كتبت صحيفة “اللواء” تقول: هل يجنح الموقف في لبنان، إلى التسوية، أو الانفراج، بعد عواصف عاتية ضربت استقراره، واقتصاده والعملة الوطنية، وكادت تعيده إلى الوراء، لولا إرادة صلبة، ترفض الاستسلام للاقرار أو المخططات المعادية والمشبوهة؟
المؤشرات والمعلومات توحي بأن خيار الانفراج أصبح الخيار الأكثر تقدماً، بدليل ما آلت إليه الاتصالات الدولية والعربية، فضلاً عن خطوات من شأنها، تصب في هذا الاتجاه.
وعلمت “اللواء” من مصادر دبلوماسية أوروبية واسعة الاطلاع ان المشاورات، التي لم تنقطع منذ اندلاع احداث 17 تشرين الأوّل الماضي، بين الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا ودول الاتحاد الأوروبي وبريطانيا، والأطراف العربية رست على أن التوجه ينطلق من 4 نقاط جوهرية:
1- تأليف حكومة بأسرع وقت ممكن، على ان يكون برنامجها اقتصادياً فقط، وينهض على خطة إنقاذية.
2- على ان يتضمن البيان الوزاري للحكومة المقترحة خطة اقتصادية للخروج من الأزمة خلال فترة زمنية وجيزة، والابتعاد عن الملفات السياسية والخلافية لا سيما سلاح حزب الله, وابقائه خارج السجالات والمناقشات العقيمة، بما في ذلك الاستراتيجية الدفاعية.
3- لا فيتو على تمثيل حزب الله في الحكومة، بشرط ان يتمثل بشخصية غير حزبية.
4- تقضي التفاهمات الدولية الجارية بتحريك فوري للمساعدات، بما في ذلك مساعدات نقدية عربية، وتأكيد على إطلاق مباشر بعد تأليف الحكومة لمشاريع “سيدر”.
وإذا كان المناخ الدولي ماضٍ باتجاه المساعدة على تأليف حكومة سريعاً، برئاسة الرئيس سعد الحريري، فإن انطلاق الاستشارات الملزمة، وفقاً لأوساط بعبدا، بات متوقفاً على مسار موقف الرئيس سعد الحريري، الذي لم يخرج للحظة من مدار النشاط السياسي الآيل للبحث عن تسوية للأزمة، لا سيما بعد احداث عين الرمانة – الشياح وبكفيا وطرابلس.
وحضرت التطورات المتسارعة في لبنان في مؤتمر صحافي لمساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى ديفيد شينكر قال فيه ان محادثاته تركزت مع نظيريه الفرنسي والبريطاني في باريس على الوضع السياسي والاقتصادي في لبنان، وجرى الاتفاق على ان هناك حاجة ملحة للقادة السياسيين لتشكيل حكومة قادرةٍ وسريعةِ الاستجابة، تحصل على دعم الشعب اللبناني المصر على تنفيذ الإصلاحات وإنهاء الفساد المستشري.
وردا على سؤال عن “عدائية بعض مناصري حزب الله وحركة أمل تجاه المتظاهرين السلميين”، قال شينكر “انه لا ينبغي لأي طرف أن يرتكب أعمال عنف ضد أطراف أخرى، ونحن ندعم ما تبقى من المطالب المشروعة للشعب اللبناني بأن تكون هناك حكومة تنفذ اصلاحات اقتصادية وتحارب الفساد”.
وعن المساعدات العسكرية للجيش اللبناني، قال شينكر ان “هناك مراجعة جارية، ولكن في الوقت نفسه، لم يجر تأخير وصول أي معدات أو أسلحة أو ذخيرة كان من المفترض أن تصل إلى الجيش اللبناني بأي طريقة”، مؤكدا ان أموالاً خُصصت لذلك.
ومن المؤشرات الإيجابية، تراجع الهيئات الاقتصادية عن الإضراب الذي كانت دعت إليه أيام الخميس والجمعة والسبت، بعد ما وصفته بالمراجعات الكثيرة وتجنباً لحصول نتائج معاكسة للأهداف المرسومة للاضراب على الرغم من ان أصحاب محطات الوقود اعلنوا الإضراب المفتوح بدءاً من اليوم.
