كتبت صحيفة “اللواء ” تقول : سبق الحزب التقدمي الاشتراكي بشبابه وطلابه ونوابه التيار الوطني الحر إلى الشارع، ساحة الشهداء أو ساحة الحرية.. قطع وزير الصناعة وائل أبو فاعور جلسة مجلس الوزراء، بعد اشتباك كلامي خطير مع الوزير جبران باسيل، رئيس التيار الوطني الحر، وتوجه إلى وسط بيروت، ومن هناك وجه خطاباً نارياً للعهد وتياره ووزرائه، وحتى إلى جمهوره داعياً رئيس الجمهورية ووزراء التيار للاستقالة والرحيل، متهماً العهد وفريقه بأنهم هم “المؤامرة الاقتصادية”، ومطالباً الرئيس سعد الحريري بالحد من “الدور البوليسي” لأحد الأجهزة الأمنية، في ما يشبه الهجوم الاستباقي، من زاوية ان الهجوم هو اسلم وسائل الدفاع..
التصعيد السياسي بلغ اوجه بمطالبة الحزب الاشتراكي على لسان الوزير أبو فاعور في ساحة الشهداء باستقالة رئيس الجمهورية، في وقت تمكن فيه الرئيس الحريري من إعادة النقاش إلى سكة الموازنة التي عادت واصيبت بسهام ”المزايدة المسيحية” على خلفية التراجع عن زيادة TVA والمزايدة في التراجع، بعدما كان تمّ الاتفاق في لجنة الإصلاحات المالية، التي سيعاد إليها هذا الملف، قبل تحديد موعد جلسة جديدة لمجلس الوزراء.
باسيل ينسف الجلسة
وبخلاف ما كان متوقعاً بأن ينسف كلام الوزير جبران باسيل في احتفال ذكرى 13 تشرين، جلسة مجلس الوزراء التي انعقدت أمس، خصوصاً وأن هذا الكلام اثار ردود فعل سياسية ومواقف هاجمت موقفه، داخل الحكومة وخارجها، من دون ان تلقى رداً منه أو من وزرائه في “التيار الوطني الحر”، مكتفياً، كما يبدو ببيان المكتب الإعلامي للرئيس الحريري الذي “امتص” عزم وزير الخارجية على زيارة سوريا لإعادة النازحين السوريين، حينما ذكّره بأن دم الرئيس رفيق الحريري هو الذي أعاد الجيش السوري إلى سوريا، وبالتالي فإنه “إذا أراد زيارة سوريا فهذا شأنه”، فإن الذي اثار غضب الرئيس الحريري ودفعه إلى رفع الجلسة من دون تحديد موعد جديد، لم يكن بسبب لا موقف باسيل من موضوع زيارة سوريا، ولا الهجوم الناري الذي شنّه الوزير وائل أبو فاعور على باسيل و”التيار العوني”، والذي كان ما قاله بعد ذلك في ساحة الشهداء لم يكن سوى 10 في المائة مما قاله في مجلس الوزراء، بل كان بسبب تراجع قوى سياسية في الحكومة، على حدّ تعبير وزير الإعلام جمال الجراح، عن بنود إصلاحية تمّ التوافق عليها بأن تتضمنها الموازنة.
وإذا كان الوزير الجراح، لم يسم هذه القوى، نزولاً عند رغبة وزير المال علي حسن خليل، الذي اختلى به قبل تلاوة المقررات الرسمية للجلسة، متمنياً عليه عدم الإدلاء بأي معلومات، فإن المعلومات التي أثارت انزعاج وزير المال ودفعه للقول للصحافيين كما قال كمال صليبي: “هذا البلد بيت في منازل كثيرة”، تحدثت بأن الوزير باسيل هو المقصود باتهام التراجع عما كان اتفق عليه في لجنة الإصلاحات والتي تضم ممثلين عن جميع مكونات الحكومة، ومن ضمنهم التيار الذي يمثله في اللجنة الوزير سليم جريصاتي.
