كتبت صحيفة “الديار” تقول: فيما تراوح “الوساطات” في حادثة قبرشمون مكانها، ومعها تبقى جلسات الحكومة في “مهب الريح”، تدخل البلاد ابتداء من اليوم في “حفلة” مزايدات سياسية مع استغلال النواب كالعادة “الهواء المفتوح” في الجلسات النيابية لمخاطبة جمهورهم “باستعراض فارغ” “للعضلات” السياسية التي لن تصرف اصلاحات اقتصادية تحسن الاوضاع المعيشية والاقتصادية مع اتجاه لاقرار موازنة “مشكوك” في ارقامها ووجود مقترحات لاقرار ضرائب جديدة “للتحايل” على ضريبة 2بالمئة على المواد المستوردة.. في هذا الوقت جاءت زيارة رؤساء الحكومات السابقين الى المملكة العربية السعودية بمثابة “رسالة” اعتراضية سعودية على ما تعتبره المملكة مسا بالطائف وصلاحيات رئاسة الحكومة.
لا “خريطة طريق” سعودية.
وفقا لاوساط سياسية مطلعة على اجواء اللقاء، جاء الاجتماع بطلب من رؤساء الحكومة السابقين نجيب ميقاتي، وفؤاد السنيورة، وتمام سلام، بالتنسيق مع الرئيس سعد الحريري، ويهدف التحرك للطلب من المملكة المزيد من “الاهتمام” بالملف اللبناني كي لا يشعر احد المكونات الاساسية “باليتم” في ظل المخاوف من “استباحة” صلاحيات الرئاسة الثالثة.. وفي هذا الاطار، كانت المملكة حريصة على الاستماع الى “هواجس” الرؤساء الثلاثة دون ان يكون لديها تصور جاهز لكيفية مقاربة المرحلة المقبلة لبنانيا، ولا وجود لـ “خارطة طريق” جديدة في هذا السياق، لكن جرى التأكيد انه لا تهاون مع التفريط “بمكتسبات” الطائفة السنية، وما حصل في الاونة الاخيرة من ازمات متتالية طالت على نحو مباشر موقع رئاسة الحكومة بما يمس جوهر اتفاق الطائف دفع المسؤولين السعوديين الى رفع مستوى الاهتمام بالساحة اللبنانية، دون اي تغيير في السياسات المتبعة، فالاهم بالنسبة الى الرياض الان المحافظة على “الستاتيكو” الذي ينظم العلاقة بين المكونات السياسية والطائفية اللبنانية تحت سقف اتفاق “الطائف” وعدم تجاوزه عبر اعراف تقترب من تفريغه من مضمونه. وهو ما عبر عنه الملك في الجلسة بقوله “ما يمس أهل السنة في لبنان يمسنا في المملكة”.
حماية “الصلاحيات”..!
ووفقا لتلك الاوساط، عبر الرئيس الحريري في زيارته الخليجية الاخيرة عن حاجته الى “رص الصفوف” حول قيادته لرئاسة الحكومة كي يتمكن من تحصين الموقع الذي يتعرض لمحاولات حثيثة للنيل من صلاحياته، وقد تلقى وعدا برفع مستوى الاهتمام السعودي بالملف اللبناني ضمن قاعدة الحفاظ على “المكتسبات” والاستقرار في آن واحد، وذلك بعدما عبر رئيس الحكومة عن قناعته الراسخة بعدم جدوى الدخول في اي محاولة جديدة للصدام مع “المحور” الآخر على الساحة اللبنانية، وهو امر لم يطالب به السعوديين، لكنهم شددوا على ضرورة اتخاذ كل ما هو ضروري لحماية صلاحيات رئاسة الحكومة من اي محاولة لاضعافها..
