كتبت صحيفة “النهار” تقول: مع ان المحادثات التي أجراها الرئيس اليوناني بروكوبيوس بافلوبولوس في زيارته لبيروت شغلت المسؤولين الكبار بملفات التعاون المشترك بين لبنان واليونان ولا سيما منها ملفات الغاز والنفط والنازحين السوريين، فإن هذه الزيارة لم تحجب بدء العد العكسي للاستحقاق الأهم بعد اقرار خطة الكهرباء وهو انجاز إقرار موازنة 2019 بخفوضات تجمع المعطيات على وصفها بأنها موجعة وقسرية كخيار لا مفر منه.
وبدا واضحاً ان رئيس الوزراء سعد الحريري يستعجل هذا الاستحقاق الذي من شأنه في حال تحقيق خفوضات ملموسة باجماع مكونات الحكومة ان يحدث صدمة إيجابية ثانية بعد اقرار خطة الكهرباء بما يبدد الانطباعات المتشائمة عن الوضع الاقتصادي والمالي، علماً ان الرئيس الحريري حرص أمس في كلمته الافتتاحية لجلسة مجلس الوزراء العادية في السرايا على طمأنة الرأي العام الى الثقة بالاستقرار المالي. ولفت إلى “الإيجابية التي أرخاها إقرار خطة الكهرباء على الأسواق المالية والنقدية، وعلى ثقة المستثمرين في مستقبل الاقتصاد اللبناني، بصفته الإشارة الأولى الى جدية الحكومة في خفض العجز في الموازنة ومكافحة الهدر في المال العام، وتنفيذ ما التزمناه في مؤتمر “سيدر”. وقال “إن أفضل قرار اتخذناه في لبنان هو القيام بإجراءات معالجة العجز والتقشف في الموازنة، قبل أن تقع الأزمة، بينما اضطرت دول أخرى إلى اجراءات أصعب وأقسى وأكثر ألماً، لأنها انتظرت وقوع الأزمة قبل البدء بالمعالجة. فكلمة السر هنا هي اتخاذ الإجراءات لتفادي الأزمة، والتمكن من إدارة الخطوات بطريقة تحمي الإقتصاد والمواطنين”. وأكد “إن وضعنا في لبنان يبقى مطمئنا والثقة في اقتصادنا واستقرارنا المالي والنقدي ومستقبل النمو في بلدنا تبقى قائمة، ما دمنا نتخذ الإجراءات اللازمة. وهذه مسؤولية تقع علينا جميعاً في مجلس الوزراء، والمجلس النيابي، وأساسها التوافق بين جميع القوى السياسية الممثلة في الحكومة على الإجراءات التي ستتضمنها الموازنة، وعلى حسن تنفيذها”.
وليس بعيداً من هذه الأجواء، قال رئيس مجلس النواب نبيه بري تعليقاً على دقة الوضع الاقتصادي والمالي”: “تفاءلوا بالخير تجدوه، هذا الشهر لا أريد ان أقول إنه شهر مصيري ولكن أقول إنه شهر دقيق جداً لكي نقوم باجراءات وأولها على الاطلاق هو موضوع الموازنة. خطة الكهرباء هي خطوة على الطريق الصحيح، وان كانت ضرورية فانها غير كافية على الاطلاق. المهم ان نعبر عن خطتنا المستقبلية بموضوع الموازنة حتى يعود البلد الى الاستقرار”.
وسئل: هل هناك خوف على لبنان؟ فأجاب: “لا تخافوا”.
الموازنة قريباً جداً
وصرح وزير الاعلام جمال الجراح بعد جلسة مجلس الوزراء بأن “موضوع الموازنة سيعرض قريباً جداً على مجلس الوزراء، وبالتالي نصل الى استقامة وانتظام في الوضع المالي”. وأوضح ان “الرئيس الحريري ووزير المال يضعان اللمسات الأخيرة عليها، وهي وصلت الى الامانة العامة لمجلس الوزراء وان شاء الله هناك جلسات قريبة للنقاش”. كما أوضح انه “تم ارجاء البند المتعلق بموضوع الـ 60 دقيقة للاتصالات للمزيد من الدراسة، والبند الآخر المتعلق بالأرقام الموزعة على الوزارات والدوائر من خلال إجراء عملية ضبط لهذه الأرقام، لكي تصبح على حساب الوزارات والإدارات وكي لا تبقى هناك أرقام على حساب وزارة الاتصالات”.
وفي موضوع الاتصالات علمت “النهار” ان الوزير كميل أبو سليمان طالب بخطة جريئة وعدم الاكتفاء بخطوات جزئية بسيطة في هذا القطاع، ودعا إلى وضع استراتيجية متكاملة لتحسين واردات الدولة. ورأى أن مجلس الوزراء ليس المكان الصالح للتقرير في سعر الدقيقة، هذه الأمور تبحث في الهيئات الناظمة وغيرها وليس في مجلس الوزراء.
