كتبت صحيفة “النهار” تقول: الملفات المعقدة تحاصر لبنان و”العهد القوي” وحكومة “هيا الى العمل”، فتفرمل كل انطلاقة وعمل. واذا كانت الحكومة معطلة بفعل عوامل داخلية، فإنّ التعطيل ربما يتضاعف، وربما ازداد التأخير مع حصار سياسي يشمل مكونات لبنانية أساسية، اضافة الى الحصار الاقتصادي المالي الذي يحد من التحويلات الخارجية، ويحول دون استيعاب الاسواق الخارجية مزيداً من السندات اللبنانية.
وفي معلومات لـ”النهار” ان رئيس الوزراء سعد الحريري وجّه بواسطة موفده الوزير السابق غطاس خوري رسالة ايجابية الى قصر بعبدا مفادها انه لن ييأس في عملية اعادة بث الروح في جسد الحكومة المشلول، لكنه أيضاً أكد انه لن يقف مكتوفاً أمام استمرار التعطيل الذي قد يؤدي الى انهيار اقتصادي لا يريد ان يتحمّل نتائجه ويتحمل مسؤولياته لانه يعمل للانقاذ، فيما يجهد غيره من الشركاء في الحكم للتعطيل، ودفع الامور الى الهاوية من دون الحد الادنى من المسؤولية الوطنية.
لكن التعطيل الداخلي، قوبل أمس بضغط خارجي أربك كل الأوساط السياسية التي لزمت الصمت لأن أي بيان رسمي لم يبلغ لبنان بعد. ويرجّح بين اليوم وغد أن يتبلغ وزير الخارجية جبران باسيل رسمياً من طريق السفير في واشنطن غابي عيسى أو أحد القائمين فعلاً بمهمات السفارة قرار الادارة الاميركية فرض عقوبات على رئيس كتلة “الوفاء للمقاومة” محمد رعد والنائب في الكتلة أمين شري، والمسؤول الامني في “حزب الله” وفيق صفا. وقد دعت وزارة الخزانة الاميركية الحكومة اللبنانية “الى أن تقطع اتصالاتها مع الأعضاء المدرجين اليوم على قائمة العقوبات”.
وأعلن بيان صادر عن وزارة الخزانة الأميركية “وضع مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأميركية شخصيات سياسية بارزة تابعة لحزب الله تستغل مناصبها السياسية لتسهيل عمل أجندة حزب الله الخبيثة ودعم إيران” على قائمة العقوبات.
ويعتبر الاجراء الاميركي سابقة تستهدف فيها الولايات المتحدة مباشرة نوابا في “حزب الله”. وفرضت اجراءات على المصارف المراسلة للتأكد من عدم ولوج هؤلاء الى النظام المصرفي الاميركي أو وصول المساعدات المقدمة للبنان إلى الحزب.
وقال البيان إن “على الحكومة أن تعي أن الولايات المتحدة لن تغمض أعينها عن أعضاء حزب الله فيها”، داعية الى عدم التمييز بين أعضاء الحزب السياسيين والعسكريين. وأضاف أن “على الحكومة اللبنانية أن تقطع اتصالاتها مع الأعضاء المدرجين اليوم على قائمة العقوبات”.
واتهمت وزارة الخزانة الأميركية الأعضاء الثلاثة بتمويل “حزب الله”. وأوضحت أن “النائب أمين شري هدد مصارف لخرق العقوبات الأميركية لمصلحة الحزب، وتوجه العام الماضي بالعنف إلى مسؤولي مصرف لبناني وعائلاتهم بعدما جمد المصرف حسابات مموّل للحزب كانت أصدرت الولايات المتحدة عقوبات في حقه. كما تواصل شري مع أشخاص على قائمة الإرهاب”. واتهمت الوزارة شري بـ”استغلال منصبه الرسمي لدفع أهداف الحزب التي تتعارض في غالب الأحيان مع مصالح الشعب والحكومة اللبنانيين”.
وأبرز بيان الوزارة “كيف يستخدم حزب الله سلطته السياسية لإفساد واستغلال العناصر المالية والأمنية في لبنان، مع الافادة من النظام والقيم الديموقراطية في البلاد. وتؤكد تسميات اليوم أن لا فارق بين النشاطات السياسية والعسكرية لحزب الله. فالحزب نفسه لا يميز بين جناحيه العسكري والسياسي، كما أقر قادة حزب الله علناً، بمن فيهم محمد رعد، الذي قال عام 2001 ان “حزب الله هو حزب مقاومة عسكري… لا فصل بين السياسة والمقاومة”.
