإشارات سلبية
وفي مقابل هذه المؤشرات، برزت إشارات سلبية، كان أبرزها عودة نشطاء من الحراك الشعبي إلى قطع جسر “الرينغ” ليل أمس باتجاه الأشرفية احتجاجاً على الاتصالات الجارية لتأليف الحكومة، وخوفاً من “طبخة حكومية” ملغومة وأعلن متظاهرو الحراك انهم لا يريدون ان يتمثل الحراك بأحد.
وتزامن قطع الطريق مع انتشار دعوات على مواقع التواصل الاجتماعي إلى التصويت بنعم أو لا حول تسمية المهندس الخطيب لتكليفه تشكيل الحكومة، تزامنت بدورها مع قيام عدد من الناشطين بالاعتصام امام منزل الخطيب في تلة الخياط، ثم غادروا المكان بعدما ابلغهم الشرطي انه غير موجود وان المنزل يعود لزوجة الخطيب السابقة.
وفي تقدير مصادر سياسية، ان عودة الحراك إلى قطع الطرقات، مؤشر إلى رفض تسمية الخطيب، لا سيما وان هذا الموقف تزامن أيضاً مع ما نقلته محطة L.B.C.I عن مصادر رؤساء الحكومة السابقين، بأنهم ما زالوا على دعمهم للحريري لرئاسة الحكومة، وليس من معطيات جديدة تستدعي تغيير هذا الموقف.
وفي هذا السياق، أكّد مصدر وزاري سابق لـ “اللواء”، انه لا يمكنه الجزم بأن الحكومة ستؤلف غداً، كما لا يمكنه القول انه سيكون هناك حكومة.
ورأى المصدر ان الأمور المتعلقة بالتأليف لم تنضج بعد، وان القرار الدولي بذلك لم يأت بعد، مشيرا إلى ان مصدر التفاؤل الذي شاع بالأمس حول التكليف والتأليف، جاء من الجولات التي قام بها المرشح الخطيب ومن كلام الرئيس عون في بعبدا من ان الأيام المقبلة ستحمل تطورات إيجابية إضافة إلى ما قاله الوزير باسيل، وحركة وليد جنبلاط، وما نقل عن لسان الرئيس الحريري من انه يؤيد الخطيب، لكنه اعتبر ان أي حكومة ستؤلف ولكي تكون قادرة على الإقلاع تحتاج إلى ثلاثة أنواع من الثقة: الثقة الدستورية من مجلس النواب والثقة الشعبية من الحراك، والثقة الدولية من الدول المانحة، مشيرا إلى ان أي حكومة ينقصها عنصر واحد من هذه العناصر الثلاثة لن يكون في مقدورها الاقلاع”.
وقرابة الحادية عشرة ليلاً، وصلت إلى جسر “الرينغ” مجموعات من الحراك قادمة من الحمراء للانضمام إلى زملائهم الذين افترشوا الأرض اعتراضاً منهم على تشكيل الحكومة برئاسة المهندس الخطيب، في حين تدخلت عناصر من فرقة مكافحة الشغب، وأقامت حاجزاً للفصل، خشية تدخل أطراف أخرى على الحراك، بعدما جرى تفاوض لفتح الطريق، لم يخل من استخدام القوة، الا ان المتظاهرين تمسكوا بالبقاء لكن العناصر الأمنية نجحت في إبقاء المسرب المؤدي إلى الحمراء مفتوحاً، وهتف المتظاهرون بسقوط حكم الازعر، وانهم “شعب الخط الأحمر”، فيما لفت الانتباه صدور اسم أوّل مرشّح للحراك لرئاسة الحكومة وهو السفير نواف سلام.
كما قام محتجون بقطع مسلكي اوتوستراد طرابلس – بيروت عند جسر البالما بالاطارات والعوائق، كذلك تمّ قطع الطريق عند تقاطع جب جنين – كامد اللوز – غزة بالحجارة من قبل محتجين