كتبت صحيفة “الحياة” تقول: استباقا للتظاهرات والتحركات الإحتجاجية للعسكريين المتقاعدين، والتهديد بمنع النواب من الوصول الى ساحة النجمة، تحول محيط البرلمان اللبناني أمس (الثلثاء) الى منطقة عسكرية عازلة بفعل التدابير الاستثنائية التي اتخذتها وحدات من الجيش اللبناني والقوى الأمنية على اختلافها، ونشرت الاسلاك الشائكة على امتداد مئات الأمتار، بشكل دائري لمنع التقدم في اتجاه المجلس النيابي.
وعلى وقع هذه التحركات التي نفذها العسكريون المتقاعدون وقدامى المحاربين، رفضا للمس بحقوقهم، انطلقت اليوم أولى جلسات مناقشة بنود الموازنة العامة للعام 2019، والتي تستمر حتى الخميس على امتداد ثلاثة أيام صبح مساء.
الجلسة التي نقلت وقائعها وسائل الاعلام المرئية والمسموعة على الهواء مباشرة، دفعت بأكثر من نصف عدد اعضاء البرلمان الى تسجيل اسمائهم
للكلام، فاختار الكثير منهم التحدث ارتجالا على مدى ساعة كاملة وفق ما يجيز النظام الداخلي، ونصف ساعة كتابة، فغالبية النواب الذين اعتلوا منبر القاعة العامة تعاقبوا على تصويب سهامهم للموازنة التي “تفتقد الرؤية الاقتصادية وتغيب عنها الخطوات الاصلاحية” على ما قالوا. الا أن معظمهم عادوا وأكدوا أنهم سيمنحونها الثقة، بعدما امعنوا فيها توصيفا من “موازنة دفترية، وموازنة الهبوط الإضطراري، موازنة التردد والتمييع، وصولا الى جعل المواطن في خدمة أرقامها…وغيرها الكثير”.
مصادر نيابية أكدت لـ “الحياة”، أن باستثناء بعض المداخلات القيمة التي سلطت الضوء على مكامن الهدر والفساد، فإن “الموازنة ستجد طريقها الى الاقرار بغالبية اعضاء البرلمان”.
واضافة الى الموازنة التي وضعت على مشرحة الهيئة العامة، حضرت اشكالية قطع الحساب بقوة في مداولات على هامش الجلسة، دارت بين رئيس البرلمان نبيه بري الذي ترأس الجلسة العامة، ورئيس الحكومة سعد الحريري، سعيا وراء صيغة تسووية لها. وتحدثت المعلومات عن طرحين في هذا الإطار: الاول يحمله الرئيس بري ويقول بأن تجتمع الحكومة لاحالة قطع حساب العام 2017 الى المجلس، خاصة وان ديوان المحاسبة انهى التدقيق فيه، والثاني طرحه رئيس الجمهورية ميشال عون ونقله الى المجلس تكتل “لبنان القوي”، عبر وزير شؤون رئاسة الجمهورية سليم جريصاتي ويقضي بأن يقترح رئيس الحكومة في البرلمان، إضافة مادّة في موازنة 2019 تنصّ على تمديد المهلة المعطاة للحكومة لتقديم قطوعات الحسابات الماليّة الكاملة والتي كانت عاماً، 6 أشهر إضافيّة بحيث يصبح بالامكان نشر الموازنة بعد إقرار القانون. وقد أعلن جريصاتي ان بري تسلّم صيغة الحل هذه، وهو ينظر فيها، مشيرا الى ان “هذا الحل يغني عن انعقاد مجلس الوزراء في اليومين المقبلين ويسمح بنشر موازنة 2019”.
وهذا ما أكد عليه زير المال علي حسن خليل الذي اشار الى أنه “قد تتم اضافة مادة الى الموازنة تنص على اعطاء مهلة اضافية للحكومة لستة اشهر لتقديم قطوعات الحسابات كاملة”.