ما هو دور باسيل..؟
ووفقا للمعلومات، لعب وزير الخارجية جبران باسيل على نحو غير مباشر، دورا محوريا في الاندفاعة السعودية الاخيرة، حيث عززت مقارباته السياسية للملفات الداخلية، وخصوصا ملفي الموازنة، وتعطيل “جلسات الحكومة”، من موقف “المتشددين” على يمين رئيس الحكومة سعد الحريري الذين سبق وطالبوا المملكة بضرورة التدخل بعدما شاب عملية تشكيل الحكومة الكثير من علامات الضعف في الرئاسة الثالثة، وجاءت التطورات السياسية الاخيرة بما فيها عملية تعطيل جلسات الحكومة لتقنع قيادة المملكة بضرورة التحرك العلني لتوجيه “رسائل” في اكثر من اتجاه..
ما هي “الرسالة” السعودية؟
ولم تستبعد تلك الاوساط ان يتوج التحرك السعودي بدعوة شخصيات لبنانية الى المملكة، وكذلك الرئيس الحريري لاجراء محادثات رسمية في المملكة،حيث سيبلغ المسؤولين السعوديين دعمهم لرئيس الحكومة بضرورة عدم التهاون في صلاحياته هذا الوقت الحساس في المنطقة. ووفقا لما تسرب من معلومات عن لقاءات السعودية تعتقد المملكة ان الجهات السياسية التابعة لرئيس الجمهورية ميشال عون لا تتحرك بمعزل عن دعم حزب الله الذي يؤمن لها الغطاء داخليا، وجزء من عملية استهداف رئاسة الحكومة يرتبط على نحو مباشر باضعاف الدور السعودي في لبنان، ولذلك سمع الرؤساء الثلاثة كلاما حاسما، سمعه الحريري في بيروت من السفير السعودي الوليد البخاري قبل ايام، ومفاده ان المملكة ليست مع “تخريب” التسوية الرئاسية وليست في وارد المطالبة بتعديلها او توتير الساحة اللبنانية، لكن اذا كانت هذه التسوية ستكون على حساب اتفاق الطائف سيكون خيار المملكة واضحا لجهة اختيار الخيار الثاني.. ولذلك فان هذا الدعم المباشر والواضح سيكون موضع اختبار في المرحلة المقبلة لاثبات عكس كل ما يقال او يحصل عمليا، “ليبنى على الشيء مقتضاه”. والافضل للجميع بحسب تلك الاوساط، عدم وضع الرياض بين خياري التسوية او الطائف. اما بالنسبة الى حزب الله ودوره فالموقف السعودي السلبي لم يتغير وتكررت النصيحة للرؤساء الثلاثة بضرورة فصل اداء الدولة عن خيارات الحزب، مع تسجيل عدم رضا المملكة عن تطبيق الدولة اللبنانية لسياسة “النأي بالنفس”…
عدم الاستفراد بالحريري..؟
من جهتها اكدت اوساط تيار المستقبل ان الزيارة مهمة لجهة التأكيد على عدم القبول باستفراد الرئيس الحريري الذي يتعرض لهجمة شرسة لاضعافه، ونتائج اللقاءات ستترجم بمزيد من دعم رؤساء الحكومة السابقين لرئيس الحكومة، والرياض وجهت “رسالة واضحة” تقول انه من غير المسموح استضعاف الحريري او موقع رئاسة الحكومة.
اجواء اللقاء…
تجدر الاشارة الى ان اللقاء دام 35 دقيقة حيث شدد الملك سلمان بن عبد العزيز، امام رؤساء الحكومة السابقين، نجيب ميقاتي، فؤاد السنيورة، وتمام سلام على مدى 35 دقيقة على أهمية الحفاظ على لبنان ضمن محيطه العربي لافتا الى أن “ما يمس أهل السنة في لبنان يمسنا في المملكة”. وأكد أن “المملكة موقفها واضح وتريد للبنان الأمن والاستقرار والازدهار”. وقد جرى خلال اللقاء استعراض للعلاقات الأخوية بين المملكة ولبنان، والتأكيد على حرص المملكة على أمن لبنان واستقراره، وأهمية الحفاظ على لبنان ضمن محيطه العربي، إضافة إلى بحث آخر المستجدات على الساحة اللبنانية”. واعلن الرئيس السنيورة “اننا نحتاج إلى إيجاد المسافة الصحيحة بين الدولة اللبنانية وحزب الله وكلام الحزب عن سياسة النأي بالنفس بقي “حبرا على ورق”، وتحدث عن البحث مع الملك سلمان حول ضرورة عودة السعودية لدعم لبنان واستقراره بعد ان أصبح هناك جرأة من البعض على “اتفاق الطائف” من جهة محاولة تعديله”… وقبل عودتهم الى بيروت التقى الرؤساء الثلاثة وزير الخارجية السعودية ابراهيم العساف.
