كتبت صحيفة “الديار” تقول: تجاوزت الازمة السياسية والاقتصادية “لعبة عض الاصابع” ودخلت البلاد مرحلة الانهيار في ظل حالة الاستعصاء المشبوهة التي جعلت المواطنين اللبنانيين دون حماية تذكر من السلطة التي تركتهم يواجهون قدرهم بعدما “طرق” الافلاس “ابواب” كل الطبقات من الفقيرة والمتوسطة التي باتت تواجه تضخم الاسعار، وغياب الرواتب، وانهيار قيمة العملة الوطنية امام الدولار، وكذلك الطبقة الميسورة التي باتت تملك اموالا “دفترية” ولم تعد قادرة على صرفها او التحكم بها، ما ادى الى انهيار شامل في القطاعات التجارية والصناعية مع ازدياد البطالة وتسيّد “تراند” دفع نصف المعاش او “السلف”… وفيما بدأت علامات الاستفهام تكبر حول رواتب القطاع العام المؤمنة حتى نهاية العام فقط، يقاطع رئيس الحكومة المستقيل سعد الحريري اجتماعا ماليا دعا اليه رئيس الجمهورية ميشال عون في بعبدا اليوم، واختار ان يمثل “بمستشاره”، بينما كشف وزير العمل كميل ابوسليمان للبنانيين عن واحدة من اسباب الازمة المفتعلة بطلبه الذهاب الى “صندوق النقد الدولي” “السيئ الذكر” في رهن مقدرات الشعوب وافقارها…! حكومياً تأرجح اسم سمير الخطيب صعودا وهبوطا طوال يوم امس، وسط شروط يصر عليها رئيس الحكومة المستقيل سعد الحريري “تكبل” التسوية المفترضة والتي يجري العمل على انضاجها، كما يصر على عدم تفعيل عمل حكومة تصريف الاعمال لمواجهة الانهيار المتسارع، على وقع ازدياد التدخلات الدولية والاقليمية.
“بورصة” حكومية “متأرجحة”..؟
حكوميا تأرجحت حظوظ المهندس سمير الخطيب لتولي رئاسة الحكومة المقبلة بين التفاؤل والتشاؤم.. وبعدما جرى “نعي” ترشيحه صباحا تم تعويمه مساء على ان تحسم الامور في الساعات القليلة المقبلة، ولفتت اوساط مطلعة على الاتصالات ان العناصر الرئيسية للتفاهم لم تتبلور بعد بانتظار الاتفاق نهائيا على اسم الرئيس العتيد… وبعدما كانت الاتصالات التي يجريها بعيدا عن الاعلام المدير العام للامن العام عباس ابراهيم قد اوحت بقرب الوصول الى تسوية محتملة، خرجت مصادر تيار المستقبل للحديث مجددا عن عدم الدخول في لعبة الاسماء قبل تحديد موعد الاستشارات النيابية الملزمة، وشددت المصادر على ان الاستشارات هي وحدها التي تقرر اسم الشخصية التي ستكلف بتشكيل الحكومة، وهو امر طرح اكثر من علامة استفهام حيال حقيقة موقف “بيت الوسط”.…
وفيما تم الحديث عن لقاء “خاطف” سلبي بين الخطيب مع رئيس الحكومة المستقيل سعد الحريري، لم يدم سوى لدقائق معدودة، وانتهى الى نتائج غير “مثمرة” بعدما رفض الحريري منحه “الغطاء” السني المفترض لتشكيل الحكومة، اصدر الخطيب بيانا نفى خلاله تلك المعلومات واشار الى انه لم يلق من رئيس الحكومة المستقيل الا كل الدعم والتجاوب المطلقين، نافيا كل ما تم تداوله خلاف ذلك وقال انه “عار من الصحة”.
