كتب هيثم زعيتر في جريدة “اللواء”
وجهت “القائمة العربية المُشتركة” ضربة قاصمة لرئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بإقصائه عن تشكيل الحكومة المُقبِلة، بعدما أوصت بتسمية رئيس حزب “أزرق – أبيض” بيني غانتس لتشكيلها.
ولولا هذه التسمية، لكان نتنياهو الأوفر حظّاً بالتشكيل، لأنّ مُعسكر “اليمين – الحريديم”، الذي يتزّعمه يتمثّل بـ55 نائباً، ومُعسكر “الوسط – يسار”، الذي يتزعمه غانتس يتمثّل بـ44 نائباً.
لذلك، فإنّ أصوات “القائمة المُشتركة” برئاسة أيمن عودة، التي تتمثّل بـ13 مقعداً، رجّحت كفّة غانتس بـ57 صوتاً مُتفوِّقاً على نتنياهو، لأنّ رئيس حزب “إسرائيل بيتنا” أفيغدور ليبرمان، الذي يتمثّل بـ8 مقاعد، لم يُسمِ أحداً لتشكيل الحكومة.
وهذا يُؤكد أنّ الصورة ما زالت ضبابية بشأن النجاح بتشكيل الحكومة، في ضوء النتائج التي أسفرت عنها الانتخابات الـ22 لـ”الكنيست”، والتي جرت يوم الثلاثاء الماضي، ولم تُعط أيّاً من المُعسكرين المُتنافسين أفضلية مُريحة للتشكيل.
وعلى الرغم من أنّ تكليف رئيس الكيان الإسرائيلي رؤوفين ريفلين لغانتس تشكيل الحكومة بات الأرجح، إلا أنّ عدم تسمية ليبرمان أيٍّ من المُرشّحين، يعني أنّه لن يتمكّن من تأمين الأكثرية، التي يحتاج إليها في “الكنيست”، وهي 61 صوتاً دون مُوَافقة ليبرمان، أو استمالة أحزاب من مُعسكر اليمين.
وهذا رهن المُشَاورات المُعطاة له على مدى 42 يوماً (28 المُهلة الأولى و14 إضافية)، حيث ستبقى الأنظار شاخصة إلى جلسة استجواب نتنياهو في قضايا الفساد، والمُحدّدة في 2 تشرين الأول المُقبل.
وفي ضوئها قد تُغيّر بعض الأحزاب مواقفها، وليس بعيداً أنْ ينسحب ذلك على حزب “الليكود”، الذي حينها سيبحث عن بديل لرئيسه المُتّهم بقضايا الفساد.
وكل “السيناريوهات” المطروحة، لا تُبعِد عن المشهد احتمالات حل “الكنيست”، والتوجُّه إلى انتخابات ثالثة.
المُشاورات تُرجِّح غانتس
فقد بدأ رئيس الكيان الإسرائيلي، أمس (الأحد)، الجولة الأولى من المُشاورات مع 5 أحزاب، على أنْ تُستكمل اليوم الإثنين مع 4 كتل، من التي تمكّنت من تخطّي عتبة “الكنيست”، للوقوف على تسمياتها للشخص الذي ترشّحه لتشكيل الحكومة المُقبلة.
وشملت الجولة الأولى، التي جرت في ديوان رئيس الكيان، تحالف “أزرق – أبيض”، الذي حلَّ بالمركز الأوّل بـ33 مقعداً، وبشكل طبيعي أوصت بترشيح غانتس للتشكيل.
ثم التقى بوفد حزب “الليكود” برئاسة نتنياهو، الذي حلَّ في المرتبة الثانية بـ31 مقعداً، والذي أوصى بنتنياهو لتشكيل الحكومة.
بعدها التقى وفداً عن “القائمة المُشتركة” برئاسة عودة، التي حلّت بالمرتبة الثالثة بـ13 مقعداً، والتي سمّت غانتس لتشكيل الحكومة، وذلك في ضوء القرار التي اتخذته بذلك، إثر عقدها جلسة صباحية حسمَت خلالها موقفها من التسمية.
ثم التقى حزب “شاس” للمتديّنين الشرقيين برئاسة أريه درعي الفائز بـ9 مقاعد، الذي أوصى بترشيح نتنياهو لتشكيل الحكومة.