وفيما اعلن الرئيس بري مرتين خلال الجلسة ان “مجلس الوزراء سيجتمع في هذين اليومين”، أوضح الرئيس الحريري، تعليقًا على الصيغة المطروحة لنشر الموازنة، أن “هناك صيغة حل لقطع الحساب يجري التشاور في شأنها، ويعمل عليها رئيس الجمهورية ميشال عون، ولم احدد بعد موعداً لجلسة مجلس الوزراء”.
وتوجه بري للحريري قبل بدء الجلسة بالقول: “دولة الرئيس، لازم تعقدوا جلسة بقى”… ورد الحريري: “انشالله خير دولة الرئيس”.
و كان الحريري قال ردا على سؤال عن عقد جلسة لتقديم قطع الحساب، لدى وصوله الى ساحة النجمة “خلينا نخلص الآن بمجلس النواب”.
انطلاق الجلسة
الجلسة التي تخللتها انتقادات لقطع الحساب والفساد والهدر والعبث بالمال العام، غلب عليها طابع التهدئة، وصولا الى حد الرتابة، من دون تسجيل اية سجالات، انطلقت الحادية عشرة والربع قبل الظهر في حضور رئيس الحكومة والنواب والوزراء. وأكد بري في مستهلها ان “التصويت يتم في نهاية الجلسة التشريعية وستكون هناك جلسة لمجلس الوزراء ابّان جلسة مجلس النواب لاحالة قطع الحساب”، قبل ان يقول ردا على سؤال وجهه النائب سامي الجميل عن الموضوع “طلبت من الرئيس الحريري عقد جلسة لاقرار قطع حساب 2017 لا سيما وان ديوان المحاسبة قد انجزه والحريري وعدني بعقد جلسة اليوم او غدا”. ووجه الشكر الى رئيس لجنة المال والموازنة النائب ابراهيم كنعان على الجهد الكبير الذي قام به.
“تقرير لجنة المال والموازنة”
ثم اعتلى النائب كنعان المنبر، وتلا تقرير لجنة المال والموازنة، معلنا ان “اللجنة عقدت 31 جلسة، ولاحظت غيابا للرؤية الاقتصادية والاجتماعية لمشروع الموازنة المحال إليها وتدني نسبة الاعتمادات المخصصة للنفقات الاستثمارية”. واوضح “ان اللجنة ادخلت تعديلات على مشروع الحكومة وكان بإمكانها إجراء المزيد من التعديلات لو وردها المشروع خلال المهلة الدستورية أي قبل بدء السنة المالية 2019 وانقضاء خمسة أشهر منها”. واشار الى ان اللجنة “عدلت 65 مادة من أصل 99 وألغت 7 مواد، والتعديلات تناولت تخفيض اعتمادات بعض النفقات لبعض الادارات”. وقال: “ما أجرته اللجنة على الاعتمادات انعكس على إجمال نفقات المشروع ووارداته”. واكد ان اللجنة “أنجزت درس مشرع الموازنة آخذة في الاعتبار أن قطع الحساب الذي كان يجب أن يحال ويقر لسنة 2018 لم ينجز بعد، وأن المهلة انقضت من دون ان تلتزم الحكومة بمشاريع قطع الحساب علما انها شرط دستوري وقانوني لدرس الموازنة وفقا لما ينص القانون”.
وطالب كنعان “الحكومة ومن دون أي تأخير بالشروع بإعداد مشروع موازنة 2020، وننبهها بأنها حتى ولو كانت حكومة وحدة وطنية فهي لن تختزل مراقبتنا ودورنا”.
معوض: سأصوّت لصالحها على اعتبار انها هبوط اضطراري
من بعده، تحدث عضو تكتل “لبنان القوي” النائب ميشال معوض، فقال: “هذه الموازنة دفترية تفتقد لأي رؤية اقتصادية”، واضاف “سوف أصوت ضد أي تسوية في موضوع قطع الحساب”، داعيا الحكومة للاجتماع بغض النظر عن الظروف السياسية لعدم القيام بمخالفة عبر نشر موازنة من دون قطع حساب”. واعتبر”اننا لم نصل الى موازنة مقنعة ونحن كنواب لا يمكننا ان نلعب دور الحكومة وتقديم رؤية اقتصادية والمشكلة الاساسية في هذه الموازنة في توجهها”. وقال: “بالرغم من كل ملاحظاتي سأصوّت لصالح الموازنة على اعتبار انها هبوط اضطراري للمحافظة على الاستقرار في لبنان تمهيدا لاعادة الثقة. وما قبلنا به بموازنة 2019 لن نقبل به في موازنة 2020”.
