كتبت الجمهورية في افتتاحيتها تقول:”فيما إنحسرت أزمة النفايات أمس، لم تنتهِ المشاحنات والنكايات والكيديات السياسية والشخصية التي تعطّل الحكومة ومعها مصالح البلاد والعباد، بفعل الخلاف على طريقة المعالجة القضائية لحادثة قبرشمون. ولكن النهار انتهى الى مؤشرات، ربما تؤسّس لحلّ يؤشر الى تفاهم على إقتراح حل قدّمه رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، ويقضي بإحالة هذه القضية ومعها حادثة الشويفات على المجلس العدلي، قالت مصادر معنية لـ «الجمهورية» عن أنّ رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة سعد الحريري قبلا به مبدئياً، الامر الذي عكسه إيفاد رئيس المجلس الوزيرعلي حسن خليل الى خلدة صباح امس، فيما زار الحريري قصر بعبدا بعد الظهر، وذلك في مسعى منهما لتسويق هذا الاقتراح لدى المعنيين.
في الوقت الذي اكتفى الحريري بالقول بعد لقائه مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون: «تفاءلوا بالخير تجدوه»، قالت المصادر، انّ صمت الحريري فُسّر على انه ينتظر مصير اتصالات الايام المقبلة ليوجّه الدعوة الى جلسة تُعقد في السراي الحكومي الثلثاء او الأربعاء المقبلين.
عامل ضغط
وكشفت مصادر مشاركة في الاتصالات الجارية، «انّ قرار الحريري عقد جلسة لمجلس الوزراء منتصف الاسبوع المقبل من شأنه أن يشكّل عامل ضغط على جميع الأطراف، بعدما اصبح الوقت يُحتسب سلباً على التعطيل». وقالت هذه المصادر، «انّ توحيد الجهة القضائية لحادثتي قبرشمون والشويفات يشكّل مخرجاً لائقاً وقانونياً لا يمكن رفضه، وانّ ارسلان لم يعطي جواباً بعد على هذا الطرح، الذي طلب وقتاً لدرسه مع إبدائه انفتاحاً على الحلول، بما يضمن أخذ كل ذي حق حقه والإقرار بأنّ حادثة قبرشمون جريمة تستوجب الإحالة على المجلس العدلي.
بدوره، الوزير الخليل إكتفى بعد زيارته رئيس «الحزب الديموقراطي» النائب طلال ارسلان بالقول لـ«الجمهورية»: «إنّ الأجواء ليست مقفلة».
ولكن مصادر مطلعة لـ«الجمهورية» لفتت الى انّ ارسلان رفض الاقتراح «بصوت عالٍ»، فيما شهد اللقاء بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والحريري توافقاً على طريقة تنفيذ هذه المقاربة الجديدة بمزيد من الإتصالات، في وقت لم يُسجل للمدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم اي حراك معلن طوال اليومين الماضيين.
حائط مسدود
واعتبرت مصادر مطلعة، انّ أزمة حادثة قبرشمون وصلت إلى الحائط المسدود في ظل تمسّك كل طرف بموقفه، بين مؤيّد للمجلس العدلي ورافض له، فيما كان في استطاعة ارسلان ان يسلِّف بري ويوافق على مبادرته، إذ معروف انّ بري لا يتخلّى عمّن يضع ثقته عنده، ولكن ارسلان أضاع فرصة حقيقية كان يمكن الاستفادة منها للخروج من هذه الأزمة على قاعدة «لا غالب ولا مغلوب».
ورأت المصادر، انّ الحريري تقصّد تمديد توجّهه للدعوة إلى جلسة حكومية في انتظار المبادرات الأخيرة، وما يمكن ان يصدر اليوم عن الوزير جبران باسيل، وكذلك عن الامين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصرالله. وافادت معلومات، انّه في حال وضعا الكرة عند ارسلان في انّ قرار العودة عن المجلس العدلي بيده، فانّ الحريري لن يتردّد في الدعوة الى جلسة حكومية لوضع الجميع أمام مسؤولياتهم ونقل الأزمة من المربّع الإرسلاني إلى من يشكّل الغطاء «لخلدة»، لأنّه لا يُعقل ان تكون الحكومة معطلة بعضلات ارسلان.
