كتبت صحيفة “اللواء” تقول: أبرز ما آلت إليه الاتصالات السياسية التي اندفعت بقوة بعد سقوط ضحايا في قبرشمون، الأحد الماضي، بإطلاق نار ترك للتحقيقات الأمنية والقضائية تحديد تبعاته ومصادره ومسؤولياته، تمثل بـ:
1- تبريد الأجواء.
2- مراجعة هادئة لما حصل.
3 – التسليم بالاحتكام إلى مؤسسات الدولة الأمنية والقضائية والقانونية.
4- الانكفاء إلى المعالجة، وصرف النظر عن التصعيد..
5- تسليم المطلوبين، المتورطين أو المفترضين، أو المشتبه بهم..
6- موافقة “اولياء الدم” دفن جثث الضحيتين، سواء أهالي الشابين اللذين سقطا، فضلاً عن الجهة الحزبية التي ينتمون إليها.
مع هذه النتائج المتقدمة، سواء في السياسة أو الجهود العملية التي يقودها مدير عام الأمن العام اللواء عباس إبراهيم بين المختارة وخلدة، بات بحكم الممكن التوجه إلى انتظار اللحظة السياسية المناسبة، ليتمكن الرئيس سعد الحريري من اتخاذ قراره بتوجيه دعوة جديدة لمجلس الوزراء.
وحدد مصدر مطلع الثلاثاء المقبل موعداً لحسم الموقف، وهو كان استقبل وزير الصناعة وائل أبو فاعور، في إطار متابعة ما تمّ التوافق عليه في الاجتماع الثلاثي في عين التينة أوّل من أمس.
في وقت وضع فيه وزير الدولة لشؤون النازحين صالح الغريب، “اقتراحات مفيدة”، تعبر عن وجهة نظر الأمير طلال أرسلان، في ما يتعلق بالمعالجة القضائية، وفي ما خص المجلس العدلي، بيد الرئيس نبيه برّي.
واتهم الوزير أبو فاعور وزير الدفاع الياس بو صعب بتسخير الدولة لحسابات حزبية وسياسية.
وقال ان أداءه (أداء أبو صعب) يرتقي إلى مستوى الفضيحة في الموقع الوزاري ويفتقر إلى الرصانة والموضوعية.
مساعي التهدئة مستمرة
في هذا الوقت، استمرت الاتصالات واللقاءات على خط تبريد “أزمة الجبل” بعد التوافق على تشييع ضحيتي حادثة قبرشمون اليوم وغداً، نزولاً عند رغبة الهيئات الدينية للموحدين الدروز، فيما علمت “اللواء” ان معاون الأمين العام لحزب الله الحاج حسين الخليل بقي على تواصل مع الرئيس نبيه برّي ومع رئيس الحزب الديمقراطي اللبناني النائب طلال أرسلان، بهدف المزيد من تبريد الأجواء على الأرض، في حين واصل المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم مساعيه التهدوية، عبر زيارة جديدة لارسلان في خلدة، في حضور وزير شؤون النازحين صالح الغريب الذي انتقل لاحقاً إلى عين التينة، معلناً من هناك ان “الامور باتت في عهدة الرئيس برّي الذي يعرف الحقيقة كما هي”.
وعلمت “اللواء” ان الجهد لازال يتركز على الجانب الامني والقضائي من دون الغوص في الاساس السياسي، لجهة تسليم جميع المطلوبين والمشتبه بهم في جريمة قتل الشابين عضو الهيئة التنفيذية في الحزب الديموقراطي رامي أكرم سلمان وسامر نديم أبي فراج، ومن ثم اطلاق يد القضاء في التحقيق.
وذكرت مصادر المشاركين في الاتصالات، ان موضوع إحالة جريمة قبر شمون على المجلس العدلي لن تبحث بالعمق الان قبل انتهاء الشق الامني بتسليم المطلوبين وهي ستكون الخطوة الثانية بعد الامن، مع توجه لاعتماد رأي الرئيس سعد الحريري وقوى سياسية اخرى ومنها الرئيس بري، بعدم ضرورة الاحالة طالما ان القضاء سيقوم بعمله كاملا وطالما جرى تسليم جميع المشتبه بعلاقتهم بالجريمة.