وهنا توجه بري الى معوض بتقصير كلمته، فرد بالقول انه “لا يقرأ من الورقة” (مما يعطيه وقتا اطول في الكلمة). أجابه بري: “مش عليي ابدا، عطيتك 3 دقايق وخلص بدك تختم”.
فضل الله: الفساد احتلال وسنحرر الدولة من الفاسدين
وأعلن عضو كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب حسن فضل الله “ان فرض الولايات المتحدة الاميركية عقوبات على رئيس كتلة الوفاء للمقاومة ونائب في الكتلة والحاج وفيق صفا هو عدوان جديد على لبنان بشعبه ومؤسساته وديموقراطيته التي يعتز بها، وهو اعتداء على المجلس النيابي لأن النائب يمثل الأمة جمعاء، ولن يثني كتلتنا عن وفائها للمقاومة”.
وقال: “لا ننظر الى الموازنة على أنها تلبي جميع الطموحات وهي لا تحقق كل ما نسعى اليه ولكن المهم أننا بدأنا مسارا وهي خطوات بطيئة لكنها للأمام ولو تم الاخذ بما بدأنا به عام 2010 لكنا وفرنا الكثير على البلد وأهم هذه الملفات هو ملف القطوعات الحسابية”. ولفت الى انه في موضوع المال العام “لا تسويات لان اي محاولة لايجاد تسوية هي جريمة بحق البلد وسنقوم بما يمليه عليه الواجب لمنع ارتكابها”. وقال: “لا يمكن الاكتفاء بقطوعات الحساب بدءا من العام 2004 والخيار القانوني هو اقرار القطوعات من العام 1997 الى 2017 لتكون لنا قاعدة محاسبية سليمة لحماية المال العام وأدعو ديوان المحاسبة لأن يعتبر ملف قطوعات الحساب أولوية وطنية”.
وشدد فضل الله على ان “المدخل لاي محاسبة واستعادة المال المنهوب هو القضاء، والمشكلة لا بالاشخاص بل بالمنظومة، والسلطة تحاول أسر القضاء بالتعيينات والتشكيلات. المشكلة بالمنظومة الموجودة بين السلطة السياسية والسلطة القضائية التي يجب ان نسعى لجعلها سلطة مستقلة لتعود لها هيبتها”. واكد ان “حزب الله سيكمل معركة مكافحة الفساد وسينتصر فيها مع الذين يقفون في هذا الإطار، فالفساد احتلال و”سنحرر الدولة من الفاسدين بعيدا من كل الخلفيات السياسية”. وقال: “كل ما نطلبه في موضوع المصرف المركزي هو تطبيق القانون وهل يتم تطبيق قانون النقد والتسليف؟”. واعتبر ان “اموال الخلوي مستباحة منذ 2012 وكلنا معنيون بحماية المصرف المركزي ولكن هناك شكوك تزداد عند الرأي العام والغموض يزيد الهواجس. واذا كان هناك أحد في لبنان يعتقد أنه يمكن أن يرهن مستقبل أي أمر سياسي أو اقتصادي بالنفط أو سواه الى الأميركيين فهو يعيش في وهم وعليه إعادة حساباته”.
