عرض رئيس الجمهورية العماد ميشال عون قبل ظهر اليوم في قصر بعبدا، موضوع موازنة العام 2019 لاسيما ما يتعلق منها بالاسلاك العسكرية والامنية، مع النواب من الضباط المتقاعدين وهم: جميل السيد، الوليد سكرية، شامل روكز، وهبة قاطيشا، انطوان بانو، وجان طالوزيان.
وبعد اللقاء تحدث النائب السيد باسم الوفد إلى الصحافيين فقال:
” تشرفنا اليوم، نحن الضباط النواب، بلقاء فخامة الرئيس بناء لطلبنا، بعد التطورات التي جرت خلال اليومين الماضيين، والتصريحات التي صدرت، والاطلاع على مضمون مشروع الموازنة، وما تضمنه من نقاط تتعلق بالوضع العام والوضع العسكري والامني في لبنان.
كان لنا مع فخامة الرئيس رسالة عنوانها، أن العسكريين الذين تظاهروا على الارض تحلوا بالانضباط، حتى انهم جمعوا الاوراق المتناثرة خلفهم على الأرض بشكل حضاري. هذه المجموعة تمثل شريحة مكونة من 700 ألف مواطن لبناني مع عائلاتهم، بما في ذلك العسكريون في الخدمة الفعلية، لأن كل ما يمس بالعسكري المتقاعد يمس ايضا بالعسكري في الخدمة الفعلية، لأن مستقبله هو التقاعد”.
وأضاف: ” اطلعنا فخامة الرئيس على فكرة عنوانها ان هذه الدولة هي مجموعة امانات، كل مجموعة من الاشخاص تحمل جزءا منها. وزارة المال ومصرف لبنان يحملان أمانة المال. غيرهما يحمل امانة الكهرباء، او المياه، او الطرقات، او المرفأ والمطار. وغيرهم يحمل امانة الامن، وهم الجيش والاجهزة الامنية.
مع الاسف، وهذا ليس سرا على اي مواطن لبناني، الذين يحملون كل تلك الامانات، باستثناء الامن، قد فرطوا بها. من امانة المال، والطرقات والكهرباء والمياه والمطار والمرفأ والمشاريع، كلها عادت إلى الوراء الا امانة الامن التي هي في عهدة الجيش والاجهزة الامنية، التي قامت بواجباتها وقدمت التضحيات تجاه لبنان بأسره، من دون منة لأن هذا واجبها، لكنها في الوقت نفسه حملت هذه الامانة على اكمل وجه، واذ بالموازنة الحالية مع التصريحات التي صدرت، توحي للرأي العام اللبناني، مع الاسف، بان سبب افلاس الدولة وانهيارها، هو الجيش والاجهزة الامنية والمتقاعدون. ليس هناك لبناني “غشيم” ولا يعرف، وغير مطلع، ولا يقرأ أو يسمع ان الهدر في الدولة موجود في كل الامكنة، واقل جزء منه موجود في المؤسسات العسكرية والامنية. ما يجري يضرب معنويات الجيش، لأن معنويات العسكري داخل المؤسسة مرتبطة بمعنويات العسكري خارجها”.
وقال النائب السيد: “نحن بشكل حضاري، ومن خلال دورنا النيابي كمجموعة ضباط نواب تتلاقى دائما، نقول ان هذا الموضوع هو قضية من القضايا المرتبطة بالرأي العام، وليس فقط بشريحة من العسكر، وتاليا المبدأ العام هو ان الدولة يجب ان توقف كل مصادر الهدر والسرقة والفساد فيها، قبل ان تقترب من جيب اي مواطن. الامر يشبه تماما صاحب بناية يلعب الميسر ويهدر امواله، وعندما يفتقر، يتوجه الى الناطور ويأخذ نصف معاشه. الناطور هنا هو العسكريون. هناك مبالغات في الحديث، ولا يمكننا ان نشرح في هذا المقام تقنيا ماذا تعني التعويضات، ولكننا قمنا بشرحها لأنها واضحة”.
واضاف: “في نهاية المطاف تمنينا على فخامة الرئيس ما يلي: على ضوء التصريحات المغلوطة التي تصدر عن مسؤولين في الدولة، مع الاسف، يقولون فيها ان لا مساس بحقوق العسكريين وبحقوق الجيش، اطلعنا في مجلس الوزراء بالامس، على النقاشات التي دارت، والتي وصلت الى حد طرح المساس بالتدبير الرقم 3 المتعلق بالعسكريين، علما ان الجيش بحسب المرسوم الرقم واحد تاريخ 1991، مكلف بحفظ الامن على كل الاراضي اللبنانية. وتاليا اذا كانوا لا يريدون التدبير الرقم 3، هناك حل: اعيدوا الجيش الى الثكنات، ويبقى فقط على الحدود وفي عرسال، وتولوا انتم الامن. عندما تُنزل الجيش الى الشارع، عليك ان تدفع له اعباء الاخطار، والتعويضات، وبعده عن عائلته، واعباء وجوده 24 ساعة على 24، تحت الشمس او تحت المطر، لكي تتمكن انت كسياسي من ادارة البلد بالشكل الصحيح وليس سرقته”.