أما اللقاء الأبرز، فكان مع حزب “إسرائيل بيتنا” برئاسة ليبرمان الفائز بـ8 مقاعد، والذي لم يسمِ أحداً، علماً بأنّ تصويته لأي من المُعسكرين المُتنافسين يُعطيه أفضلية للتشكيل، وأيضاً الثقة في “الكنيست”، وهو يُركّز على ضرورة تشكيل ائتلاف ليبرالي واسع يضم الحزبين الكبيرين “الليكود” وتحالف “أزرق – ابيض” وحزبه “إسرائيل بيتنا”، دون مُشاركة أحزاب “الحريديم” و”القائمة المُشتركة”.
ويُتوقّع أنْ يبلغ عدد الأحزاب التي ستوصي بتكليف نتنياهو لتشكيل الحكومة 55 صوتاً، تعود إلى حزب “الليكود” و3 أحزاب اليمين: “شاس”، “يهدوت هتوراه” و”يمينا”.
أما عدد النوّاب الذين من المُتوقّع أنْ يُوصوا بتكليف غانتس للتشكيل، فهو 57 نائباً في ضوء تسمية “القائمة المُشتركة” له.
“المُشتركة” تخلط الأوراق
وعلّق نتنياهو، على توصية “القائمة المُشتركة” اسم غانتس لرئاسة الحكومة، في تغريدة له عبر صفحته على “تويتر”: “لقد حدث بالضبط ما حذّرنا منه، أوصت القائمة العربية المُشتركة بيني غانتس كرئيس للوزراء، الآن هناك خياران يجب أنْ يحدث أحدهما، الخيار الأول: إما تشكيل حكومة أقليّة تعتمد على مَنْ ينبذون إسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية ويمجّدون (الإرهابيين) الذين يقتلون جنودنا ومواطنينا، أو تشكيل حكومة وطنية واسعة”.
وقال عودة: “أصبحنا في عصر نتنياهو مجموعة غير شرعية، في السياسة الإسرائيلية لم نمنح الشرعية، لكن الآن الحجر الذي رفضه البناؤون أصبح اليوم رأس الزاوية”.
وأضاف عودة: “نحن نبحث عن طريقة لمنع نتنياهو من أنْ يُصبح رئيس وزراء، غالبية الجمهور الإسرائيلي قالوا: لا لحكم نتنياهو، لذلك سنوصي بيني غانتس كرئيس للوزراء”.
أما أحمد الطيبي فقال لريفلين: “نحن لسنا ضيوفاً في هذا البلد، نحن أصحاب البيت”.
ودرجت العادة على امتناع الأحزاب العربيّة، عن التوصية باسم أي مُرشّح لرئاسة الحكومة.
وأوضح أعضاء في “القائمة المُشتركة” بأنّ التوصية بتسمية غانتس لتشكيل الحكومة، تمّت دون وجود اتصالات رسمية مع رئيس تحالف “أبيض – أزرق”، وسيتم تقديم تقارير وأوراق تشمل جميع مطالب الجماهير العربية في الداخل، على رأسها التخطيط والبناء والميزانيات والعدل الاجتماعي والعنف.
وذُكِرَ أنّ مطالب “القائمة المُشتركة” تتضمّن: العمل على ضمان المُساواة بين العرب واليهود، القضاء على الجريمة بالوسط العربي، توسيع مساحة المدن والبلدات العربية في الكيان الإسرائيلي والتقدّم بالمُفاوضات السياسية مع السلطة الفلسطينية على أساس حل الدولتين.
من جهته، سارع حزب “أزرق – أبيض” للردّ على هذه التسريبات بأنّ “قرار القائمة المُشتركة التوصية بغانتس أو عدمها لرئاسة الحكومة، مُتعلّقة بضمان مُستقبل أفضل لسكّان إسرائيل من كافّة المُجتمعات”.
ولم يتوجّه غانتس إلى “القائمة المُشتركة” بطلب دعمها، رغم إجرائه اتصالات بقادة مُختلف الأحزاب الإسرائيليّة.
وكان قد قال قبل أيام: “لدينا نقاش هائل مع “القائمة المُشتركة” حول الجانب القومي – السياسي، ولن أتزحزح عن هذا النقاش للحظة واحدة”.
