كتبت صحيفة “الديار” تقول: بعد ثورة شعبية شملت كل الطوائف والمناطق والفئات وكانت بعيدة عن الطائفية والمذهبية، اعلن رئيس الحكومة الرئيس سعد الحريري خطة اصلاح جديّة أوصلت العجز من 13 في المئة الى 0.6 في المئة، مع سلسلة قرارات صدرت عن مجلس الوزراء بشبه اجماع تقريبا، وهي ستعطي ثقة بالاقتصاد اللبناني، وتجعل عهد الرئيس العماد ميشال عون يكمل 3 سنوات والشعب اللبناني يعيش بجو من نمو الاقتصاد وازدهاره وارتفاع الدخل الوطني الى مستوى جيد تدريجيا وليس بسحر ساحر.
القرارات التي اعلنها الرئيس سعد الحريري نفرد لها في الصفحة الثانية مكانا واسعا للقرارات التي تم اتخاذها، لكن ليس من باب الانانية ولا الشماتة او الانتقام بل يجب ان نعود الى تجربة جريدة الديار التي دعمت وصول فخامة الرئيس العماد ميشال عون الى رئاسة الجمهورية وبدأت بالمعارضة بعد 4 اشهر.
وفي الشهر الثامن من عهد الرئيس العماد ميشال عون صدرت جريدة الديار بالخبر الرئيسي يقول ان عهد الرئيس العماد عون فشل اقتصاديا، فتم تحويلنا من جنحة الى جناية، كتبنا عن تلزيم بواخر بملياري دولار كما تم تحويلنا خلافا لقانون محكمة المطبوعات الى المحكمة الجزائية.
مارسنا المعارضة حتى قرروا احالتنا الى الشرطة الجنائية، والتحقيق من قبل التحري معنا وتوقيفنا، ومع ان شارل أيوب كان قد اجرى عملية في القلب ومعه تقرير باستراحة شهر تم رفض التقرير واعتبار الاستراحة فقط لمدة أسبوع، مع ان كل أطباء القلب في لبنان شهدوا بأن الاستراحة على الأقل تكون بين شهر او شهرين مع مراقبة دائمة. لانه عندما يتم فتح الشريان الرئيسي للقلب يترافق ذلك مع ذبحة قلبية تستلزم راحة لمدة شهر او شهرين او ثلاثة اشهر، ومع ذلك رفضوا التقرير الطبي الذي هو من اشهر الاطباء في لبنان.
طالبنا بعدم المحاصصة فكانت المحاصصة منتشرة طوال 3 سنوات بشكل رهيب، طلبنا بعدم تلزيم المشاريع من دون مناقصات فهجموا علينا بالقضاء، وللأسف القضاء محاصصة وكل جهة لها مركز قضائي كبير تقرر فيه مصير الناس دون عدالة.
وانا لا اريد ان استقيل بل أقول عيب على من قام بالظلم ضد جريدة الديار وشارل أيوب الذي تحدث عن المصلحة الوطنية العامة بينما السياسيون والحكام كانوا يعملون لمصالحهم الشخصية ولاهوائهم ولافكارهم الشخصية البعيدة عن الدراسة والعمق بل فقط حب السيطرة وتولي كل مقاليد الحكم ومنع أي صوت معارض.
كان كل همنا في الديار الحديث عن مكامن الهدر لتحصين عهد الرئيس ميشال عون وكانت تصلنا المعلومات عن الفساد وملفات الهدر وعندما كنا ننشر اي ملف كنا نحال الى القضاء الجزائي والجنايات واذا كانوا يريدون معلومات عن بعض ملفات الهدر فهي موجودة، واذا ارادت الدولة ان تستعيد الاموال المنهوبة فنحن لدينا المعلومات ومستعدون اعطائها وتزويد القضاء بها، لكن عندما كنا نفتح اي ملف كنا نواجه بتحويلنا الى القضاء الجزائي والجنايات وليس محكمة المطبوعات.
عندي الكثير لاقوله كشارل أيوب لكن اتوقف هنا وأريد ان افرح انه بعد ثورة شعبية استمرت 5 أيام اجتمعت الحكومة اللبنانية ووافقت على الورقة الاقتصادية التي قدمها الرئيس سعد الحريري الى مجلس الوزراء وكاد ان يستقيل لو لم يتم الموافقة على هذه الورقة لانها ورقة الإنقاذ الأخيرة، قبل سقوط لبنان وانهياره اقتصاديا ومعيشيا وماليا.