“شروط” الحريري…
وفي هذا الاطار، لا يزال الحريري مصرا على شروطه لولادة الحكومة الجديدة، وهو ما تراه مصادر مطلعة “تكبيل” لا مرشح جدي لخلافته، ووفقا لاوساط “بيت الوسط” فان رئيس الحكومة المستقيلة يريد حكومة تكنوقراط، وتثبيت صلاحيات استثنائية لرئاسة الحكومة، واعادة توزيع الحقائب داخل الحكومة، على ان يكون هناك تفاهم مبدئي على حصول انتخابات نيابية مبكرة.…
هل حان وقت “الخطة سي”…؟
وازاء هذا التطور لا يبدو ان موعد الاستشارات سيكون هذا الاسبوع، وعادت الترجيحات غير المؤكدة للحديث عن احتمال حصولها الاسبوع المقبل لإعطاء فرصة اضافية للكتل للتشاور وتحديد موقفها، والمعني بهذا التأجيل رئيس الحكومة المستقيل سعد الحريري الذي يواصل “اللعب” على “حافة الهاوية” بعدما رفض كل العروض التي منحت اليه للتشكيل، على امل ان يسهل “الطريق” امام اسم البديل، وفي هذا السياق، لا يزال الحريري يراهن على “تعب” الفريق الاخر خصوصا انه يدرك جيدا التباين بين موقفي رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر من جهة وبين “الثنائي الشيعي” حيال الموقف منه، وهو يشعر انه بامكانه الاستمرار في ممارسة الضغط لتحسين شروطه في ظل الدعم الاميركي لموقفه القائم على ضرورة ابعاد حزب الله من السلطة التنفيذية، لكن اعلان وزير الخارجية جبران باسيل بالامس عن موقف حكومي مرتقب الاسبوع المقبل من تكتل لبنان القوي يوحي بان المهلة المعطاة للاتصالات التوافقية بلغت نهاية الخط، ولم يعد بالامكان الانتظار اكثر لاتخاذ خطوة في الاتجاه الصحيح، بعدما بدأت علامات تبدل موقف “الثنائي الشيعي” من التمسك بعودة الحريري الى رئاسة الحكومة، ويبدو انهما ما عادا مصرين على موقفهما هذا، وباتت قاعدة البحث الان تدور وفق منهجية “اهمية التأليف لا اسم المكلَّف”، ما يرفع من منسوب التفاؤل بالذهاب الى “الخطة سي” بعدما رفض الحريري القبول بصيغة “حكومة من 20 وزيرا بينها فقط ستة سياسيين يتولون وزرات دولة في مقابل 14 وزيرا تكنوقراط يحملون “الحقائب”.
“قطيعة” مع “الثنائي الشيعي”…
كما سبق للحريري ورفض بمشاركة تيار المستقبل “سياسيا” في حكومة يرأسها غيره، لكنه اصر على حكومة “تكنوقراط” “صافية”، فأبلغ حينها ان هذا الامر غير مطروح على الاطلاق، لان تجربة حكومة التكنوقراط لا تصلح في بلد كلبنان حيث هناك تنوّع سياسي لا يمكن تخطّيه، وهناك امثلة كثيرة في السنوات الاخيرة بحيث سقطت حكومات التكنوقراط بعد اشهر قليلة على تشكيلها.اما اذا اراد الاستمرار في الهروب من المسؤولية فان البلاد لن تترك دون عملية انقاذ حتى لو كان الحل في تشكيل حكومة “لون واحد” كما ان الفراغ في الحكم ممنوع ولا بد من تفعيل حكومة تصريف الاعمال، اذا لم تولد الحكومة الجديدة قريبا، وذلك من اجل معالجة الاوضاع الاقتصادية وسألت تلك الاوساط “لماذا يحق للمجلس الاعلى للدفاع الاجتماع مهما كان وضع مجلس الوزراء في حين لا يحق للحكومة التي تصرف الاعمال ان تجتمع من اجل تسيير امور الناس ومراقبة الاجراءات التي تتخذها المصارف”؟ “ومنذ ذلك الحين انقطعت الاتصالات بين “الثنائي الشيعي” “وبيت الوسط”، ولم يحصل اي اتصال بين الجانبين، ووحده يتولى اللواء عباس ابراهيم عملية “التفاوض” البعيدة على “الاضواء.