السيد: الحل بتغيير سلوك أهل الدولة أو تغييرهم
أما النائب جميل السيّد، فاعتبر “ان التعديلات التي أُجريت على مشروع الموازنة أتت انقاذًا للحكومة من نفسها ومن الناس”. ورأى ان “لا استقلالية للمال العام عن الرقابة”، داعيا الى ايجاد التوازن بين حاجات الدولة وقدرة الناس، “والفرق كبير بين أن يكون البشر في خدمة الارقام أو ان تكون الارقام في خدمة البشر”. وقال: “لا يوجد في الموازنة ما ينقذ البلاد وهي الموازنة تكرار لموازنات السنوات السابقة ومحاولة فاشلة للهروب الى الامام والتهرب من الاصلاح الحقيقي ودفن الرأس في الرمال”. ولفت الى ان الهدف من هذه الموازنة “تجميع اكبر كمية من المال من الناس حتى لو أدى ذلك الى نسف كل اسس وقوانين الدولة”. وقال: “مشروع الموازنة يفتقد الى رؤية ولا يعالج حجم الازمة الاقتصادية والفساد والهدر وهي موازنة اقل من عادية واكثر من رديئة”، واصفا اياها “بموازنة البحث عن القرش في جيوب الناس والحلّ بتغيير سلوك أهل الدولة أو تغييرهم”.
ستريدا جعجع: أمام جدار”الذهنية الفاسدة” سنمتنع عن التصويت
وقالت عضو تكتل “الجمهورية القوية” النائب ستريدا جعجع: “المؤسسات الدولية، وكالات التصنيف، المحللون الاقتصاديون جميعهم أعلنوها، ونحن ما زلنا ننكر… لا بل نحن نرتكب ما هو أفظع من الإنكار: اللامبالاة”.
وسألت: “ماذا ننتظر؟ ماذا نفعل؟ مماحكات سياسية؟ إستعراضات شعبوية؟ خطوات إصلاحية مشوبة بـ”مرقلي تمرقلك”؟ قرارات مالية تحت راية “جماعتي كمان بيطلعلها”؟ ماذا ننتظر؟”، مؤكدة “أننا لا يمكننا الاستمرار في هذا المسار. المتطلبات كبيرة، والمزايدات أكبر. الاستحقاقات كبيرة، وعلى الفعلة أن يكونوا على قدر التحديات الكبيرة التي تواجه شعبنا الذي ينوء تحت اثقال الوضع الاقتصادي الصعب”.
وأشارت إلى “أننا وضعنا في حزب “القوات اللبنانية” سلسلة من الاقتراحات والخطوات لمعالجة الأزمة المالية، أُخِذ في البعض القليل منها، بينما سقطت أخرى على وقع المزايدات السياسية من جهة، وأمام جدار “الذهنية الفاسدة” من جهة اخرى. نعم، نرفض الموافقة على الموازنة بشكلها الحالي لأنها لا تفي بالغرض، ولأن الخطوات المتخذة غير كافية، كما تنبىء بانعدام قدرة الدولة على سداد كل المستحقات وخاصة المتعلقة بالعملات الأجنبية مع ما يُمكن أن يُرافق ذلك من تدهور كبير في الوضعين المالي والنقدي”.
وتابعت: “لا يختلف اثنان على أن قطاع الكهرباء، وهو المسؤول الرئيس عن تضخم عجز الموازنة في السنوات الأخيرة، قادر لو تمت إدارته بشكل سليم، على إحداث الفرق، ماليا واقتصاديا، فوسط الوضع الكارثي الذي شابه طيلة عقود، وتفاقم في السنوات العشرة الأخيرة جراء الاعتمادات المهولة التي صرفت عليه من دون أي تقدم يذكر، وزارة الطاقة مطالبة اليوم بتوضيح الأسباب التي أخرت أو أبطأت تطبيق إصلاحات أساسية لتخفيف الهدر من تركيب العدادات الذكية، وتخفيض الهدر على الشبكة، وتطوير معامل الإنتاج واشراك القطاع الخاص في عملية التطوير .انشالله إعلان الوزيرة بستاني بدء قبول طلبات التصنيف للشركات الراغبة ينتهي هالمرة بأفضل مما انتهى فيه بالمرات السابقة، وتشكيل هيئة ناظمة للقطاع، وتعيين مجلس إدارة جديد لكهرباء لبنان، الى جانب توضيح اسباب عدم الفوترة وجباية كل الفواتير الناتجة عن استخدام الطاقة أقله في السنوات الخمس الأخيرة”.
