تم اليوم في المجلس الوطني للبحوث العلمية الاعلان عن نتائج المسوحات البحرية السنوية للشاطىء اللبناني، في حضور وزراء السياحة اواديس كيدانيان والبيئة فادي جريصاتي والزراعة حسن اللقيس ومدراء عامين واكاديميين وشخصيات مهتمة.
حمزة
بداية، النشيد الوطني فكلمة الامين العام للمجلس الوطني للبحوث العلمية الدكتور معين حمزة، رحب في مستهلها بالوزراء الثلاثة والمدراء العامين ورؤساء البلديات والفاعليات الجامعية والبحثية، كما شكر وسائل الإعلام على “اهتمامها الملفت بنقل المعطيات العلمية حول وضع الشاطىء اللبناني، والذي اعتاد المجلس الوطني للبحوث العلمية نقلها بأمانة وموضوعية من خلال المسوحات والرقابة التي يجريها على مدار السنة، على طول الشاطىء اللبناني، من العبدة شمالا وحتى الناقورة جنوبا، بجهود خبرائه وباحثيه في مركز علوم البحار، وبواسطة التقنيات المتقدمة والحديثة التي يوفرها المركب العلمي قانا”.
وقال حمزة: “لا تقتصر بحوث العلوم البحرية على متابعة التلوث في نقاط محددة من الشاطىء، بل تتعداه لتصل إلى تحديد مصادر التلوث الرئيسية، وأثر هذا التلوث على الحياة البحرية وعلى التنوع الحيوي والثروة السمكية. وقبل عرض النتائج المعتمدة لهذا العام، يهمني توضيح بعض النقاط الأساسية في هذا المجال:
أولا: يعمل المجلس على متابعة الأوضاع البيئية في 26 موقعا من الشمال إلى الجنوب. وقد تم اختيار هذه المواقع خارج المسابح الخاصة أو الإنشاءات السياحية أو الإنشاءات الاقتصادية، كونها تدار من مؤسسات عامة وخاصة مسؤولة مباشرة عن تحديد أوضاع المنطقة الشاطئية المتاخمة لها.
ثانيا: لم تؤخذ العينات الشهرية وعلى مدار السنة، مباشرة من مصبات المياه الآسنة والمجارير التي تصل إلى البحر، بشكل دائم أو ظرفي، ولا من مكبات النفايات الصلبة الدائمة، كونها لا تحتاج لتحاليل لتأكيد تلويثها للشاطىء.
ثالثا: يعمل مركز علوم البحار في المواقع الـ 26 منذ 35 عاما، ولديه قاعدة معلومات مهمة للتغيرات التي تطرأ على كامل الشاطىء اللبناني، كما نجهد لتلبية احتياجاته الفنية والبشرية من ضمن المشاريع الممولة من البرامج الأوروبية والتعاون التقني مع إيطاليا ومنظمة الفاو وعددا من المؤسسات الدولية المعنية.
رابعا: بالمقارنة مع السنوات السابقة، لم يشهد الوضع تحسنا يذكر، نظرا لغياب المبادرات البيئية السليمة واستمرار استباحة الشاطىء لردم النفايات أو للتخلص غير المشروع من المياه الآسنة والرواسب الصناعية.
خامسا: تبين نتائج العام 2019 في أحوال الشاطىء اللبناني النتائج التالية:
أ- 14 موقعا في الشمال وجبل لبنان والشوف والجنوب، هي مناطق نظيفة تصلح للسباحة والنشاطات الترفيهية ولا تشكل خطرا صحيا أو غذائيا على المواطنين.
ب- تشير النتائج إلى وجود أربع مناطق: صنفت حذرة إلى حرجة، نظرا لقربها من مصادر تلوث بكتيري وتتضاءل جودتها كلما كبر حجم النجمة الصفراء لتصبح غير مأمونة.
ج- سجلت النتائج وجود ثماني مواقع في الشمال ومحيط بيروت الشمالي والجنوبي ملوثة بمصبات المياه الآسنة وتتأثر بالعصارة وبالرواسب التي تتسرب من مكبات النفايات الصلبة، بالإضافة إلى موقع آخر في سلعاتا، سجلت فيه نسب عالية من المعادن الثقيلة نظرا لقربه من المنطقة الصناعية.
