كتبت صحيفة “اللواء” تقول: بقيت خضة الملابسات التي احدثتها الجلسة التشريعية التي كانت مقررة الثلاثاء الماضي، وارجأها الرئيس نبيه برّي إلى أجل غير مسمى، في واجهة النقاشات الدائرة، مع تأكيد مختلف الأطراف السياسية على استمرار الاتصالات، وافساح المجال امام جهود مباشرة أو بالواسطة لإعادة وصل ما انقطع على جهة تحديد موعد الاستشارات النيابية الملزمة، حيث يتوقع مطلعون على الأجواء الرئاسية، ان يتزامن مع خطاب الرئيس ميشال عون لمناسبة عيد الاستقلال مساء اليوم.
وإذا كان مصدر مطلع ربط بين اللقاء الرئاسي الثلاثي غداً على هامش احتفال قيادة الجيش اللبناني في اليرزة لمناسبة ذكرى الاستقلال، وتحديد موعد الاستشارات الملزمة، من زاوية الاتجاه لتشكيل حكومة من لون سياسي واحد.
علمت “اللواء” ان كلمة رئيس الجمهورية في ذكرى الاستقلال تتناول التطورات الراهنه والوضع الحكومي والمأمول من المرحلة المقبلة والحراك الشعبي لكن المصادر لم تؤكد ما اذا كان الرئيس عون سيطلق موعد الاستشارات النيابية الملزمة ام لا.
وفي مجال اخر اعتبرت مصادر سياسية ان كلام فيلتمان واضح في مراميه وهو يلتقي مع ما نقل عن اجتماع باريس بين شينكر وفارنو والمسؤول البريطاني.
وكان الرئيس سعد الحريري تحدث امام نواب كتلته خلال اجتماعها أمس، وقال: الاتصالات لم تنجح في تأليف حكومة تكنوقراط، وان الأمور تدور حول نفسها.
وأكّد انه ليس في وارد تأليف حكومة سياسية – تقنية كما يريدون.
واعرب عن تمنياته في ان تؤلف حكومة حتى ولو لم يكن هو مَنْ يترأسها.
وقال الحريري إنّه كان صريحاً منذ بداية الأزمة بأنه مستعد لترؤس حكومة إنقاذ تضم فقط وزراء إختصاصيين، وأضاف: قلت لهم أعطوني حكومة إختصاصيين فقط لمدة خمسة أو ستة أشهر، وبعدها شكلوا الحكومة التي تريدونها. سأركز في هذه الفترة الزمنية المحددة (حكومة الستة أشهر) على أمرين إثنين لا ثالث لهما:
أولا، محاولة تدارك الأزمة الإقتصادية والمالية والحد من نتائج أي إنهيار، ولذلك سأركب طائرتي وأجول العالم وأشحذ من أجل الحصول على مساعدات وقروض، مستفيدا من فرصة وجود حكومة تعطي الثقة للداخل والخارج.
ثانياً، إقرار قانون إنتخابي جديد يخرجنا من القانون الحالي، ويمكن أن يشكل إقتراح القانون المقدم من كتلة الرئيس نبيه بري الأساس للوصول إلى لبنان دائرة إنتخابية على أساس النسبية.
وكرّر الحريري أكثر من مرة أمام نواب كتلته بأنه ليس من الصنف الذي يستطيع أحد أن يملي عليه آراءه وخياراته، سواء من الداخل أم الخارج، غير أن الجميع يعلم أننا لا نستطيع المضي بالوضع الحالي، وأعطى مثالاً على ذلك العراقيل التي وضعها وزراء التيار الوطني الحر، في الحكومة المستقيلة والتي أدت إلى تأخير فرصة “سيدر” (أكثر من 11 مليار دولار)، وضعت بتصرف لبنان قبل 18 شهرا، ولم نتمكن من الإستفادة بقرش واحد منها، حتى الآن، بسبب المناكفات والنكايات والعراقيل، خصوصا في قطاع الكهرباء. وسأل الحريري “كيف يمكن أن ننقذ البلد بهذه الذهنية… وبآليات عمل تعرقل ولا تسهل”؟
وفي موضوع إختيار محمد الصفدي لرئاسة الحكومة، أوضح الحريري أن إقتراح الصفدي قدمه إليه جبران باسيل، بينما هو كان قدم لائحة من ثلاثة أسماء أبرزها القاضي نواف سلام (سفير لبنان السابق في الأمم المتحدة) لكن الثنائي الشيعي رفض هذا الخيار، ولذلك عدنا إلى خيار الصفدي.
