اجتمع رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري ظهر اليوم مع وفد من ممثلي الشركات البريطانية المقيمين في الإمارات، التي تهتم بالاستثمار في لبنان، على هامش مشاركته في مؤتمر الاستثمار الإماراتي اللبناني المنعقد في أبو ظبي. وضم الوفد شركات:
Energy Industries Council EIC، Penspen، Shell، Vodafone، Wood PLC، Mott MacDonald، Foster + Partners، Mace، Grimshaw Architects، Rider Levett Bucknall RLB، Jacobs، Petrofac، Department for International Trade | British Embassy Dubai، ARUP، Ordnance Survey International و G4S Group.
وحضر الاجتماع الوزير السابق الدكتور غطاس خوري، رئيس مجلس الإنماء والإعمار نبيل الجسر، المدير العام لـ”أوجيرو” عماد كريدية، رئيس جمعية المصارف اللبنانية سليم صفير، مستشارا الرئيس الحريري نديم المنلا وهزار كركلا وعدد من رجال الأعمال والمستثمرين اللبنانيين.
وخلال الاجتماع، اطلع ممثلو الشركات من الحريري على أجواء الاستثمار في لبنان وطبيعته وبرنامج الحكومة للسنوات المقبلة. كما قدم الحريري عرضا شاملا عن الواقع الاقتصادي اللبناني.
جلسات المؤتمر
وكان المؤتمر قد واصل أعماله، وتحدث في الجلسة الأولى وزير الدولة لشؤون تكنولوجيا المعلومات عادل أفيوني فقال: “في البداية أتوجه بالشكر إلى دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة على الحفاوة والدعم، وهذا ما عودنا عليه الشعب الإماراتي الشقيق منذ عقود وما يزال خير ذخر وخير داعم للشعب اللبناني. كما أتوجه بالشكر على استضافة هذا المؤتمر المهم للبنان والذي يأتي في مرحلة محورية من تاريخنا، حيث نمر بوضع اقتصادي دقيق، وقد أطلقت حكومتنا خطة إصلاح مالي واقتصادي شاملة ولدينا التصميم على الخروج من الأزمة والنهوض بالاقتصاد، ولذلك نعول الآمال الكبيرة على مثل هذه اللقاءات وهي مناسبة مهمة جدا، إذ أن استقطاب الاستثمارات وتشجيع التعاون الاستثماري وخلق فرص النمو والعمل هي في صلب خطتنا الاقتصادية ومن أهم أولوياتنا”.
أضاف: “اسمحوا لي أن اقدم لكم بداية عرضا مقتضبا عن قطاع اقتصاد المعرفة في لبنان وخطة حكومتنا في هذا المجال، وان اشرح لكم لماذا يشكل هذا القطاع فرصة استثمارية جذابة وفريدة للمستثمرين ورجال الأعمال للاستثمار والشراكة وأن أقدم الأمثلة على هذه الفرص. لقد أطلقت حكومتنا عند تشكيلها مشروع التحول الرقمي كأحد أعمدة خطة الإنقاذ الاقتصادي واحد أولوياتها، وطموحنا ان نحقق التحول الرقمي في القطاع العام وفي الاقتصاد وفي القطاع الخاص وان نبني أمة رقمية تلحق بركب القرن الواحد والعشرين، وتدخل عالم الثورة الصناعية الرابعة حيث اندمجت التكنولوجيا بكل مرافق الحياة وقطاعاتها من بابه الواسع.
إذا وضعنا نصب أعيننا أن نبني دولة رقمية واقتصادا رقمياً، وأن نحول لبنان إلى مركز لاقتصاد المعرفة وإلى مركز للأعمال في قطاع التكنولوجيا وإلى مركز للابتكار والتطوير والأبحاث، لم لا؟
إن قطاع اقتصاد المعرفة لا يحتاج إلى موارد طبيعية بل يحتاج إلى موارد بشرية وعلمية، ونحن في لبنان نملك كما تعلمون معين لا ينضب من الطاقات الشبابية المتعددة الاختصاصات واللغات والثقافات، والكثير منهم يعمل وينجح في الإمارات وفي الخليج وفي كل أنحاء المعمورة، وهي ميزة فريدة يتميز بها لبنان عن الكثير غيره من الدول، ولدينا الجامعات العالية المستوى و شبكات المغتربين في الشركات العالمية حول العالم. إذاً الطاقات البشرية والطاقات العلمية موجودة…وكذلك ميزة الابتكار والريادة وروح الأعمال وقصص النجاحات اللبنانية في ريادة الأعمال في لبنان وفي العالم معروفة، وبالتحديد في قطاع التكنولوجيا وفي هذه القاعة أمثلة عديدة عن هذه النجاحات”.
