يتابع الرئيس نبيه برّي بشيء من القلق المنحى الذي اتّخذه الوضع المستجدّ في لبنان، خصوصاً أنّ الوقت يمرّ ثقيل الوطأة ومرتفع الكلفة، ولاسيّما على المستويين الاقتصادي والمالي، من دون أن يكون لدى أحد حتّى الآن تصوّر واضح لطريقة خروج السلطة من مأزقها، والحراك من ساحاته.
أبلغ برّي الى زوّاره امس انّ التغيير الحكومي ليس وارداً حتى الآن، متسائلاً: من يضمن انّ الحراك سيتوقف عند هذا الحدّ، ولن يشترط تحقيق مطالب أخرى للخروج من الشارع، خصوصاً انّ الناطقين باسم هذا الحراك كثر ومطالبهم متفاوتة؟
ويشدّد برّي على وجوب تجنّب الوقوع في الفراغ، ملمّحاً الى أنّه يعرف الكثير عن أبعاد ما يجري، لكن ليس كلّ ما يُعرف يُقال.
ويوضح برّي انّ الجلسة النيابية العامة المحدّدة في 5 تشرين الثاني لا تزال قائمة في موعدها، «وأنا سأترأسها مهما كانت الظروف لأنّه يجب إطلاق عمل اللجان، خصوصاً لجنة المال التي يجب أن تباشر في درس مشروع الموازنة»، مؤكداً انّ المجلس النيابي لن يُقفل، «بل المطلوب تفعيل نشاطه في مثل هذه الاوضاع».
وحين سأل احد النواب الحاضرين عن احتمال عقد اجتماعات لجنة المال خارج مقرّ المجلس الكائن في وسط بيروت، إذا تعذّر وصول أعضائها إليه، في حال استمرّ الحراك على الارض، أجاب برّي: هذا الامر ليس مطروحاً، ولا يصحّ ان تعقد اللجنة اجتماعاتها إلّا في المجلس، علماً انّ القوى العسكرية والأمنية معنية باتخاذ الإجراءات اللازمة.
وماذا عن استمرار قطع بعض الطرق؟ ينبّه برّي الى انّ هذا السلوك يضرّ المتظاهرين بالدرجة الاولى، «لأنّه يولّد نفوراً بينهم وبين المواطنين الآخرين وبالتالي يسيء الى قضيتهم».
وعندما سُئل عن تفسيره للّيونة التي يتعامل بها الجيش مع ظاهرة إقفال المحتجّين الطرق، اكتفى بالقول: إسألوا الجيش.
وقيل لرئيس المجلس انّ المتظاهرين يعتبرون انّ هذه الطريقة هي الأجدى لإيلام السلطة والضغط عليها حتى تلبي مطالبهم، فأجاب مبتسماً: نصيحتي لهم انّ هناك 138 وسيلة أخرى يمكن ان يضغطوا عبرها على السلطة غير إقفال الشوارع، وإذا أرادوا ان يطلعوا عليها، انا جاهز لكي أشرحها لهم. وأضاف ضاحكاً: إنّي مستعدّ أن أضع خبراتي على هذا الصعيد في تصرفهم.
وحول إمكان ان يخوض حواراً مع ممثلين عن الحراك الشعبي في خصوص ما يطرحونه، يلفت برّي الى انّ الرئيس ميشال عون أبدى استعداداً لمحاورتهم وفتح أبواب قصر بعبدا أمامهم.
ولماذا لا تتوجه بخطاب مباشر الى اللبنانيين عموماً، وبالأخصّ المتظاهرين الذين يتساءلون عن سرّ صمتك؟ يجيب برّي: ماذا سأقول لهم؟ ليس هناك حلّ منجز بعد، حتى أستند اليه في أيّ إطلالة.
وهل يمكن أن يكون إجراء انتخابات نيابية مبكرة هو المخرج من المأزق الحاليّ، كما يطالب جزء من المحتجّين؟
يشدّد برّي على أنّ القرار في هذا الشأن من اختصاص رئيس المجلس حصراً، قائلاً: هذه المسألة اتركوها لنبيه برّي.. اسمحوا لي فيها. ويتابع: قبل طرح إجراء الانتخابات، فلنتفق أوّلاً على قانون الانتخاب، مع الإشارة الى انّ كتلة التنمية والتحرير قدّمت مشروعاً يعتمد لبنان دائرة واحدة على أساس النسبية، إنّما هناك آراء متباينة في شأنه.
وهل تقبل بانتخابات مبكرة إذا جرى إقرار مشروعكم؟ يجيب برّي على الفور: إذا حصل ذلك، أنا مع حصول الانتخابات أمس قبل اليوم، وانا أعتبر انّ المشروع المقدم من قبلنا هو مدخل متقدّم لإلغاء الطائفية السياسية وبناء الدولة المدنية.
ويؤكد رئيس المجلس أنّ لقاءه مع وفد تكتل «لبنان القوي» كان ايجابياً، «وقد تفاهمنا على التعاون في المجال التشريعي»، مشيراً الى انّه جرى البحث خلال الاجتماع في مشاريع القوانين المطروحة من التكتل والمتعلقة بمكافحة الفساد.
وضمن هذا الإطار، يوضح برّي انّه أبلغ الى الوفد انّ مشروع رفع الحصانات يحتاج الى تعديل دستوري، لأنّ الدستور يلحظ الحصانة، «وإذا كان التكتل مستعدّاً للخوض في تعديل من هذا النوع، فأنا جاهز».
عماد مرمل – الجمهورية