وشدد الحريري أمام نواب كتلته على أن المطلوب منّا أن “نعمل بأيدينا وأرجلنا لمنع أي صدام سني شيعي، فنحن لسنا هواة فتنة سنية شيعية”. وقال مشاركون في الجلسة إن الحريري لم يتطرق لا من قريب ولا من بعيد إلى موضوع إستقالة نواب كتلة المستقبل من المجلس النيابي، وقال إن مشكلته في الحكومة هي مع جبران باسيل وليست مع ميشال عون أبداً.
وعلى خط الاتصالات، استقبل الحريري وزير المال علي حسن خليل، ووزير الاشغال يوسف فنيانوس.
الأزمة.. دبلوماسياً
على الصعيد الدبلوماسي، يلتقي في موسكو ظهر اليوم مستشار الرئيس الحريري للشؤون الروسية جورج شعبان المسؤول في الخارجية الروسية ميخائيل بوغدانوف للتباحث في الوضع اللبناني، ونقل رسالة من الحريري إلى القيادة الروسية.
وفي السياق الدبلوماسي، نقل عن مصدر دبلوماسي بأنه لا مصلحة لأحد في عدم استقرار لبنان، لا محلياً ولا دولياً، وتحدث عن عقد اجتماع دولي حول لبنان قد يحصل خلال أسابيع، ولكنه لن يكون مرتبطاً بتشكيل حكومة.
ودعت الأمم المتحدة، إلى سرعة تشكيل حكومة في لبنان تستجيب لتطلعات المحتجين، وتحظى بدعم البرلمان.
وحثت الأمم المتحدة قوات الأمن اللبنانية على حماية المتظاهرين السلميين وفق ما جاء في حساب مكتب منسق الأمم المتحدة الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط على “تويتر” نقلاً عن المنسق الأممي نيكولاي ملادينوف.
وأكد مسؤول في الخارجية الأميركية، أن مشاكل لبنان الاقتصادية “جدية” وتتطلب عناية فورية من قبل حكومة جديدة للبلاد، التي تشهد منذ نحو شهر تظاهرات مناهضة للطبقة السياسية.
ودعا المسؤول، في حديث لموقع “الحرة”، إلى تشكيل حكومة تلبي مطالب الشعب، لديها القدرة والإرادة السياسية لرسم اتجاه جديد مخصص للإصلاح ومحاربة الفساد.
وحول ما إذا كانت الولايات المتحدة تؤيد حكومة سياسية أو تكنوقراط، قال المسؤول الأميركي للحرة “إننا ندعو القادة السياسيين في لبنان إلى تسهيل تشكيل حكومة جديدة بشكل عاجل يمكنها بناء لبنان مستقر مزدهر وآمن يستجيب لاحتياجات مواطنيه. أما من الذي يجب أن يقود الحكومة ويخدم فيها فقرار يعود للشعب اللبناني”.
لكنه استطرد قائلا إن “الولايات المتحدة تدعم تشكيل حكومة جديدة تتألف من أفراد يتمتعون بالمصداقية والقدرة ويمكنهم إجراء الإصلاحات اللازمة لإعادة البلد إلى مسار مستدام”.
وعما إذا كانت الولايات المتحدة تعارض تشكيل حكومة جديدة تضم حزب الله، قال المصدر نفسه في الخارجية الأميركية “لقد أثبت حزب الله مرارا وتكرارا أنه مهتم بمصالحه الخاصة ومصالح رعاته الإيرانيين أكثر من اهتمامه بما هو مفيد للبنان”.
وأشار إلى أن “الشعب اللبناني غاضب من فشل حكومته المستمر في دفع عجلة الإصلاحات التي يمكن أن تعالج القضايا التنظيمية والفساد”.
وبشأن تقديم مساعدات اقتصادية أو مالية للبنان، قال المسؤول الأميركي إن “إصلاحات حقيقية وملموسة من قبل الحكومة اللبنانية يمكنها أن تساعد في إطلاق العنان للمساعدة الدولية للاقتصاد اللبناني في المستقبل”.
وأشار إلى أنه لدى الولايات المتحدة والمجتمع الدولي مصلحة قوية في تسهيل نجاح هذه الإصلاحات، عندما يكون هناك حكومة جديدة قادرة وذات مصداقية يتعاونان معها.
وحول موعد استئناف المساعدات العسكرية الأميركية للبنان، ترك المسؤول الأميركي لمكتب الإدارة والموازنة في البيت الأبيض الإجابة على هذا السؤال.
ولاحظ دبلوماسي لبناني ان الكلام الأميركي يجدد المعلومات عن فيتو أميركي على مشاركة حزب الله في الحكومة.