كل ذلك يخولنا ان نحلم وان نطمح وان نحقق طموحنا في ان نجعل بلدنا مركزا رائداً في قطاع اقتصاد المعرفة، وان يصبح اقتصاد المعرفة مساهماً أساسياً في الناتج المحلي وفي خلق فرص العمل وفي استقطاب الاستثمارات هذه اذا رؤيتنا، وهذا المشروع الطموح لا يمكن ان يتحقق بدون تضافر الجهود بين القطاعين العام والخاص وبدون الشراكة بينهما، ولا يمكن ان ينجح بدون دعم واستثمارات من اللبنانيين في لبنان والاغتراب ومن المستثمرين العرب طبعا وعلى وجه التحديد نعول الكثير على هذا المؤتمر وعلى فرص التعاون والشراكة مع رجال الأعمال والمستثمرين الإماراتيين”.
وسأل: “ما هي خطتنا لاستقطاب الاستثمارات وما هي فرص الاستثمار في هذا القطاع الواعد في لبنان، وما هو الدور الذي يمكن ان تلعبه الإمارات في هذا المجال؟
– في مشاريع القطاع العام:
لقد قررت حكومتنا اطلاق مشروع التحول الرقمي في القطاع العام، وشكلنا لجنة وزارية للإشراف على مشروع التحول الرقمي بقيادة الرئيس الحريري، ووضعنا آلية حوكمة لإدارة هذا المشروع المتشعب والشامل ووزارة التنمية الادارية تلعب دوراً أساسيا في تنفيد هذا المشروع بالتنسيق مع الوزارات المعنية وتحت إشراف اللجنة الوزارية.
ان هذا المشروع استراتيجي وأولوية للبنان وللحكومة وللمواطنين، فهو يساهم في تسهيل حياة المواطن والشركات ويساهم قي الحد من الهدر في القطاع العام وفي محاربة الفساد، وهذا المشروع يلقى دعماً مهما من الجهات المانحة.
الإمارات العربية المتحدة دولة رائدة على الصعيد العالمي ونموذج يقتدى به في مجال التحول الرقمي، وقد حققت من إنجازات في هذا المجال ما يفتخر به كل عربي ، وسيكون لدى الحكومة اللبنانية عشرات المشاريع ضمن التحول الرقمي في القطاع العام سنحتاج فيها إلى الشراكة مع القطاع الخاص وإلى خبرات الشركات التي ساهمت بمشاريع مماثلة في المنطقة، وبدوره ستؤدي المشاريع الحكومية هذه إلى فورة في التطبيقات العملية سيقودها القطاع الخاص وإلى خلق مزيد من فرص الاستثمار والحركة الاقتصادية. لذلك انا اعول الكثير على مشروع التحول الرقمي في الادارة لتحفيز النمو في قطاع التكنولوجيا، وأعول الكثير على الشركات والمستثمرين ذوي الخبرة في هذا المجال في الإمارات ليكونوا في طليعة المستثمرين والمشاركين في هذه المشاريع، وآمل ان نمهد الطريق لتعاون استراتيجي حقيقي بين البلدين يساهم في تحقيق التحول الرقمي في الإدارة اللبنانية.