وزادت: “المطلوب عدم تكرار الأخطاء نفسها واللامبالاة نفسها وسوء الإدارة نفسها، وذلك عبر الالتزام التام بتطبيق خطة الكهرباء ببنودها كافة، وتخفيف الهدر التقني إلى خمسة وعشرين في المئة، وعدم زيادة الاعتمادات تحت أي ظرف من الظروف. على وزارة الطاقة وضع آلية عاجلة لتحصيل المبالغ المتوجبة على الإدارات العامة وتقسيطها، كما على مجلس الوزراء ووزارة الخارجية السعي المباشر مع الجهات المانحة والانروا لتحصيل المبالغ المتوجبة على المخيمات الفلسطينية، كما دفع الدول المانحة لتحمل كلفة الكهرباء عن النازحين السوريين”.
“موازنة التردد والتمييع”
وشددت على أنه “آن الأوان لتشكيل هيئة ناظمة لقطاع الكهرباء على غرار الهيئة الناظمة التي شُكلت لقطاع النفط ، كما تعيين مجلس إدارة لمؤسسة كهرباء لبنان بعد ان انتهت ولاية مجلس الإدارة الحالي منذ سنوات ، وذلك عبر آلية شفافة وقبل إنجاز الموازنة، لأن التأخير والمماطلة والتمييع في هذين البندين لم يعد جائزا أبدا”. وأشارت الى أن “التحديات كبيرة جدا ولم نعد نستطيع مواجهتها بالهروب إلى الأمام، فالإجراءات المبسطة لم تعد كافية وبلسمة الجروح لم تعد شافية. فهناك أربعة ملايين لبناني يطرحون على انفسهم اسئلة وجودية كبيرة: هل سيتمكنون غدا من تطبيب أولادهم؟ هل سيتمكنون من تعليمهم؟ هل سيجدون لهم عملا لإبقائهم في لبنان؟ ام سينتهي بهم الأمر على ابواب السفارات؟ اقل من دق ناقوس الخطر لم يعد يجوز”.
وختمت: “أردناها موازنة الإجراءات الصعبة وموازنة المجاهرة بحقيقة الوضع، فجاءت موازنة التردد والتمييع. لذلك سيمتنع حزب “القوات اللبنانية” عن التصويت لصالح هذه الموازنة على الرغم من تأييدنا لبعض بنودها التي هي، وللأسف، اقل بكثير مما هو مطلوب لإنقاذ الوضع”.
عبدالله: سنصوت للموازنة حرصا على عدم الانهيار
بدوره، أكد عضو “اللقاء الديموقراطي” النائب بلال عبدالله أن “اللقاء سيصوت مع الموازنة”، لافتا الى أنه “مضطر للامتثال للموازنة حرصا على عدم الانهيار واستجابة لدعم الاقتصاد ونأمل أن يتم أخذ اقتراحاتنا في الاعتبار”. ورأى أن “الموازنة الحالية جاءت تحت ضغط مخاطر الانهيار الاقتصادي لا غير ولم نعمل جديًّا على دراسة المفاعلات الاقتصادية والاجتماعية”. وشدد على “ضرورة العبور الى الدولة العلمانية”، معتبرا أنه بهذه الطريقة “يمكن معالجة الفساد ويجب أن نبني دولة المواطنة”. وقال: “لا أفهم كيف تعفي الدولة رجال الدين من أي ضريبة عندما يمارسون طقوسهم الدينية ولا أعرف لماذا نحجب الاموال عن الجامعة اللبنانية وفي الوقت نفسه لا نقبل وضع ضريبة على الجامعات الخاصة”.
نجم: هم من رمى بأثقال وحروب الشرق الأوسط على لبنان
من جهته، طالب عضو كتلة “المستقبل” النائب نزيه نجم، “الحكومة باتخاذ الخطوات الانقاذية للاقتصاد لا سيما الصناعة”، مشيرا الى ان “القطاعات الإنتاجية تلقت ضربات عدة وعلينا التركيز في صناعتنا على حاجة السوق الداخلي قبل التصدير”. وقال: “علينا العمل لإعادة الثقة بمؤسسات الدولة وهذه الخطوة لوحدها كفيلة بتقليص النفقات”.
