كتبت صحيفة “اللواء” تقول: فرضت التطورات الإقليمية والدولية نفسها بنداً على جدول الأعمال اللبنانية، على الرغم من الانشغالات في الملفات الداخلية سواء المتعلق بالتوظيف العشوائي، وإنهاء إضراب أساتذة الجامعة اللبنانية واعتكاف القضاة، والبحث عن منطلقات عقد جلسات لجنة المال النيابية تمهيداً لمناقشة مواد الموازنة بنداً بنداً ومادة مادة.
في غمرة هذا الانتظار الثقيل، محلياً واقليمياً، انشغلت الأوساط السياسي بما نسب إلى رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل في بلدة ذنوب في البقاع الغربي، من أن “السنيَّة السياسية صعدت على جثة المارونية السياسية”، والذي رحّبت أوساط تيّار “المستقبل” بتراجع باسيل أو نفيه، ببيان جاء فيه ان هناك حملة تستهدف باسيل لتصويره كأنه يستهدف الطائفة السنيَّة الكريمة، وذلك من خلال اختلاق أخبار، كسعيه إلى إقالة اللواء عماد عثمان، أو عبر سرد محرّف ومشوّه للقاءاته بمجموعات من أبناء الطائفة السنيَّة، يتعمد القيام بها إظهاراً لوطنية التيار التي يبدو أنها تزعج المتضررين من هذا الانفتاح.
وكان الأمين العام لـ”تيار المستقبل” أحمد الحريري، قال في سلسلة تغريدات له امس: “برسم من يبخون التقارير المضللة ويركبون رؤوسهم بوهم العودة بعقارب الساعة الى الوراء نقول: ليس هناك في لبنان سنية سياسية أتت على جثة المارونية السياسية. هناك صيغة وفاق وطني كرسها اتفاق الطائف وأنهت الحرب الأهلية، وخلاف ذلك مجرد نبش في القبور القديمة. واذا كان هناك من يرغب في تشويه التاريخ للإيحاء بأن مرحلة الرئيس الشهيد رفيق الحريري جاءت على جثة المارونية السياسية نقول ايضا: هناك حريرية وطنية عابرة للطوائف لم تشارك بألعاب الدم والحرب، ولم تأت على جثة أحد”.
وشدّد على ان: “الحريرية الوطنية ولدت على أنقاض حروب مدمرة اجتاحت كل الطوائف وخربت الحياة المشتركة بين اللبنانيين وبين أبناء المذاهب الواحدة. والوجه السني للحريرية لن يحجب عنها رؤيتها الوطنية مهما برعوا في تزوير وقائع التاريخ”. مؤكداً أن “الحريرية الوطنية، أو السنية السياسية التي جاء بها رفيق الحريري اذا شاؤوا، لم تشارك في أي حرب ولم تستخدم مؤسسات الدولة العسكرية والسياسية في المعارك الدموية على السلطة، بل هي بادرت لرفع خراب المتقاتلين من الشوارع واعادة الاعتبار الى ثقافة العيش المشترك”.
وفي مكة المكرمة، التقى الرئيس سعد الحريري ليل أمس الرئيس العراقي برهم صالح، وجرى عرض للتطورات في المنطقة والعلاقات الثنائية.
مفاجأتان قضائيتان
وفي هذه الاثناء، بقي الاهتمام السياسي الداخلي مركزاً في اتجاهين: ترسيم الحدود ومشروع الموازنة وبينهما مفاجأتان قضائيتان، الأولى عن ديوان المحاسبة لوقف صرف نفقة ما بين 500 إلى 600 موظف تمّ تعيينهم خلافاً القانون في العام 2017، والثاني عن المحكمة العسكرية بموجب قرار صدر بالاكثرية بابطال التعقبات بحق المقدم سوزان الحاج في ملف “فبركة” التعامل مع إسرائيل للممثل المسرحي زياد عيتاني، وتجريم المقرصن ايلي غيش بالإجماع.
ومن شأن هذين القرارين القضائيين ان يثيرا ردود فعل قضائية لن يغيب عنها مؤتمر القضاء الذي تستضيفه بعبدا الشهر المقبل وسياسية بدأت طلائعها، بتعقيب أوساط رئيس الحكومة سعد الحريري على قرار المحكمة العسكرية، بقولها انه “كان الأفضل لو ان القضاة في المحكمة العسكرية استمروا في اعتكافهم، ولم يصدروا هذا الحكم”، فيما اعتبر الأمين العام لتيار “المستقبل” أحمد الحريري، عبر “تويتر”، الحكم بأنه مسيَّس بإدارة قضائية انتقامية وكيدية”.
وقال “انه حكم أعرج بتوقيع قاض يصفي حساباته الشخصية من حساب العدالة”.
اما الممثل زياد عيتاني فانتقد اعتبار حكم المحكمة في حق المقدم الحاج، بأنها كانت “تتفرج”. والحكم على المقرصن غبش بالحبس سنة وهي مُـدّة أقل من المدة التي قضاها في السجن بتهمة التعامل مع إسرائيل، مؤكداً انه “على استعداد لأن يتآكل لحمه ولا يحول جريمة ارتكبت بحقه إلى جريمة بحق البلد”.