وقالت هذه المصادر، انّه «في حال لم تصدر اي مبادرة من جانب نصرالله او باسيل، وفي حال لم يبادر الحريري الى دعوة الحكومة للاجتماع، فإنّ الأزمة مرشحة للمراوحة، فيما لا يمكن كسر هذه المراوحة سوى من خلال نقل الحريري الأزمة عبر الدعوة الى جلسة حكومية، وفي حال رفضها رئيس الجمهورية او تمّت مقاطعتها وتعطيلها بـ«الثلث المعطل»، تنتقل الأزمة تلقائياً من المربع الجنبلاطي- الإرسلاني إلى مربع بعبدا- بيت الوسط، وبيت الوسط – حزب الله، لأنّ باسيل والحزب يقفان خلف ارسلان، فيما كشف من يقف خلفه يدفع التسخين قدماً، وهذه الوسيلة الوحيدة التي يمكن ان تدفع باتجاه البحث عن حلول قبل الانتقال من أزمة حكومية الى أزمة وطنية وعودة الانقسام العمودي.
بري
ووصف بري طرح إحالة قضيتي الشويفات وقبرشمون الى المجلس العدلي بأنّه «فرصة جيدة وقابل للتطبيق والتفاهم عليه وإقراره في مجلس الوزراء يليه لقاء مصالحة شاملة في قصر بعبدا تعيد الامر الى ما قبل حادثة الشويفات». وقال: «هذه الفرصة تخدم الجميع وينبغي التقاطها لأنّ الامور قد تكون اسوأ في حال بقيت الأمور على ما هي عليه».
ورداً على سؤال حول الوضع الحكومي، قال بري: «كل هذا النمو الاقتصادي يبقى بلا أي معنى ان بقي الشلل الحكومي على ما هو عليه، ولذا المطلوب تدارك هذه الازمة، والعودة الى اطلاق عجلة الحكومة اليوم قبل الغد».
ابو فاعور لـ «الجمهورية»
وقال وزير الصناعة وائل ابو فاعور لـ«الجمهورية» بعد ظهر امس، انّ الحزب التقدمي الاشتراكي ينتظر ردّات الفعل على مبادرة رئيسه وليد جنبلاط بدمج ملفي الشويفات وقبرشمون في الإحالة الى المجلس العدلي «فتتساوى الأمور». ولفت الى «انّ مثل هذه المبادرة تشكّل مخرجاً من المأزق القائم»، مؤكّداً «انّ الحزب لم يقفل النقاش حول كل ما هو مطروح، وانّ من شأن هذه المبادرة كسر الجمود وفك أسر الأزمة». ولفت الى «انّ المبادرة وضعت في عهدة كل من رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة سعد الحريري منذ امس (اول امس)».
نزيه نجم
وفي سياق متصل بمساعي التوصل لمخرج من نفق أزمة قبرشمون وتفعيل مجلس الوزراء وعودة الحياة للحكومة، قال النائب في كتلة «المستقبل» نزيه نجم لـ»الجمهورية»: «مجرد اجتماع الرئيسين يوحي بالإيجابية»، لافتاً إلى أنّ الحريري في سعي دائم لعقد جلسة لمجلس الوزراء. ورفض نجم التعليق على «العرقلات الحاصلة في الملف»، واكتفى قائلاً: «رأيي من رأي الشعب، نريد أن يمشي البلد.. تعبنا… ويجب التعالي عن المشكلات والاعتراف بأنّ هذا البلد أكبر منّا جميعاً».
جمعة
بدوره، رفض النائب في كتلة «الوفاء للمقاومة» أنور جمعة التعليق على لقاء عون والحريري سلباً أو إيجاباً، وقال لـ«الجمهورية»، إنّ «القصة غير مفتوحة، بل العمل والكلام يتمّان عبر قنوات ضيّقة، لكن المؤكّد أنّ المحاولات مستمرة لتذليل العقبات… لكن أين اصبحت هذه المحاولات في أي مرحلة؟ نحن غير مخوّلين الإجابة عن هذا السؤال كوننا غير مشاركين في المفاوضات الجارية».
