كتبت صحيفة “النهار ” تقول : لن تحتمل الحكومة على الارجح تأجيلاً اضافياً لجلسات مناقشة الموازنة بعد الجلسة الـ17 التي سيعقدها ظهر اليوم مجلس الوزراء في السرايا في “خاتمة الاحزان وبداية الافراح المالية” على حد قول وزير الصناعة وائل ابو فاعور لان أي تمديد آخر للجلسات سيفضي الى مزيد من التعقيدات والفوضى الاحتجاجية في الشارع على غرار ما حصل أمس امام السرايا الحكومية بالذات. ذلك انه مع الوعود القاطعة بان تكون جلسة اليوم هي نهاية المخاض المالي الصعب والشاق الذي خاضته الحكومة لبلوغ الخفوضات القسرية والطوعية في آن واحد لعجز الموازنة الى ما دون الـ8 في المئة، فان تساؤلات وشكوكاً مشوبة بريبة متعاظمة طرحت أمس حيال اكتساب الاعتصامات الاحتجاجية ولا سيما منها اعتصام العسكريين المتقاعدين جوانب عنفية لم تكن مبررة بل جاءت نتيجة تحريك مفتعل للشائعات ثبت عدم صحتها على ما أكد وزير الدفاع الياس بو صعب لوفد المعتصمين الذي التقاه وسط اشتداد خطر حصول مواجهة بين القوى الامنية المكلفة حماية السرايا ومجموعات المتقاعدين العسكريين الذين حاولوا اقتحامها.
لا بل ان الشكوك في توظيف سياسي للتحركات الاحتجاجية اتخذت دلالاتها الابلغ مع تغريدتين لرئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط الذي تساءل أولاً: “هل يعقل ان يقف بعض من الدولة يتفرج على البعض الاخر يقتحم السرايا الحكومية.هل يعقل ان نصل الى هذه الدرجة من الفوضى فقط لانه مطلوب اعادة النظر في التدبير رقم ? في الحد الادنى لترشيد الانفاق.ما هو المطلوب الفوضى والافلاس ورفض الاصلاح.ما هو المطلوب رقم 3 أو لا أمن؟”.
ثم عاد وغرد لاحقاً: “هل علينا ان ندفع ثمن صراع الاجنحة داخل البيت الواحد من اجل الرئاسة؟ كفى تللك المهزلة في ظل الصراع الاقليمي الذي بات واضحاً انه لن يوفر أحداً. نعم لاعادة النظر في جوانب من التدبير رقم 3 وكفى تهربا من الاملاك البحرية وغيرها من نقاط الهدر.نريد من الرئيس عون حسم الامور “.
ومن المقرر ان يعقد مجلس الوزراء ظهر اليوم جلسة يفترض انها الأخيرة لمناقشة الموازنة وأرقامها النهائية بعدما تمْ خفض العجز الى 7,6%. وكان المجلس أجرى مراجعة اخيرة لأرقام موازنات الوزارات بعدما تمٌ ضبط نفقاتها الى الحد الأدنى الممكن.
لكن المجلس لن يتجرأ على الاقتراب من رواتب موظفي والمتقاعدين القطاع العام على وقع أصوات المعتصمين في ساحة رياض الصلح، وناقش أمس رواتب الرؤساء والنواب والوزراء وتبين ان مخصصات رئيس الجمهورية لا يمكن المس بها طوال ولايته عملاً بمادة دستورية، انما يمكن تعديلها مع رئيس مقبل.
وينتظر ان يتخذ مجلس الوزراء اليوم قراراً بالنسبة الى تعويض النواب السابقين فلا تبقى بصفة دائمة.
وفيما بدا وزير المال علي حسن خليل مستعجلاً الانتهاء من مناقشة الموازنة واقرارها بعدما استنفد البحث في كل المواد والأرقام، اصر وزير الخارجية جبران باسيل على اعطاء كل الوقت اللازم لإنجاز الموازنة ومناقشة أمور يراها مرتبطة بالاقتصاد ومنها 20 مشروعاً لوزارة الاقتصاد سيبحث فيها في جلسة اليوم.
وصرح باسيل بعد الجلسة: “صحيح إننا نعد موازنة لكننا نعد معها اقتصاداً ونناقش ملفات عالقة منذ عشرات السنين كالعمالة الأجنبية وملفات الاقتصاد وادخلنا مواد قانونية جديدة وصلت الى 90 مادة”. وأضاف: “من يقول اننا سننتهي اليوم او غدا فاننا نقوم بعمل لأول مرة ولا داعي لإعطاء مهل”.
اما الوزير علي حسن خليل فرأى ان كلام الوزير باسيل عن التأخير “لا مبرر له وتجاوز المنطق ويؤدي إلى استمرار التوتر في الشارع”. ونقل خليل عن رئيس الوزراء سعد الحريري قوله إن “لا مبرر للتأخير وكان يجب أن ننتهي اليوم” (امس).
