عقدت وحدة التنسيق الوطنية لمنع التطرف العنيف، في السراي الحكومي، الورشة الوطنية الثامنة حول منع التطرف العنيف والمتعلقة بالتواصل الاستراتيجي والمعلوماتية ووسائل التواصل الاجتماعي، برعاية رئيس الحكومة سعد الحريري وبمشاركة المدير العام لوزارة الاعلام الدكتور حسان فلحة ممثلا وزير الاعلام جمال الجراح، في حضور مدير الدراسات والمنشورات اللبنانية خضر ماجد، وممثلين عن كافة الوزارات والجامعات والاجهزة الامنية واكاديميين.
بداية، عرضت المنسق العام لوحدة التنسيق الوطنية روبينا ابو زينب للاستراتيجية الوطنية لمنع التطرف العنيف واهدافها وشرحت لمجريات الورشة السابقة التي اجرتها وحدة التنسيق على مدى سبعة اشهر. وتطرقت للتوصيات التي صدرت عنها وللشركاء الدوليين “الذين اسهموا في اثراء هذه الاستراتيجية والتي تقوم على الوحدة المجتمعية والحوكمة بأسس وطنية ومعايير دولية”.
ثم تحدث الدكتور فلحة فقال: “ان التطور التقني الهائل يدفع الى تغييرات بنيوية وجوهرية في المجتمعات الانسانية وفي مقاربة الأمور وتسهم بتبدل واضح ومتسارع في الميول النفسية والأنماط الفكرية قد تكون إيجابية او سلبية على المستويات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والمعيشية اذ ان التعرض المستدام لوسائل التواصل الاجتماعية اصبح خاصية متلازمة في مقاربة الأمور واتخاذ القرارات بشأنها وقد تعدى ذلك الى اعادة تكوين الشخصية الفردية والجماعية على أشكال ومسارات مختلفة لم تعهدها المجتمعات الانسانية من قبل. “الهوية” التكنولوجيا أوجدت نوعا من التشابه في استخدام الوسائل ذاتها، ولكنها خلقت أنماطا مختلفة من التفكير تتساوى على المستوى المعرفي مع حجم المسافة التى تفصل بين الفرد والمجتمع او بين الاثنين معا في الوصول الى المعلومات وقواعد البيانات والمعرفة التى تتسع بشكل كبير مما يجعلنا امام كم هائل من المعلومات وامام إرباك كبير في التعاطي معها فغدت وفرة المعلومات تؤثر بشكل جلي على نوعية التفكير وآلياته وبالتالي على عملية اتخاذ القرارات ما أوجد الفرد والجماعة امام ارباك فكري وتلبك فكري في اتخاذ المواقف وبالتالي في السلوك الذي سيعتمد”.
أضاف: “إذا، نحن أصبحنا امام تبدل في القيم المعرفية وامام تبدل في سلم القيم والأخلاقيات التى تعتمدها الجماعات وينطلق منها الأفراد في سلوكهما اليومي ونمط عيشهما. ويبرز تأثيرها بشكل واضح لدى الأجيال الجديدة التى غدت اكثر براعة واستخداما لهذه التكنولوجيا.. وتصرف معظم أوقاتها برفقتها مما جعلها الأكثر تأثيرا في هذه الفئات العمرية وبالتالي انعكس دور الوسيلة وأثرها على المضمون ونمط التفكير والسلوك المعتمد وتغير هوية الفرد هناك عدة عوامل تتحكم بهذا التغيير ابرزها اثنان: وفرة المعلومات المتاحة ووفرة وسائل التواصل وتشابه آليات عملها بين المجتمعات كافة المتقدمة او تلك النامية. اما على مستوى دور الدولة فنكتشف الآتي: اننا امام تطور تقني هائل تقابله أزمة في النصوص والتشريعات والقوانين التى يجب ان ترعى عملية استخدام هذه التقنيات او اقله على مستوى إنشائها وطريقة تملكها واستخدامها وهذا ما حصل في لبنان مع المواقع الإلكترونية التى انتشرت بشكل سريع وسلس من دون الحاجة الى نص يرعاها او يحدد طريقة تأسيسها وهذه الهوة بين التكنولوجيا والنص ليست موجودة في لبنان بل في كل الدول تقريبا ويا للأسف تبدو في لبنان أعمق من غيرها لأنه حتى تاريخه لم يقر النص الذي يتيح استخدام هذه التقنيات على المستوى الإعلامي والمعرفي”.
ورأى الدكتور فلحة أن “هذه الورشة تشكل فصلا معرفيا لتكوين قاعدة منطلق لإيجاد النصوص القانونية المرنة التى تيسر استخدام التقنيات المعرفية والتى توجد أسسا اخلاقية في مقاربة تقنيات المعرفة المطلوب التناغم والتآزر بين القوانين والأخلاقيات التى ترعى العمل الإعلامي والمعرفي بما يحفظ الهوية للفرد والجماعة في مناخ من الحرية والديموقراطية التى نصبو اليها”.
وختم: “ان الاستثمار في تكنولوجيا المعرفة يشكل رأس مال لاقتصاد لبنان وهذا ما يجب ان ينكب الجهد عليه من قبل القطاعين العام والخاص لتعزيز الحضور العلمي والمعرفي بما يليق ببلدنا”.