أكد الرئيس ميشال عون في كلمة له في افتتاح مؤتمر الطاقة الاغترابية ان “اللبنانيين في دنيا الانتشار هم فخر لوطنهم، ليس فقط بإبداعاتهم في العالم، بل أيضاً بكونهم نموذجاً للتعايش بين الأمم… اندمجوا حيثما حلّوا، ولم يشكلوا جسماً غريباً، رافضاً ومرفوضاً في المجتمعات التي استقبلتهم، بل تعلّموا وعملوا، وطوّروا الشعور الإنساني بين حضارات مختلفة”، لافتا إلى ان “ميزة اللبنانيين في الانتشار أنهم أبناء شعب يحمل عصارة حضارات تعاقبت على أرضه فأغنت ثقافته وزادته انفتاحا، هم أبناء وطن عاش تجربة قاسية نتيجة التعصب ورفض الآخر، فدفعوا أغلى الأثمان, وتعلموا هم أبناء مجتمع تعددي، تعلّم كيف يعيش اختلافه وكيف يحترم حق الآخر بالوجود والانتماء والتعب”.
ولفت إلى ان “عالمنا اليوم تملؤه العصبيات الإتنية والعرقية والدينية… عالم سقط فيه الإنسان في هوّة اختلافه عن أخيه الإنسان، وجعل من انتماءاته عدوّاً لإنسانيته، فعمّته الفوضى، وانتشرت فيه الحروب والمشاهد القاسية”، معتبرا ان “التطرف الذي يولّد الإرهاب هو عدوى فكرية، سهلت وسائل التواصل الاجتماعي انتشارها، فأشعلت الحروب الداخلية والحروب المضادة في محاولة للقضاء عليها؛ ولكن الفكر لا يحارب إلا بالفكر، فالسلاح يقتل إنساناً، يدمر منزلاً، يمحو مدناً، ولكنه لا يغيّر فكرة، بل يرسّخها ويزيدها تطرفاً وتعصّباً”.
وأضاف “إن لبنان المحدود والمقيّد بالجغرافيا، والذي لا تتسع مساحته لكتابة اسمه على خريطة العالم، يغطي انتشاره الكرة الأرضية ويبلغ أضعاف المقيمين فيه ودوره اليوم هو في النموذج الذي يمكن أن يقدمه، بعد التجارب التي سبق وأن عاشها وعلمته الكثير من العبر”، لافتا إلى ان “تجارب لبنان علمته أنّ الاختلاف حق وليس سبباً للخلاف، وأن الكراهية والعصبيات والحروب لا يمكن أن تؤدي إلا إلى الخراب والانهيار، علمته أن الحوار وحده هو طريق الخلاص، طريق السلام”.
وشدد على ان “التلاقي والحوار وتقريب الناس وخصوصاً الشباب، من بعضهم البعض وتعريفهم بالحضارات الأخرى، تسهّل اندماجهم الصحيح في مسيرة تقدّم الحضارة الإنسانية وتحصّنهم من أي محاولات لاستمالتهم؛ وهي الوسيلة الفضلى للقضاء على الإرهاب الذي ما زال يشكل خطراً على العالم وعلى الأجيال المقبلة”، معتبرا انه “على اللبنانيين في الانتشار أن يكونوا رسل التلاقي والحوار، وأن يدعموا مبادرة لبنان لإنشاء “أكاديمية الإنسان للتلاقي والحوار” حيث هم فاعلون، خصوصاً وأن هذه المبادرة قد لاقت ترحيباً كبيراً من العديد من الدول والهيئات الدولية التي أعربت عن استعدادها لدعمها ومواكبتها”.
وأكد ان “مشاركة المنتشرين اللبنانيين، ومن البلدان التي يعيشون فيها، في الانتخابات النيابية، ستفتح الأفق واسعاً أمام مشاركة فاعلة لهم، في تقرير مصير وطنهم، وخياراته السياسية، عبر تجديد الحياة الديمقراطية فيه”، وقال: “لبنان يكافح اليوم للنهوض من أزمات مزمنة متراكمة خصوصاً في الميدان الاقتصادي، ولكنه يسلك درب التعافي، وكل جهد من اللبنانيين المنتشرين سيساعده دون شك على المضي قدماً في هذه الدرب”.