كتبت صحيفة “الشرق الأوسط” تقول: قال رئيس الجمهورية ميشال عون إن أي فشل هو فشل لكل السلطة، مثنياً في الوقت عينه على عمل الحكومة، ونافياً كل الشائعات التي نقلت عنه عكس ذلك، فيما دعا رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري إلى عدم المزايدة حول الإصلاحات، وليعمل الجميع يداً واحدة لتحقيقها، بحسب ما قالت مصادر وزارية لـ”الشرق الأوسط”.
وأتت مواقف عون والحريري في جلسة مجلس الوزراء التي عقدت أمس، للمرة الأولى بعد أزمة الدولار التي شهدها لبنان الأسبوع الماضي والاحتجاجات الشعبية؛ حيث شدّد رئيس الحكومة، بحسب المصادر “على أن الإصلاحات ستشمل كل القطاعات دون استثناء، داعياً الأفرقاء إلى عدم المزايدة في موضوع الإصلاحات والعمل يداً واحدة، لأن إنجازها سيكون ربحاً للجميع”. وأوضح أنه “لكي لا يتأخر إقرار الموازنة سيتم تضمينها ما أنجز منها إلى الآن، على أن يستمر البحث بكل الدراسات والأوراق الأخرى المقدمة في اجتماعات اللجنة الإصلاحية، وتقدم تباعاً كمشروعات قوانين لإقرارها”، وهو الموقف الذي أيّده به وزير المالية علي حسن خليل.
ونفى الحريري بعد الاجتماع وجود اي مشكلة بينه وبين الرئيس عون.
وكانت المصادر قالت لـ”الشرق الأوسط” إلى أن عون نفى الشائعات حول موقفه من الحكومة، مثنياً في المقابل على عملها، ومجدداً تأكيده على ضرورة محاكمة مطلقي الشائعات، وفق ما ينص عليه قانون العقوبات، وليس المطبوعات.
وهذا الموضوع كان محور كلمة رئيس الجمهورية في مستهل جلسة الحكومة أمس؛ حيث أكد “أن حق التظاهر لا يعني حق الشتيمة، وحرية الإعلام لا تعني حرية إطلاق الشائعات المغرضة والمؤذية للوطن”. وشدد على “أن الوقت اليوم ليس للمزايدة، بل لحل المشكلات، وخصوصاً الاقتصادية منها، وأولها إكمال الموازنة”.
وأضاف: “أنا رئيس الدولة، وأمثل كرامة اللبنانيين وهيبة الدولة، ونحن جميعاً نمثل السلطة الإجرائية، وأي فشل لنا هو فشل لكل السلطة، ولذلك ممنوع أن نفشل، ولن نفشل”.
ودعا رئيس الجمهورية إلى أن يمارس كل مسؤول صلاحياته، وإذا أخطأ فلا بد من محاسبته وفقاً للأصول والقواعد القانونية، طالباً من الوزراء تحمل مسؤولياتهم والدفاع عن الحكومة، وشرح ما يقومون به للمواطنين ليكونوا على بيّنة ولا يستمعون للشائعات التي تُطلق من هنا وهناك. وشدد الرئيس عون على أن القوانين وضعت للتطبيق، وليس للاطلاع عليها فقط.
ولفتت المصادر إلى أن الرئيس عون أثار أيضاً في الجلسة ضرورة البحث في مسألة التعامل بالليرة اللبنانية، وفق ما تنص عليه القوانين والأنظمة المرعية الإجراء، فتحدث وزير الاقتصاد والتجارة منصور بطيش، لافتاً إلى أن النصوص القانونية تلزم التداول بالعملة اللبنانية، وتفرض عقوبات على من يمتنع عن قبول العملة اللبنانية. وقال الوزير بطيش إنه أصدر في شهر مايو (أيار) قراراً بهذا الشأن، وإنه راسل وزارة الاتصالات بوجوب اعتماد الليرة اللبنانية في إعلان أسعار السلع والخدمات وفي تسديد الفواتير، خاصة أن شركتي “ألفا” و”تاتش” تصدران فواتيرهما بالدولار الأميركي، على غرار البطاقات المسبقة الدفع، ما أدى إلى بلبلة في الأسواق، مقترحاً استحصال المتاجر التي تبيع البطاقات على ترخيص من وزارة الاتصالات بهدف تنظيم هذا القطاع والحد من العشوائية فيه.
وتقرر درس طلب الرئيس عون، وإيضاحات الوزير بطيش في اللجنة الوزارية التي تتولى درس مشروع موازنة 2020.