“قبرشمون” تراوح.. وبري “مستاء”..؟
وفيما تابع كل من الحزبين الاشتراكي والديموقراطي جولاتهم على القوى السياسية، لا تزال “المراوحة” سيدة الموقف في حادثة قبرشمون ومعها لا تزال الحكومة معطلة الى “اجل غير مسمى”، وتفيد المعلومات ان عدم استكمال عملية تسليم المطلوبين من الطرفين يعيق التقدم في انهاء ملابسات هذه الحادثة، وفي هذا الاطار، تقدم المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم بمقترحات جديدة وينتظر الرد عليها خلال الساعات المقبلة “ليبنى على الشيء مقتضاه”..
هذه المراوحة اثارت سخط رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي اكد في دردشة مع الصحافيين في عين التينة ان الحكومة في حالة “اضراب”، مشيرا الى انه حتى الساعة لا جلسة حكومية محملا الجميع المسؤولية مؤكدا انه لا يجوز ادارة االحكومة “بالريموت كونترول”… وكان بري التقى النائب السابق وليد جنبلاط يرافقه الوزير السابق غازي العريضي حيث اكد انه منفتح على اي حل يمكن أن يؤدي الى نتيجة بحادثة البساتين بالتشاور مع بري والحريري وبتوجُه الرئيس عون.وعن إمكان قبوله بالمجلس العدليّ، قال: “هناك تحقيق يجب أن يتمّ مع الطّرفين لا مع طرف واحد وعلى ضوئه مجلس الوزراء والرّؤساء يقرّرون ما إذا كان ملفّ قبرشمون يستدعي الإحالة على المجلس العدليّ ودعونا لا نستبق الأمور. ولاحظ جنبلاط ان هناك خلافا سياسيا في البلد سائلا: “لكن هل من الضروري ان يؤدي الخلاف السياسي الى كل هذا التنشج ؟”. ولفت جنبلاط الى انه منفتح على لقاء واسع عند رئيس الجمهورية اذا تأمنت الظروف من اجل تنظيم الخلاف متمنيا ان يبقى الرأي ضمن الادبيات السياسية الموضوعية. وقال: “ادنت كلامًا مسيئًا بحق نصرالله لان الكلام احيانا “يخرب البلد”.. وفيما غرّد رئيس الحزب “الديمقراطي اللبناني” النائب طلال ارسلان قائلا “حق شهدائنا سيؤخذ.. واستباحة الساحات والمناطق ولّت.. ولا تخلي عن المجلس العدلي… زار وفد من الحزب التقدمي الإشتراكي رئيس الحكومة سعد الحريري وشدد النائب هادي ابو الحسن انه منذ اللحظة الأولى سلم الحزب الاشتراكي كافة المطلوبين وعلى الطرف الآخر أن يقوم بهذه الخطوة أيضاً”. في المقابل، زار وفد من قيادة الديمقراطي اللبناني حارة حريك حيث التقى قيادة حزب الله، ووفقا للمعلومات اعاد الحزب التأكيد على دعم توجهات الحلفاء في موقفهم وعدم الرضى بان يجري تمييع جريمة قبرشمون..
“الموازنة” ستمر..!