– في قطاع الشركات الناشئة وريادة إلى حل لبنان في المرتبة الثانية عربيا في العام 2016 و 2017 وفي المرتبة الثالثة في 2018 (طبعا الدولة الأولى في كل عام الإمارات) في عدد الشركات الناشئة وفي كمية الاستثمارات في هذه الشركات، وهذا دليل على إمكانيات الإبداع والابتكار وريادة الأعمال في هذا البلد الصغير ودليل على حيوية قطاع الشركات الناشئة وروح المبادرة لدى اللبنانيين ،وقد انتعش قطاع الشركات الناشئة بشكل ملحوظ منذ 5 سنوات ومعه ازدهرت أنظمة دعم بيئة القطاع اذ نجد اليوم في لبنان اكثر من 10 حاضنات للأعمال او مسرعات الأعمال وأكثر من 10 صناديق استثمارية متخصص.
الفضل الأهم لانتعاش قطاع الشركات الناشئة يعود إلى المصرف المركزي الذي اصدر التعميم 331 في العام 2013 والذي افسح المجال لأكثر من 400 مليون دولار استثمارات في القطاع، وأطلق العنان لفورة في الشركات الناشئة (اكثر من 300) وقصص نجاحات لامعة بعضها عالمي، الا ان هذا القطاع الواعد يحتاج إلى مزيد من الاستثمارات وإلى تنويع مصادر المستثمرين وإلى التوسع خارج الاسواق اللبنانية وتصدير خدماته عالميا ،نحن نود ان نزيد عدد الشركات الناشئة أضعافا وان نحول لبنان إلى بلد ينتج مئات الشركات الناشئة سنويا ويصدرها إلى الخارج لتنمو وتتوسع وهنا الدور الذي يمكن ان يلعبه المستثمرون في لبنان والإمارات.
إن إمكانات التعاون والتكامل بين الشركات الناشئة الواعدة في لبنان والشركات او رجال الأعمال او الصناديق الاستثمارية في الإمارات كبيرة، ومثلاً ممكن ان نشكل صندوقا للاستثمار في الشركات الناشئة اللبنانية التي لديها إمكانية التوسع نحو الإمارات او التكامل مع شركات اماراتية، وبذلك نكون قد حفزنا نمو الحركة الاقتصادية في البلدين وشجعنا التكامل والشراكة بين الشعبين.
– outsourcing: تلزيم الخدمات
يشكل لبنان نظرا الى ميزاته التي ذكرتها أعلاه مرشحا جديا ليصبح من اهم المنصات العالمية في مجال تلزيم الخدمات outsourcing ومن طموحاتنا الأبرز ان نحقق ذلك، هناك اليوم شركات عالمية مهمة تستخدم لبنان لتصدر خدماتها التكنولوجية إلى الخارج وهناك قصص نجاح باهرة وطموحنا أن نضاعفها عبر الحوافز وعبر التسويق وعبر استخدام شبكات الاغتراب اللبنانية في القطاع والمنطقة الاقتصادية في طرابلس أبلغ مثال على ذلك وهي منطقة نموذجية رصدنا فيها 75 ألف متر لتكون مركز الابتكار والمعرفة ولتقدم حوافز جمركية وضريبية وإدارية لتسهيل الأعمال.
ختاما، اود ان اذكر ان الاستثمار لا يمكن ان يتم اذا لم يبنى على بيئة أعمال محفزة وتنافسية وجذابة تستقطب المستثمرين ورجال الأعمال، وهذا ما نسعى اليه وقد وضعناه في رأس أولوياتنا كحكومة و كوزارة.
ان تسهيل بيئة الأعمال وتسهيل مزاولة العمل امر اساسي لكم ولنا، ونحن نعمل على عدة محاور لتحقيق ذلك عبر الخطوات التالية:
– ورشة تشريعية جذرية:
وقد أقررنا حتى الان وفي السنتين الاخيرتين القوانين الاصلاحية التشريعية التالية:
– قانون الوصول إلى المعلومات، الشراكة مع القطاع الخاص، المعاملات الالكترونية، تحديث القانون التجاري.
– استراتيجية الامن السبراني، قانون حماية البيانات الخاصة.
ونحن نعمل اليوم على القوانين التالية:
قانون الافلاس، قانون الإقراض المضمون secured lending، قانون الـprivate equity، قانون الصناديق الاستثمارية، قانون المنافسة، قانون العمل.
– ورشة حوافز ضريبية وجمركية
– ورشة اصلاحات ادارية لتسهيل المعاملات الادارية ورقمنتها.