الحريري “يغيب” دون اعذار…!
ويعقد في بعبدا اليوم اجتماع مالي برئاسة رئيس الجمهورية وحضور وزراء المال، والاقتصاد، وحاكم مصرف لبنان ورئيس جمعية المصارف، ورئيس لجنة الرقابة على المصارف، والمستشار الاقتصادي للرئيس الحريري نديم المنلا لعرض الاوضاع المالية في البلاد..ووفقا لاوساط مطلعة رفض رئيس الحكومة المستقيل الانضمام الى الاجتماع دون تقديم اي اسباب موجبة لغيابه على الرغم من دعوته من قبل دوائر القصر الجمهوري، لكنه اختار ان يكون ممثلا عبر مستشاره، وقد وافقت الرئاسة الاولى على هذه الخطوة على “مضض”، وذلك لحراجة الوضع الاقتصادي ولعدم توتير الاجواء السياسية المتوترة اصلا.
لا مبادرات عربية…!
في هذا الوقت لم يحمل الامين العام المساعد لجامعة الدول العربية السفير حسام زكي الى بيروت اي مبادرة من الجامعة العربية، واكتفى بالاستماع الى الاطراف المعنية بالازمة قبل ان تقرر الجامعة العربية القيام بدور ما في هذا المجال.وقد اعلن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون امام زكي أنه يواصل جهوده لتحقيق تفاهم حول الحكومة الجديدة، معتبرا “ان الوضع الراهن في لبنان لا يحتمل شروطا وشروطا مضادة، بل علينا العمل معا للخروج من الازمة الراهنة على نحو يحقق مصلحة اللبنانيين ويساهم في حل الاوضاع الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد”. ونقل زكي “دعم الجامعة واستعدادها للمساعدة وقال “لكن العبء الاكبر يقع على اللبنانيين اولا وما الخارج الا في موقع الداعم لمحاولات الحل”. واشار الرئيس عون الى انه يؤيد غالبية المطالب التي رفعها الحراك الشعبي لانه سبق ان قدم اقتراحات قوانين لتحقيقها ولا سيما ما يتصل منها بمكافحة الفساد وتفعيل الاصلاحات ومنع الهدر ورفع الحصانة عن المرتكبين وغيرها، وانه دعا المتظاهرين اكثر من مرة للحوار معهم وسوف يواصل مساعيه لايجاد الحلول المناسبة للازمــة. وخلال اللقاء لفت الرئيس عون السفير زكي الى ان الدعم العربي للبنان يجب ان يترجم في خطوات عملية لاسيما بالنسبة الى المساعدات لمعالجة الوضع الاقتصادي المتردي والذي نتج في جانب منه بسبب تدفق النازحين السوريين. وأعلن زكي بعد لقائه رئيس المجلس النيابي نبيه بري ان “الوضع السياسي مأزوم والدخول على خط التسوية السياسية ليس سهلا”. ولفت الى أن “هناك تمسكا واضحا من قبل الفرقاء بمواقف اساسية”، قائلا: “دعونا نكمل دائرة الاتصالات ونتفاهم مع الجميع حول المعضلات الاساسي”. وقد زار زكي ايضا عين التينة وبيت الوسط والصيفي، واليرزة، ونقل للرئيس الحريري رسالة من الأمين العام لجامعة الدول العربية حول الوضع في لبنان، مشيراً إلى أنّ الوضع اليوم يُشعرهم بالقلق “لأن عناصر الأزمة السياسية والوضع الاقتصادي الحرج تتجمع فيه، وأيضا حراك الشارع”.