وعلى رغم هدوء الجلسة، فإنها شهدت تجدد التباينات بين “التيار الوطني الحر” و”القوات اللبنانية”. واستناداً إلى مصادر “تكتل لبنان القوي”، طالب وزراء التكتل بمعلومات لم تكن متوافرة قبل الموافقة على أي توظيف، عكس ما اعتبر البعض أنه “نكايات سياسية”، خصوصاً من حيث تصدي وزراء التكتل للبند 9 المدرج على جدول اعمال مجلس الوزراء، والذي ينص على طلب وزيرة الدولة لشؤون التنمية الادارية أن يفوض إليها تأليف لجان عمل من الاختصاصيين، وهو طلب غير مباشر للتوظيف العشوائي. وعند طرح البند، تدخل وزير الدفاع الياس بو صعب قائلاً لمي شدياق: “لطالما كنتم من المعترضين على التوظيف العشوائي المخالف للقانون، ونحن أيضاً، ولذلك يجب علينا جميعا ان نعترض على هذا الطلب، ليس بهدف العرقلة طبعاً، بل لأننا نطالب بدراسة دقيقة، وبآلية واضحة لتحديد الحاجات، خاصة ان البند المدرج لا يحدد عدد أو خبرة المطلوب توظيفهم أو حتى المبلغ المالي المتوجب من موازنة الوزارة لهذا الغرض. وإذا اقتنعنا، قد نوافق على الطلب، وليس في موقفنا هذا أي أسباب شخصية بطبيعة الحال”. وأكد هذا القول أيضاً في الجلسة الوزير جبران باسيل الذي شدد على معرفة الآلية التي ستتبع لهذا التوظيف، هل هو مجلس الخدمة المدنية أم لجنة وزارية وكم الكلفة وكم العدد. وبعد نقاش للموضوع، تدخل وزير العمل كميل ابو سليمان مخاطباً بو صعب: “لقد تفهمت مطلبكم بهذا المنطق”.
وقالت مصادر التكتل إن وزراءه اعترضوا أيضاً على بند الغاء الستين دقيقة المجانية على خطوط الخليوي الثابتة، اذ سأل باسيل وزير الاتصالات محمد شقير: “ما هو المدخول الذي سيتحقق في حال الالغاء”؟ وشدد باسيل على “وجوب وضع خطة متكاملة لوقف مكامن الهدر في قطاع الاتصالات والخليوي وهي كثيرة، وثمة إجراءات وقرارات يمكن اتخاذها تؤمّن وفراً كبيراً واردات مهمة لخزينة الدولة”. فتأجل البحث في هذا البند.
وليلاً أصدرت الوزيرة شدياق بياناً “أسفت فيه لمستوى الاستخفاف في مقاربة بعض الوزراء لمسألة طلبها تفويضاً من مجلس الوزراء لتشكيل لجان قصيرة الأمد، ولتحريفهم الحقيقة والمضمون”. وقالت: “للتوضيح، فإن وزارة الدولة لشؤون التنمية الإدارية هي مكتب مرتبط برئاسة الحكومة كوزارة دولة ولا هيكلية ادارية لها، لذلك يتوجب عليها أخذ موافقة مجلس الوزراء في شأن تأليف لجان قصيرة الامد لحسن سير العمل داخلها. وان التفويض المطلوب هو اجراء روتيني يقوم به كل وزراء الدولة لشؤون التنمية الادارية، وقد حصل عليه العديد من وزراء التنمية تباعاً وهناك دلائل على ذلك”. وأضافت ان “كل ما قيل من قبل الغيارى الجدد عن التوظيفات العشوائية هو بمثابة ذر للرماد في العيون وليس الّا “نكاية سياسية” بهدف التشويش على نظافة وزراء القوات وشفافيّتهم. وختاماً نقول، ان لم يفهموا مصيبة وان فهموا وتهكموا فالمصيبة اعظم”.
عقوبات أميركية وتحذير
الى ذلك، فرضت أمس وزارة الخزانة الاميركية عقوبات على اللبناني قاسم شمص بتهمة نقل الأموال نيابة عن منظمات تهريب المخدرات و”حزب الله”. وقالت في بيان لها في موقعها على الانترنت إن “شمص وشبكته العالمية لتبييض الأموال ينقلانعشرات ملايين الدولارات شهرياً من عائدات المخدرات غير المشروعة نيابة عن عصابات المخدرات ويسهلان حركة الأموال لـ”حزب الله”.
وأضافت أن مبيّض الأموال اللبناني قاسم شمص هو صاحب شركة “شمص للصرافة” التي تتاجر في المخدرات في جميع أنحاء العالم نيابة عن منظمات تهريب المخدرات وتسهّل نقل الأموال التابعة لـ”حزب الله”. ويتولى شمص تحويل الأموال من وإلى أوستراليا وكولومبيا وإيطاليا ولبنان وهولندا وإسبانيا وفنزويلا وفرنسا والبرازيل والولايات المتحدة، كجزء من نشاطاته المتعلقة بغسل أموال المخدرات.
ومن مراسل “النهار” في واشنطن ان وزارة الخارجية الاميركية أصدرت في التاسع من الشهر الجاري توجيهات جديدة لمواطنيها في شأن اخطار السفر الخارجي، وأضافت خانة جديدة تحذر فيها مواطنيها من خطر تعرضهم للاختطاف في 35 دولة بينها لبنان. ووضعت الخارجية دول العالم في خمس خانات من حيث الاجراءات الاحترازية التي يجب على المواطن أخذها في الاعتبار قبل السفر اليها. الخانة الاولى تنصح باتخاذ الاجراءات الطبيعية، والثانية تدعو المواطن الى ممارسة “الحذر المتزايد”، والخانة الثالثة التي وضعت فيها لبنان تدعو المواطن الذي يرغب في السفر اليها الى “إعادة النظر في السفر”.