كتبت صحيفة “الجمهورية” تقول: ينطلق الأسبوع من حيث انتهى سابقه على مشهد سياسي قاتم تنعدم فيه مؤشرات الحلحلة، إن لحادثة قبر شمون العالقة في مدار التفاعل، أو لإزالة العقبات من امام جلسة مناقشة الموازنة العامة التي تنطلق في المجلس النيابي غداً، والمعلّق إتمامها على انعقاد مجلس الوزراء وإحالة مشروع قانون قطع حساب 2017، قبل شروع المجلس في دراسة مشروع موازنة 2019 بنداً بنداً.
في موازاة الصورة الداخلية المأزومة، تفاعلت المواقف الاخيرة للأمين العام لـ”حزب الله” السيّد حسن نصرالله في إسرائيل، فصعّدت من تهديداتها.
نتنياهو
جاء هذا التهديد على لسان رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو، الذي قال خلال جلسة الحكومة الاسرائيلية الاسبوعية أمس: سمعنا نهاية الاسبوع كلاماً معجرفاً لنصرالله عن خطته لمهاجمة إسرائيل، سأكون واضحاً: “إذا تجرّأ “حزب الله” وأخطأ بمهاجمة إسرائيل، فسوف نسدّد إليه وإلى لبنان ضربة عسكرية ساحقة”.
أضاف نتنياهو: “لن أذكر تفاصيل خططنا كما فعل نصرالله، لكن يكفي أن نذكره أنّ حزبه قضى عدة سنوات يحفر أنفاقاً (تحت الحدود اللبنانية مع إسرائيل) فتم تدميرها خلال أيام”.
وبموازاة ذلك، اعترف نتنياهو أنّ إسرائيل نفذت غارات جوية في سوريا من أجل منع وصول أسلحة متطورة إلى “حزب الله”.
اللافت للانتباه انّ كلام نتيناهو أثار تعليقات في الداخل الاسرائيلي، كان أبرزها من وزير الدفاع الاسرائيلي الاسبق أفيغدور ليبرمان، الذي عقّب على تهديد نتنياهو فوصَفه بـ”الكلب الذي ينبح ولا يعض”.
“حزب الله”
وقال مصدر قيادي في “حزب الله” لـ”الجمهورية”: واضح حجم الارباك الكبير في الكيان الصهيوني، ولن نزيد على ما قاله سماحة السيّد، علماً انّ المقاومة على جاهزية كاملة لمواجهة كل الاحتمالات والسيناريوهات والتصدي وإحباط أي عدوان. إنّ تهديدات نتنياهو لا تنمّ عن امتلاك العدو لزمام المبادرة، بل بالعكس، هو مجرّد كلام ينمّ عن ضعف، ومَن تابع الاعلام الاسرائيلي في الساعات الماضية يرى انّ تهديدات نتنياهو كانت محل سخرية لدى قادة العدو أنفسهم”.
الداخل: تَرقُّب
داخلياً، تبدو الصورة السياسية أسيرة التشنج الذي ما يزال مستعصياً امام الجهود المتواصلة لاحتواء تداعيات حادثة قبرشمون، والتي انسحبت تعطيلاً للعمل الحكومي، يهدّد بدوره إقرار الموازنة خلال جلسة المناقشة العامة، التي تنطلق اعتباراً من يوم غد وعلى مدى 3 ايام، والتي قارَب عدد طالبي الكلام على منبرها الـ50 نائباً. ما يؤشّر الى انّ الجلسة قد تتمدّد اعمالها الى اكثر من 3 ايام.
وعلمت “الجمهورية” انّ التواصل لم ينقطع خلال الاسبوع بين المستويات الرئاسية، وانّ اقتراحات تم تداولها حول فك الربط بين حادثة قبرشمون والخلاف القائم على إحالتها على المجلس العدلي، وبين العمل الحكومي بشكل عام. ومن هذه الاقتراحات ان ينعقد مجلس الوزراء، من دون ان يقارب هذه المسألة، ورئيسا الجمهورية والحكومة يستطيعان منع الكلام في هذا الامر، فالبلد “لازم يمشي”، لأنّ هذا الربط أدى الى تعطيل الحكومة، وهو أمر إذا استمرّ فإنه سيهدّد بتعطيل عمل مجلس النواب.
برّي
وفي موازاة ما قيل عن انّ رئيس الجمهورية العماد ميشال عون متحمّس لاستئناف مجلس الوزراء جلساته، قال رئيس مجلس النواب نبيه بري لـ”الجمهورية”: من غير الطبيعي ان تتعطّل الحكومة، ومن شأن ذلك ان يلقي بمزيد من الاضرار على وضعنا الداخلي الذي يحتاج الى متابعة حكومية حثيثة له في شتى المجالات. وأكثر من ذلك، نحن اليوم بصدد مناقشة الموازنة وإقرارها في المجلس النيابي، وواجب الحكومة ان تنعقد لإحالة قطع حساب 2017 الى المجلس، لتمكين المجلس من القيام بمهامه. وكما سبق وقلت تستطيع الحكومة ان تنعقد اليوم قبل الغد ولو بجدول أعمال من بند وحيد، وهو إحالة قطع الحساب الى المجلس، فالتأخير ينطوي على سلبيات وأضرار نحن في غنى عنها. وفي سياق متصل قال بري أمام زواره: لا توجد الا طريقة واحدة، وهي ان يُحال قطع الحساب بمرسوم الى مجلس النواب.