وفي معلومات ” النهار” أن “حزب الله” سيطالب بموقف رسمي لبناني رافض للقرار الاميركي خصوصاً أنه يطاول رئيس كتلة نيابية لبنانية. ومن المتوقع ان يتحدث السيد حسن نصرالله ويتناول هذا الشأن الجمعة المقبل. ووصف النائب علي فياض العقوبات بأنها “إهانة” للشعب اللبناني، كما نقلت عنه قناة “أم تي في”، وطالب مجلس النواب والحكومة بإصدار موقف رسمي لإدانته. وفي تغريدة على “تويتر”، ورأى وزير المال علي حسن خليل أنّ “العقوبات تعني كل اللبنانيين وإن كان عنوانها حزب الله”. وكتب: “الإجراءات التي اتخذها لبنان والقوانين التي صدرت بشهادة الجهات الدولية تجعل تلك العقوبات لا مبرر لها”.
في غضون ذلك، استمرت الحركة المكوكية للمديرالعام للأمن العام اللواء عباس ابرهيم لتذليل العقبات أمام انعقاد مجلس الوزراء الاسبوع المقبل، وقت استمر التصعيد الكلامي ما بين مختلف الأفرقاء. فقال “تكتل لبنان القوي” إن ما سماه “بكائيات بعض وزراء الحزب التقدمي الاشتراكي ونوابه لا تنطلي على أحد، ولم تمنع ولن تمنع أن تكون للدولة الكلمة الفصل”. وأضاف “أن ما تسمى خصوصيات المناطق، ذابت في التمثيل النسبي، والمحميات الطائفية والمناطقية والوظائفية تتناقض مع مشروع الدولة”. وأشار الى “أن مسألة المجلس العدلي، تعود الى مجلس الوزراء المعني بمرسوم الإحالة توصيفاً للحدث الأمني الدامي والخطير بتعريض حياة وزير للخطر وتعريض الأمن للخطر”.
في المقابل، وضعت كتلة “المستقبل” الجميع أمام خيار من إثنين: إما العودة إلى الانتظام تحت سقف مجلس الوزراء والمؤسسات الدستورية وإما الذهاب إلى المجهول والإصطدام بالجدار المسدود.
وذكرت الكتلة بأن الحريري هو المعني دستورياً بدعوة مجلس الوزراء إلى الانعقاد وأي كلام آخر يقع في خانة الخروج على الدستور.
وعبر “تلفزيون المستقبل” عن وجهة نظر رئيس الوزراء، ومما جاء في مقدمة نشرته أمس: “الرئيس سعد الحريري، يتحصّنُ بالصبر والتفاؤل والامل ويتّخذ من التهدئة أسلوباً وهدفاً لن يتخلى عنه، لكنّه الآنَ في ذروة الاستياءِ والتذمّرِ من المسار الذي بلغته السجالاتُ والنكاياتُ السياسية، ومن خطابِ التحدّي الذي يَتنقّل بين الاحزاب والتيارات والمناطق، ولا يقيم وزناً للتحدّياتِ الاقتصاديةِ الماثلة وللتصنيفاتِ المالية التي تطرُق أبوابَ الاقتصاد اللبناني، ولا للوقت الذي يُهدَر كلَ يوم ٍعلى مذابح ِالتصعيد السياسي والطائفي.
والرئيس سعد الحريري، إذا شاؤوا، قادرٌ على التزام مكتبِه في السرايا الحكومية، من الآن والى ان تقومَ الساعة، أو الى أن تحينَ لحظة ُالوعي لدقّةِ الظروف التي تواجه لبنان، فيُدرك الجميعُ عندها، انّ مجلسَ الوزراء ليس ساحة لتصفيةِ الخلافات السياسية أو للانتقام ِمن هذا المكوّن أو ذاك، بل هو مؤسسة ٌلترجمة الوفاق الوطني وإدارةِ شؤون الدولة تحت سقف القانون ِوالعدالة والدستور ِوالعيش المشترك”.