الدولار يتراجع..؟
وفي وقت ذكر مصدر مالي مطلع لوكالة “رويترز” أن لبنان سدّد سندات دولية قيمتها 1.5 مليار دولار استحقت يوم امس، فضلا عن قسيمة العائد، تراجع سعر صرف الدولار في الاسواق اللبنانية غير الرسمية حيث تم تداوله بعد ظهر امس بـ1850 ليرة بعدما تجاوز صباحا سقف 2350 ليرة، وذلك عشية اعلان الصيارفة الاضراب اليوم وبعدما سرت شائعات بقرب ضخ سيولة في الاسواق… في غضون ذلك انطلقت اولى جلسات مناقشة موازنة 2020 في مجلس النواب. وبعد اجتماع لجنة المال والموازنة، حذر رئيسها النائب ابراهيم كنعان من ان العجز يتفاقم في الميزان التجاري وفي ميزان المدفوعات جراء توقف تحويلات الخارج واضمحلال الودائع. وشدد في مؤتمر صحافي على ان خزينة الدولة يجب الا تصبح بلا مورد ،لان ذلك سيؤثر على الجميع من المنتمين لتنظيمات سياسية او حراك او مستقلين، مشيراً الى ان التكامل مطلوب لانقاذ الوطن. واوضح ان وزير المال علي حسن خليل اكد ان الرواتب ستدفع وان تحسين المالية العامة يرتبط باستعادة الثقة وبانتظام الحياة السياسية. ولفت كنعان الى شبه اجماع على تشكيل الحكومة وعلى قيام حكومة تصريف الاعمال في هذا الوقت بمهامها ولاسيما لجنة الطوارىء لضبط الوضع النقدي ومحاولة معالجته.
هل رواتب الموظفين مؤمنة…؟
لكن وفقا لمصادر وزارية فان القلق بدأ يتزايد ازاء رواتب القطاع العام المؤمنة حتى آخر السنة، لكن ثمة علامات استفهام كبيرة حول كيفية التعامل مع الاوضاع مطلع العام المقبل حيث لن تتمكن الدولة من جباية الرسوم والضرائب من المكلفين سواء كانوا افرادا او شركات اذا ما استمرت الازمة الاقتصادية والمالية الناجمة عن تراجع النشاط الاقتصادي في كل القطاعات، وعندها سيضطر وزير المال الى الاستدانة من مصرف لبنان الذي سيكون مضطرا الى طبع عملة ورقية لتغطية الرواتب والاجور، وهذا سيؤدي حكما الى ارتفاع حجم التضخم وانخفاض سعر الصرف في السوق الموازية وكذلك السعر الرسمي.
…
اضراب مفتوح لمحطات الوقود…
في هذا الوقت اعلن أصحاب محطات بيع المحروقات في لبنان وموزعو المحروقات واصحاب الصهاريج الاضراب المفتوح بعدما اقفلت كل المحطات في جميع المناطق يوم امس، ليدخل لبنان في ازمة بيع محروقات مفتوحة حتى تحقيق مطالب القطاع المحصورة باصدار جدول تركيب اسعار وفقا لاسعار الدولار الاميركي بما ينصف كل العاملين في القطاع من شركات استيراد الى شركات توزيع، الى محطات البيع واصحاب الصهاريج. في المقابل، أعلنت وزيرة الطاقة في حكومة تصريف الاعمال ندى بستاني ان الاثنين سوف يتم فض عروض المناقصة لاستقدام البنزين، لافتة الى أنه بعد 10 الى 15 يوما فان منشآت النفط ستستورد البنزين. ودعت بستاني اصحاب محطات المحروقات والشركات المستوردة للتضامن وعدم تحميل المواطن اعباء لا يستطيع تحملها. وكانت بستاني قالت ان “الوزارة تعمد منذ بداية ازمة الدولار الى بيع مادة المازوت الى المواطنين بواسطة منشآت النفط بالليرة اللبنانية مئة في المئة”. ودعت المواطنين “لعدم الوقوع في فخ التجار وعدم دفع ثمن المازوت بالدولار للشركات والتجار الذين يزعمون أنهم يدفعون ثمنها بالدولار”.