اتفاق لم يصمد
وبحسب مصادر وزارية، فإن الاجتماعين اللذين عقدهما الرئيس الحريري مع الوزير باسيل في الأسبوع الماضي، في ”بيت الوسط” بعيداً عن الإعلام توصلا إلى نوع من اتفاق على مجموعة من الاقتراحات لكي تتضمنها الموازنة، سبق ان تمّ التداول بها مؤخراً، ومن بينها، تجميد زيادة الرواتب والأجور لمدة ثلاث سنوات، والتدرج في رفع الضريبة على القيمة المضافة إلى 15 في المائة على الكماليات فوراً، وزيادتها تدريجياً إلى 15 في المائة على باقي الأصناف الخاضعة للضريبة، على ان يطبق نصف هذه الزيادة في العام 2021 والنصف الآخر في العام 2022، وكذلك زيادة الحسومات التقاعدية من 6 إلى 8 في المائة عن زيادة الرسم على المشروبات الروحية والدخان، وافكار أخرى.
لكن الرئيس الحريري وفق ما كشفته المصادر فوجئ بمحاولات عدّة من الوزير باسيل للمماطلة، والتوقف عند كل بند لمناقشته وإطالة البحث فيه، وعندما تمّ التطرق إلى البند المتعلق بزيادة الضريبة على القيمة المضافة TVA وغيرها من الرسوم، رفض باسيل الموافقة على هذا البند، رغم انه كان أبدى موافقته عليه مسبقاً، واللافت في الأمر ان نائب رئيس الحكومة غسّان حاصباني وافق باسيل على رفض وضع الضرائب إذا لم يتم وقف التهريب وضبط الجمارك والحدود البرية.
وفي تقدير المصادر الوزارية، ان اتفاق الحريري – باسيل على السلة الضرائبية، نسفه لاحقاً لقاء الساعات السبع الذي جمع باسيل مع الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله، الذي حذره في هذا اللقاء من أية محاولة لفرض ضرائب على الفئات الشعبية وذوي الدخل المحدود، وفي تقدير نصري الله ان زيادة الضريبة على الكماليات لا بدّ ان ينعكس على حاجات النّاس الاستهلاكية والمعيشية لاحقاً، وهذا الأمر هو ما اثار غضب الحريري فقرر رفع الجلسة من دون تحديد موعد جديد، مع العلم بأنه كان من المفترض ان تحسم جلسة الحكومة أمس النقاش حول مشروع الموازنة، على اني كون الإقرار النهائي في جلسة يفترض ان تكون الأخيرة تعقد الخميس المقبل في قصر بعبدا.
ولكن هل هذا يعني، انه لم تعد هناك إمكانية لاحالة الموازنة إلى المجلس النيابي قبل الموعد الدستوري المحدد يوم الثلاثاء في 22 تشرين؟
الأجواء توحي حتى الساعة بأنها متجهة باتجاه سلبي، خصوصاً وأن الوزراء نقلوا انزعاجاً كبيراً للرئيس الحريري حول ما دار من نقاش داخل الجلسة، وكذلك استياء عدد من الوزراء، لا سيما وزير المال الذي بدا عصبياً ومنزعجاً بشكل لافت، خصوصاً وأنه كان جزم قبل الجلسة بأن الموازنة أصبحت منتهية وبانتظار الإقرار النهائي، الا ان الوزير الجراح، لفت إلى اننا لم نصل إلى نقطة صعبة، وستعقد لجنة الإصلاحات اجتماعاتها عند الخامسة والنصف من عصر الأربعاء (غداً) حيث سنعود لنحسم البنود العالقة، سلباً أو إيجاباً، لأننا لا نريد إضاعة المزيد من الوقت.
اشتباك جنبلاطي – عوني
وسط هذه الأجواء، عاد الاشتباك السياسي بين الحزب التقدمي الاشتراكي و”التيار الوطني الحر”، بعد مواقف الوزير باسيل من احتفال الحدث، لا سيما حديثه عن زيارة سوريا للبحث في إعادة النازحين، وقد تنقل هذا الاشتباك بين مجلس الوزراء وساحة الشهداء، حيث نظم الحزب الاشتراكي مسيرة من الكولا إلى الساحة رفعت
شعار: “بدنا نسمعكم صوتنا”، على خلفية الدفاع عن الحريات، وأعادت إلى الأذهان مشهد 14 آذار مصغراً، حيث شارك في المسيرة، النائب السابق انطوان زهرا عن حزب “القوات اللبنانية” والنائب السابق فادي الهبر عن حزب الكتائب، والنائب السابق فارس سعيد، إلى جانب وزراء ونواب الحزب الاشتراكي.