وارفق ما كتبه على “تويتر” بهاشتاغ:# مستمر بدعوتي والرؤوس الكبيرة سأكشفها”.
وكانت المحكمة العسكرية الدائمة برئاسة العميد الركن حسين عبد الله، قضت بالاكثرية بابطال التعقبات بحق المقدم في قوى الأمن الداخلي سوزان الحاج من جرم التدخل بفبركة ملف الممثل عيتاني لعدم توافر عناصر الجرم بحقها، لكن المحكمة ادانتها بجرم كتم معلومات وحبسها لمدة شهرين، وتغريمها مبلغ 20 ألف ليرة. وجرمت المقرصن غبش بجرم فبركة الملف وإنزال عقوبة الاشغال الشاقة به مُـدّة ثلاث سنوات وتخفيض العقوبة إلى السجن سنة واحدة”.
والمفاجأة التي سبقت قرار المحكمة، كان حضور مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي بيتر جرمانوس، وتفجيره قنبلة لم تكن متوقعة، إذ أعلن في مطالعته براءة الحاج عن التهمة المسند إليها، طالباً ابطال التعقبات بحقها لعدم وجود جرم، وتطبيق مواد الادعاء على المقرض غبش بعقوبتها القصوى وعدم منحه أي سبب تخفيفي.
واعتبر جرمانوس الذي يمثل جهة الادعاء على المقدم الحاج، ان عناصر التدخل بالجرم الذي اسند إليها غير متوفرة، وانها كانت “تتفرج” على ما يقوم به غبش فقط، ووصفه بأنه “أمني” من الطراز الأوّل، وقد فبرك خمسة ملفات ولو لم تتسابق الأجهزة الأمنية على توقيف زياد عيتاني لم يكن ليتم توقيفه.
وتبنى محامي الحاج الوزير السابق رشيد درباس مطالعة جرمانوس والتي فوجئ بها، فيما اعتبر محامي غبش جهاد لطفي ان الفعل الذي اقدم عليه لا يُشكّل جرماً يعاقب عليه القانون.
وعلم ان ثلاثة قضاة في هيئة المحكمة وافقوا على مطالعة جرمانوس، فيما عارضها عضوان هما ضابطان تابعان لقوى الأمن الداخلي..
وقف التوظيف
اما بالنسبة إلى المفاجأة القضائية الأولى، فيفترض ان تصدر اليوم رسمياً عن المدعي العام لدى ديوان المحاسبة القاضي فوزي خميس في قضية التوظيف العشوائي الذي تمّ بعد 21 آب من العام 2017، أي بعد صدور قانون سلسلة الرتب والرواتب، والذي اوقف التوظيف في الإدارات العامة والرسمية.
وبحسب المعلومات فإن ادعاء القاضي خميس سيشمل ثلاثة وزراء من الحكومة السابقة إلى جانب مؤسسة “اوجيرو”، ويقضي بوقف صرف النفقة لما بين 500 و600 موظف، هم بمثابة الدفعة الاولى سيدعي عليهم أيضاً، من مجموع أكثر من 5000 موظف تمّ توظيفهم خلافاً للقانون، وفق تقرير ديوان المحاسبة والتفتيش المركزي، والمقدم إلى رئيس لجنة المال والموازنة النائب إبراهيم كنعان.
ويعني وقف صرف النفقة بالنسبة لهؤلاء حسم رواتبهم، الأمر الذي ستثير بدوره مشكلة اجتماعية، على اعتبار ان لا علاقة لهؤلاء الموظفين بتوظيفهم خلافاً للقانون، وان المسؤول عن ذلك هي الجهة التي وظفتهم، وان كان الوزراء يتغطون دائماً بقرارات تصدر عن مجلس الوزراء، علماً ان تكتل “الجمهورية القوية” (القوات اللبنانية) ينوي تقديم اقتراح قانون لوقف عقود الـ500 موظف الذين دخلوا إلى الوظيفة بشكل غير قانوني بحسب ما كان أعلن رئيس حزب “القوات” سمير جعجع أمس الأوّل، مع العلم ان مسألة وقف التوظيف لا تنطبق على تعيينات الفئة الأوّلى التي ستنطلق بعد إقرار الموازنة.
يُشار إلى ان النائب كنعان، دعا أمس، اللجنة إلى عقد جلسة عند العاشرة والنصف من صباح الاثنين المقبل، لمناقشة فذلكة الموازنة وقانون تمديد القاعدة الاثني عشرية، بعد وصول مشروع الموازنة والموازنات الملحقة بها مع الفذلكة إلى مجلس النواب. مؤكداً ان مرورها في المجلس لن يكون شكلياً بل سيتم تفتيتها بنداً بنداً.
