لفت رئيس المجلس النيابي نبيه بري، إلى أنّ “هذا المشهد المعقّد اليوم كان ماثلًا أمامي، ورفعتُ الصوت لتداركه، وبذلت أقصى ما أمكنني من جهد مع رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري، لإقناعه وثنيه عن الاستقالة لئلّا نقع في محظور قد لا نستطيع احتواءه، ولكنّه مع الأسف لم يسمع مني، ما دفعني إلى ذلك قناعتي بأنّ الضرورة، وأمام تحرّك الناس في الشارع، تحتّم الاستمرار في تحمّل المسؤوليّة وسماع مطالب الناس والاستجابة إليها بالشروع فورًا في خطوات جديّة وملموسة”.
وركّز في حديث صحافي، على أنّه “أمّا وقد حصل ما حصل، فلا بدّ من التمعّن مليًّا بمشهد البلد. الوضع في منتهى الحساسيّة والدقّة ولا يحتمل أبدًا، وصار على الجميع أن يقتنعوا بأنّ مطرقة اقتصاديّة ضخمة وقاسية فوق رؤوسنا جميعًا”. وأكّد أنّ “المطلوب في موازاة هذا الوضع هو العجلة ثمّ العجلة ثمّ العجلة في تشكيل الحكومة، علمًا أنّ تشكيل الحكومة بحدّ ذاته وعلى أهميّته وضرورته، لا يشكّل الحلّ للأزمة بل هو جزء بسيط منه، ذلك أنّ حلّ هذه المشكلة يبدأ بعد تشكيل الحكومة، ومع العمل الدؤوب الّذي ينتظرها، وفي الإعلان الفعلي لحالة الطوارئ الاقتصاديّة توصُّلًا للحلول المطلوبة والسريعة قبل أن تسبقنا الازمة ولا نستطيع ان نلحق بها”.
وأوضح بري أنّ “شكل الحكومة المقبلة بالتأكيد يتطلّب تفاهمًا، إن على شكلها أو حجمها، من حكومة 14 أو 16 أو 18 أو 24 وزيرًا”، ورأى أنّ “الحكومة المختلطة قد تكون لها المقبوليّة أكثر من أيّ شكل حكومي آخر، وفي أيّ حال كلّ ذلك رهن بالتوافق”، مشدّدًا على “ضرورة تمثيل الحراك الشعبي في الحكومة الجديدة”، منوّهًا إلى “أنّني قلت وأجدّد القول إنّ الحراك الشعبي يجب أن يتمثّل في الحكومة”.
وعن ماهيّة الحراك الّذي يقصده، بيّن أنّ “الحراك الصادق الّذي قدّم مطالب كلّنا مؤمنون بها، ومعهم الحق فيها، وليس الحراك الّذي أخذ يشتم الناس ويهينهم”. وحول سؤال: “من حصّة أيّ طائفة سيتمّ تمثيل هذا الحراك؟”، دعا إلى أن “يخلقوا طائفة جديدة اسمها طائفة الحراك، وليعتبروهم طائفة جديدة، بعيدًا عن الواقع الطائفي المتحكّم بنا. بل ليعتبروهم لا طائفة، هل يستطيع أحد أن ينفي أنّ كثيرين من اللبنانيين يطالبون بحذف المذهب والطائفة عن هويّاتهم؟”.
كما سأل بري: “متى سننتهي من منطق الطوائف؟ أنا لم أُنادِ بالدولة المدنية عن عبث، بل بناءً على الدروس القاسية والتجارب المريرة والنتائج الأقسى الّتي منينا بها جرّاء المنطق الطائفي، وأجدّد القول إنه صار لا بدّ لنا من أن نتوجّه إلى الدولة المدنيّة”، مشيرًا إلى أنّ “الجميع صار ينادي بها، رئيس الجمهورية تحدّث عنها، ورئيس الحكومة أيضًا، وكلّ الناس تقول بالدولة المدنية. ومن هن، أنا على يقين أنّنا إن لم نتوجّه إلى الدولة المدنية، فكلّ هذا الحراك الّذي حصل سيكون بلا أيّ قيمة”.
وأكّد أنّه “لن يكون هناك إصلاح أو مراقبة فساد ومحاسبة فاسدين، إلّا عندما ننتهي من الطائفية. هذا الوباء الّذي يصيبنا منذ عام 1943 وحتّى اليوم يجب أن ننتهي منه، ومع الأسف عندما نجد أنّ فلانًا مرتكبًا ومضبوطًا بالجرم المشهود، وعندما تأتي لتحاسبه، تصبح وكأنّك تحاسب طائفته. إن بقينا على هذا الحال لن تقوم لنا قائمة”. وذكّر بأنّه “قد سبق لنا أن قمنا بمجازفات لعلّ العالم يقتدي بها، وأحلنا نوابًا ووزراء (من حركة أمل) على القضاء وطردناهم، ولكن لم يعبأ أحد، ومع الأسف كنّا وحدنا؛ لذلك أجدّد القول إنّ لا حلّ إلّا بالدولة المدنية”.
وأفاد بأنّ “ثمّة فارقًا كبيرًا ما بين الطائفي والمتديّن، فالطائفي ليس هو المتديّن. دلوني من بين كلّ الطائفيين والمتمسّكين بالطائفية، كم مرة يذهب إلى الكنيسة أو إلى الجامع؟ إنّ المتديّن الحقيقي هو اللا طائفي والمؤمن بالدولة المدنية والّذي يرى مصلحة لبنان بالدرجة الأولى”. وأعلن أنّ “على الرغم من الجو القاتم السائد في البلد، فأبواب المخارج والحلول ليست مقفلة، وفي الإمكان العمل الدؤوب في هذا الاتجاه وتحويل الخط الانحداري في الاتجاه المعاكس. ثمّة خطوات إصلاحيّة مهمّة قد تقررت في الإمكان المضي بها، والموازنة جاهزة، وستبدأ مناقشتها اللجنة المالية بعد انتخاب اللجان النيابية الثلثاء، ولا أعتقد أنّ درسها سيستغرق فترة طويلة”.
وعمّا إذا كان سيسمّي الحريري لرئاسة الحكومة، لفت إلى أنّ “كلّ أوان لا يستحي من أوانه”. لا جواب، كلمتنا نقولها في الوقت المناسب”. إلى ذلك، نوّه إلى أنّ “ثمّة “تصحيحات” صارت الحاجة ملحّة لأن تدخل على بعض النصوص في الدستور، فرئيس الجمهورية على سبيل المثال مقيّد بمهل لإصدار المراسيم والقرارات، وأمّا الوزير فلا، ورئيس الحكومة المكلف ليس مقيّدًا بمهلة زمنيّة لتأليف الحكومة، فيما هو في الوقت نفسه مقيّد بمهلة شهر لتقديم بيانها الوزاري إلى مجلس النواب”.
وحول سبب عدم إطلالته بكلمة للناس، كشف “أنّني لن أطلّ إلّا إذا كان لديّ حلّ متكامل عبارة عن خريطة طريق تؤدّي إلى الدولة المدنية”.