اختتمت قمة مجموعة السبع الكبار في الجنوب الفرنسي بعد أن هيمنت عليها المخاوف الغربية من انكماش الاقتصاد العالمي نتيجة الخلافات والحروب التجارية خصوصا بين واشنطن وبكين لكن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أبدى استعداده لحوار قال إن الصين ترغب به أيضا. النبرة اللينة لأمريكا حضرت أيضا في ملف عودة روسيا إلى مجموعة السبع الكبار بينما لا يزال الخلاف حول بريكسيت من دون اتفاق حجرة عثرة كبيرة بين دول أوروبا الغربية.
القمة التي انعقدت مدينة بياريتس الفرنسية، المطلة على المحيط الأطلسي، قمة الدول الصناعية السبع الكبرى (جي7) هي النسخة الثالثة والأربعين من القمة. ويمثل الدول الصناعية السبع الكبرى أصحاب أعلى المناصب في البلاد، أي الرؤساء ورؤساء الحكومات. وكانت المجموعة تعرف بمجموعة الدول الصناعية الثماني الكبرى (جي8) إلى أن تمّ استبعاد روسيا منها بعد ضمّهاشبه جزيرة القرم من أوكرانيا في العام 2014، بعملية عسكرية خاطفة. وتحولت المدينة، منذ أيام، إلى حصن أمني، بسبب كثافة الانتشار الأمني فيها، إذ توعد بعض مناصري السترات الصفراء بالتوجه إلى بياريتس للتظاهر.
متى تأسست المجموعة؟ وما هي الدول الممثلة فيها؟
منذ أكثر من أربعة عقود بدأت تعقد اجتماعات الدول الصناعية الكبرى، وكانت بمثابة فرصة لزعماء تلك الدول، لخوض نقاشات متعددة متعلقة بالاقتصاد العالمي والأمن والطاقة. بقول آخر، إن الدول الصناعية الكبرى الممثلة في القمم لا تحصر النقاش في مسائل صناعية فقط.
تاريخياً، شكّلت الولايات المتحدة الأميركية واليابان وفرنسا وإيطاليا والمملكة المتحدة وألمانيا الغربية، في العام 1975 ما عرف آنذاك بمجموعة الدول الصناعية الست الكبرى، والهدف من المجموعة كان النقاش في الأمور الاقتصادية، مثل التضخم والنفط. وانضمت كندا إلى الدول الست في العام التالي، بينما التحقت روسيا بركب السبع في العام 1998، أي بعد انهيار الاتحاد السوفياتي بسبع سنوات.
ويجدر القول هنا إن القرارات التي يتخذها زعماء العالم في قمم الدول الصناعية الكبرى لا تلزم أيّاً من الدول المشاركة فيها بتنفيذها، ولذا غالباً ما يعبّر كلّ زعيم عن وجهة نظر الدولة التي يمثلها، طموحاتها وتطلعاتها الاقتصادية والسياسية والاجتماعية.
ويحضر القمة الوزراء والموظفون المدنيون من الدول السبع على مدار العام لمناقشة الشؤون والمصالح المشتركة.
وتتولى كل دولة من دول المجموعة رئاسة هذا الكيان لعام واحد بالتناوب. وتكون الدولة التي ترأس المجموعة مضيفة لقمة السبع السنوية التي تمتد ليومين.
وتحتل سياسات الطاقة، والتغير المناخي، ومرض نقص المناعة المكتسبة (الأيدز)، والأمن العالمي مكانا بارزاً بين قضايا أخرى كثيرة تناقشها القمة.
ومن بين الحضور الأساسيين لقمة مجموعة السبع، رؤساء الحكومات، ورئيس المفوضية الأوروبية، وهو حالياً جان كلود يونكر، الذي يغيب عن هذه القمة بسبب خضوعه لعملية جراحية، كما يحضر رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك.
هناك خلافات داخلية في المجموعة بين ترامب وباقي الأعضاء بسبب السياسات التجارية الأمريكية
وفي العادة، يُدعى إلى حضور القمة ممثلون لدول أخرى ومندوبون عن منظمات دولية. وستركز قمة بياريتز الحالية على “محاربة عدم المساواة“.
وتخرج مجموعات من المتظاهرين تزامناً مع انعقاد قمة السبع، تمثل عدداً كبيراً من المنظمات بداية من نشطاء حقوق البيئة إلى مناهضي الرأسمالية. وغالباً ما يتم إبعاد هؤلاء المحتجين عن مكان انعقاد القمة من خلال إجراءات أمنية موسعة.
رغم الانتقادات التي توجه إلى مجموعة السبع والنظر إليها على أنها بمثابة “تحفة فنية تنتمي لعصور غابرة”، حققت المجموعة بعض النجاحات الهامة، أبرزها إنشاء صندوق دولي لمكافحة أمراض الأيدز والسل والملاريا، والتي تقول إنه أنقذ حياة حوالي 27 مليون شخص منذ عام 2002.
كما أن مجموعة السبع كانت القوة الرئيسية المحركة وراء تفعيل اتفاقية المناخ الموقعة في باريس في 2016 حتى مع تقديم الولايات المتحدة طلب الانسحاب من الاتفاقية في ذلك الوقت.
