كتبت صحيفة “النهار ” تقول : المنتخبون من الشعب اختبأوا أمس خلف الاسلاك الشائكة، ومجلس النواب تحول قلعة عسكرية في مواجهة الناخبين، ووسط بيروت اقفل كأنه ملكية خاصة، ولم يجرؤ أكثر النواب على الحضور للقيام بواجبه التشريعي. لم يصل الى المجلس إلّا خمسة نواب بينهم رئيس المجلس نبيه بري الذي تردد انه بات ليلته في ساحة النجمة، فيما وصل النائب ابرهيم كنعان في الخامسة فجراً محققاً سبقاً على المتظاهرين، ومثله فعل الوزير علي حسن خليل الذي يمكن ان يكون رافق الرئيس بري منذ أول من أمس. النائب علي عمار ركب دراجة نارية وغنى مع المتظاهرين ضد “حكم الازعر”. الدولة بدت ضعيفة الى حد كبير، اذ لم تجرؤ بكل أجهزتها على كشف هوية مطلق النار على المتظاهرين في ظل انكار وزير المال التهمة التي لاحقته بتأكيد وزارة الداخلية الامر.
للمرة الاولى، تنكسر “هيبة” المجلس بهذه الطريقة. فلا النواب استطاعوا تخطي ارادة الشعب وتجاوز “المتاريس” البشرية أو الاسلاك الشائكة، ولا مجلس النواب استطاع ان ينعقد في ظل رفض الشارع وثورته، حتى لانتخاب لجانه، فكان ان طارت الجلستان: التجديد للجان النيابية الـ16 وهيئة مكتب المجلس، وجلسة التشريع لجدول من 16 بنداً. اقفل المجلس بغير ارادة رئيسه كما في مرات سابقة وارتباك مكونات السلطة بدا واضحاً انه يصب في خدمة المتظاهرين، لان حساباتهم السياسية ساهمت أيضاً في ارجاء الجلسة.
وفي رأي متابعين أن تراجع “تيار المستقبل” والاشتراكي ومعهما الرئيس نجيب ميقاتي عن الحضور لا يؤشر للانفصال النهائي مع بري على رغم استياء الاخير الذي قال أمام زواره “إن الكتل النيابية وفت بما وعدت به إلا أنه، ويا للاسف، ثمة جهات أخرى نكثت بالوعود التي قطعتها. ورب ضارة نافعة” بل ان ما جرى من تعطيل للمرة الثانية خلال اسبوع شكل رسالة الى حليف بري “حزب الله” وحليف الحليف الرئيس ميشال عون مفادها انه بات ممنوعاً على الرئاستين الاولى والثانية ان تمارسا سلطاتهما بشكل طبيعي في ظل غياب السلطة الثالثة، وان الجلسة التشريعية لن تعقد قبل ان يحسم الرئيس عون موضوع الاستشارات النيابية وانتظام العمل الدستوري بتكليف رئيس يتولى تأليف الحكومة بدل العمل على التأليف قبل التكليف في تجاوز دستوري واضح.
الحكومة
أما حكومياً، فان الانتظار سيد الموقف، وبعد كلام عن تدخل روسي يمكن ان يدفع الاستشارات قدماً بعد وساطة مع الرئيس سعد الحريري القبول المهمة مجدداً، وتحديد موعد لها نهاية الاسبوع، فان مصادر متابعة قالت ان القرار ينتظر أيضاً توافق دول كبرى، واشارات من اجتماع باريس الذي تحدثت عنه “النهار” أمس.
وفي ظل المراوحة السلبية التي تسيطر على الاجواء، واعتبار الرئيس بري ان الجمود السلبي لا يزال هو المتحكم في المسار الحكومي، وان ” الأمور اصبحت أكثر صعوبة مما كانت في السابق”، أبلغ رئيس الجمهورية المنسق الخاص للامم المتحدة في لبنان يان كوبيتش الذي استقبله في قصر بعبدا، انه يواصل جهوده واتصالاته لتشكيل حكومة جديدة يتوافر لها الغطاء السياسي اللازم وتضم ممثلين لمختلف المكونات السياسية في البلاد ووزراء تكنوقراط من ذوي الاختصاص والكفاءة والسمعة الطيبة، اضافة الى ممثلين لـ”الحراك الشعبي”. وقال الرئيس عون انه سيحدد موعدا للاستشارات النيابية الملزمة، فور انتهاء المشاورات التي يجريها مع القيادات السياسية المعنية بتشكيل الحكومة، والتي تهدف الى ازالة العقبات أمام هذا التشكيل وتسهيل مهمة الرئيس المكلف منعا لحصول فراغ حكومي في البلاد. وشدد عون خلال اللقاء الذي حضره وزير الدولة لشؤون رئاسة الجمهورية سليم جريصاتي، على ان الاوضاع الاقتصادية والمالية قيد المراقبة وتتم معالجتها تدريجا، وآخر ما تحقق في هذا الاطار اعادة العمل في المصارف بالتنسيق مع مصرف لبنان وبعد توفير الامن اللازم للعاملين فيها.
وليلاً أفيد عن وقوع تصادم بين قوة مكافحة الشغب وعدد من المعتصمين في ساحة رياض الصلح تردّد أنهم رموا العبوات الزجاج والبلاستيك على العناصر الأمنية فيما أكد هؤلاء أن طابوراً خامساً دخل على الخط للإيقاع في ما بينهم.