اضاف: “ان من لديه مليون ونصف مليون نازح سوري و250 ألف لاجئ فلسطيني، له الحق بأن يطلب من كل دول العالم بأن تقف إلى جانب اقتصاده وأن يطالب بتعويضات تبعد عنه هذه الكأس التي يتخبط بها. وأي تصنيف من المراجع المالية حول ملاءة لبنان واقتصاده مرفوض لأنهم هم من ساهموا بإيصال اقتصادنا إلى ما هو عليه، وهم من لم يسددوا المبالغ التي وعدوا الدولة بها، وهم من أصروا على إبقاء الوضع بالنسبة للنازحين على ما هو عليه، وهم من رمى بكل أثقال وحروب الشرق الأوسط على لبنان بدءا من الأزمة الفلسطينية وصولا إلى الحرب في سورية”.
واكد ان “علينا العمل جديا لإعادة الثقة بمؤسسات الدولة، وهذه الخطوة لوحدها كفيلة بتقليص النفقات، إلى جانب الشق المعنوي والبعد الوطني… فعلى سبيل المثال، هل إن مدارسنا الرسمية وجامعتنا اللبنانية أهل لتعليم أولادنا أو لا؟ إذا كان الجواب نعم، فلماذا ندفع 600 بليون ليرة في السنة لتعليم أبناء موظفي القطاع العام في المدارس والجامعات الخاصة؟ أليس من الأفضل أن يتعلموا في مدارس الدولة والجامعة اللبنانية التي نصرف عليهم المليارات، ونسعى معا من خلال توفير هذه الأموال لتعزيز التعليم الرسمي وتخفيض مصاريف الدولة؟”.
وختم: “ليكن شعارنا في المجلس النيابي وفي الحكومة إعادة الثقة ومحاربة التهريب والفساد وإنزال أشد العقوبات بالفاسدين والمفسدين، وإنقاذ صناعتنا الوطنية، وتفعيل قطاع البناء، والحفاظ على بيئة نظيفة، وإعتماد المكننة وتنظيم الوظائف في القطاع العام، كي نستعيد أبناءنا، ونؤمن فرص العمل للأجيال القادمة، ونعيد الثقة بين الشعب والدولة… والأمل يبقى بأن تأخذ الحكومة الأفكار المطروحة في الإعتبار، وأن تؤكد عليها منذ اليوم في سياستها وفي موازنة 2020”.
الخليل: 3 مؤشرات لا تزال تشكل إستنزافا للوضع المالي
من جانبه، دعا عضو كتلة “التنمية والتحرير” النائب أنور الخليل الحكومة الى “تقديم مشروع موازنة 2020 ضمن المهلة الدستورية ما يتيح للمجلس النيابي الوقت الكافي لدراسته”. وأكد “أننا في موازنة 2020 نستطيع أن نصل إلى دراسة وتقديم اقتراحات تتماشى مع حق الموازنة”.
ولفت الى “ثلاثة مؤشرات لا تزال تشكل إستنزافا للوضع المالي: هي حجم الرواتب وكلفة الدين العام ودعم مؤسسة الكهرباء”.
الجميل: مخالفة دستورية
أما رئيس حزب “الكتائب” النائب سامي الجميل الذي أسهب في حديثه عن موضوع قطع الحساب، قال: “نحن اليوم نناقش الموازنة وعلى الأرجح ستقر في غضون يومين أم ثلاثة أيام، والى الآن لا يوجد قطع حساب بين أيدينا لكي نتمكن من دراسته وإقراره قبل إقرار الموازنة”.
وأضاف “الرئيس بري قال ان موضوع قطع الحساب سيطرح قبل الوصول الى إقرار الموازنة ولكن ما نريد أن نشير إليه هو أن إقرار قطع الحساب ليس أمراً شكلياً بل هو آلية للمحاسبة وللمراقبة وآلية للشعب اللبناني لكي يعلم كيف صرفت الأموال في السنين التي سبقت، فلا يجوز أن نحصل على قطع حساب قبل ساعات من إقراره دون الإطّلاع عليه ودراسته. إذ أن دراسته ومناقشته هما آلية للتدقيق بالإنفاق والمدخول وهذه الآلية أساسية لحسن سير الانتظام المالي وأمور الدولة”.