أما جمعية المصارف، فأعلنت ان اليوم لن تقفل البنوك أبوابها، فاليوم عمل عادي، على الرغم من ان الدولار جرى تداوله بـ2150 ليرة لبنانية في السوق السوداء، بعدما خسرت الليرة 40% من قيمتها.
ميدانياً، تحرّكت الأمهات والنسوة بين منطقتي عين الرمانة والشياح، لإظهار الوحدة والعيش المشترك ورفض العودة إلى الحرب، احتجاجاً على ما حصل ليل أمس الأوّل من توتر بين المنطقتين، الأمر الذي جعل القيادات الأمنية تحذّر القيادات السياسية من “اللعب بالشارع” واصفة ذلك “بالخطير للغاية خاصة إذا بقيت الأمور السياسية دون حلّ”.
في الوقائع، عرض الرئيس عون في قصر بعبدا امس الاوضاع في لبنان والملابسات التي ترافق التطورات السياسية والامنية مع عميد السلك الدبلوماسي السفير البابوي المونسنيور جوزف سبيتري الذي نقل “دعم الفاتيكان للجهود المبذولة لمعالجة المشاكل الراهنة، والتضامن الذي يبديه البابا فرنسيس تجاه اللبنانيين، لا سيما اولئك الذين يعانون ظروفا اقتصادية قاسية.
وأعرب عن الامل في الإسراع في تشكيل حكومة تنصرف الى الاهتمام بالاوضاع في البلاد لا سيما منها الوضع الاقتصادي ورعاية المواطنين وخصوصا منهم ذوي الدخل المحدود، ومشجعا على استمرار الحوار بحثا عن حلول مرضية.
وقالت مصادر مطلعة عن قرب على الوضع الحكومي لـ”اللواء”:?هناك بعض التفاصيل التي تنتظر حسم بعض الكتل لموقفها نهائيا والامر يتبلور خلال الساعات المقبلة، بحيث يمكن ان تجري الاستشارات النيابية يوم السبت في حال حصل التوافق.
واضافت: لا تراجع عن النية في الدعوة الى الاستشارات النيابية الملزمة حتى لو انه جرى استئخار الدعوة لفترة 48 ساعة وقالت ان التشاور بين الكتل النيابية حول اسم الرئيس المكلف هو السبب في هذا التأجيل التقني مع العلم ان الواضح هو ان ما من اسم محدد يعمل على توفير توافق نيابي حوله حتى وان كان سمير الخطيب لا يزال من ضمن الأسماء المرشحة. ولفتت المصادر الى انه ربما تكون هناك مشكلة تتصل بإنقطاع التواصل مع الرئيس الحريري الذي تم الأتفاق معه في وقت سابق على ان الشخصية البديلة تكون مقربة منه. وعلمت اللواء ان هناك استياء من الحريري نفسه وقالت المصادر نفسها ان بيانه لم يوضح ما اذا كان راغبا في ان تتولى امرأة رئاسة الحكومه او انه يريد تمثيل نسائي في الحكومة مع العلم ان الحكومة ضمت قبل استقالتها 4 وزيرات.
وكشفت المصادر ان رئيس الجمهورية لن يوقع على حكومة لا تؤمن مصلحة البلد مشيرة الى ان الظرف استثنائي ويتطلب حكومة استثنائية. وقالت ان المطلوب من الحكومة إجراءات واعادة انتظام البلد ومكافحة الفساد ومكافحة تهريب الأموال.
واستغرب الرئيس نبيه برّي عدم قيام الحكومة المستقيلة بواجباتها بالرغم من ان ماهية الحكومة المستقيلة تفرض ذلك”. وسأل: “ألا تفرض الضرورات ان تجتمع الحكومة وتسير امور البلاد والعباد بدلا من ان تبقى معلقة في الهواء الطلق؟”.
