كتبت صحيفة “النهار ” تقول : أياً تكن درجة الرضى عن موازنة 2019، ومهما بلغ مستوى الاعتراض الشكلي والضمني عليها، فإن الأكيد انها لم تعد تحتمل نقاشاً وتضييعاً للوقت بعدما بلغت السنة نصفها، وتكاد الموازنة اذا أقرت في حزيران المقبل، تفقد وقعها الايجابي اذ ان اعتمادات كثيرة صرفت، ولم يعد ضبطها ممكنا، وان كانت الموازنة تؤسس لنظيرتها للسنة 2020 التي تبدأ رحلتها في الأسابيع المقبلة.
واذ يبلغ اليوم الوزراء قصر بعبدا وسط تجمع للعسكريين المتقاعدين الذين ينفذون اعتصاما على طريق القصر، فان المتوقع ان تكون الجلسة العشرون خاتمة النقاشات، وان تقر الموازنة بعدما ظهر ان ثمة توافقاً ضمنياً على أن ما كُتب في موازنة 2019 قد كُتب، وما لم يُستلحق على متنها، يرحّل الى السنة المقبلة.
وعندما قرر رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري رفع الجلسة الأخيرة في السرايا الحكومية، ونقْل مشروع الموازنة مع كل ما بقي يحيط به من مقترحات وتباينات الى جلسة تعقد في بعبدا، إنما فعل ذلك منحازاً الى وجهة نظر وزير المال علي حسن خليل، بأن “مشروع الموازنة أُنجز بأرقامه ومواده القانونية، وقد استقر العجز على 7,50 في المئة، وهو رقم يعدُّ انجازاً”. وتقول أوساط رئاسة الوزراء، إن قرار الانتقال بالموازنة الى بعبدا انما هو لإطلاع رئيس الجمهورية عليها وإعلانها وإحالتها على مجلس النواب. وفُهم من الأوساط أنه لم يعد في الإمكان اتخاذ أي اجراءات ذات مفاعيل مالية في مشروع موازنة 2019، حتى أن التدبير الرقم 3 يتوقع أن يناقش في جلسة بعبدا، وأن يتخذ القرار اللازم في شأنه، إلا أن مفاعيله المالية ستكون على موازنة 2020 وما بعدها.
ويبدو واضحاً أن موقف رئيس الوزراء التعامل مع جلسة بعبدا على أنها الجلسة الأخيرة للموازنة، لا يأتي من باب التحدي أو التفرّد بالقرار، لا بل إنه منسّق مع رئيس الجمهورية ومع وزير الخارجية جبران باسيل، بعدما “مان” على وزير المال بإعطاء فرصة اضافية لمناقشة المزيد من الاقتراحات الواردة في ورقة الوزير باسيل في الجلستين الأخيرتين في السرايا. وفي هذا السياق، تشير أوساط الرئيس الحريري الى المضمون الايجابي لكلام الوزير باسيل في تغريدته، التي قال فيها: “… انطلقنا في مسار ضبط العجز وتخفيضه، وسنواصل عبر الموازنات اللاحقة حتى نصل الى يوم تموّل فيه الدولة مشاريعها من عائداتها”. وقد استكملت هذه التغريدة في وقت لاحق بمضمون مماثل في كلمته التي القاها في البقاع الغربي.
ويقول المطلعون على موقف الرئيس ميشال عون إن قراره هو تسهيل ولادة الموازنة، وأن تكون جلسة اليوم حاسمة بإحالتها على مجلس النواب، شرط ان تكون واضحة بأرقامها النهائية، وبنسبة العجز الفعلي فيها، وبأن تكون محصنة بالتوافق الحكومي.
ويُفهم من مصادر “القوات اللبنانية” انها دخلت هي أيضاً مدار التوافق وتسهيل عبور الموازنة الى مجلس النواب. وهي تقول إنها ستكون مسهّلة، ولكن لديها أسئلة وتحفظات عن إصلاحات وأرقام تريد اجابات واضحة عنها، وهي ستكون مع اقرار الموازنة، لكنها ستتحفظ عن مبادئ واجراءات من أجل تأكيد التزامها مثل منع التهرب الضريبي وضبط التهرب الجمركي ورفع عائدات الاتصالات وغيرها. وبالنسبة اليها ان جلسة في بعبدا برئاسة رئيس الجمهورية، لا تكون شكلية ولا هي للمصادقة على الموازنة فحسب، بل لحسم النقاش حول نقاط استراتيجية ومنها الوضع النهائي لأرقام الموازنة.
في غضون ذلك، ينتظر رئيس مجلس النواب نبيه بري انتهاء مجلس الوزراء من الموازنة العامة التي سيعرض حصيلتها النهائية في قصر بعبدا اليوم. ورداً على سؤال أوضح بري لـ”النهار” أن الموازنة في المجلس تحتاج إلى شهر لاقرارها. وسئل عن حماسة نواب كتل عدة لمناقشة الموازنة والتدقيق في بنودها، فأجاب أن الأصول تقتضي ذلك وهذا من حق النواب في عملية رقابتهم للحكومة” واذا استطعنا العمل على تخفيض نسبة العجز فلن نقصر”.
على صعيد آخر، يعود غداً الى بيروت الوسيط الاميركي مساعد وزير الخارجية ديفيد ساترفيلد حاملاً الرد الاسرائيلي على ملاحظات لبنان في شأن ملف ترسيم الحدود البحرية، ويلتقي غداً الثلثاء عددا من المسؤولين اللبنانيين وفي مقدمهم رئيس مجلس النوب ووزير الخارجية.
ونقل زوار عين التينة عن رئيس المجلس ان لبنان يتمسك اليوم أكثر من الأيام السابقة بالحل الذي يراه مناسباً لاستعادة كامل حقوقه المغتصبة وذلك في ضوء ما لاحظه من استعجال أميركي – اسرائيلي للانتهاء من النزاع الحدودي القائم مع لبنان وادراكه ان وراء الاكمة ما وراءها، خصوصاً ان الولايات المتحدة الاميركية هي التي بادرت اليوم الى اعادة تحريك هذا الملف المتنازع عليه مع اسرائيل طارحة نفسها كوسيط ضامن لما سيتم التوافق عليه برعاية الامم المتحدة.
وأكد الزوار نقلاً عن بري ان لبنان لم يحصل بعد من ساترفيلد وتالياً من تل أبيب على جواب نهائي وواضح في شأن تلازم الترسيم البري والبحري، علماً ان نقطة ما يعرف برأس الناقورة هي الأساس في الخلاف القائم على الحدود البرية والبحرية وان من شأن تسويتها ان تعيد إلى لبنان كامل المساحات المغتصبة ومنها الـ830 كلم التي تدعي اسرائيل ملكيتها ضمن المنطقة الاقتصادية الخالصة للبنان