وكان السفير الأميركي الأسبق في لبنان جيفري فيلتمان قدم أمام اللجنة الفرعية للشرق الأوسط وشمال إفريقيا والإرهاب الدولي المتفرعة من لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الاميركي رؤيته للاحتجاجات في لبنان ، سائلا “ماذا بعد بالنسبة الى لبنان؟”. وركز في مطلع مداخلته على انه “يمثل نفسه فقط”. ورأى أن الاحتجاجات لا تتعلق بالولايات المتحدة، لكن نتائجها قد تؤثر على المصالح الأميركية إيجابا أو سلبا.
واشار الى “الطبيعة المتعدّدة الطوائف للتظاهرات التي اندلعت في 17 تشرين الاول. فالسنّة والمسيحيون والشيعة والدروز جميعهم في الشوارع، ويصفون أنفسهم بأنهم لبنانيون أولاً بدلاً من التركيز على هويتهم الطائفية. تفوق أهمية هذه الاحتجاجات أهمية الحركة التي بدأت في 14 آذار 2005، بعد اغتيال رفيق الحريري، لأن الشيعة انضموا هذه المرة الى الحراك”.
اضاف:”على النقيض من ذلك، فإن سمعة القوات المسلحة اللبنانية التي تمكنت إلى حد بعيد من الابتعاد عن السياسة، تحسنت. قام الجيش اللبناني بحماية المتظاهرين في بيروت ضد بلطجية حزب الله وأمل، وعملت القوات المسلحة اللبنانية وجازفت من دون أي توجيه سياسي متماسك – أو غطاء – من القيادة السياسية وفي ظل تهديدات مستترة من حزب الله لإزالة الاحتجاجات”.
وبالنسبة للوضع الاقتصادي اعتبر أن “أزمة مالية تلوح في الأفق. ولبنان يترنح منذ فترة طويلة على شفا كارثة مالية. يمكن خصخصة أصول الدولة – الاتصالات والكهرباء – أن تنتج إيرادات، إذا أمكن الوثوق بخطط الخصخصة، وكذلك تحسين الخدمات على المدى الطويل. لكن النجاح في جذب المستثمرين الغربيين ودول مجلس التعاون الخليجي سيظل بعيد المنال من دون تغييرات كبيرة”.
وفي السياق الحكومي قالت مصادر نيابية ان الرئيس نبيه بري يسعى بثقله للمساهمة في ايجاد المخارج للأزمة، انطلاقا من مؤشرات خارجية مقلقة لديه، كما اشار نائب رئيس المجلس ايلي الفرزلي الذي زار عين التينة، وقال بعد اللقاء: ما يجري في البلاد لا يجب ان يصرف النظر ويحجب الرؤياةعن مذكرة مثلاً وقعت بالامس من 35 نائباً من مجلس النواب الاميركي تطالب فيها الامم المتحدة التدخل لتنفيذ القرار 1701 حماية لأمن اسرائيل من مخاطر محتملة من حزب الله على اسرائيل لذلك يجب ان لا ننسى ان هذا الوطن هو في قلب الصراع العربي الإسرائيلي. وان الاستهدافات هي من كل حدب وصوب وهكذا رسائل اعتقد انها لن تقف إلا حجر عثرة وعقبة امام تشكيل الحكومات.
وقد غاب الفرزلي عن السمع بعد لقاء بري، وعلمت “اللواء” بعد اتصال به، انه انهمك في عقد لقاءات بعيدة عن الاضواء، في ظل معلومات تفيد انه ربما يقوم بمسعى في اطار الملف الحكومي بتكليف من بري.
وتحدثت المعلومات ان الاتصالات الجارية حالياً بين الاطراف تتركز حول مجموعة من الاسماء التي يمكن ان تكون مقبولة من سائر الاطراف المعنيين بتشكيل الحكومة لتكليفه تشكيل الحكومة، الى جانب الاتصالات حول تسهيل التأليف.علما ان ثنائي “امل وحزب الله” لا يزالان متمسكين بتكليف الحريري لتشكيل حكومة تكنو- سياسية.
ورأى رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب السابق وليد جنبلاط ان “العهد انتهى في الشارع وكذلك الطائف”.
ونصح في حديث تلفزيوني رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري بأن لا يشارك في الحكومة المقبلة. وقال: “نصحته بذلك أكثر من مرة بذلك لكن يبدو ان كلامي لم يلق صدى”، مشددا على انه “لا بد من التغيير ولو كنت مكانه لا اشارك بل أقف متفرجا”.
وأوضح ان “مشاركتنا في الحكومة العتيدة سيكون لها المزيد من الأثر السلبي على الحزب التقدمي الاشتراكي وأخذنا قراراً ببدء تحسين البيت الداخلي، وبعد عقود من المشاركة في الحكم أُصبنا في الاهتراء والهمّ اليوم داخلي ولا بد من طرق جديدة للتواصل مع الناس وهذا ما أثبته الثورة”. وقال: “لا علاقة لي بحسابات حزب القوات، وان تطلّب ان تكون من لون واحد فلتكن ولتقم بالمطلوب”.