وأكد انه “يحق لرئيس الجمهورية دعوة المجلس الأعلى للدفاع الى الإنعقاد لأن الشأن الإجتماعي والإقتصادي خطير، وماذا تنتظرون في عدم تشكيل لجنة مالية للتواصل مع المؤسسات الدولية وكأن المؤامرة من داخلنا على أنفسنا، فالمطلوب العودة الى المؤسسات واولها الحكومة وبأسرع وقت”.
ودعا الى “عودة اموال المصارف الى لبنان والتي كانت ارسلت الى الخارج والمقدرة بمليارات الدولارات”، مؤكدا ان “الوضع الإقتصادي والمالي قابل للتحسن بمجرد وجود حكومة، وأمامنا أسابيع وليس أشهر”.
ونقل عن الرئيس بري قوله للنواب، وهو يسمي الأشياء باسمائها في عملية حرق اسماء المرشحين المحتملين لرئاسة الحكومة: “استروا ما سمعتوا منا”، كاشفاً عن ان بهيج طباره اتفق عليه ثم ضُرب، وان سمير الخطيب عندما زاره في عين التينة، قال له “انا صحبة مع الحريري” فأجابه الرئيس بري:” هذا الكلام لا ينفع روح تفاهم معه”.
واكد بري ان “امل” و”حزب الله” قدما فعلا” لبن العصفور للحريري ليترأس الحكومة، وقال : تمت الموافقة للحريري على صيغة حكومة من 20 وزيراً بينها فقط ستة سياسيين من ضمنهم الحريري ويكونوا وزراء دولة في مقابل 14 وزيراً تكنوقراط يحملون الحقائب.
وقال الرئيس بري للنواب إنه لا يمكن حماية الحكومة وتأمين الغطاء السياسي لها ما لم تكن ممثلة في المجلس النيابي “والله بينتفوها بالمجلس” فالأمثلة كثيرة ومنها “حكومة الشباب” التي شكلها الرئيس الراحل صائب سلام وطار منها وزيران عالطريق قبل وصولها الى المجلس.”
رداً على سؤال حول استغراب الرئيس نبيه بري عدم قيام الحكومة المستقيلة بواجباتها اجاب مصدر مقرب من الرئيس سعد الحريري بالقول؛ حكومة تصريف الاعمال تقوم بواجباتها بمتابعة الملفات الاقتصادية والأمنية واحصاء الاضرار التي نجمت عن حوادث بيروت وطرابلس وسواهما وفقاً لما ينص عليه الدستور وبعيداً عن الضجيج الاعلامي ومحاولات استفزاز التحركات الشعبية وكأن شيئا لم يكن في البلاد منذ 17 تشرين. وما هو أهم من كل ذلك عدم تعليق الوضع الحكومي بالهواء الى ما لا نهاية وبدء الاستشارات النيابية الملزمة لتسمية رئيس وتشكيل حكومة جديدة تتصدى للمشكلات التي تتفاقم يوماً بعد يوم والوضع يتحسن، كما قال الرئيس بري ، بمجرد وجود حكومة.
الى ذلك علمت اللواء ان وزيري العمل كميل ابو سليمان وشؤون الأستثمار والتكتولوجيا عادل افيوني يحضران ما يشكل تحفيزا للمؤسسات والشركات تفاديا لأي قرار منها لصرف الموظفين ويتصل ذلك بأعفائها من تكاليف الأشتراك في الضمان الأمر الذي يخفف عليها دفوعات مالية كما ان هناك حوافز اخرى يعمل عليها كي لا تضطر هذه الشركات الى صرف موظفيها.
اللجان النيابية
نيابياً، وفي اول اجتماع لها بعد تعطيل عمل المجلس جاءت جلسة اللجان النيابية المشتركة بحضور نيابي متنوع من كل الكتل النيابية، والتي حملت ثلاثة اقتراحات تتعلق بالسرية المصرفية واسترداد الاموال المنهوبة، كاول غيث للوصول الى الهيئة العامة ، بالإضافة الى الإقتراحات التي حولها رئيس المجلس ايضا الى اللجان وتتعلق بما كان ادرج على جدول اعمال الجلسة العامة ومعظمها يحمل صفة العجلة، لجهة تعنى بمكافحة الفساد وتشكيل الهيئة الوطنية ومحكمة الجرائم المالية ومقاضاة الموظفين، وضمان الشيخوخة وقانون العفو، والتي ستبحثها اللجان تباعا، لتوحيد الصيغة من هذه الإقتراحات، وهو ما اجمع عليه معظم النواب خلال النقاش العام، حول الفساد والهدر ورفع الحصانات واستقلالية القضاء.