يوم تضامني مع الأساتذة
وتنعقد الجلسة النيابية على إيقاع استمرار إضراب الأساتذة المتفرغين في الجامعة اللبنانية للأسبوع الثالث على التوالي رفضاً لسياسة التهميش المتواصلة في معالجة ملفات الجامعة ومطالب الأساتذة، وقررت الهيئة التنفيذية لرابطة الأساتذة والمتفرغين تخصيص اليوم للتضامن مع الجامعة اللبنانية، حيث ستكون أبواب الرابطة في بئر حسن مفتوحة منذ العاشرة صباحاً وحتى الرابعة بعد الظهر لاستقبال سياسيين وفنانين ومثقفين وادباء وصحافيين وطلاب قدامى من كل فئات المجتمع للتأكيد على أهمية هذا الصرح التربوي الوطني وأهمية عدم تهميشه.
وأعلن وزير التربية والتعليم العالي اكرم شهيب في بيان وقوفه إلى جانب مطلب الأساتذة المتعلق باضافة خمس سنوات عند احتساب المعاش التقاعدي، لكنه دعا الأساتذة، مع تقديره لحقهم المشروع بالإضراب لأخذ القرار الذي يحمي العام الجامعي ويؤمن مصالح الطلاب، علماً ان هيئة الأساتذة الجامعيين في تيّار “المردة” ألمحت في بيان إلى اتجاه لديها بتعليق الإضراب المفتوح، خصوصاً وان العام الدراسي بأكمله بات في خطر ومصير 81 ألف طالب في مهب الريح.
التدبير رقم 3
وفي سياق متصل، اشارت مصادر سياسية مطلعة لـ”اللواء” الى ان هناك توجها لأنعقاد اجتماع للمجلس الأعلى للدفاع انما لم يحدد موعده بعد وهو سيخصص للبحث في التدبير الرقم 3 . وقالت ان هناك اقتراحات يتم تداولها ومنها ان يشمل الألوية العملانية في الجيش في حين يطبق التدبيرالرقم 2 على القوى الإمنية الأخرى التي لا يتطلب عملها جهوزية كاملة. اما بالنسبة الى من يمارس عمله في المكتب او يخدم فيه في النهار والليل فتدرس كل حالة على حدة.
واكدت ان هناك تفاصيل واموراً تقنية تعمل علبها القيادات الأمنية ولفتت الى ان اي توصية تصدر من المجلس الأعلى للدفاع يحول الى السلطة السياسية لاتخاذ القرار وفق قانون الدفاع . وكررت ان هناك اقتراحات لا تتصل بالتدبير الرقم 3 فحسب مشيرة الى ان المسألة برمتها تتضح في اجتماع المجلس الأعلى للدفاع .
إلى ذلك، علمت “اللواء” ان القمة الثلاثية الرئاسية بين رؤساء لبنان واليونان وقبرص المقررة الشهر المقبل أرجئت بفعل انشغال اليونان في الانتخابات المبكرة.
مفاوضات الترسيم
وعلى خط مفاوضات ترسيم الحدود البرية والبحرية، توقعت مصادر مطلعة ان تفضي جولات الوسيط الأميركي مساعد وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى ديفيد ساترفيلد المكوكية بين بيروت وتل أبيب، إلى البدء في المفاوضات غير المباشرة الثلاثية الأطراف خلال شهر أيلول اذا لم تؤخرها اثر الانتخابات الإسرائيلية المبكرة المقبلة في الناقورة، مشيرة إلى ان أي تغيير على طبيعة الوفد اللبناني العسكري اساساً لن يطرأ، إلا إذا طرأت مستجدات قد تجيز الوفد العسكري الاستعانة بخبراء مدنيين.
وكشفت المصادر ان المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان يان كوبيش توجه إلى نيويورك لبحث موضوع المفاوضات غير المباشرة مع المسؤولين في الأمم المتحدة، بهدف الحصول على قرار أو اذن من مجلس الأمن لأن ترعي قيادة قوات “اليونيفل” في الجنوب عملية التفاوض حول ترسيم الحدود وفق ما تقتضيه المصلحة اللبنانية.
وأشارت إلى ان الإيجابية التي طبقت العلاقة بين الولايات المتحدة والمؤسسة العسكرية في لبنان انسحبت على ملف الوساطة، فالادارة الأميركية لا تفوِّت فرصة لتأكيد الثقة بالجيش اللبناني وقدراته على رغم الاعتراضات الأميركية على سلوك حزب الله في لبنان والعقوبات التي تعرضها عليه.
وفي سياق مفصل، يتوقع ان يطل الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله عصر اليوم في احتفال يقام في ساحة عاشوراء- الجاموس لمناسبة يوم القدس العالمي، قد يتطرق فيه إلى مفاوضات ترسيم الحدود وملفات الساعة، وفي شكل خاص صفقة القرن وتداعياتها وسبل المواجهة، وفي ضوء التطورات الأخيرة في المنطقة، ولا سيما قرار الكنيست الإسرائيلي باجراء انتخابات نيابية مبكرة بعد فشل الائتلاف لتشكيل حكومة العدو.