ختاما أود التشديد على ان التعاون والتكامل بين الامارات العربية المتحدة ولبنان هو اولوية استراتيجية لنا وحاجة حيوية، وأنه يجب التركيز على تعاون وشراكة مجدية مبنية على مصلحة الشعبين الشقيقين معا، وعلى مصلحة النمو والتطور في البلدين معا”.
الجلسة الثانية
ثم عقدت الجلسة الثانية بعنوان: التبادل التجاري وفرص الاستثمار في الأمن الغذائي، حيث كانت كلمة لوزير الاقتصاد منصور بطيش قال فيها: “يسعدني أن تظللنا اليوم سماء الإمارات العربية المتحدة لنبحث في قضايا تتناول التبادل التجاري وفرص الاستثمار في الأمن الغذائي بين بلدينا، لكنها تذهب أعمق من ذلك لتؤكد على علاقات الأخوة والصداقة بين لبنان ودولة الإمارات، كما على المصالح المشتركة التي يمكن المراكمة عليها.
لقاؤنا اليوم يتمحور حول الإنسان وأمنه الغذائي والصحي، وبالتالي أمانه ورفاهه. وتحقيق الأمن الغذائي الذي نطمح إليه، في لبنان كما في الإمارات، ليس عملا يسيرا، لكنه بالتأكيد، ليس مستحيلا. فكلا البلدين يتمتع بمقدرات بشرية وعلمية وخبرات تؤهله لتنفيذ استراتيجية وطنية يعمل عليها، تحقيقا لاستتباب أمنه الغذائي المرتبط حكما بالأمن الاقتصادي والاجتماعي. وفي زمن التطور والتكنولوجيا، لم يعد مسموحا ألا نعتمد على قدراتنا الذاتية ومواردنا في إنتاج احتياجاتنا الغذائية”.
وأضاف: “اسمحوا لي في هذا المجال أن ألفت إلى تزايد الاستهلاك في مجتمعاتنا بوتيرة أسرع بكثير من تزايد الإنتاج المحلي. هذا يشمل الغذاء، تماما كما سائر القطاعات. ولا أتعب من التحذير من حجم الاستهلاك المتضخم في لبنان، الذي يتجاوز إجمالي الناتج المحلي. وأقولها بصراحة، حين نناقش كيفية تأمين أمننا الغذائي، فهذا يستدعي في أحد وجوهه تغييرا في ثقافتنا، ثقافة هدر الطعام تحت عنوان الكرم وحسن الضيافة وعناوين نبيلة كثيرة غيرها.
إلا أن النبل والكرم الحقيقيين هما بحفظ موارد البلاد لأهلها ولأجيالها الآتية، والتضامن مع كل جائع ومحتاج في أقاصي الأرض. هذه مبادئ أخلاقية صحيح، لكنها أيضا مبادئ اجتماعية واقتصادية. ومن المؤسف أن تتزايد أعداد العائلات اللبنانية التي تعيش تحت خط الفقر، خصوصا منذ العام 2011 إلى اليوم. هذا ما ليس مقبولا في بلد كلبنان، أرضه خصبة ومياهه وافرة وطبيعته متعددة الفصول، وشعبه من أكثر شعوب المنطقة علما وثقافة. أعرف إننا لسنا البلد الوحيد في العالم العربي الذي يستورد الكثير من مواده الغذائية، لكن أكثر ما يؤسفني أن نستورد ما نحن قادرون على إنتاجه.
وأسمح لنفسي بأن أقول إن هذا ينسحب على بلدينا العزيزين.
ولا شك أن التعاون بين لبنان والإمارات العربية المتحدة يمكن أن يسهم في تعزيز الأمن الغذائي للبلدين. فلبنان يوفر أرضية كفؤة للاستثمار، خصوصا للإخوة الإماراتيين والعرب، لاسيما في قطاعي التغذية والزراعة اللذين قد يكونان منطلقا لتنمية العلاقات في باقي القطاعات الاقتصادية. فعلى الصعيـد الزراعي، عندنا تجارب رائدة وقصص نجاح تتمحور حول استخدام أنواع الزراعة الحديثة خارج التربة التي لا تحتاج إلى مساحات كبيرة ويمكن، في هذه الأنواع من الزراعات، التحكم بالحرارة وتوفير المياه اعتمادا على التكنولوجيا”.