وعلى هذه القاعدة تم التوصل الى تشكيل لجنة فرعية، اعطيت مهلة شهر كحد اقصى للعودة بنظرة موحدة الى اللجان الام، والاستعانة بمصرف لبنان وجمعية المصارف ونقابتي محامي بيروت وطرابلس والشمال، و النواب مقدمي اقتراحات القوانين.
لملمة احداث الثلاثاء
في هذا الوقت، تكثفت الاتصالات والاجتماعات، لاحتواء احداث الثلاثاء الماضي، وعلم ان عون طلب في لحظة وقوع الأحداث اول من امس من الجيش والقوى الأمنية التدخل لمنع اي اعتداء على الأشخاص والممتلكات وهناك اجراءات ميدانية اخرى تتخذ لتفادي تكرار ما جرى علما ان الجيش احبط كل المحاولات لأشعال مشكلة تتطور الى فتنة. وفهم من مصادر بعبدا ان عون لن يسمح بعودة عقارب الساعه الى الوراء وبالتالي فان مشاهد حرب السنتين ولت الى غير رجعة وقالت ان رئيس الجمهورية عمل منذ انتخابه على ترسيخ السلام والأستقرار وان المطالب الحياتية لها اولوية لكن الأمن قبل كل شيء.
وفي السياق، المحافظة على الاستقرار توجه الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله في بيان إلى جماهير المقاومة قائلاً من موقع المسؤولية ادعوكم إلى وجوب ضبط النفوس والتصرف بكامل الوعي والحذر في هذه الظروف الصعبة متمنياً على الجميع عدم النزول إلى الشارع في أي ظرف كان وتحت أي عنوان وحتى يلزم الأمر بالنزول اشارتنا ستكون واضحة ومعلنة امام الجميع وهنا يكمن حبكم للقادة وولاؤكم للوطن العزيز.
وفي مجال متصل، يتوقع ان تتفاعل مهاجمة الوزير باسيل في مؤتمر بودابست الذي يدور حول (التصعيد للاضطهاد الديني).. والذي استغل فيه فرصة وجوده في المؤتمر وهاجم فيه الثورة والثوار ومنعتها بالعبثية والفوضوية والظلامية والعنصرية، الأمر الذي لاقى انتقاداً من الحضور.
السوق السوداء
إلى ذلك، وفي سياق اقتصادي، يتعلق بفوضى سعر صرف الدولار في السوق السوداء، نفت مصادر مصرف لبنان التعميم المنسوب لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة والذي جاء فيه: “سحب رخص الصرافين الذين تداولوا بسعر صرف الدولار فوق الـ 1518 وبالتالي دفع غرامة عشرين مليون وتسحب منه رخصته، وفي حال التكرار يسجن من سنة الى ثلاث سنوات عمم”.
واكد احد الخبراء الاقتصاديين لموقع الـ LBCI ان “لجنة الرقابة حولت عدداً من الصيارفة المرخصين على القضاء بسبب المخالفات التي ارتكبوها الا انهم لم يحاسبوا بسبب الفساد بالقضاء”، على حدّ قوله.
وشدد على ان “الصيارفة الذين يعملون من دون تراخيص يتصرفون في السوق وفق اهوائهم”، مشيرا الى ان “مصيرهم سيكون الاقفال لو كانت الحكومة تقوم بدورها في هذا الاطار”.
واوضح ان “هناك 300 صراف يعملون وفق تراخيص في لبنان”، لافتا الى أن هؤلاء يخضعون للجنة الرقابة على المصارف”.