سادسا: لقد تم تصنيف هذه المناطق وفقا لنسب مستعمرات البكتيريا والمعادن الثقيلة أحيانا، معتمدين على مرجعية ومعايير منظمة الصحة العالمية التي تحدد نسبة المخاطر المرتبطة بها وأثرها السلبي على الصحة العامة والغذاء.
سابعا: إن النتائج التفصيلية التي سوف تعرض الآن، تحمل قيمة زمنية ومكانية محددة، ولا يمكن تعميمها جغرافيا حتى في نفس المنطقة، بسبب تزايد احتمالات حدوث تغيرات فجائية في نوعية مياه الشاطىء، من تسرب غير متوقع لمياه المجارير أو وصول أمواج تحمل نفايات صلبة من مناطق أخرى. كما من الممكن أن تتحسن نوعية مياه الشاطىء في حال توقفت مصادر التلوث.
ثامنا: إن بحوث المجلس ومركز علوم البحار، وما يراه المواطنون يوميا على طول الشاطىء، يدفعنا للتأكيد أن الثروة السمكية ما تزال بخير، وبمنأى نسبي عن مصادر التلوث، في حال تم اصطيادها كما هو الواقع الحالي في مناطق بعيدة عن الشاطىء. أما الأسماك التي يصطادها هواة الصنارة، في أغلب المدن على مصبات المجارير، فلا قيمة غذائية لها ولا يجوز استهلاكها أو تسويقها.
تاسعا: في المجلس الوطني للبحوث العلمية ومراكزه البحثية الأربع إمكانيات علمية مميزة، ملتزمة خدمة المجتمع باعتماد المنهج العلمي السليم والتقنيات العالمية والشفافية التامة في إعلان النتائج التي لا تهدف لإحباط المواطنين، بل للدلالة على أهمية الموضوع والتوصية باتخاذ إجراءات عاجلة لمعالجة الشاطىء اللبناني وعدم الاستهتار بإمكانياته.
وقال: “وقبل أن أختم مداخلتي أود التأكيد، بكل موضوعية، أن بحر لبنان الذي يعاني من ضغوطات سكانية وصناعية وتجارية (مثل مناطق متوسطية أخرى)، لديه القدرة على استعادة نقائه وسلامته من الشمال إلى الجنوب، في أسرع وقت، إذا ما التزمت الإدارة اللبنانية والبلديات بتنفيذ المشاريع الموضوعة لوقف تسرب المياه الآسنة والصناعية إليه، وضمان تطبيق المواصفات الفنية العالمية في مطامر النفايات الصلبة. فالشاطىء اللبناني يقاوم، والمناطق التي يخف فيها التلوث، ولو تدريجيا، تستعيد حيويتها بسرعة. والتفاؤل بالقدرة على الخروج من المأزق، مشروع وممكن وبمتناول اليد”.
فخري
ثم عرض مدير مركز علوم البحار ميلاد فخري لنتائج المسوحات البحرية للشاطئ اللبناني التي أظهرت “ان من بين المناطق الملوثة او عالية التلوث هي شاطىء الرملة البيضاء، المنارة، برج حمود، الضبيه، سلعاتا، الشاطئ العام في طرابلس، وأن 14 موقعا في الشمال وجبل لبنان والشوف والجنوب هي مناطق نظيفة وتصلح للسباحة ولا تشكل خطرا على صحة المواطنين من بينها: صور، الناقورة، البترون، جبيل، الفدار، طبرجا، العقيبه، انفه، والمعاملتين. أما المناطق التي صنفت “حذرة إلى حرجة” نظرا لقربها من مصادر تلوث بكتيري فهي: الرميلة، صيدا، الصرفند، والهري”.
وعما اذا كان بالامكان تناول السمك اللبناني قال فخري: “كلوا السمك وانتم مرتاحون”.
جريصاتي
ثم كان للوزراء اللقيس وجريصاتي وكيدانيان حوار مع الصحافيين، فتحدث الوزير جريصاتي شاكرا مجلس البحوث على هذه الاستضافة، متوقفا امام زيارته للحوض الخامس قبل فترة. وأعلن “ان الدولة بدأت مرحلة جديدة عنوانها الشفافية”، لافتا الى ان النتائج التي سمعتها اليوم “لا تبيض الوجه”، فكما نعطي البيئة فانها تعطينا”.