وتابع: “نحن نسعى إلى تقديم كل التسهيلات لرجال الأعمال الإماراتيين للاستثمار في لبنان، في العديد من القطاعات الواعدة، وفي طليعتها القطاع الزراعي، وخصوصا أن الحكومة اللبنانية تولي أهمية خاصة اليوم للزراعة، وهو ما ركزت عليه كذلك دراسة أعدها الاستشاري ماكينزي.
أوجه الشبه الكثيرة بين لبنان والإمارات تجعلني على يقين أنه يمكننا أن نتكامل في العديد من الحقول الزراعية والصناعية والتجارية، كما في حقول التكنولوجيا والمعرفة. أما السياحة، فتعرفون أن لبنان يشرع دائما القلوب قبل الأبواب لأهله وجيرانه. وأتمنى أن نوثق هذه العلاقات ونزيد من حجم الأعمال بيننا لمصلحة بلدينا. وأختم شاكرا كل من نظم هذا اللقاء متمنيا لأبو ظبي دوام النجاح والازدهار”.
أبو فاعور
وفي الجلسة نفسها، تحدث وزير الصناعة وائل أبو فاعور فقال: “أشكر دولة الإمارات، قيادة وشعبا، على استضافة المؤتمر الذي بمعناه الاقتصادي هو مؤتمر لتطوير التبادل التجاري والاستثماري بين لبنان ودولة الإمارات العربية المتحدة، ولكن بمعناه السياسي والأخوي الأوسع هو إعادة وضع لبنان على طريق استعادة عافيته العربية وعلاقاته العربية التي سعى ويسعى الرئيس الحريري إلى تحقيق ذلك بعد أيام عجاف خيل للبعض فيها أن لبنان يمكن أن يكون في فلك غير الفلك العربي أو انتماء غير الانتماء العربي.
العنوان الذي دعيت للحديث عنه هو “الأمن الغذائي”. من موقعي كوزير للصناعة يمكن أن أقارب هذا الأمر بمقاربة تقنية ولكن من موقعي السياسي لا أستطيع أن أقاربه إلا من الزاوية السياسية بمعناه كجزء من الأمن القومي العربي. هذا الأمن القومي العربي الذي ينخر كالغربال في هذه الأيام بالتحديات والتدخلات والاعتداءات من كل حدب وصوب. وإنني إذ اعبر عن إعجابي بتجربة دولة الإمارات العربية المتحدة التي سارت بخطوات واثقة ومدروسة، وبنت استراتيجيتها الوطنية لا بل أنها خصصت وزارة دولة لشؤون الأمن الغذائي والتي تحولت من دولة آمنة غذائياً إلى دولة رائدة في الأمن الغذائي. وإنني ألفت إلى الفجوة الغذائية الكبيرة التي عشناها ونعيشها في وطننا العربي لأسباب عديدة منها زيادة عدد السكان، ندرة المياه، ندرة الأراضي الزراعية واجتياحها بالعمران في أكثر من دولة عربية، الاستخدام السيء للموارد الطبيعية والإمكانات الزراعية، غياب الرؤى والسياسات العامة، وضعف التعاون والاستثمار في الإمكانات التفاضلية بين الدول العربية، رغم وجود نماذج تحتذى مثل التعاون بين الإمارات ومصر، والتعاون البحريني – السوداني في هذه المجالات. قطاع الصناعات الغذائية في لبنان هو واحد من القطاعات الصناعية الأساسية لا بل يعتبر من أهم وأقدم القطاعات الصناعية حيث لدينا الف وخمسماية مصنع مسجل لدى وزارة الصناعة، يعني حوإلى 26% من حجم الصناعات اللبنانية، وهناك 178 منتجاً لبنانياً في مجال الصناعات الغذائية. والصادرات الصناعية الغذائية هي تقريبا 20% من حجم الصادرات”.
