كتبت “نداء الوطن” تقول: كل دروب السلطة باتت تقود إلى “طاحون” الانهيار الشامل الذي لا يبقي ولا يذر من مقومات الدولة الاقتصادية والمالية. فتحت تأثير ذهنية الاستئثار والمكابرة والمناورة التي لا تزال تستحكم بأداء أهل الحكم يسير البلد بخطوات متسارعة نحو “المهوار” وسط تحذيرات محلية ودولية متعاظمة من مغبة الإمعان في سياسة تسويف وتجويف تطلعات الناس الثائرين ضد التركيبة السلطوية التسلطية الراعية للفساد المستشري في مفاصل الدولة، في وقت تواصل هذه التركيبة انسياقها وراء شبق التحاصص والمحاصصة واستنزاف الوقت بغية تأمين أرضية “معلّبة” للاستشارات النيابية الملزمة مضمونة النتائج سلفاً، تكليفاً وتأليفاً، في سياق خارج عن منطوق الدستور ومنفصم عن إرادة الشعب.
إنه الانهيار وقد أضحى منظوراً بالعين المجردة، يخشى الداخل والخارج من تداعياته الاقتصادية والمالية والاجتماعية على لبنان، ولا ينكر أهل الحكم أنفسهم قرب الوقوع فيه، بدءاً من الرئاسات الثلاث مروراً بأهل الاختصاص وصولاً إلى تحذير شديد اللهجة بلغ اللبنانيين أمس على مسامع رئيس الجمهورية ميشال عون من البنك الدولي الذي زار وفد منه قصر بعبدا وحضّ في بيان على وجوب الإسراع في تشكيل حكومة تنسجم مع تطلعات اللبنانيين محذراً في المقابل من “الآتي الأسوأ” على لبنان إن لم تتم المعالجة “فوراً” تحت وطأة تزايد الفقر والبطالة وتصاعد حدة “الانكماش والركود”. وهو ما رأى فيه محللون اقتصاديون انعكاساً ملموساً لتراجع الثقة الدولية في قدرة السلطة اللبنانية الحالية على منع التدهور ما بات يعزز تالياً سيناريوات دخول المجتمع الدولي على خط فرض ما يشبه “الوصاية الاقتصادية” على لبنان عبر البنك الدولي وصندوق النقد لإدارة “تفليسة” الدولة اللبنانية العاجزة عن استنهاض اقتصادها الوطني.
في الغضون، وبينما طفت على سطح المشهد الثوري أمس انتفاضة طلابية على امتداد الساحات المدرسية والجامعية في بيروت والمناطق رفضاً لاغتيال مستقبل الجيل الصاعد أسوةً بالأجيال التي سبقته إلى أرض المهجر، وذلك بموازاة تمدد الحراك الثوري باتجاه الأملاك البحرية ليلاً عند شاطئ مجمع “إيدن باي” باعتباره مُقاماً على الملك العام ومن حق المواطنين قانوناً التواجد ضمن نطاقه، استرعى الانتباه على الضفة المقابلة محاولة امتصاص نقمة الناس عبر جملة استدعاءات إلى القضاء للتحقيق في شبهات فساد وهدر مال عام كانت قد بدأت مع “شماعة” فايز شكر الذي ضحّى به محور الممانعة وصولاً إلى الاستدعاء المباغت بالأمس للرئيس فؤاد السنيورة مع ما يختزنه هذا المعطى من رسائل مشفرة برسم رئيس الحكومة المستقيلة سعد الحريري للضغط عليه في لعبة الشروط والشروط المضادة على حلبة التكليف والتأليف، وسط علامات استفهام كبيرة ترتسم حول سبب عدم ملامسة أي من الاستدعاءات القضائية حتى الساعة ملف الكهرباء الغارق بالفساد والصفقات التي أثقلت كاهل الخزينة.
وأمس عقد الحريري اجتماعه الثاني منذ استقالته مع رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل لاستكمال عملية جوجلة الأفكار المطروحة للخروج من الأزمة. وكشفت مصادر موثوقة لـ”نداء الوطن” أنّ ما نُقل عن “إيجابيات” نتجت عن اللقاء لم تصل إلى حدّ إحداث خرق في شأن تسريع تأليف الحكومة حسبما يصرّ الحريري، نافيةً ما أشيع في بعض وسائل الإعلام القريبة من “التيار الوطني الحر” عن أن باسيل ينتظر جواباً على طرحه من الحريري وأن الأخير طلب مهلة لذلك، خصوصاً وأنه لم يتم اقتراح أمر محدد على الحريري لكي يعطي جواباً عليه.
ومع ذلك أكدت المصادر أن خطوط التواصل بين بيت الوسط وقصر بعبدا مفتوحة عبر باسيل ومع عين التينة عبر الوزير علي حسن خليل، والاتصالات ستستكمل على قاعدة التعامل مع المتغيرات السياسية ومطالب الحراك الشعبي، ناقلةً عن الحريري أنه يركز على هم معالجة الوضع الاقتصادي – المالي ويحضّ على مبادرة سريعة لتأليف الحكومة وهو قد أبلغ الفرقاء المعنيين ما مفاده: “أنا مستعد للتعاون مع صيغة حكومية مقبولة تحقق صدمة إيجابية وصدى طيباً لدى الشارع، وأن يكون على رأسها شخص قادر على العمل مع فريق باستطاعته حماية البلد من الانهيار الاقتصادي وسأساعده وأدعمه لأن عليّ مسؤولية أن أكون شريكاً في مواجهة المخاطر الاقتصادية الداهمة التي تتطلب تعاون الجميع”.
توازياً، وإذ لا تزال مصادر “التيار الوطني الحر” تتحدث لـ”نداء الوطن” عن انتظار باسيل جواباً من الحريري على المبادرة التي سلمها إليه في لقائهما الأول، أفادت مصادر مطلعة على حركة “حزب الله” في الملف الحكومي “نداء الوطن” أنّ لقاءً عقد أمس في قصر بعبدا بين موفد من “الحزب” (يرجح أنه مسؤول الارتباط والتنسيق وفيق صفا) ورئيس الجمهورية وباسيل حيث استقرّ الرأي بين المجتمعين على ضرورة منح الحريري مهلة إضافية حتى يوم غد الجمعة لحسم توجهاته وإعطاء جوابه النهائي إزاء التشكيلة الحكومية المرتقبة. علماً أنّ مصادر مقربة من الثنائي الشيعي أكدت لـ”نداء الوطن” أنّ الثنائي متمسك بوجود الحريري على رأس الحكومة المقبلة، وقد تم إبلاغه برغبة كل من الرئيس نبيه بري وقيادة “حزب الله” في بقائه على رأس الحكومة، على قاعدة أنّ “الظرف الاقتصادي والمالي يحتم بقاءه”.