وخلال توقف المسيرة في ساحة الشهداء، انضم الوزير وائل أبو فاعور إلى المحتشدين، وحمل بعنف على الوزير باسيل وفريقه السياسي، من دون ان يسميه، واتهمه بالتحكم بكل الوزارات وبالقرار السياسي والأمني وبالاقتصاد، ساخراً مما قاله باسيل عن تعرض لبنان لمؤامرة اقتصادية، مشدداً بأن التيار هو الذي يدمر اقتصاد لبنان بالتعطيل للوصول إلى السلطة كما سخر من تلويحه بقلب الطاولة، وسأله على من ستقلبونها، طالما الأزلام ازلامكم وأنتم تحتكرون كل مواقع السلطة، ردّ عليه في ما يتعلق برغبته الذهاب إلى سوريا متهماً اياه بأنه يريد الذهاب لتوسل الرئاسة، لأن هناك من قال ان طريق الرئاسة يمر من دمشق، معتبراً بأن ما قاله في جامعة الدول العربية عن عودة سوريا إلى حضن الجامعة يعبر عن رأيه وعن مصالحه وتياره وحزبه ولا يعبر عن موقف الحكومة.
وختم كلمته داعياً باسيل إلى الاستقالة والتيار إلى الرحيل.
وكان أبو فاعور الذي حضر الجزء الأوّل من جلسة الحكومة قد اثار كلام باسيل في الحدث، وانتقد موقفه في مجلس الجامعة، وسأل باسيل مباشرة: “أنت تقول ان هناك مؤامرة اقتصادية على العهد وتتهم فريقاً معيناً فمن تقصد، فلم يرد باسيل، وقال له عن ماذا تتكلم، فطلب أبو فاعور وضع مسألة عدم الرد في محضر الجلسة لكن الحريري رفض ذلك، طالباً من الوزراء عدم إثارة المواضيع السياسية لأن الجلسة مخصصة للموازنة”.
ثم تكلم الوزير اكرم شهب ونائب رئيس مجلس الوزراء غسان حاصباني بنفس المضمون لا سيما حول رغبة باسيل بزيارة سوريا، لكن الرئيس الحريري اوقف النقاش وقال: انها جلسة للموازنة واتمنى عليكم ان تبقى مخصصة للموازنة لأننا اذا فتحنا النقاش لن ننتهي من الموازنة.
وقد سئل الوزيرسليم جريصاتي بعد الجلسة عمّا إذا ردّ وزراء التيار الوطني الحر على أبو فاعور؟ فقال : “ما حدا بيستاهل الرد”.
وبدوره، أكد حاصباني “ان الوضع المالي والاقتصادي دقيق جدا ولا يحتمل الخروج عن البيان الوزاري والإجماع العربي”.
واضاف :استعمال موضوع النازحين السوريين كشماعة ورفع سقف الخطاب السياسي تجاه فتح العلاقة مع النظام السوري يمكن أن يعرّض لبنان لعقوبات ويعرض الدعم الدولي للخطر.
وختم حاصباني: من يخرج عن البيان الوزاري والإجماع العربي بالنسبة للعلاقة مع النظام السوري يتحمل هو شخصيا تبعاتها على الدعم الدولي للبنان وتعريضه للعقوبات.
ردّ الحريري وجنبلاط
يُشار إلى المكتب الإعلامي للرئيس الحريري كان ردّ على كلام باسيل، مذكراً “اياه بأن دم الرئيس رفيق الحريري أعاد الجيش السوري إلى سوريا”، لكنه قال انه إذا أراد باسيل بصفته رئيس “التيار الوطني الحر” زيارة سوريا فهذا شأنه، المهم النتيجة، فلا يجعل النظام السوري من الزيارة سبباً لعودته إلى لبنان، مؤكداً انه لا يثق بنوايا النظام من عودة النازحين، ولكن إذا تحققت العودة سنكون أوّل المرحبين.