وبعد انتهاء الجلسة، قال وزير الإعلام جمال الجراح: “إن جميع الوزراء أكدوا على مبدأ الحريات، وهناك حدود في المقابل صانها الدستور، ونصّت عليها القوانين التي ترعى التعاطي مع هذه الحريات، وخصوصاً ما يتعلق منها بالمقامات، ولا سيما مقام رئيس الجمهورية والوزراء”.
وأضاف: “ما أطلق في اليومين الأخيرين من إشاعات ألحق ضرراً كبيراً بالاقتصاد والمالية العامة، وقد تمنى الجميع على وسائل الإعلام توخي الدقة بنشر الأخبار التي تتصل بالنقد الوطني وبالاقتصاد”.
وفيما رأى أن الإعلام ينقل ما يقوله السياسيون، قال: “لكن هناك أمراً آخر حيث يجتهد بعض الإعلاميين في تحليل الوضع الاقتصادي والمالي، بما يؤثر سلباً على الوضع العام، إضافة إلى شتم المسؤولين، وهذا أمر غير مقبول”.
وعن جدول أعمال الحكومة، لفت الجراح إلى أنه أقرّ باستثناء بند واحد، وأنه سيتم استكمال التعيينات في وقت قريب جداً، مضيفاً: “كما قلنا بالأمس، فإن كل إصلاح يمكن أن يكون من ضمن الموازنة سيرد في متنها ضمن المهلة الدستورية، وكل إصلاح يجب إرساله إلى مجلس النواب سيصل وفق مشروع قانون، وعمل اللجنة الإصلاحية سيستمر حتى بعد الموعد الدستوري وتقديم الموازنة إلى المجلس النيابي”.
وفي ردّ على سؤال حول موقف كل من “حزب القوات” و”التيار الوطني الحر” بأنه لا موازنة إلا ضمن إصلاحات، قال: “لم يقل أحد ذلك، إلا أنه كان تأكيد من (القوات) و(التيار الوطني الحر) بشكل خاص، على ضرورة تضمين الموازنة إصلاحات جذرية تؤدي إلى استقرار اقتصادي ومالي، وهذا ما ينادي به كل الأفرقاء في المجلس، لأن الجميع حريص على إنجاز الموازنة في أقرب وقت لإرسالها إلى مجلس النواب في موعدها الدستوري في 15 أكتوبر (تشرين الأول)، كما سترسل إصلاحات أخرى إلى مجلس النواب وفق مشروعات قوانين، وسيتواصل البحث في إصلاحات أيضاً على غرار مناقشة النظام الجمركي الجديد بخطوطه الأولية، وهو مشروع مهم، لأنه يسهّل عمل التجار والمستوردين ويؤمّن مدخولاً إضافياً للخزينة، ولكنه مشروع لا يمكن الانتهاء منه خلال فترة قصيرة جداً. كما يتم أيضاً البحث في قانون المناقصات الجديد الذي يؤمّن شفافية للمناقصات، وفي حال لم يتم الانتهاء منه قبل تقديم الموازنة، فسيصل إلى مجلس النواب بمشروع قانون منفصل”.
وعن موعد الانتهاء من البحث في الموازنة وإحالتها ضمن موعدها الدستوري، قال الجراح: “الأرقام كانت قد أنجزت بشكل كامل، ما عدا الجزء الثاني من أرقام وزارة الخارجية ووزارة الأشغال، لغياب الوزيرين في حينه. بنود المواد القانونية ستستكمل، والإصلاحات سبق أن ذكرت كيفية التعامل معها، لأن عملية الإصلاح مستمرة ودائمة ولا تنتهي مع الموعد الدستوري للموازنة، إلا أنه مع نهاية العام يجب أن تكون لجنة الإصلاح المالي والاقتصادي قد أنجزت كل ما عليها القيام به”.
وعما إذا كان لبنان تجاوز الأزمة المالية والاقتصادية أم أن في الأمر تجميلاً للواقع؟ قال: “لدى لبنان القدرة على تجاوز هذه الأزمة، إنما الأمر يحتاج إلى بعض الهدوء، فنحن نملك إمكانات كبيرة للخروج من الأزمة”.
وفي ردّ على سؤال حول “مَن المعنيّ بالفوضى التي حصلت الأسبوع الفائت؟” أجاب الجراح: “لا أعلم، لكن المؤكد أنه ليس الإعلام، فهناك وزراء ونواب يدلون بتصريحات سلبية عن الأوضاع، وهذا أمر تم طرحه في مجلس الوزراء، وقد أكده دولة الرئيس، مؤكداً في الوقت عينه “أن المسؤولين السياسيين ورئاسة الجمهورية فريق واحد، لكن بعض السياسيين يجتهدون في الكلام”.