وتابع: “لدينا 14 منطقة “منشوف حالنا فيها” و8 مناطق علينا تحذير اللبنانيين منها، لان مجاري الصرف الصحي هي السبب الاول للتلوث، مشيرا الى وجود خطة لانشاء محطات الصرف الصحي في لبنان في الاشهر المقبلة”.
واوضح “ان النفايات الصلبة هي السبب الثاني للتلوث”، محملا المسؤولية المشتركة على المواطن والدولة”. ودعا المواطن اللبناني الى عدم رمي النفايات وتغيير هذه العادات. كما حمل البلديات المسؤولية في هذا المجال ايضا.
واكد “ان النفايات العضوية هي من اكبر المشاكل في لبنان”، داعيا الى “ايجاد الحلول للبقايا الناجمة عن المسالخ”، لافتا قروض البنك الدولي المسيرة جدا في موضوع معالجة قضايا بيئية، ومؤكدا ان امكانيات المجلس الوطني للبحوث العلمية لا تكفي. ووعد بطلب زيادة على موازنته في مجلس الوزراء.
وشدد جريصاتي على دور البلديات في تحذير المواطنين وتوعيتهم عن المناطق الملوثة، وذلك بناء على تعليمات وزارة البيئة. واعلن استمرار حملة تنظيف الانهار، كاشفا عن متابعة العمل مع المصانع لتنظيم عملها وعدم تصريف بقاياها في نهر الليطاني، مشيرا الى استمرار العمل في تنظيف هذا النهر، والى مسؤولية النزوح السوري في تلويثه.
واعرب عن نيته القيام بأعمال كثيرة، ولكن موازنة الوزارة قليلة، مكررا تحميل المواطن والبلدية والوزارة المسؤولية الثلاثية في الحفاظ على البيئة، وان كانت الدولة تتحمل المسؤولية في قضايا المطامر، والصرف الصحي والروائح الكريهة”، نافيا بشدة ان “يكون الخبير الدولي منسى قد تقاضى ليرة واحدة مقابل التقرير الذي قدمه حول هذا الموضوع”، منتقدا “بعض وسائل الاعلام والتواصل الاجتماعي لعدم جديتها في تناول هذه المسألة ومع الخبير منسى”.
اللقيس
من جهته، اكد الوزير اللقيس اهتمام وزارة الزراعة بتحسين شروط الصيد لحماية الثروة السمكية، داعيا مجلس البحوث الى مشاركة الوزارة في هذا الموضوع لطمأنة المواطن”.
وأعلن ان “لبنان يستورد كميات كبيرة من الاسماك ما يكلف الدولة اموالا”، لافتا الى “اهمية اقامة مزارع أسماك كما في الدول الاخرى”، موضحا ان “منع استخدام الديناميت في صيد الاسماك هو من مسؤولية البحرية في الجيش اللبناني وليس وزارة الزراعة”.
كيدانيان
ودعا وزير السياحة الجميع الى “تحمل المسؤوليات بكل موضوعية ووطنية”، مشيرا الى ان دول الجوار التي تتغنى بالسياحة لديها ذات مشاكلنا. وأعلن عن سماح المسابح الخاصة بالدخول اليها لاجراء مسوحات علمية، وانه تلقى وعدا بهذا الخصوص من نقابة المسابح الخاصة.
واكد كيدانيان “اننا في أمان ولدينا صيف واعد سياحيا”، مؤيدا دعوة وزير البيئة لان يتحمل المواطن المسؤولية، اضافة الى تحمل الدولة جزءا من هذه المسؤولية”. وطالب وسائل الاعلام بقول الحقيقة، مؤكدا ان هناك بعض السياسيين الصادقين”.
عمار
وأكد المدير العام لوزارة الصحة الدكتور وليد عمار متابعة اسباب التسمم في احد برامج الوزارة، نافيا ان يكون السمك احد هذه الاسباب ولو لمرة واحدة.
حمزة
وردا على سؤال، اكد حمزة “ارتفاع نسبة التلوث بالمعاون الثقيلة في منطقتي شكا وسلعاتا”، لافتا الى ان “الوضع في لبنان ليس اسوأ من دول اخرى والتي لا تعلن عن مناطق التلوث فيها”، مشددا على “ضرورة عدم السكوت عن الثغرات عندنا”.