وحول الخطوة التالية وهل سيتم عقدجلسة لمجلس الوزراء، قالت مصادر وزارية من المتابعين للاتصالات: ان هذا الامر ليس وقته الان، ولن تعقد الجلسة قبل حصول التوافق على كل اسس الحل “حتى لا تحصل مشكلة داخل مجلس الوزراء ويتفجر الوضع مجددا وتنفجر الحكومة”.
وقالت هذه المصادر ان موعداً محدداً لعقد جلسة للحكومة لا يبدو انه سيكون قريباً، طالما استمر الخلاف بين المكونات الوزارية بشأن إحالة قضية قبرشمون إلى المجلس العدلي، حيث يتنازع الحكومة موقفان، واحد يقوده وزراء “لبنان القوي” وحلفاؤهم يطالب بإحالتها، وآخر يرفض هذا الأمر مكون من رئيس الحكومة سعد الحريري ووزراء “التقدمي” و”القوات” و”أمل”، بانتظار أن يتم حسم هذا الأمر، من خلال الاتصالات الجارية التي يتولى جزءاً كبيراً منها اللواء عباس ابراهيم.
جلسة الثلاثاء بمن حضر
وتشير الأوساط الوزارية إلى أن الرئيس الحريري، لن يقبل بأن تعطل الأحداث الأخيرة عمل مجلس الوزراء، وهو من خلال الاتصالات والمشاورات التي يقوم بها، يحاول التخفيف من حدة الاحتقان وإعادة جسور التواصل بين الأطراف، ما يسمح بخلق مساحة حوار تفضي إلى معاودة جلسات الحكومة، بعدما تكون الأمور قد وضعت على سكة المعالجة بأقل الأضرار الممكنة، في إطار إحقاق الحق والعدالة، وبما يحفظ السلم الأهلي ووحدة الجبل، في مواجهة الذين يريدون العبث بالاستقرار، وتعريض أمن البلد للخطر.
وعلمت “اللواء” ان الرئيس الحريري سينتظر حتى الثلاثاء المقبل قبل ان يوجه دعوة إلى عقد جلسة لمجلس الوزراء، وعندها من أراد ان يحضر فليحضر ويغيب من يغيب”.
وفي المعلومات المتوافرة لـ”اللواء”، أن الجهد ينصب لتسليم جميع المطلوبين دون استثناء، وبذلك تكون المطالبة بتحويل القضية إلى المجلس العدلي قد فقدت مبررها، لأن الرئيس الحريري لا يريد الذهاب إلى التصويت في مجلس الوزراء حول هذا الموضوع، وأنه يترك للمعالجات السياسية الهادئة أن تجد حلاً للأزمة، كونه يدرك نتائج أي تصويت قد يحصل على الصعيد السياسي، في وقت أحوج ما يكون البلد إلى مزيد من التماسك والتضامن.?
?وبحسب المعلومات أيضاً، فإن هناك مسعى لتسوية سياسية، بعودة جلسات الحكومة إلى الانعقاد، ولكن من دون البحث في موضوع المجلس العدلي، ويبدو ان عشاء عين التينة الذي جمع الرئيسين برّي والحريري مع رئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط، توافق على هذا الأمر، لكنه ما زال بحاجة إلى اتفاق مع أرسلان، ومن خلاله مع حليفه رئيس “التيار الوطني الحر” الوزير جبران باسيل، الذي يقول بما يقوله أرسلان في هذه النقطة بالذات، على اعتبار ان الوضع لا يحتمل صداماً داخل مجلس الوزراء، أو حتى خارجه، في حال بقي هذا الموضوع مثل فتيل البارود وكذلك يجب تركه للقضاء الذي عليه ان يُحدّد ما إذا كان يجب إحالة القضية على المجلس العدلي أم لا.
واوفد جنبلاط الذي استقبل الرئيس فؤاد السنيورة مساء أمس الوزير وائل أبو فاعور ومعه أمين سر الحزب الاشتراكي ظافر ناصر إلى الرئيس الحريري لوضعه في صورة الاجتماع الذي عقدته قيادة الحزب في كليمنصو لبحث مفاعيل عشاء عين التينة الذي أسس لمرحلة جديدة بين “بيت الوسط” و”كليمنصو”.
