وجه رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان رسالة في ذكرى تغييب الإمام السيد موسى الصدر ورفيقيه الشيخ محمد يعقوب والاعلامي عباس بدر الدين، قال فيها: “ما زلنا نفتقد البدر الذى اضاء عالمنا علما وهداية باستمرار جريمة العصر التي غيبت امام الوطن والمقاومة عن ساحات جهاده، بيد انها اخفقت لان الامام الصدر حاضر فينا فكرا وعملا، جهادا وتنمية، انتماء للوطن وعهدا على متابعة المسيرة، فالسلام على الرفيق الحبيب والصديق الصدوق صاحب القلب الكبير المفعم بتقوى الله ومحبة الناس الذي اتسع لحب الله والوطن وكل الناس ولم تأخذه في محبة الله لومة لائم فعاش طموحات القادة الابرار ممن خلدهم التاريخ بحروف من نور، والسلام على اخويه الحبيبين الصديقين الذين جسدا المحبة والوفاء وصدق الانتماء.
وتابع: “سلام عليك يا ضمير امتنا، يا صوت الحق الصارخ بوجه الباطل، نحن لن ننساك ابدا لاننا عرفناك سيدا تقيا تسير على خطى الأنبياء وتلتزم مسيرة الأوصياء لتقود ثورة بيضاء نقية كنقاء قلبك وصفاء ايمانك، فأنت صاحب رؤى مستنيرة تستشرف المستقبل المشرق لامتنا، وتعمل لنهضة الشعوب وتحريرها من الظلم والفساد والفقر والجهل، فشحذت الهمم واستنهضت العزيمة من اجل خدمة الانسان المعذب والمقهور بمنأى عن الدين والعرق والانتماء، فكنت وما زلت صاحب صحوة ايمانية على مساحة دنيانا استمدت تعاليمها من شجرة أهل بيت النبوة التي اتسمت بالطهر والصدق والاخلاص، فكنت على العهد مع مخلص البشرية من الظلم والفساد تخلص الوعد والعمل وتقرن القول بالفعل، فأحييت فينا الامل بالغد الافضل الذي تسود فيه عدالة السماء”.
واضاف قبلان: “نفتقد بغيابك رجل الانفتاح والحوار الذي نبذ التعصب وانفتح على الاخرين رافضا الاساءة لاي انسان، فكنت المحارب للتكفير والمتصدي للتعصب، لانك ايقنت ان الانسان اخ للانسان لا يظلمه ولا يخونه وفقهت المعنى الحقيقي للايمان بالله على اعتباره دعوة دائمة الى توحيد الله والوحدة على قاعدة المحبة والتعاون على البر والتقوى، ونحن على نهجك سنبقى عاملين لترسيخ العيش المشترك والتزام الحوار وسيلة لحل المشاكل، نعمل لخير الانسان دون تمييز لانه خليفة الله على الارض، نرفض الظلم والتسلط ونظام الامتيازات لاننا نريد ان تكون كرامة الانسان محفوظة وحقوقه مصانة، ولاننا نريد لوطننا ان ينعم بنعمة الدين ويكون بمنأى عن العصبية الطائفية التي وقفت بوجهها سعيا لقيامة وطن العدالة والمساواة، ولطالما وقفت بوجه كل الصراعات الداخلية وتصديت لكل أنواع الفتن الطائفية والمذهبية التي تستهدف لبنان”.
من هنا نطالب اللبنانيين بتأسيس منظومة وطنية ترتكز الى القيم والمبادىء الوطنية والايمانية من منطلق ان لبنان وطن نهائي لجميع بنيه وان اللبنانيين محكومون بالتوافق، لتسهم في صهر اللبنانيين في بوتقة الوحدة الوطنية المحصنة بتعاونهم والتزامهم العيش المشترك ليظل لبنان رسالة للتعايش الاسلامي المسيحي، فاللبنانيون واخوة وشركاء وعليهم ان يجندوا انفسهم لحفظ وحدة لبنان وترسيخ عيشه المشترك، وعلى السياسيين ان يجعلوا من مؤسساتهم الدستورية محط توافقهم وتعاونهم لتكون لنا دولة عادلة يحكمها القانون.
واردف قائلا: “لقد استشرف الامام الصدر الخطر الصهيوني على لبنان والامة العربية فغرس بذرة المقاومة التي اينعت ابطالا وشهداء ومجتمعا مقاوما حققوا النصر لامتنا وجعلوا من لبنان خط الدفاع الاول عن الامة وشعوبها، لانه كان على يقين مطلق واقتناع تام بأن إسرائيل هي العدو الأول للبنان والخطر الأكبر عليه وعلى الأمة العربية والاسلامية، فكان مؤسس المقاومة وامامها الذي جند نفسه وشعبه لمقارعة اسرائيل ومواجهتها ونصرة قضية فلسطين التي سكنت في عقله وقلبه ووجدانه، فبذل الجهد والجهاد والجهود لتكون المقاومة طريق تحرير الارض وانقاذ المقدسات. ولقد اثبتت الايام والاحداث صحة وعمق رؤية الامام الصدر بان اسرائيل شر مطلق ولا سبيل لتحرير الارض الا بالمقاومة، ولبنان الموحد والمتمسك بجيشه وشعبه ومقاومته قادر على افشال مخططات اسرائيل ولجم عدوانها وحفظ استقرار لبنان وسيادته”.
وخاطب قبلان اللبنانيين بالقول: “احفظوا نهج الامام الصدر واحفظوا وطنكم بحفظكم لبعضكم البعض، وانبذوا الاحقاد واتركوا الخلافات وكونوا يدا واحدة وقلبا واحدا في الدفاع عن لبنان ومصالح شعبه،ان لبنان الموحد امانة في اعناقنا جميعا، وعلينا ان نحفظه فنتمسك به ونحمي حدوده ونصون امنه واستقراره ونحفظه بالتمسك بالمعادلة التي حمت لبنان فنتصدى جيشا وشعبا ومقاومة للارهاب بشقيه الصهيوني والتكفيري، ونحصن لبنان بالمحافظة عليه كما نبهنا الامام الصدر بقوله: حافظوا على وطنكم قبل ان تبحثوا عنه في مقابر التاريخ”.
وخلص قبلان الى القول: “نحن ما زلنا نعيش في رحابك نترصد ونتحرى اخبارك ونتذكرك في جميع اوقاتنا، فانت في ضميرنا تعيش وفي وجداننا تسكن، ولقد افتقدناك ونحن احوج الناس اليك مذ عرفناك فقيها تقيا مفكرا عميقا مجددا رائدا ناصرا للحق محاربا للباطل، اشتقنا اليك والى طلتك ومحياك ودماثة خلقك وغزارة علمك ولكن الامر الى الله نشكو اليه فقدنا وشوقنا فهو المعين والناصر وهو على كل شيء قدير. ونتضرع الى الله تعالى ان يفك اسرك واخويك لتعود الى اهلك واحبائك ووطنك وكل الاحرار الثوار الذين عاهدوا الله على السير على خطاك ونهجك”.