كتبت صحيفة “النهار” تقول: عشية مرور الشهر الاول على انطلاق انتفاضة 17 تشرين الاول الشعبية في لبنان، بدا يوم الوداع لـ”شهيد الثورة” علاء أبو فخر سواء في مسقطه الشويفات أو في باقي ساحات الانتفاضة في المناطق بمثابة اختصار جامع للأثر التوحيدي الكبير الذي احدثته الانتفاضة، اذ نادراً ما عاش لبنان مشهداً مماثلاً على خلفية اعتبار أبو فخر “شهيدا” لحركة الاحتجاجات التصاعدية. واذا كان المشهد الجامع شكل عاملا ايجابياً من العوامل التي من شأنها تبديد المخاوف على الاستقرار الامني التي أثيرت أخيراً بفعل بعض الحوادث، فان ذلك لم يحجب تصاعد القلق والتساؤلات حيال الجانب السياسي من الازمة الكبيرة التي يجتازها لبنان وسط الغموض المستمر في مأزق الاستحقاق الحكومي والذي، على رغم كل التسريبات الاعلامية التي تواصلت أمس بكثافة، ثبت انه لم يبلغ بعد التقدم الكافي للحديث عن اختراق سياسي للازمة.
ولعل ما ساهم في زيادة الغموض تمثل في التناقضات التي طبعت المعطيات المتصلة بعملية تكليف رئيس الحكومة الجديدة، اذ برز اندفاع حمل دلالات لافتة من جانب فريق الحكم و”التيار الوطني الحر” الى اشاعة اجواء توحي بان البحث بات يدور فعلاً ونهائياً حول اسم شخصية غير رئيس حكومة تصريف الاعمال سعد الحريري لتكليفها تأليف الحكومة الجديدة، بل عمد هذا الفريق الى رمي أكثر من اسم بعضها قريب من الرئيس الحريري لتكريس هذه الانطباعات. وفي المقابل، لم تبرز معطيات مماثلة لدى أوساط “بيت الوسط” حيال بت هذه المسألة المفصلية والحاسمة في تقرير وجهة الاستحقاق الحكومي تكليفاً وتأليفاً.
وأفادت معلومات لـ”النهار” ان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أفصح امام بعض زواره بأنه حدد الاثنين المقبل “موعداً نهائياً للاجوبة والا ستجرى الاستشارات النيابية بمن حضر “. ولم يعرف ما اذا كان الرئيس عون يقصد انتظار أجوبة معينة بعد من الرئيس الحريري أو جهة أخرى، في حين تشدد الاوساط المعنية في “بيت الوسط” على أن الرئيس الحريري أبلغ كل ما لديه من توضيحات واجوبة ورؤى الى الفريق المعني بالتكليف وليس لديه ما يبلغه الى أحد بعدما بات موقفه واضحا ومعروفاً لدى الجميع. لكن معطيات اضافية برزت ليلاً وكان مصدرها قصر بعبدا وعين التينة تحدثت عن انفراجات متوقعة منتصف الاسبوع المقبل في مساري التكليف والتأليف معاً على قاعدة التلازم بينهما. واشارت هذه المعطيات الى انه اذا لم يكن الرئيس سعد الحريري هو الشخص الذي سيكلف تشكيل الحكومة، فان الامور ستحصل على قاعدة التوافق معه وبمباركة منه.
في “بيت الوسط”
ولوحظ في هذا السياق ان موقع “المستقبل ويب” الناطق باسم “تيار المستقبل” سارع مساء أمس الى نفي أن يكون هناك لقاء في “الساعات المقبلة” بين الرئيس الحريري والوزير جبران باسيل. وجاء ذلك رداً على ما بثته قناة “او تي في” الناطقة باسم “التيار الوطني الحر”عن اجتماع مرتقب بينهما في الساعات المقبلة بين لاستكمال البحث في الملف الحكومي.
وعقد لقاء مساء أمس في “بيت الوسط” بين الحريري والوزير علي حسن خليل ومعاون الامين العام لـ”حزب الله” حسين الخليل في اطار الاستمرار في البحث عن مخرج بين اصرار الحريري على تأليف حكومة اختصاصيين، فيما يصر الثنائي الشيعي على حكومة سياسية مطعمة بتكنوقراط. وأفادت المعلومات المتوافرة عن اللقاء ان الرئيس الحريري أكد عدم اعتراضه وتسهيل الامور.
وقالت مصادر “بيت الوسط” أن المشاورات مستمرة، وان الرئيس الحريري يريد ان يكون شريكاً في تسهيل الامور من خلال التوافق على شخصية مؤهلة لمواجهة تحديات المرحلة اقتصادياً.