وأضاف النائب السيد: ” نتيجة هذا الواقع يشعر الجيش والاجهزة الامنية، انهم يحرسون الدولة ، فيما الدولة غير مهتمة بنفسها وبمواطنيها. ومع ذلك، ولأن ثقافة الجيش هي ثقافة انضباط وقانون، لم يتصرف احد الى الآن بشكل عشوائي، بما في ذلك المتقاعد الذي يمسون بلقمة عيشه.
انطلاقا من كل هذه الصورة، تمنينا على فخامة الرئيس، وبما ان مشروع الموازنة الذي يدرس في مجلس الوزراء لم يمر على وزير الدفاع كما صرح امس، ولم تتم استشارة قيادة الجيش فيه بشكل دقيق، ولا احد من الاختصاصيين، اي بمعنى آخر قدمت وزارة المال عشوائيا طروحات واقتراحات لا تدرك معناها ونتائجها على العسكريين في الخدمة الفعلية والتقاعد، تمنينا على فخامته ان يعيد كل النقاط في الموازنة المرتبطة بالجيش والمتقاعدين والاجهزة الامنية، الى وزارة الدفاع، وان تتشكل سريعا لجنة مشتركة من وزارة الدفاع، والمتقاعدين، والاجهزة الامنية، وهم يعلمون اكثر من غيرهم، اين يجب ان يخفضوا من التكلفة والمصاريف التي يمكن ان تساهم في تعزيز خزينة الدولة والمال العام، لا ان يتم الموضوع عشوائيا واعتباطيا على الجميع من دون استثناء، بشكل يضر بالمعنويات وبأسس العمل وحتى بالامن، من خلال تدابير تعسفية وتخفيضات تؤدي الى ضرب المعنويات والتشويش اكثر ما تؤدي الى نتيجة .
العسكريون ادرى بمعرفة كيف يساهمون في تخفيض النفقات لصالح هذا العجز. ولكنني اعود واقول انه مهما خفض الجيش، وبنتيجة الدراسة التي عرضناها على فخامة الرئيس ونأمل منه تحويلها الى وزراة الدفاع، فهذا لن يحل المشكلة. لو تبرع العسكريون في الجيش والمؤسسات الامنية والمتقاعدون بكل رواتبهم، هناك محرقة اموال في الدولة، يقوم بها المسؤولون مع الاسف، وهم انفسهم ما زالوا موجودين”.
واضاف: ” انطلاقا من ذلك، نحن كنواب مسؤولين تجاه الشعب اللبناني بأسره وليس فقط عن مناطقنا، رسالتنا هي ان ما يجري في الدولة غير مسموح وغير مقبول. هي دولة منهوبة وليست عاجزة، هناك مكامن هدر استثنائية يمكن وقفها باصلاحات جدية اذا كان هناك نية فعلية لذلك، ولكن لا يمكنهم الاستمرار بذلك، اي الحفاظ على السرقة والفساد ومن ثم التوجه الى جمع الاموال من الناس. عليهم وقف السرقة والفساد. وأنا عشت في عمق هذه الدولة، وعملت في الموازنات وغير الموازنات في الظروف التي كنت موجودا فيها، ونعرف تماما ان لبنان بلد غني ولديه ايرادات، ولكن هناك تركيبة في البلد لم تعِ بعد انها يجب ان تقف عند حد، وتبدأ فعلا من فوق الى تحت، بدرس سبل التوفير ووقف الهدر والفساد بما في ذلك اللعب بالمال العام. والوقت ليس مؤاتيا من هذا المقر ان نشرح ذلك بالاسماء والتفاصيل، علما انكم تقرأون ذلك في الصحف، وهذا ليس الا غيضا من فيض ما يمكن ان يقال”.
وقال: “املنا كبير ونتمنى ان يُسمع صوتنا لما فيه مصلحة البلد، لأن الاصلاح من فوق اذا آمن به من هم فوق، اوفر من ان يستيقظوا صباحا في احد الايام ليجدوا ان الناس يقلبون الطاولة عليهم . نحن مسؤولون، ونحب الا تكون الكلفة عالية. الكلفة العالية عندما ينتفض الشارع، الكلفة المنخفضة عندما يعالج الكبار في البلد المشكلة، ويقولون اننا شبعنا، وجاء دور البلد والناس”.
ورداً على سؤال عما اذا كان المقترح الذي تقدموا به لفخامة الرئيس سيؤدي الى تأخير البت بالموازنة، قال:”هذا ليس ذنب الناس اذا تأخرت. كان هناك حكومة تصريف اعمال، ولم يتم الاهتمام بالموازنة، كان يجب ان تطرح الموازنة للنقاش في اول جلسة للحكومة الحالية، فلماذا الانتظار اربعة اشهر؟ لا يستطيعون ان يغنوا ليلا نهارا ويأتوا في النهاية ليقولوا لقد حشرنا الوقت. منذ العام الماضي كان هناك مؤتمر “سيدر”، وكل هذه التخفيضات الآن هدفها القول للمشاركين في “سيدر” اننا خفضنا العجز 1% لكي يأخذوا الاموال ويصرفوها” .