واشارت مصادر وزارية الى اقرار الرسم المقطوع 2 في المئة على المستوردات حماية للانتاج الوطني، وهي الضريبة التي اقترحها فريق “لبنان القوي”، وقام حولها اعتراض من الفريق الآخر، فخفضت النسبة المقترحة من 3 الى 2 في المئة، واستثني منها الدواء وكل ما يعتبر حاجة للصناعة اللبنانية وللإنتاج المحلي،كالآلات والماكينات والأسمدة والسيارات الصديقة للبيئة. كما نوقش وضع رسم على رخص السلاح والزجاج الداكن وعلى النارجيلة.
وفي النتيجة أمكن خفض العجزالى 7,67 % في المئة بعدما كان 11,47 في المئة.
كذلك تم الاتفاق على زيادة على رسم الطابع في وزارة الخارجية، فرفع من الف إلى 5 الاف ليرة.
وقالت مصادر وزارية إن جو النقاش في الجلسة كان بناء وإيجابياً، وأحرز تقدم واضح، كما أدخلت مواد عدة على مشروع الموازنة نتيجة النقاشات.
ودخل مجلس الوزراء مجدداً في جدل حول توظيف نحو 500 فائز في امتحانات مجلس الخدمة المدنية وكالعادة حصل الجدل حول كون الدستور لا ينص سوى على المناصفة في الفئة الأولى، من وجهة نظر “حزب الله” و”أمل ” والاشتراكي، فيما اعترض باسيل مدعوماً باجتهاد دستوري من الوزير سليم جريصاتي، وأدى التباين الى طي الملف مجدداً.
وقال الوزير يوسف فنيانوس ان في الطيران المدني 11 موظفاً متقاعداً ينتهي عقدهم الآن وهو مضطر الى تجديد العقود معهم بسبب الشغور في الملاك وعدم ملء هذا الشغور جراء الخلاف على الخلل الطائفي في الفائزين.
ومساء أمس وزعت النسخ المعدلة لمشروع قانون الموازنة على الوزراء بعد ادخال كل التعديلات التي طرأت عليه بفعل مناقشات مجلس الوزراء تمهيدا لاقراره اليوم. وتنشر “النهار” النص الحرفي للمشروع المعدل في موقعها الالكتروني.
ساترفيلد و”الايجابيات”
وسط هذه الاجواء عاد امس الى بيروت مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى ديفيد ساترفيلد، بعد محطة له في اسرائيل والتقى رئيس مجلس النواب نبيه بري لاستكمال البحث في موضوع ترسيم الحدود البحرية والبرية.
كذلك استقبل الرئيس الحريري الديبلوماسي الأميركي في السرايا الحكومية، في حضور الوزير السابق غطاس خوري.ومساء التقى ساترفيلد وزير الخارجية جبران باسيل.
وأفادت مصادر مواكبة لتحرك ساترفيلد أنه أطلع المسؤولين على الرد الإسرائيلي على الورقة اللبنانية والملاحظات التي وضعت في هذا الخصوص.
وذكرت المصادر إنه “يمكن القول إن جملة من الأمور ما زالت تحتاج إلى إيضاحات من الجانب الإسرائيلي على رغم إظهاره بعض الليونة حيال بنود في الورقة”. وعلى رغم كل ذلك يمكن القول إن الأمور تسير نحو “الايجابية”.
وبات معلوماً أن ساترفيلد سيعود إلى إسرائيل لمتابعة اتصالاته وحصول لبنان على أجوبة أخرى.
وأكد المسؤولون اللبنانيون الذين التقوا ساترفيلد أمس أن موقف لبنان لم يتبدل وهو يصر على ترسيم الحدود في البر والبحر في آن واحد وفي رعاية الأمم المتحدة وأميركا ليشرفا معا على وساطة نزيهة تساعد في بلورة الحلول المطلوبة.
وتبين للجانب اللبناني أن موقف واشنطن تبدل بعد زيارة وزير خارجيتها مايك بومبيو لبيروت. وتعمل أميركا هنا على تقديم المساعدة اللازمة بين لبنان وإسرائيل.
وأعلنت المصادر المتابعة لزيارة ساترفيلد أن موقف لبنان يركز على الأتي:
- التلازم بين الحدود البرية والبحرية بين لبنان وإسرائيل وعدم تجزئتها.
- البدء بالتنفيذ معا في المحلين وفي وقت واحد
وتبقى العبرة في كل هذه العملية من التطبيق وهذا ما يهم لبنان من أجل أن تثمر كل هذه الاتصالات والمحاولات الايجابيات المطلوبة