عقيص
ومن جهته، عضو تكتل «الجمهورية القوية» جورج عقيص أكّد أنّ لا أجواء سياسية واضحة حول إمكان انعقاد مجلس الوزراء كونه «غرقان في درس القوانين» على حدّ قوله، وقال لـ»الجمهورية»: «إنّ كانت الحكومة معطّلة فالمجلس النيابي ماشي». وأشار إلى أنّه بالتعاون مع الكتلة يدرس اقتراحات عدة متعلقة بقوانين الإيجارات، ويعمل ضمن فريق نيابي، يضمّ جميع الكتل، على القوانين المتعلقة بالنفط والغاز، كان زار النروج، وهو يتابع اليوم أعماله ولقاءاته لترجمة نتائج هذه الزيارة.
روجيه عازار
وفي ظل العرقلة الحكومية، فإن الكتل النيابية ناشطة في العمل التشريعي. وفي هذا السياق، كشف عضو تكتل «لبنان القوي» النائب روجيه عازار لـ»الجمهورية»، انّ التكتل سيجتمع العاشرة والنصف قبل ظهر اليوم، وسيليه مؤتمر صحافي يتم خلاله توقيع اقتراح قانون يُعنى بمحاسبة الرؤساء والوزراء والنواب ورفع الحصانة عنهم ورفع السرية المصرفية واحالته الى المجلس النيابي تمهيداً لمناقشته.
وأكّد عازار لـ«الجمهورية»، انّ «لدى رئيس الجمهورية نيّة جدّية لإقفال المعابر غير الشرعية في أسرع وقت، وأنه راضٍ عن المسار الاقتصادي بعد اقرار الموازنة». ورأى، «أن العين يجب أن تكون على الاقتصاد، فكل يوم يشهد طلعة ونزلة ومصالحات وزعل في السياسة، لكن الاقتصاد هو الاساس وركيزة البلد».
بين عون والحريري
ومن جهة ثانية، افادت المعلومات، انّ عون والحريري عرضا في جانب من لقائهما لما اكتشفه رئيس الجمهورية من إضافة على مشروع قانون الموازنة في شأن حفظ حق الفائزين في امتحانات مجلس الخدمة المدنية في اكثر من مؤسسة لم يقرّها مجلس النواب أثناء مناقشة قانون الموازنة، وهذا ما دفع رئيس الجمهورية الى عدم توقيعه، بعدما احيل اليه مذيّلاً بتوقيعي رئيسي مجلس النواب والحكومة. وقد أتفق الرئيسان على اعادة النظر في القانون المحال الى بعبدا وتصحيحه وسط بروز ثلاثة مخارج: الاول، اعتبار انّ ما حصل هو خطأ مطبعي ويجب تصحيحه. والثاني، ان يطعن عشرة نواب بهذا البند امام المجلس الدستوري لشطبه منه، على اعتبار انه من احدى «فرسان الموازنة» ويجب ابطاله في اعتباره خروجاً على صلاحيات السلطة التشريعية وتدخلاً في شؤون السلطة التنفيذية. والثالث، انتظار موازنة العام 2020 للتراجع عنه وشطبه نهائياً.
وفي معلومات «الجمهورية»، انّ رئيس الجمهورية يتسلّح بحوار اعقب مناقشة هذا البند في الجلسة النيابية، انتهى باتفاق بين بري والنائب سيزار ابو خليل على سحبه من الموازنة نهائياً، فإذا به يعود اليها في النسخة المطروحة للتوقيع.
بري والبنك الدولي
ومن جهة ثانية، لمس بري ارتياحاً للآثار التي تركتها الموازنة، وهذا الامر بدا واضحاً خلال ما سمّاه «تظاهرة» البنك الدولي التي استقبلها في عين التينة امس، وضمّت مختلف الاختصاصات التقنية والاقتصادية والمالية في البنك.
واشار بري امام زواره الى «انّ اعضاء وفد البنك الدولي كانوا مرتاحين جدا من اقرار الموازنة، التي اعتبروها انها يبنى عليها لمزيد، وهذا ما يجب ان يتعزز اكثر في موازنة 2020، والتي يُفترض ان نتسلمها في موعدها الدستوري كما اعلن وزير المال».