وأضافت أن الكلام على ان الفريق المعني بالتكليف يَنتظر جواباً عن اسماء مقترحة غير صحيح لأن اجوبة الحريري أصبحت في عهدة رئاسة الجمهورية.
وأكّدت أنّ الامور مفتوحة على خطين، فاذا قررت القوى السياسية السير بخيار حكومة اختصاصيين فالحريري مستعد، واذا رفضت السير بهذا الخيار فالحريري مستعد لتسهيل الامور برئيس مؤهل لتولي رئاسة الحكومة.
ويشدد الحريري على ان مواصفات الحكومة الجديدة يجب ان تحاكي المستجدات السياسية وهو يوافق على خوض التحدي بحكومة من ذوي الكفاءة والاختصاص، ويعتبر ان العودة الى حكومة على صورة الحكومة المستقيلة مع بعض التجميل أمر يعيد البلاد الى المراوحة في دائرة الازمة.
وتحدثت المصادر عن مشاورات تجري في شأن شخصية رئيس الحكومة، مشيرة الى تغطية الرئيس الحريري شخصية تكون مؤهلة لتولي مسؤولية رئاسة الحكومة بغض النظر عن الاسماء، لافتة الى أنّ رئاسة الحكومة ليست موقعاً تقنياً أو ادارياً بل ركن من اركان النظام السياسي والرئيس الحريري يبني مقاربته على هذا الاساس. وخلصت الى “ان القول إن بعبدا وغير بعبدا تنتظر جواب الرئيس الحريري على وليد علم الدين هي محاولة لرمي الكرة في ملعب الرئيس الحريري، وهو ايحاء غير صحيح، وجميع المعنيين الذين يشاركون في المشاورات يعرفون جيداً موقف الحريري ورأيه في مروحة الاسماء التي طرحها وجرى تداولها بما في ذلك اسم وليد علم الدين”.
وترددت معلومات ليلا عن ان اسم النائب السابق محمد الصفدي قد طرح في اجتماع بيت الوسط ببن الحريري والخليلين كمرشح توافقي لرئاسة الحكومة، واكدت اوساط بيت الوسط هذه المعلومات لاحقاً.
الموفد الفرنسي
ويشار في هذا السياق الى ان مبعوث الرئيس الفرنسي الى لبنان مدير دائرة الشرق الاوسط وشمال افريقيا في الخارجية الفرنسية كريستوف فارنو حدد في نهاية زيارته لبيروت ثلاثة عناصر ملحة للازمة اللبنانية الراهنة، تتمثل في ضرورة تشكيل حكومة بسرعة وان تتمتع بالفاعلية والصدقية في ما يتصل باستعادة الثقة بين اللبنانيين، مستجيبة لتطلعاتهم، واستعادة الثقة مع المجتمع الدولي بحيث يمكن تحريك الدعم الدولي للبنان. واكد أن “أي حلول للمشكلات التي يواجهها لبنان تعود الى اللبنانيين وحدهم دون سواهم. وهذا يعني عدم وجود أي خطة مخفية أو اسم محدد، فيما فرنسا ستدعم أي حل يختاره اللبنانيون، وهي ليست في وارد فرض الحلول”. ولم ير أن الافق مقفل على أي حلول “فهو ليس مقفلاً كلياً على رغم مرحلة عدم اليقين بعد تقديم الرئيس سعد الحريري استقالة حكومته وفي انتظار تسمية رئيس جديد للحكومة”، معبراً عن أمله في إيجاد توازن جديد، ويقع على اللبنانيين الاختيار على هذا الصعيد. ولم ينف انه وجد الامر صعباً بعد محادثاته مع المسؤولين نتيجة مواقف متباعدة جداً، لكننا سنرى كما قال ما هي نقطة التوازن، فيما نأمل ان يكون الاقفال الحاصل مرحليا ويؤدي الى حل سريع.
الطرق
وسط هذه الاجواء، تميز اليوم الـ 29 للانتفاضة بمبادرة الجيش للمرة الثانية الى فتح الطرق الرئيسية والاوتوسترادات ولا سيما منها الاوتوستراد الساحلي بين جونية وبيروت، ومع ان العملية لم تشبها مواجهات حادة الا ان مواجهة حصلت في بلدة تعلبايا ادت الى انسحاب الجيش بعد تعرض افراده لرشق بالحجارة على ايدي المتظاهرين. وليل أمس جرت عمليات اقفال طرق رئيسية عدة في بيروت والبقاع ومناطق اخرى.