وختم “ما يحصل في موضوع قطع الحساب هو مخالفة دستورية ومنع لمجلس النواب من القيام بواجباته بالتدقيق والمحاسبة والرقابة وهذا يعيق دورنا. فالحصول على قطع الحساب قبل ساعة وإقراره بنصف ساعة هو مسرحية اذ انه لا يمكن لأي نائب أن يدرس قطع الحساب بهذا الوقت القصير ومن الأفضل عدم إرساله”.
خواجة: هناك فساد مقونن
وأختتمت الجلسة الصباحية بمداخلة عضو الكتلة ذاتها النائب محمد الخواجة، قبل ان يرفع رئيس المجلس الجلسة عند الثالثة الى السادسة عصرا.
ورأى خواجة ان “هناك فساد مقونن، اي ان الفاسدين يحتمون بالقانون، لذلك علينا فتح ورشة تشريعية لاعادة النظر بالقوانين الناظمة لعمل المؤسسات العامة والمؤسسات المستقلة والمرافق على انواعها حيث تكمن أكبر نسبة فساد”، مشددا على ضرورة تفعيل أجهزة الرقابة.
ودعا إلى “تعزيز استقلالية القضاء وتنقيته من الشوائب التي تعتريه وتحريره من التدخلات كي يكون قادرا على القيام بمهماته وفق الدستور والقوانين فمن دون أجهزة رقابة وقضاة مستقل لا يمكن التكلم عن اصلاح”.
بري: لا جلسة لمجلس الوزراء قريبا
وفي الجلسة المسائية تحدث نائب رئيس حزب “القوات اللبنانية” النائب جورج عدوان عن “قطع الحساب”، فقاطعه الرئيس بري، كاشفا عن أن “لا جلسة للحكومة لمناقشة قطع الحساب”، قائلا: “وردني اقتراح بأنه لن تكون هناك جلسة لمجلس الوزراء، والأمر يعود بته إلى مجلس النواب”.
أضاف: “أعتذر عما قلته في الجلسة الصباحية، لن تكون هناك جلسة لمجلس الوزراء قريبا”.
ورد عدوان على بري فقال: “هذه مخالفة دستورية تضاف إلى المخالفات الأخرى التي تحصل”.
عدوان: أين الـ 4 بلايين؟
وتابع عدوان مداخلنه قائلا: ” أن “الوقت حان لنعترف ان التدابير المتخذة في الموازنة ليست كافية في هذه الظروف الصعبة في لبنان”.
أضاف: “المطلوب وضع فاصل بين الأزمات الماضية لكي نعبر في لبنان الى مكان أفضل”، معتبرا أن “الحسابات انتهت من أيلول (سبتمبر) الماضي، وقطع الحساب لا يستوي بالقانون بسبب المداخيل وغيرها”، وأن “الطريقة التي تمارس في الموازنة هي غير قانونية، وما من تغير اصلاحي بنوي على المستوى الاقتصادي للبلاد”.
ورأى أن “التدابير التي قدمتها الموازنة تشكل خطوة إلى الأمام، لكنها صغيرة وغير كافية في الظروف الراهنة، وأما التعديلات التي أدخلتها لجنة المال والموازنة على بعض مواد الموازنة، فقد ذهبت في اتجاه إصلاحي مهم والمجلس النيابي في طبيعته يسعى إلى الإصلاح ولو لدى البعض مقاربة أخرى”. ونبه: “إذا لم تكن ثمة جلسة لمجلس الوزراء، في ما يتعلق بقطوع الحسابات، فذلك يشكل مخالفة جديدة للدستور”، ولفت إلى أن “الكثير من الوسائل الإعلامية تستفيد من القروض الميسرة من مصرف لبنان المركزي”.