الصين لسيت في مجموعة السبع
رغم أنها الدولة الأكبر من حيث عدد السكان وثاني أكبر اقتصاد في العالم، تُعد ثروات الصين أقل نسبياً من أعضاء مجموعة الدول السبع، وفقاً لحساب نصيب الفرد من ثروات البلاد، لذا لا تعتبر الصين من دول الاقتصادات المتقدمة بحسب مقياس دول المجموعة، على الرغم من عضويتها في مجموعة العشرين، واحتوائها مدناً ضخمة حديثة مثل شنغهاي.
انضمت روسيا عام 1998 إلى المجموعة التي حملت حينها اسم مجموعة الثماني، لكن المجموعة علقت عضوية روسيا عام 2014 إثر قيامها بضم شبه جزيرة القرم الأوكرانية إلى الاتحاد الروسي.
ويرى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن هناك ضرورة لإعادة روسيا إلى المجموعة، معتبراً أن روسيا ينبغي أن “تكون على طاولة المفاوضات“.
الناتج المحلي للدول المشاركة
يمثل الناتج المحلي للدول المشاركة في اجتماع اليوم نحو 40 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي فيما تبلغ نسبة شعوب الدول السبع 10 بالمئة فقط من عدد سكان العالم. هذه الحسابات تصحّ طبعاً إذا ما وضعنا مشاركة الاتحاد الأوروبي جانباً. فالتكتل يشارك في قمة الدول الصناعية منذ العام 1977، ويمثله رئيس المفوضية الأوروبية، جان-كلود يونكر، ورئيس المجلس الأوروبي، دونالد توسك.
ويشارك الزعيمان الأوروبيان اللذان يمثلان زهاء 500 مليون مواطن يعيشون في داخل التكتل الأوروبي في كلّ قمة، رغم أنهما لا يمتلكان صفة رسمية تختصر باعتبار “الاتحاد” دولة صناعية.
بيد أن مصادر في بروكسل أعلنت في بداية الأسبوع عن عدم مشاركة جان-كلود يونكر هذا العام في قمة بياريتز، وقالت إنه لن يسافر إلى المدينة الباسكية، إذ يتابع تعافيه، حيث خضع لعملية جراحية في نهاية الأسبوع الفائت. بأي حال، كانت قمة بياريتس ستكون الأخيرة ليونكر الذي يغادر منصبه قريباً لتشغله الألمانية أورسولا فون دير لاين.
وبالإضافة إلى نسبة الناتج المحلي الإجمالي للدول المشاركة، يمكن القول إن تلك الدول هي الأثرى عالمياً، إذ تشير أرقام صندوق النقد الدولي إلى أن ثروتها الصافية تمثل 58 بالمئة من الثروة العالمية وهي تقدّر بنحو 317 تريليار دولار أميركي.
ما الفارق بين “جي7” و”جي20″؟
لو نظرنا إلى تاريخ تأسيس الدول الصناعية السبع الكبرى، لوجدنا أنها سياسية إلى حد ما. ورغم أن المجموعتين تمتلكان وظيفة مشابهة، واسماً مشابهاً أيضاً، إلا أنّ “جي7” تهتم أكثر بالشق السياسي، العالمي طبعاً. إضافة إلى ذلك تمثل “جي20” نحو 80 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، وقممها تناقش غالباً أحوال الاقتصاد والتجارة والأسواق المالية في العالم.
وتضمّ “مجموعة العشرين”، التي تأسست في العام 1999، إضافة إلى الدول التي ذكرناها آنفاً، وروسيا بطبيعة الحال، كلاً من الأرجنتين وأستراليا والبرازيل وكندا والصين والهند وإندونيسيا وإيطاليا والمكسيك والسعودية وجنوب إفريقيا وجنوب كوريا وتركيا والاتحاد الأوروبي (بصفة رسمية هذه المرة). وبناء عليه، يمكن القول إن “مجموعة العشرين” أشمل من مجموعة السبع.
التحديات التي تواجه مجموعة السبع
هناك خلافات داخلية بين أعضاء مجموعة السبع، أبرزها خلاف الرئيس ترامب مع باقي أعضاء المجموعة حول الضرائب على الواردات والإجراء الذي اتخذته الولايات المتحدة تجاه التغير المناخي في قمة السبع التي انعقدت في كندا العام الماضي.
كما تواجه المجموعة انتقادات لأن أداءها لا يتناسب مع الأوضاع الاقتصادية والسياسية على المستوى الدولي.
ولا توجد دول أفريقية أو دول من أمريكا اللاتينية أو أي من دول جنوب الكرة الأرضية بين أعضاء مجموعة السبع.
وتواجه المجموعة تحدياً من الاقتصادات الناشئة سريعة النمو مثل الهند والبرازيل، وهما ليستا من أعضاء مجموعة السبع رغم كونهما من الأعضاء في مجموعة العشرين.
ورجح خبراء اقتصاد أن هذه الاقتصادات الناشئة قد تتفوق اقتصادياً على أعضاء مجموعة السبع.
المصدر: BBC / euronews/ وكالات