كتبت صحيفة “النهار” تقول: غداة المؤتمر الصحافي الذي عقده رئيس الوزراء سعد الحريري والذي بدا بمثابة “تصويب” أو تعويم للتسوية السياسية التي ترعى الواقع الداخلي، اكتسب اللقاء الذي جمع الحريري ورئيس الجمهورية العماد ميشال عون في قصر بعبدا دلالات “تنفيذية” بارزة للاتجاهات التي اطلقها الأول وكرّر بعضها أمس من بعبدا.
وبدا لافتاً ان الرئيس عون رافق الحريري بعد اجتماعهما الى البهو خارج مكتبه في القصر الجمهوري، في ما فسرته الاوساط المعنية بانه تأكيد لثبات التسوية القائمة على التعاون بينهما. وكانت الصورة التي جمعتهما بحد ذاتها، استناداً الى تفسيرات الاوساط، “ترجمة واضحة للقاء الجيٌد بينهما”، والذي علم انه اتفق فيه على تفعيل عمل الحكومة في المرحلة المقبلة بما يعنيه من تحريك المشاريع وتمرير التعيينات، خصوصاً ان نسبة الشغور كبيرة جداً في كل الفئات، وقد بلغت 43 موقعاً من اصل 160 في الفئة الاولى وحدها.
وقالت المصادر المطلعة على اجواء اللقاء “إن التسوية لم تكن يوماً في خطر، وهناك توجه نحو التهدئة التي ستنعكس في عمل الحكومة، كما ستكثف جلسات الحكومة وقد يشهد الأسبوع المقبل انعقاد جلستين لمجلس الوزراء في المبدأ، مع العلم ان الرئيسين عون والحريري مدركان لدقة المرحلة ويرغبان في تعميم التهدئة للأنصراف الى تنفيذ أولويات الحكومة من مشاريع وتعيينات وقضايا أخرى اساسية”. وتوقعت ان يؤدي تنفيس الأجواء والأبتعاد عن المناخ الضاغط الى تمرير عدد من الملفات في مجلس الوزراء. وأضافت أنه “بعد عشرين جلسة خصصت لمناقشة الموازنة واقرارها آن الأوان لتستأنف الحكومة جدول اعمالها. كما أن رئيس الجمهورية سيتدخل حيث يجب ان يتدخل مثلما فعل في ملف الموازنة وكذلك في قضية نزار زكا والرئيس الحريري مرتاح الى هذا التدخل والى مساعي رئيس الجمهورية”.
وصرح الحريري بأنه “كان اتفاق على منهج لتسريع عمل الحكومة وتحقيق الانجازات، خصوصاً أننا في مرحلة اقتصادية صعبة تتطلب ان نعيد ترتيب الامور وفقا للنطاق نفسه الذي اشرت اليه أمس، وهذا ما يهمنا ويهم طبعاً فخامة الرئيس، والاهم هو أن نقدم إنجازات للمواطن اللبناني. وكان رأي عن ضرورة تخفيف حدة الكلام في الاعلام وإيقافه، وأتمنى على وسائل الاعلام ان تقوم بدور مساعد في هذا المجال… أعلم أنه يحصل بعض التناقضات تتعلق ببعض المواضيع، إلا أن الاساس أننا أنجزنا في الحكومة موازنة تاريخية. وكان اليوم حديث جانبي مع رئيس مجلس النواب نبيه بري في هذا الموضوع، بهدف الاسراع في اقرار الموازنة. وتطرقنا أيضاً الى اهم المستجدات في المنطقة وما يحصل على هذا الصعيد. فكان الاجتماع إيجابيا، وإن شاء الله يكون العمل الحكومي أسرع وأسرع في الايام المقبلة”.
في غضون ذلك، لوحظ ان الحريري حرص على اصدار بيان بادانة الاعتداء الذي تعرض له مطار أبها الدولي في المملكة العربية السعودية وقال: “إن هذا الاعتداء الصارخ على المنشآت المدنية الحيوية السعودية، يؤكد استمرار المحاولات الخبيثة لاستهداف أمن واستقرار المملكة العربية السعودية والشعب السعودي الشقيق. إننا إذ نستنكر بشدة هذا الاعتداء الجديد، نؤكد وقوفنا وتضامننا مع المملكة، قيادة وشعباً، في التصدي لمثل هذه الاعتداءات ومنعها من تحقيق أهدافها المبيتة”.
جلسات الموازنة
وعلى رغم مناخات التبريد التي ينتظر ان تتسع تباعاً، لم تخل المناخات النيابية من توترات، اذ رد رئيس لجنة المال والموازنة النائب ابرهيم كنعان على كلام الرئيس الحريري في مؤتمره الصحافي أول من أمس، عن إضاعة الوقت بتكرار مواقف الأطراف الممثلين في الحكومة من مشروع الموازنة، من غير أن يسميه، معلناً “باسم جميع الحاضرين” في جلسات اللجنة “أننا لسنا للبصم، وكل موازنة تخرج من الحكومة ليست منزلة، ومن يريدها كذلك فليعدّل الدستور وليقفل المجلس النيابي”.