أضاف:” بالمعنى المادي المباشر، نحن نحتاج إلى طريقة وتعاون من اجل رفع قيمة التبادل التجاري بين لبنان والإمارات. واذا نظرنا إلى أرقام الـ 2018 بلغت الصادرات اللبنانية إلى الإمارات 457 مليون دولار. وبلغت الواردات من الإمارات 588 مليون دولار. يعني أن العجز بقيمة 131 مليون دولار. ونحن نستطيع أن نرفع حجم التبادل بشكل كبير. لذلك سأقترح عقد لقاء مشترك يكون مخصصاً لمسألة التبادل في القطاعات الصناعية الغذائية والزراعية، ولدينا الكثير من البرامج التي نسعى عبرها إلى رفع مستوى هذه الصناعات. وننفذ هذه البرامج مع منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية ومع الاتحاد الأوروبي وعدد من الدول الأوروبية التي تسعى إلى تحسين جودة الإنتاج الزراعي في لبنان. وهناك أيضاً مشروع المناطق الصناعية الجديدة الذي تحدث عنه الرئيس الحريري، وقد بدأنا بسبع مناطق صناعية تمتد عبر الأراضي اللبنانية وبعضها قريب من مناطق زراعية غنية للاستفادة منها في التصنيع الغذائي”.
وختم قائلا: “أكرر الشكر وأكرر التمني بان نعمل سويا من اجل وضع سياسات مركزة وهادفة بين لبنان والإمارات علنا ننتقل من التبعية الغذائية إلى السيادة الغذائية التي تعتبر أولى مداميك الأمن القومي العربي”.
كذلك كانت كلمات للويس لحود ووزرة الدولة للأمن الغذائي الإماراتية مريم محمد المهيري.
توقيع اتفاقية
بعد ذلك، جرى التوقيع على اتفاقية تعاون بين سوق أبو ظبي العالمي والمركز اللبناني للتحكيم والوساطة، وقعها عن الجانب اللبناني وزير الاتصالات محمد شقير بصفته رئيس الهيئات الاقتصادية.
الجلسة الثالثة
ثم عقدت الجلسة الثالثة للمؤتمر بعنوان: فرص الاستثمار في قطاعات البنية التحتية-قوانين الشركات بين القطاع العام والقطاع الخاص في البلدين، تحدث فيها كل من رئيس مجلس الإنماء والإعمار نبيل الجسر، الرئيس المفوض للهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية الخاصة في طرابلس حسن ضناوي، أمين عام المجلس الأعلى للشراكات بين القطاعين العام والخاص فرحات فرحات، المدير التنفيذي لموانئ دبي محمد يوسف المعلم ورئيس مجلس إدارة شركة “روتانا” لإدارة الفنادق ناصر النويس.
الجلسة الرابعة
بعد ذلك، عقدت الجلسة الرابعة حول فرص الاستثمار في قطاع النفط والغاز والطاقة المتجددة، تحدث فيها كل من مستشار وزيرة الطاقة والمياه الدكتور ريمون غجر، رئيس المركز اللبناني لحفظ الطاقة بيار خوري، رئيس هيئة إدارة قطاع البترول وليد نصر، وكيل وزارة الطاقة والصناعة الإماراتية مطر حامد النيادي، رئيس دائرة المكتب التنفيذي في “أدنوك-الإمارات” عمر صوينع السويدي والمدير التنفيذي للطاقة النظيفة في الإمارات يوسف العلي.
الجلسة الخامسة
ثم عقدت الجلسة الخامسة حول دور القطاع المصرفي والمالي وصيغ التمويل المتاحة، حيث كانت كلمة لرئيس جمعية المصارف اللبنانية سليم صفير قال فيها: “أتوجه بالشكر لمنظمي هذا المؤتمر على دعوتي لأكون بينكم اليوم. وأشكر دولة الإمارات العربية المتحدة على استضافتها هذا المؤتمر، هذا البلد الذي عودنا قيادة وشعبا أن يكون دائما إلى جانب لبنان وفي كل الظروف. تسمعون منا دائما أن لبنان وطن مميز، ومن أهم مميزاته أن لديه أصدقاء كدولة الإمارات، واليوم خير دليل على ذلك. للبنان دعائم وجودية ساعدته على الثبات في وجه العديد من الأزمات والمطبات، ومن أهم دعائمه، إيمان اللبنانيين والأخوة العرب بالقدرات اللبنانية على النهوض والإبداع.
