كتبت صحيفة “النهار” تقول: طارت جلسة مجلس الوزراء، ولكن ليس بالضربة القاضية، إذ ان التطيير، الذي بدا سببه الظاهر تأخر وزراء “تكتل لبنان القوي” ساعتين عن الموعد المحدد، تم بتواطؤ ضمني بين رئيس الوزراء سعد الحريري ورئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل، خوفاً من حصول تصادم في الجلسة، لا يطيحها فحسب، بل يفجر الحكومة من داخل، توازياً مع وساطة كان المدير العام للامن العام اللواء عباس ابرهيم بدأها لتسليم مطلوبين من المشاركين في الاشكال الذي حصل الاحد في منطقة البساتين بين كفرمتى وقبرشمون. واستمرت المساعي لسحب فتائل التفجير وشملت كل المعنيين، وقد أعلن الحريري “اننا بحاجة الى 48 ساعة لعودة الامور الى مجاريها وتنفيس الاحتقان”، الا انه لم يحدد موعداً جديداً لمجلس الوزراء هذا الاسبوع. ووضعت الاتصالات حادث الجبل على سكة الحل الذي يترجم تباعاً: إرجاء جلسة مجلس الوزراء، ترحيل مطلب الإحالة على المجلس العدلي، تسليم المطلوبين.
وللمرة الاولى منذ الحادث، خرج الوزير باسيل الى الاعلام فدعا إلى “الاحتكام للدولة والقضاء لمحاسبة المرتكبين والمخططين”، وقال: “لا شك في أن ما حصل هو حادث مدبر، وكمين سياسي وأمني”. واذ أكد “ان لا أحد يسعى الى الفتنة”، أضاف ان “محاولة إيقاعنا بفتنة درزية مسيحية لن تحصل ونعمل لمصالحة درزية – درزية”.
وكان اللواء عباس ابرهيم تواصل مع وزير الخارجية والمغتربين ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط. وزار السرايا حيث عقد اجتماع في مكتب الرئيس الحريري، ضمّه والوزيرين اكرم شهيّب ووائل أبو فاعور. وبعد ذلك، توجه الى خلدة حيث اجتمع برئيس الحزب الديموقراطي اللبناني النائب طلال أرسلان، في حضور وزير الدولة لشؤون النازحين صالح الغريب. وأوضح ابرهيم بعد الاجتماع “أن أولى خطوات استعادة الامن تكون بتسليم المرتكبين، وبدأنا بتسلم المطلوبين”.
وعلم في هذا الإطار أن الأمن العام تسلم ثلاثة مطلوبين، فيما تسلم ذوو الضحية رامي سلمان جثمان ابنهم من مستشفى الشحار الغربي الحكومي، ونقلوه الى مستشفى بشامون تمهيداً لتحديد موعد الدفن، على أن يتسلم ذوو سامر ابي فراج جثمانه أيضاً.
وفي اطار الاتصالات، وقبيل عشاء يجمع فيه الرئيس بري مساء اليوم الرئيس الحريري والنائب السابق جنبلاط، التقى الاخيران في صالون جانبي بدار الطائفة الدرزية في فردان على هامش التعزية برئيس مؤسسة العرفان الشيخ علي زين الدين. وحضر اللقاء النائب تيمور جنبلاط الذي تأكد حضوره بعد شائعات عن سفره الى فرنسا تجنباً للمواجهة الحاصلة خصوصا على الساحة الدرزية.
وقد حجبت التطورات الداخلية، زيارة الموفد الاميركي ديفيد ساترفيلد الذي يقوم بجولات مكوكية بين لبنان واسرائيل أملاً في تحقيق اختراق جدي في ملف ترسيم الحدود البحرية والبرية بين البلدين. وعلى رغم الاجواء الايجابية التي صدرت من غير مكان أمس، فقد علمت “النهار” ان حصيلة لقاء بري وساترفيلد لم تكن إيجابية. وتبين أنهما لم يتفقا، خصوصاً ان ساترفيلد حمل إلى لبنان جملة من المواقف والاقتراحات نسفت كل ما كان متفقاً عليه سابقاً. وأظهر الموفد الأميركي انه تراجع عن طرح رئاسة الأمم المتحدة للمفاوضات بين لبنان وإسرائيل والتي كان مقرراً ان تنطلق خلال الاسبوع الجاري.
وكان مقرراً أن يرأس هذه المفاوضات المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان يان كوبيتش بناء على تكليف من الأمين العام للامم المتحدة انطونيو غوتيريس. وعرض ساترفيلد على بري أن تجرى هذه المفاوضات في ضيافة الأمم المتحدة من غير أن تتم في اشراف مباشر من المنظمة الدولية. ويعني هذا التحول أن الوسيط الأميركي هو الذي يريد رئاسة المفاوضات بين الجانبين اللبناني والإسرائيلي. ورد بري بشكل قاطع بأن لبنان لا يوافق إلا على أن تكون المفاوضات برئاسة الأمم المتحدة ورعايتها، قائلاً: “ليس هذا ما اتفقنا عليه. والطرح الجديد الذي تقدمونه غير وارد عندنا أبداً”. كذلك كرر بري موقف لبنان بضرورة تلازم مساري البر والبحر في الترسيم. وسئل ساترفيلد، الذي ينهي مهمته لتولي سفارة بلاده في تركيا، هل ينعكس موقفه على الملف مع تسلم خلفه ديفيد شنكر المهمة، فأجاب بأنه سيعلن “انه بذل جهوداً كبيرة وان لبنان لم يتجاوب ولم يستجب لانجاح المفاوضات التي كانت مقررة”. ورد عليه الرئيس بري: “إذا أعلنت مثل هذا الموقف وهو غير حقيقي، سأقول من جهتي أنكم (الأميركيون) ماطلتم في هذا الملف وتماطلون”.