وقال: “أننا لسنا موظفين عند أحد غير الشعب اللبناني، ووكالتنا للشعب وحده منذ لحظة انتخابنا. لذلك نصل الليل بالنهار في موضوع وطني شائك ومهم، للموازنة بين حقوق الناس ومالية الدولة، ونحن امام تحد في كل بند، لأن الحكومات المتعاقبة اوصلتنا الى البحث في كل تفصيل، ونحن نعلم ان صدقية البلاد والدولة تتوقف على الدور الذي نمارسه اليوم”.
وأفاد أن اللجنة ناقشت المادة 22 المتعلّقة بضريبة الدخل “وهناك اجماع على أن لا أحد ضد اخضاع الشطور العالية للضريبة، ولكن هناك اشكالية المتقاعدين الذين تتضمن الموازنة وللمرة الأولى بنداً لاخضاعهم لضريبة الدخل. وفي ضوء النقاشات، وتوجهنا كنواب، ان هذه المادة يجب ان تعدّل، خصوصاً لناحية التقاعد. وننتظر اقتراحات على هذا الصعيد”.
ساترفيلد… وبري
الى ذلك علمت “النهار” من مصادر عدة ان جولة مساعد وزير الخارجية الاميركي لشؤون الشرق الادنى ديفيد ساترفيلد في الساعات الاخيرة على المسؤولين اللبنانيين لم تحمل عوامل ايجابية لجهة دفع الوساطة التي يتولاها ساترفيلد لاطلاق مفاوضات رباعية (لبنانية – اسرائيلية – اممية – اميركية) في شأن ترسيم الحدود البرية والبحرية الجنوبية، اذ بدا انه جاء بافكار اسرائيلية لا يوافق عليها لبنان، كما حمل افكارا لبنانية ثابتة لا توافق اسرائيل على بعضها. واذ تردد ان جولة ساترفيلد أمس قد تكون الاخيرة له لانه سيتخلى عن منصبه لديفيد شينكر ويتسلم منصبه الجديد سفيراً للولايات المتحدة في تركيا، زار أمس ترافقه السفيرة اليزابيت ريتشارد مقر الرئاسة الثانية في عين التينة، حيث التقى رئيس مجلس النواب نبيه بري.
وأوضحت مصادر عين التينة ان الأمور وصلت الى “دقائقها ودقتها في المحافظة على الحقوق اللبنانية كاملة”.
كذلك التقى في السرايا الرئيس الحريري، في حضور الوزير السابق غطاس خوري، وعرض معه مسار المهمة التي يقوم بها. واستكملت المناقشات الى مائدة غداء.
كذلك زار وزيرة الطاقة والمياه ندى البستاني التي غرّدت لاحقاً في حسابها على “تويتر”: “اجتماع إيجابي مع مساعد وزير الخارجية الأميركي، وأبلغني أن الإدارة الأميركية تشجع الشركات على الاستثمار في قطاع النفط في لبنان”.
كما التقى حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، ومن ثم قائد الجيش العماد جوزف عون.
وفي الكلمة التي القاها الرئيس بري مساء في مستشفى الزهراء، تناول ملف الحدود الجنوبية فقال إن “الاولوية السياسية تبقى بناء الخط الابيض المائي، وبمعنى أوضح ترسيم الحدود البحرية وازالة التعديات والقرصنة الاسرائيلية”، معتبراً ان “العدو لا يخفي أطماعه في ثروة الجنوب المائية والبرية”. وأكد أنه “لن نقبل أبداً بأن يمس أي حق من حقوقنا بمقدار إنش واحد، وخيارنا الدائم انشاء الدولة المدنية فالطائفية نقمة لبنان”.
وفي الملفات الداخلية قال بري إن “مجلس النواب مقبل على ورشة تشريعية في الموازنة ومكافحة الفساد واللامركزية الادارية وقانون البلديات وقانون الانتخابات”، مشيراً الى انه “يمكن مجلس النواب اتخاذ قرارات عند مناقشته الموازنة بخفض العجز في الموازنة لا زيادته”.
وشدد على أنه “لا خفض على الاطلاق لرواتب القطاع العام بل زيادة في التقديمات والضمانات، وكل ما قدمناه في السنوات الماضية لن نتراجع عنه، ويبقى هناك بالطبع بعض الضرائب التي فرضت على القطاع المصرفي”، داعياً “الحكومة الى زيادة الثقة بينها وبين العمال ونقاباتهم”.
وأفاد في موضوع قانون الانتخاب ان “العدالة في التمثيل بين الطوائف اللبنانية ستكون مضمونة والنسبية ستكون سبيلاً لتمثيل الشعب اللبناني، ولن ننجر الى قانون طائفي مرة أخرى”.
خطف راعيين
وسط هذه الاجواء، جاء في معلومات أمنية ان قوة اسرائيلية اقدمت عصر أمس على خطف راعيين لبناني وسوري من محيط شبعا ونقلتهما الى داخل مزراع شبعا المحتلة. وعمل الجيش اللبناني مع قيادة “اليونيفيل” على اعادة المخطوفين في ظل أجواء اجواء استنفار في المنطقة اعقبت هذا الاعتداء الاسرائيلي.