وأشار غانتس إلى أنّ “مرحلة التوصيات هي شيء، واختيار الحكومة هي مرحلة ثانية، وتوجد لدى رئيس الدولة صلاحية منح التفويض لمَنْ يعتقد بأنّ لديه الاحتمال الأعلى على ضوء النتائج والخريطة التي ستنشأ”.
ومن المُقرّر أنْ تُعلِن اللجنة الانتخابية الإسرائيلية النتائج النهائية لانتخابات “الكنيست” يوم الأربعاء المُقبِل.
من جهته، كان ليبرمان قد أوضح أنّه “لن أوصي بمُرشّح لرئاسة الحكومة الإسرائيلية المُقبِلة، وهذا القرار سيُتّخذ إذا لم يتعهّد أي من المُرشّحين بتشكيل حكومة وحدة تشمل “إسرائيل بيتنا” مع أحزابهم”.
وجاء من مركز حزب “إسرائيل بيتنا”: “ما من قرار نهائي في هذا الشأن، سنناقش المسألة في قيادة الحزب”.
إلى ذلك، وبعدما أُبلغ نتنياهو بعدم إمكانية مُوَافقة رئيس الكيان الإسرائيلي على تسوية بخُرُوجه من الساحة السياسية، مُقابل صدور عفو عن تُهم الفساد المُوجّهة إليه، سارع إلى نفي هذا الطرح، بعدما أبلغهم مُسؤولون من النيابة العامة بأنّه إذا وُجِّهَتْ إليه تُهم، فإنّ النيابة ستُعارض صفقة الإقرار بالذنب ما لم تتضمّن عقوبة السجن الفعلي.
ونقل عن نتنياهو، قوله: “ما من حقيقة في التقارير المغلوطة، التي تتحدّث عن نوايا رئيس الوزراء نتنياهو بالتوصل إلى صفقة”.
وأعلن محامو نتنياهو عن أنّهم سيحضرون الجلسة كما هو مُخطّط لها، وسيُقدّمون خلالها طعونهم الجلية، ولا ينوون طلب إرجاء عقد جلسة الاستماع.
لكن حتى لو فعل ذلك في ظل ظروف سياسية قاهرة، فلا بُدَّ من أنّ طلبه سيُرفض. كان هذا بعد تقديم رؤوس أقلام الطعون التي أعدّها فريق الدفاع عن رئيس الوزراء.
وجاءت الاستشارات النيابية في أعقاب زيارة المبعوث السابق للرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى الشرق الأوسط جيسون غرينبلات – على الرغم من تقديم استقالته من منصبه – إلى الكيان الإسرائيلي ولقائه نتنياهو.
لكن في ضوء التوجّه إلى تسمية غانتس لتشكيل الحكومة، فإنّ غرينبلات، أبدى رغبة في عقد لقاء معه بهدف التباحث حول الموعد المُناسب للإعلان عن الخطة الأميركية لتصفية القضية الفلسطينية، المعروفة بـ”صفقة القرن”.
عباس في نيويورك
فلسطينياً، وصل رئيس دولة فلسطين محمود عباس إلى نيويورك، للمُشاركة في أعمال الدورة الـ74 للجمعية العامة للأمم المُتحدة، حيث سيُلقي كلمة هامّة يوم الخميس المُقبل.
كما سيترأس اجتماعات “مجموعة 77 والصين”، التي تترأس فلسطين دورتها لهذا العام.
وكان الرئيس عباس قد أنهى زيارته إلى النروج، والتقى خلالها مسؤولين، حيث وُصِفَتْ الزيارة بأنّها إيجابية ومُثمِرة.
إلى ذلك، وفي إطار خطوات الاحتلال التصعيدية والتضييق على الفلسطينيين، أعلنت شركة الكهرباء الإسرائيلية عن أنّها ستقطع التيار الكهربائي عن الفلسطينيين.
وذكرت الشركة أنّ الجانب الإسرائيلي سيبدأ فعلياً بتقنين وقطع التيار اعتباراً من 22 و23 سبتمبر/أيلول الجاري، ولساعات مُحدّدة حتى إشعار آخر.