لأول مرة في لبنان يجري وضع رؤية عملية تنفيذية لإنقاذ الاقتصاد ولاعادة المؤسسات وهيكلية الدولة والسير وفق الدستور والقوانين ونتمنى ان لا تكون حبراً على ورق، بل ان تكون جدية للتنفيذ، لكننا لم نسمع عن النيابة العامة المالية التي لم يمتثل امامها وزيران، ولم نسمع عن الهدر الذي حصل كيف سيتم توقيفهما واستعادة الأموال التي تم سرقتها، باستثناء عبارة إعادة الأموال المنهوبة، اما كيف فليس هنالك من قرارات تنفيذية او تعيين رئيس لجنة لهذا الموضوع.
والجيد في الورقة الاقتصادية هو بداية مشاركة القطاع العام مع القطاع الخاص بدل الخصخصة الكاملة وبدل إبقاء المؤسسات ضمن روتين الدولة بل مشاركة القطاع العام مع القطاع الخاص.
واما تقديم مصرف لبنان وقطاع المصارف 3 مليارات و300 مليون دولار لمساعدة لبنان هو امر عظيم، واعتراف الرئيس سعد الحريري بأنه لولا الثورة الشعبية التي ظهرت في البلاد لما قامت الحكومة بالخطوات التي اتخذتها وهذه شجاعة من مسؤول كبير مثل رئيس مجلس الوزراء.
لكننا لم نسمع عن تفعيل مؤسسات الدولة مثل النيابة العامة المالية والتفتيش المركزي والتفتيش القضائي ومجلس الخدمة المدنية الذي يقوم عليه تعيين كبار موظفي الدولة من الدرجة الثانية والاولى إضافة الى مبدأ أساسي وهو الضريبة التصاعدية حيث في الولايات المتحدة يربح الملياردير مليار دولار فيدفع 400 مليون دولار ويبقى غنيا بـ 600 مليون دولار اما في لبنان فالضريبة الثابتة هي 10 في المئة فالغني والثري يدفع 10 في المئة والفقير الذي راتبه 1000 دولار يدفع 10 في المئة من راتبه الذي هو الف ليرة.
كما اننا لم نسمع عن وقف المحاصصة بعد الان بين المسؤولين الكبار سواء الرؤساء الثلاثة ام الوزراء ولم نسمع صدى لرسالة نادي القضاة الذي طالب فيه هيئة القضاء الأعلى في مصرف لبنان الذي هي برئاسة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، بتجميد أموال كل من ثروته اكثر من 750 مليون دولار لحين التحقيق في كيفية تحقيقها، والوصول الى هذه الثروة مع العلم ان هنالك موظفين مدنيين وعسكريين يطالبون بمحاربة الفساد وما زال تقاعدهم 7 الاف دولار او 6 الاف دولار ومع ذلك لديهم ثروة بـ 400 مليون دولار ومنهم عسكريون ومدنيون ومنهم متقاعد ومنهم من هو في الخدمة ومنهم من هو في السياسة.
هذه الورقة التي توصلت اليها الحكومة هي انجاز كبير جدا ووصول العجز الى 0.6 في ميزانية عام 2020 سينهض بالاقتصاد اللبناني من نمو 0 في المئة الى 4 في المئة بعد سنة على الأقل ويزداد ارتفاعه تدريجيا كلما نفذت الدولة الخطط المستندة الى الدستور والقانون والمؤسسات وليس الى الأشخاص والسرقة والهدر وعدم المحاسبة.
ثم لم نسمع انه بعد الان لم يجر تلزيم أي مشروع بالتراضي بين شخص الوزير والشركات او من خلال مناقصة عالمية محلية وعربية ودولية لتلزيم مشاريع لبنان بشفافية كاملة، لان التلزيمات التي حصلت خلال السنوات الماضية حصل فيها هدر أموال وحتى سمسرات واستفادات مالية.
نحن كنا اول من ايد عون في الوصول الى الرئاسة لكن كنا ننتظر ان يتم عقد سلسلة اجتماعات حكومية متواصلة برئاسة فخامة الرئيس ميشال عون واحيانا برئاسة رئيس الحكومة لوضع الخطة الاقتصادية لكن شيئا من هذا الامر لم يحصل بل كانت الحكومة تنعقد مرة في الأسبوع واحيانا تغيب 3 مرات عن 3 أسابيع متتالية، وهذا امر غير طبيعي، ومرت الأشهر ولبنان دون أي رؤية اقتصادية وخطة اقتصادية والأمور تنهار وهدر الأموال يزداد والسمسرات تزداد والمحاصصة تزداد وبناء المزرعة يكبر على حساب بناء الوطن والدولة.