وسأل عدوان: “ما الذي يمنع من تنظيم المناقصات والتلزيمات في لبنان وحصرها في دائرة المناقصات؟”، مشيرا الى ان “مداخيل قطاع الاتصالات 14 بليونا ودخل منها 10 بليون الى خزينة الدولة فأين الـ 4 بلايين؟ لماذا هذا الغياب بالتدقيق؟ ولماذا هذه الشركات لتلزيم شبكة الألياف الضوئية طالما هناك شركة “أوجيرو” في لبنان والمتعهدون هم نفسهم اللذين كانت الشركة تلزمهم”.
الحريري: تكلموا بمسؤولية
وكشف الرئيس الحريري خلال مداخلة له أن “صندوق النقد الدولي اقترح علينا زيادة 5000 ليرة على صفيحة البنزين ورفع الـTVA إلى 15 في المئة، ولا يمكننا ان نسير بكل اقتراحاته فمصلحة لبنان والنقد اللبناني اولا”، وقال: “إذا حابين بالقوات تعملوا هالشي “اوكي”.
واكد الحريري “اننا نحاول أن نحل مشكلة عمرها 15 سنة ومقاربة الامور بشكل ايجابي لإيجاد الحلول، واتمنى على النواب عندما نتحدث عن الاستقرار المالي ان نتكلم بمسؤولية”.
وتوجه إلى النواب وخصوصا نواب القوات قائلا: “هاجموا الحكومة بقدر ما تريدون ولكن لا تمسوا بالاستقرار المالي والنقدي”.
ولفت الحريري الى أن “هذه الموازنة قد لا يريدها رئيس الجمهورية ميشال عون ولا رئيس مجلس النواب نبيه بري ولا رئيس الحكومة ولكن هذا ما يمكننا القيام به”.
جابر: لاستعادة الثقة المفقودة
واعلن عضو كتلة “التنمية والتحرير” النائب ياسين جابر انه “سيصوت مع الموازنة، ليس لانها مثالية بل لان لبنان بحاجة ماسة الى موازنة ولا يجوز المزيد من التأخير”. وقال: “من الضروري العمل بجهد لاستعادة الثقة المفقودة ولا يُمكن فعل ذلك بالمشهد الموجود في البلد اليوم ولا بوضع الكهرباء الحالي”.
ابو الحسن: هل عدنا الى التعطيل؟
وقال عضو “اللقاء الديموقراطي” النائب هادي ابو الحسن: “إن التوصية المقترحة التي تدعو الى التمديد 6 أشهر للبت في قطع الحساب هي مخالفة دستورية وهروب من انعقاد مجلس الوزراء، وبالتالي هذا الامر يؤدي الى التعطيل. فهل عدنا الى التعطيل؟”.
من جهته قال النائب ميشال ضاهر: “مشكلة الموازنة انها لم تمس بالمحميات السياسية، وصلنا الى الخط الاحمر ولا يمكن ان نكمل بالطريقة نفسها”.
سعادة: لبنان يغرق والطبقة السياسية في جهة أخرى
وأكد عضو كتلة “القومي” النائب سليم سعادة أن “من المعيب القول عن الموازنة أنها تقشفية أو اصلاحية”، مشيراً إلى أن “لبنان يغرق والطبقة السياسية في جهة والبلد في جهة أخرى”. وسأل “ما قصة قطع الحسابات؟ هناك الكثير من الناس لا يعرفون ما هو ولمن لا يعرف، فقطع الحساب هو بيان مالي فيه قسمين، الاول بيان الربح والخسارة والثاني هو ورقة التوازن أي ورقتين ثلاثة لا أكثر ونحن نشكر وزير المال برغم أننا متأخرين عن باقي البلاد 50 سنة لكن لدينا قطع حساب”.
ولفت إلى أن “في الموازنة هناك 3 نقاط سود وهي الـ 11 بليون ونفقات الخزينة والارادات المبنية على نمو واحد في المئة”، مشيراً إلى أن “العجز في الموازنة لن يكون أقل من 10 او 11 في المئة والـ6 و7 المئة “ضحك” علينا”.
وبعيد التاسعة رفع بري الجلسة إلى الحادية عشرة من صباح اليوم (الأربعاء).