ولم يشأ أبو فاعور بعد اللقاء الذي بقي بعيداً في الأجواء الكشف عن تفاصيل، سوى انه يأتي استكمالاً لاجتماع عين التينة، لكنه شن هجوماً على أداء وزير الدفاع الياس بو صعب الذي قال انه يفتقد إلى الرصانة ويرقى إلى مستوى الفضيحة.
وكانت مصادر اشتراكية قالت ان الاجتماع المطوّل لقيادة الحزب تداولت في مساعي اللواء إبراهيم بالنسبة لمعالجة موضوع تسليم المطلوبين من المشتبه بعلاقتهم في حادث قبرشمون، في ضوء الرواية الثانية التي يملكها الحزب عن حقيقة ما جرى، والتي تخالف رواية الحزب الديمقراطي عن كون الحادث عبارة عن كمين لاغتيال الوزير الغريب.
ويبدو ان الحزب الاشتراكي تبعاً لذلك يتمهل في تسليم باقي المطلوبين، مكتفياً بالخمسة الذين تمّ تسليمهم إلى شعبة المعلومات، ومطالباً في المقابل بتسليم مرافقي الوزير الغريب، الذين ظهروا في الفيديوهات المسربة يطلقون النار على الأهالي لفتح الطريق امام الموكب، وهو أمر أعلن أرسلان عن رفضه له، مثل رفضه الأمن بالتراضي، ومحذراً من مخاطر تسليم ابرياء للتغطية على المتورطين الحقيقيين.
عشاء عين التينة
وكانت معلومات لمصادر نيابية، قد أكدت لـ”اللواء” ان لقاء عين التينة ركز على تطورات الاوضاع في الجبل، رغم أن هدفه كان في الاساس جمع الحريري وجنبلاط بعد الخلاف الذي حصل بينهما مؤخرا، واعتبرت المصادر المتابعة ان الرئيس الحريري لا يمكن الا اعتبار جنبلاط حليفا وشريكا اساسيا له والعكس صحيح مهما حصل من خلاف بينهما، ورأت المصادر ان اللقاء كان لقاء مصارحة ومصالحة بين الرجلين، حيث تم دفن كل الخلافات التي أُسعرت في الايام الماضية، كما كان تأكيد على تضافر جهود الجميع في هذه المرحلة لانقاذ الوضع الداخلي اللبناني ولملمته في ظل التطورات التي تشهدها المنطقة.
وفي السياق، أكدت مصادر عين التينة، ان الحريري وجنبلاط تجاوزا المرحلة السابقة برعاية برّي، مشيرةً الى أن “المبدأ الاساسي الذي اتفق عليه في عين التينة هو الاستقرار الأمني والاقتصادي الذي يتطلب عودة خطوتين الى الوراء”.
ولفتت المصادر الى أن “المجتمعين اعتبروا أن الحكومة كنظام الأوعية المتصلة ولا قوة يمكن ان تتخطى الاخرى مهما كان حجمها، وجهود بري لا تنصب في جهة اكثر من اخرى فهو على مسافة واحدة من الجميع”.
زيارة باسيل إلى طرابلس
وفي إشارة إلى زيارة الوزير باسيل للجبل، واعتزامه زيارة طرابلس الأحد المقبل، نصحت المصادر جميع القوى السياسية وقف التصاريح الاستفزازية، حتى الزيارات لبعض المناطق التي لديها خصوصية في هذه الفترة، مع تأكيدها احقية ان يجول اي مسؤول او مواطن على كافة الاراضي اللبنانية ولكنها رأت ان الاوضاع اليوم حساسة ودقيقة وكل خطوة بحاجة الى درس قبل الاقدام عليها.
وتأكدت “اللواء” من مصادر الوزير باسيل انه سيزور طرابلس بعد غد الاحد، لكن لم يعلن بعد برنامج زيارته رسميا، ولم يتأكد ما اذا كان سيزور بيت النائب فيصل كرامي كما تردّد، وحتى أن بيت كرامي لم يكن لديه علم رسميا بعد عن البرنامج لاسباب امنية.
ووجه نائب طرابلس السابق عبر “الفيديو” رسالة مسجلة استهلها بالقول: ما الذي يدفع الوزير جبران باسيل لزيارة طرابلس. وقال: طرابلس بكل طوائفها تحتقرك يا جبران بقدر ما تحتقرها، مشيراً إلى ان تاريخ طرابلس يرفض التطرف والتعصب والحقد الدفين الذي لا يوصل إلى أية نتيجة.