في هذا الوقت ستجد الموازنة طريقها الى الاقرار بغالبية اعضاء المجلس النيابي على رغم وجود ملاحظات بنيوية عليها من جميع الكتل التي سيستفيد نوابها من البث المباشر “للمزايدة” التي ستنتهي بقرارات بعضها “غير شعبية”.. وفي وقت دوّن 51 نائبا اسماءهم على لائحة طالبي الكلام خلال جلسات مجلس النواب، تحدثت مصادر نيابية عن شبه توافق بين الكتل النيابية “باستثناء” حزب الله على التحايل على الغاء الضريبة 2 بالمئة على البضائع المستوردة، ووفقا لتلك المصادر فان ما سيطرح كبديل هو زيادة 3 بالمئة على البضائع الخاضعة لرسم الضريبة المضافة مع استثناءات تشمل بعض السلع الاساسية ولكنها تطال شريحة واسعة من المواد الاستهلاكية التي تطال الشرائح المتوسطة والفقيرة، ومنها الملابس والسيارات والماكولات المعلبة، وهذه الزيادة المقترحة ستكون لثلاث سنوات وهي تمول الخزينة بنحو 360 مليون دولار، وهذه الضريبة تلقى معارضة شديدة من كتلة الوفاء للمقاومة التي ترى ان هذه الخطوة ستزيد من الاسعار وتشجع على التهرب الضريبي… وعلى الرغم من وضوح النص القائل بوجوب درس واقرار الموازنة مع قطع الحساب واعتبار تخلف الحكومة عن اعداد قطع الحسابات لموازنتي العامين 2018 و2019 واقرار الموازنة دونهما مخالفة صريحة للقانون، يتجه النواب الى مخرج اعتماد قطع حساب العام 2017 لانجاز الموازنة على ان يتم لاحقا اعداد قطوعات حسابات الاعوام السابقة وهو اقتراح لمح اليه رئيس تكتل لبنان القوي جبران باسيل بعد اجتماع الكتلة امس. في هذا الوقت نصب العسكريون المتقاعدون خيمة في ساحة الشهداء، في سياق تحرك سيبدأ اليوم في موازات الجلسة النيابية، رفضا للمس بحقوقهم..
“لا اكتتاب” في سندات الخزينة..
وعشية انطلاق جلسة مجلس النواب لمناقشة واقرار موازنة 2019 اليوم، عقد اجتماع مالي في قصر بعبدا ناقش الوضع المالي العام وتحديدًا حقيقة الأرقام المتعلقة بالموازنة، ووفقا لاوساط وزارية كان رئيس الجمهورية ميشال عون حريص على الاطلاع على حقيقة الوضع المالي وصحة الارقام المعلنة، كان عرض مسهب من قبل حاكم مصرف لبنان رياض سلامة للاوضاع المالية حيث طمان الى متانة الوضع المالي والنقدي، ولكنه اخبر المجتمعين ان الاكتتاب بسندات خزينة بقيمة 11 مليار دولار وبفائدة واحد بالمئة لم يعد واردا بعد تقرير صندوق النقد الدولي، ولذلك يجب البحث عن واردات جديدة بعيدا عن هذا الاجراء..وقد عرض خلال اللقاء افكار مختلفة حيال تامين مداخيل جديدة كان ابرزها عدد من الضرائب الجديدة ومنها رفع تعرفة الكهرباء..
ازمة “العمالة” الفلسطينية …
في هذا الوقت استمرت الاعتراضات في المخيمات الفلسطينية استنكارا لقرار وزارة العمل بمكافحة العمالة الأجنبية غير الشرعية، باعتبار أن الحملة قد تطال العمال الفلسطينيين وتقدم خدمة لمن يريد تمرير “صفقة القرن”. وقد استمرت الاعتصامات وقطع الطرقات بالاطارات المشتعلة، وسط دعوة الى اضراب ومنع دخول المواد والبضائع الى المخيمات وفي هذا السياق اجتمع وزير العمل كميل ابو سليمان في مكتبه في الوزارة مع رئيس لجنة الحوار اللبناني- الفلسطيني الوزير السابق حسن منيمنة يرافقه الدكتور عبد الناصر الأيي، ولاحقا انضم الى الاجتماع السفير الفلسطيني اشرف دبور وجرى البحث في خطة وزارة العمل مكافحة اليد العاملة الاجنبية غير الشرعية في لبنان. وتم الاتفاق على الاستمرار بالحوار المفتوح لتسهيل هذا الموضوع، ووفقا لاوساط وزارية مطلعة يجري العمل على تهدئة الامور من خلال اجراءات عملانية تعطي “استثناءات” للفلسطينيين الموجودين قسرا في لبنان..