اليوم سأتحدث أمامكم ببساطة وصراحة وبعيدا عن لغة الأرقام وبديهيات العمل المصرِفي. نحن المصارف، ببساطة نمثل مصالح الناس. اذا كان الناس بخير نحن بخير والوطن بخير. نحن في لبنان لنا خصوصية تميزنا عن أي قطاع مصرفي حول العالم. نحن جزء أساس من استقرار البلد واستمراريته، علينا مسؤولية وطنية كبرى ترافقنا يوميا، فتحول أيام عملنا من عمل مصرفي تجاري بحت الى هاجس وطني يتفاعل مع الأحداث اليومية.
لا أعتقد أن هناك مدير مصرف يتابع أخبار العالم من الأمم المتحدة الى الصراف الآلي في الشارع كما نفعل في لبنان. نعيش قلقا دائما ومتابعة دقيقة من أجل خدمة عملائنا ومستثمرينا.
تسمعون عن صعوبات اقتصادية ومالية تواجه لبنان. إنها مطبات اقتصادية سنتجاوزها كما في السابق لأن ركائز الاقتصاد لا تزال متينة. نحن كقطاع مصرفي متفائلين بتوجه الحكومة الجديد المبني على سياسة مالية تتناسب مع حجم إيرادات الدولة. هناك فرصة ثمينة للبنان وللمستثمرين العرب للاستفادة من قوة الدفع التي سيطلقها سيدر والتي نعتقد بأنها ستساهم في خلق مناخ استثماري جاذب.
أنا أدعو الشركات والمصارف العربية بالنظر بجدية إلى السوق اللبنانية كوجهة استثمارية جدية، وهم سيجدون في المصارف اللبنانية حليفا وشريكا استراتيجيا ومجديا. التحدي الحقيقي بالنسبة لنا هو إنعاش الاقتصاد واستعادة النمو. وهذا أمر يتطلب ضخ رؤوس أموال وتأمين قروض مدعومة. إن السيولة متوفرة في مصارف لبنان ولكن القروض مكلفة بسبب ارتفاع الفوائد نتيجة التصنيف الائتماني المنخفض”.
وأكد أن “تأمين قروض زراعية وصناعية وسياحية مدعومة بفوائد تحفيزية سيساهم في تعزيز النمو وزيادة الإنتاجية وتخفيض العجز. كما ان القطاع المصرفي مستعد وجاهز للمساهمة في تأمين المستلزمات المالية لقطاعي النفط والغاز حين يدخل لبنان في مرحلة التنقيب والتصدير.
هناك ثقة كبيرة من قبل المودعين والمستثمرين في المصارف اللبنانية. وهذه الثقة اكتسبت عبر السنين لأن المصارف اللبنانية التزمت دائما بتعهداتها وحمت حقوق المودعين والمستثمرين منذ تأسيس لبنان ومهما كانت الظروف”.
وختم: “إنها مرحلة دقيقة نمر فيها ولكننا مؤمنون بقدراتنا على تجاوزها ووقوف أصدقاءنا إلى جانبنا سيعزز من ثقتنا ويسرع في تخطي هذه المرحلة والعبور إلى شاطئ الأمان”.
كذلك كانت كلمات في الجلسة نفسها لكل من حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، رئيس الاتحاد الدولي للمصرفيين العرب الدكتور جوزيف طربيه ومحافظ مصرف الإمارات المركزي مبارك راشد المنصوري.
“تيار المستقبل”
بعد ذلك، استقبل الرئيس الحريري وفدا من “تيار المستقبل” في أبوظبي ودبي برئاسة منسقي التيار في دبي أحمد صبرا وأبوظبي عماد الزين وعرض معهم أوضاع المنسقية ورؤيته للنهوض بالاقتصاد اللبناني.
غداء تكريمي
وفي ختام المؤتمر، أقام وزير الاقتصاد الإماراتي سلطان بن سعد المنصوري حفل غداء تكريمي على شرف الرئيس الحريري والمشاركين في المؤتمر.