ردّ حول ميثاقية الدفاع
في مجال آخر، ردّت مصادر وزارية قريبة من أجواء بعبدا، على ما صدر من مواقف سياسية تناولت الجلسة الأخيرة لمجلس الدفاع الأعلى من ناحية لا ميثاقيتها بسبب غياب أي ممثّل عن الطائفة الدرزية، في هذا الاجتماع، مشيرة إلى ان تشكيل المجلس الأعلى للدفاع نص عليه قانون الدفاع الوطني الصادر بالمرسوم الاشتراعي الرقم 102 الصادر في 16 أيلول 1982، (المادة 7) وهو برئاسة رئيس الجمهورية ويضم رئيس الوزراء نائبا للرئيس وأعضاء حكميين هم وزراء الدفاع والخارجية والمالية والداخلية والاقتصاد. ونصت الفقرة 2 من المادة نفسها انه يحق لرئيس المجلس الأعلى ان يستدعي من يشاء ممن تقضي طبيعة أعمال المجلس حضورهم.
وأشارت المصادر الى ان حضور وزيرين من خارج الأعضاء الحكميين اجتماع الاثنين الماضي جاء بطلب من رئيس الجمهورية، وكذلك حضور القادة الأمنيين في الجيش وقوى الامن الداخلي والأمن العام وامن الدولة والمسؤولين عن المخابرات في الجيش وقوى الامن وذلك نظرا لطبيعة المواضيع التي طرحت في الاجتماع الذي شارك فيه أيضا النائب العام التمييزي بالنيابة القاضي عماد قبلان نظرا لكونه باشر التحقيقات في الأحداث التي وقعت في منطقة عاليه.
واوضحت المصادر ان مشاركة القادة الأمنيين في الاجتماع مسألة طبيعية لان البحث تركز على هذه الأحداث التي تابعتها الأجهزة الأمنية التي تقع تحت أمرتهم ولديهم التقارير المفصلة عنها.
وإذ أكدت المصادر انه لم يحصل ان تجاوز المجلس الأعلى، لا في اجتماع الاثنين الماضي ولا في غيره من الاجتماعات الأنظمة والقوانين المرعية، دعت الذين تناولوا الاجتماع الأخير للمجلس إلى الكف عمّا وصفته بـ”تضليل الرأي العام والعزف على الاوتار الطائفية والمذهبية، وافتعال مواضيع لا تأتلف مع دعوات التهدئة الصادرة عن معظم القيادات الرسمية و السياسية والروحية بهدف معالجة ما حصل يوم الأحد الماضي في منطقة عاليه بما يحفظ الاستقرار الأمني ويمّكن الأجهزة القضائية من القيام بدورها من دون ضغط واستباق للتحقيقات”.
محرقة بيروت
وعلى صعيد آخر، وعلى عكس ما كان متوقعاً، كانت جلسة المجلس البلدي لمدينة بيروت المخصصة لإقرار دفتر شروط المحرقة هادئة وكان حضورها “عشرة على عشرة” أي 22 عضواً من أصل 23 عضواً لكن المجتمعين لم يبحثوا في البنود المتعلقة بالمحرقة كما هو مدرج على جدول الأعمال، حيث سبقت أجواء متشنجة نتيجة الخوف من حصول تباين للآراء بين الأعضاء وفرض شروط وملاحظات حتى من الاعضاء المؤيدين فرض التأجيل وكان التعليل “لمزيد من الدرس” وبناءً لرغبة التيار الوطني الحر و”القوات اللبنانية” كما صرّح رئيس المجلس البلدي جمال عيتاني لوسائل الإعلام.
وتزامناً مع انعقاد الجلس كان ناشطو المجتمع المدني وحزب سبعة وحزب الحوار وبمشاركة النواب: نديم الجميل والياس حنكش وبولا يعقوبيان وفاعليات ينفذون اعتصاماً رفضاً لإقامة المحرقة في بيروت واي منطقة أخرى في العاصمة والتأكيد على وحدة الأهالي والحفاظ على الصحة والبيئة.