اخطر ما يمكن ان يحصل بعد هذه الورقة الايجابية التي أصدرها مجلس الوزراء واعلن الرئيس الحريري هي ان تبقى حبراً على ورق وان لا يتم تنفيذها، والتنفيذ لا يكون الا بصدور مشاريع قوانين تنفيذية لكل مبدأ طرحه رئيس الحكومة وتعيين هيئة خاصة بها فاذا قلنا عن الأموال المنهوبة فيجب تأليف لجنة دستورية قضائية برئاسة قاض له خبرة كبرى وتتولى هي البحث بإعادة الأموال المنهوبة واذا تحدثنا عن خفض المصاريف في الدولة اللبنانية فلا بد من اعلان شهري من قبل وزارة المالية وخاصة من قبل مجلس الوزراء عما أدى اليه هذا التحقيق وما هو النمو الاقتصادي الذي ارتفع اليه لبنان.
واذا تحدثنا عن عفو عام قبل نهاية السنة فكان من المعيب ان يخاف مجلس القضاء الأعلى برئاسة القاضي جان فهد من عقد جلسات المحاكمة في سجن روميه واقتراح اصدار العفو عن المساجين الذين هم أبرياء، وحل مشكلة الإسلاميين المتطرفين الذين منهم قتلة ومنهم بريء ليس له علاقة وفق تقارير وتحقيقات شعبة المعلومات في قوى الامن الداخلي التي تثبت انهم كانوا أبرياء.
الورقة الاقتصادية التي انجزتها الحكومة هي بداية خير ونحن تفاءلنا بها ومتفائلون بها، والرئيس سعد الحريري فعلا انجز عملا كبيرا بوضع حد 72 ساعة اما للتفاهم على الورقة الاقتصادية واما لا نعرف ماذا كان سيحصل هل سيستقيل، وعلى الأرجح كانت الاستقالة هي خياره. وفي ظل ثورة شعبية عمت لبنان كله، واطاحت بكل هيبات الزعامات والاقطاعيات والسرقات والقيادات الحزبية وغيرها استطاع لبنان البدء بالخروج من الازمة الاقتصادية والسقوط والانهيار الى الارتفاع والنمو وتحسين الأوضاع ووضع مخطط واضح عبر الورقة الاقتصادية يمكن ان توصلنا سنة 2020 الى وضع اقتصادي افضل بكثير من الماضي لا بل الى تحسن قد يصل الى 4 في المئة.
الأموال المنهوبة وفق مجلة فوربس التي لها علاقة مباشرة بالبنك الدولي وصندوق النقد الدولي والمؤسسات المالية العالمية قدرت نهب الأموال بـ 261 مليار دولار فمن هي الجهة التي ستقوم باستعادة الأموال المنهوبة.
وطالما ان النظام السياسي هو كذلك ومؤلف من قيادات سياسية وحزبية واقطاعية ومالية ولها مصالح ضمن الدولة وتستفيد منها فمن سيحاسب من، واي زعيم سيطالب زعيم اخر في ارجاع أمواله المنهوبة الى الدولة، لذلك هذا المبدأ إعادة الأموال المنهوبة لا نراها الا ستقع على رأس بعض المديرين وبعض موظفي الدولة.
أخيرا مشى لبنان بعد ثورة شعبية عارمة من كل الطوائف ومن كل المذاهب دون تمييز وادى الى تغيير الوضع الاقتصادي وساهم في ذلك الرئيس سعد الحريري في وضع ورقة اقتصادية وافق عليها الجميع في مجلس الوزراء، ودعمها فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس نبيه بري.
وبعد الموافقة على الورقة الاقتصادية تم التفاهم على ان يقوم المجلس النيابي بفتح كل الطرقات امام حركة المواطنين لتسهيل اعمالهم على ان يقوم الجيش ايضاً بحماية المتظاهرين في الساحات العامة في مختلف المناطق كما يتم فتح كل الطرقات.
ونعد ونقول الخطر كبير ان تبقى حبراً على ورق لكن في المقابل هنالك معارضة في البلاد وهي جزء من الديموقراطية، شرط ان لا تكون المعارضة لها ارتباطات خارجية وتريد زعزعة الوضع في لبنان وعدم تقدمه واستقراره وعدم حصول النمو الاقتصادي وتكوين شعبوية من خلال معارضة تلعب على احاسيس الناس ومشاعرهم بدل ان تعارض إيجابيا وتشيد بالخطوات الإيجابية التي بدأتها الورقة الاقتصادية التي قدمها الرئيس سعد الحريري بعد ثورة شعبية كبرى اجتاحت لبنان هي الأولى بتاريخه على صعيد وطني واقتصادي وليس على صعيد حادث كبير مثل اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري او مثل الصراع حول السلاح الفلسطيني او غيره.