بعبدا
وفيما تردد انّ جهوداً تبذل لانعقاد مجلس وزراء في بعبدا بعد غد، أكدت مصادر وزارية قريبة من بعبدا لـ”الجمهورية” ان لا جلسة هذا الأسبوع، والانظار متّجهة الى ساحة النجمة لمتابعة جلسة الموازنة التي يُرجَّح أنها ستعتمد المخرج الذي اعتُمد العام الماضي بتجاوز مسألة قطع الحساب.
بيت الوسط
أما أوساط “بيت الوسط” فعكست لـ”الجمهورية” انّ في إمكان الحكومة طلب مهلة 6 أشهر للبَت بقطوعات الحسابات المتأخرة، وهو أمر اعتمد العام الماضي وسلك طريقه في المجلس من دون أي عائق في ظل التفاهم بين الأكثريتين الحكومية والنيابية.
أفيوني
الى ذلك، دعا وزير الدولة لشؤون الاستثمار والتكنولوجيا عادل افيوني الى إطلاق الجلسات الحكومية.
وقال افيوني لـ”الجمهورية”: عندما نرى تأخراً في انعقاد جلسات مجلس الوزراء واستمرار الخلافات والتشنجات السياسية، فهذا الامر لا يساعد على التقدّم بسرعة نحو الحلول ونحو تنفيذ برنامج الاصلاح الاقتصادي، الأمر الذي ينعكس بشكل سلبي على ثقة المواطن اللبناني في الحكومة وفي مدى جديّتها في التعامل مع الازمة الاقتصادية وهموم المواطنين الاساسية، كما ينعكس سلباً على ثقة المراقبين والهيئات الدولية والاسواق المالية والمستثمرين في جديّة الحكومة في معالجة الوضع المالي”.
جنبلاط عند بري
على صعيد آخر، ما زالت مسألة إحالة قبرشمون الى المجلس العدلي تراوح بين فريق مؤيّد وآخر رافض، وهو أمر تؤكد المستويات المعنية بهذا الملف انه ما يزال في حاجة الى مزيد من الجهود التي لم تلامس بعد المخارج التي تبدو ضائعة حتى الآن. وفي هذا المجال يؤكد بري انّ الحل يكمن في الطرح الذي قدّمه، وهو الذي سيُسلّمون به في نهاية المطاف. وقد سبق لي أن قلتُ منذ يومين أتُهدَم أسوار لبنان ونحن نناقش جنس المحاكم؟
وفي سياق متصل، علمت “الجمهورية” انّ رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط سيزور اليوم رئيس المجلس، وذلك في سياق الجهود التي يبذلها بري لتبريد ملف الجبل. علماً انّ جنبلاط كان قد زار رئيس الحكومة سعد الحريري وجرى عرض لمجمل التطورات.
وفد الى واشنطن
وعلمت “الجمهورية” انه في موازاة العقوبات الاميركية الاخيرة، والتي طالت نائبين في المجلس النيابي اللبناني، سيتوجه وفد نيابي الى الولايات المتحدة الاميركية برئاسة النائب علي بزي وعضوية النائب هاغوب بقرادونيان.
وقال بزي لـ”الجمهورية”: لدينا مهمتان، إذ اننا سنشارك في منتدى في واشنطن يعقد من 16 الى 18 الجاري، عنوانه البرلمانيون في الخطوط الامامية لمواجهة التهديدات التي تتعرض لها الديموقراطية. ومن جهة ثانية هذا العنوان سأتناوله مع الاميركيين وغيرهم من الوفود المشاركة، من زاوية انّ من يزعم أنه حامي الديموقراطية في العالم، هو من قام بخطوة اعتدائية على مجلس النواب اللبناني، وهذا الاعتداء لا ينحصر فقط على المجلس النيابي اللبناني بل على كل المجالس النيابية في العالم. وسنؤكد على انّ هذه الخطوات مرفوضة وتشكّل عائقاً امام الديموقراطية باعتبارها نقيضاً للديموقراطية.
وأشار بزي الى انّ الوفد سيلتقي رئيسة مجلس النواب الاميركي نانسي بيلوسي، و”سنعرض معها كل هذه الامور، وعلى وجه الخصوص الاعتداء على مجلس النواب اللبناني، ومخاطر هذا الاعتداء”.