ولفت ردّ المكتب الإعلامي، وهو الثاني على الوزير باسيل في غضون 3 أيام، نظر وزير الخارجية أن البلد لا تنقصه سجالات جديدة، مشيراً إلى أن لم يتمكن البلد من وقف الأزمة الاقتصادية فإن الطاولة ستنقلب وحدها على رؤوس الجميع.
كذلك، ردّ رئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط الذي غرد قائلاً: “تذكروا انهم دخلوا (أي السوريين) على دم كمال جنبلاط، وخرجوا على دم رفيق الحريري، وحيا في تغريدة ثانية منظمة “الشباب التقدمي” على المسيرة التي نظمتها للتنديد بسياسة العهد الداخلية والخارجية، لكنه ادان التعرّض للاعراض، معتبراً ذلك ليس من أدبيات كمال جنبلاط، وطلب من المنظمة اجراء اللازم.
لجنة الاتصالات
الى ذلك، حضر وزير الاتصالات محمد شقير جلسة لجنة الإعلام والاتصالات النيابية للمرة الاولى بعد اكثر من غياب، وفي حين ارجا رئيس اللجنة النائب حسين الحاج حسن كلامه الى مؤتمر صحافي يعقده اليوم في مجلس النواب واكتفى في دردشة مع الاعلاميين بوصف شقير بالمتجاوب، اعلن شقير خلال الجلسة، بعد مطالبات للنواب، بأنه في الجلسة القادمة ستحضر شركة تاتش وفي الجلسات اللاحقة ستحضر الفا واوجيرو لتكملة الملف عن الحقبة السابقة ..
واعتبر النائب جهاد الصمد في تصريح له من المجلس أن رئيس أوجيرو يتقاضى سنويا 1013 مليون ليرة والقانون يسمح له بتقاضي 84 مليون لا أكثر.. وطالب “المراجع القضائية المختصة ولا سيما النيابة العامة التمييزية والنيابة العامة المالية والنيابة العامة لدى ديوان المحاسبة بوضع يدها على هذا الملف للعمل من جهة على استرجاع المبالغ التي قبضها مدير اوجيرو والمسؤولين عن هذه الجريمة الموصوفة بحق المال العام”.
بدوره، اعلن النائب جميل السيّد أنّ مبنى تاتش كلف 105 ملايين في وقت أن وزير الاتصالات محمد شقير يروج أنّه كلّف 68.
واعتبر أنّ “القضاء لا يعمل كما يجب وأنّه لا يمكن التواصل مع أحد في وزارة الاتصالات، موضحًا أنّه “عند اغلاق كل أبواب المحاسبة لم يبق لنا خيار سوى إطلاع الناس على ما يحصل، وأكّد ألا مشكلة شخصية مع وزير الاتصالات.
مسلسل الحرائق
على صعيد آخر، لفت المناطق اللبنانية سلسلة من الحرائق بسبب ارتفاع درجات الحرارة فوق معدلاتها وسرعة الرياح التي طالت مناطق عكار وكسروان والكورة وجزين وصولاً إلى جانبي الحدود في منطقة الغجر حيث عملت فرق الدفاع المدني بالتعاون مع الجيش اللبناني والبلديات وفرق الإطفاء على مكافحتها واخمادها.
وعلى صعيد الحريق الكبير الذي اندلع في منطقة المشرف والذي أتى على مساحة آلاف الأمتار المتصلة بعدد من الأبنية السكنية وطال جامعة رفيق الحريري والاحراج فقد تكثفت الجهود لاخماده حيث تمّ الاستعانة بطوافات الجيش اللبناني وقد حضرت إلى مكان الحريق وزيرة الداخلية والبلديات ريّا الحسن لمتابعة أعمال إخماد الحريق حيث اطلعت من مدير الدفاع المدني العميد ريمون خطار على سير عمليات الإطفاء والصعوبات التي تواجه فرق الدفاع المدني