ومن تداعيات قطوع الثلاثاء، ما أعلنه عضو كتلة الوفاء للمقاومة علي عمار، من انه نظر بعين الريبة عندما رأى ضباطاً وجنوداً يتفرجون على نواب الأمة، وهم يهانون، ونسأل عن وعد قائد الجيش حول حرصه على حماية التنقل كما حماية المتظاهرين.
رئيس جمعية المصارف
مصرفياً، ربط رئيس جمعية المصارف سليم صفير حل الأوضاع الصعبة التي تواجهها المصارف بالاستقرار السياسي، متسائلاً: كيف يُمكن لخفض القيمة ان يحل الموقف، وهو يحتاج إلى قرار في مجلسي الوزراء والنواب.
واستبعد صفير خفض قيمة الودائع المصرفية، وهو ما اقترحه بعض المراقبين في القطاع المالي، باعتباره ضرباً من “الجنون” لأن ذلك سيلحق ضرراً شديداً بمستقبل الاستقرار في بلد يعتمد على تدفقات الأموال.
وقال إنه نما إلى عمله ان المودعين سحبوا بالفعل ما يقدر بثلاثة مليارات دولار أو أكثر ووضعوها في منازلهم خلال الأشهر الستة الأخيرة.
وأضاف ان طلب مصرف لبنان المركزي من البنوك زيادة رأس المال نحو عشرة بالمئة بنهاية العام غير واقعي ايضا ما لم تتشكل حكومة جديدة ويظهر مناخ أكثر إيجابية. وقال: “إذا بقي الوضع على ما هو عليه، فلن يكون واقعياً”.
وقال صفير: “من منظور الموقف السياسي، نحتاج حاجزاً ما لحماية النظام نفسه إلى ان يعود الوضع لطبيعته”.
وتابع: “الجانب الإيجابي لتلك القيود انها ستحفز السياسيين لاتخاذ قرار حكيم والتوصل إلى تسوية سياسية تُرضي (النّاس في) الشارع.. وستخفف ايضا الضغوط المتعلقة بسحب الودائع ووضعها في المنازل”.
وأكّد صفير ان لدى البنوك سيولة وفيرة لكن “موجة عدم التيقن عارمة”. وأضاف “لم أر قط كل هؤلاء النّاس في بنوكنا الذين نراهم في الفترة الأخيرة”.
وقال صفير: “لا اعرف كيف يُمكن لخفض القيمة ان يحل الموقف. حل الموقف يتطلب الاستقرار السياسي”، مضيفا ان مثل هذا القرار يحتاج ان تتخذه حكومة ويقره البرلمان.
وتابع: “سيرعب الجميع. المقيمون في الخارج- مواطنونا لديهم أموال كثيرة في الخارج. هذه الأموال لن ترجع ابدا إذا كان هناك خفض قيمة”.
ويقول صفير انه في حين فتح البنك المركزي “خزائنه” لتقديم العون في حالة شح السيولة، فإن “فائدة 20 بالمئة تحول دون الاستفادة من هذا الوضع”.
الادعاء على 3 وزراء
قضائياً، قد يواجه وزير الإعلام في حكومة تصريف الأعمال جمال الجراح ووزيران سابقان للاتصالات المحاكمة في قضايا إهدار المال العام بعد إحالة قضاياهم إلى لجنة قضائية خاصة شكلت لمحاكمة كبار المسؤولين.
وذكرت مصادر قضائية ان قرار النائب العام المالي إحالة القضايا إلى المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء جاء في أعقاب احتجاجات اججتها اتهامات بالفساد.
ووصف الجراح تلك الإجراءات بأنها “جزء من الحملة السياسية..بقصد الإساءة والتشهير” به. وقال ان النائب العام المالي ليس مخولا قانونا باحالة القضية إلى المجلس، وهو تحرك قال انه يتطلب موافقة ثلثي أعضاء البرلمان.
ورفض التعليق على أسئلة “رويترز” لحين حصوله على مزيد من المعلومات بشأن الاتهامات.
على صعيد المعاناة من جراء نقص السيولة في تأمين الرواتب، نفذ العاملون في وزارة الشؤون الاجتماعية ضمن مشروع الاستجابة للأزمة السورية وقفة احتجاجية امام الوزارة للمرة الثانية للمطالبة بتوقيع المدير العام للوزارة القاضي عبد الله أحمد علي الإحالة بصرف رواتب العام 2019.
ولفت المحتجون، إلى ان مشروعهم “ممول من الجهات المانحة وقد تأمنت، والوزير وقع العقود الا ان المشكلة تحتاج إلى توقيع المعنيين في الوزارة على معاملة الصرف”.