كتبت صحيفة “الجمهورية” تقول: في تطور أميركي لافت في توقيته، كشف وزير الخارجية الاميركية مايك بومبيو خلال شهادته أمام مجلس الشيوخ “انّ خطر التصعيد بين إسرائيل و”حزب الله” حقيقي، مشيراً الى أنّ “إيران قد تلجأ إلى وضع أنظمة صواريخها داخل لبنان، وسيجد الإسرائيليون أنفسهم مضطرّين للرد”. وامّا داخلياً، فسيسجل على “حكومة الى العمل” أنّها الأولى التي تُستَدعى الى جلسة مساءلة نيابية، بعد أقل من 70 يوماً من عمرها. وكما كان متوقعاً، فقد خرجت الحكومة من هذه الجلسة سليمة معافاة، خصوصاً انها ووجهت بأسئلة لم تكن من النوع الذي يجعلها تقلق على مصيرها، ولاسيما انّ النواب مقدمي الاسئلة ينتمون الى الكتل الممثلة فيها.
عملياً كانت الجلسة من جهة كناية عن “جَلد على الخفيف” للحكومة من اهل بيتها، الا انها من جهة ثانية كانت مرآة عاكسة لمرض البلد؛ الفساد، التوظيف العشوائي، النفايات، التسيّب الاداري، وضع اقتصادي صعب ونقدي مهدد، ومخالفة القوانين، وعدم تطبيق بعضها. امّا الاجوبة عن تلك الاسئلة فلم تنسَ الحكومة تضمينها وعوداً جديدة بأنها “ستعمل، وسوف تعمل، وستهتم، وستتابع، وستعالج، وستكافح، وستنكَبّ، وستصلح” وما الى ذلك من مفردات طافت بها القاعة العامة لمجلس النواب، الذي سيعود الى الانعقاد الاربعاء المقبل كهيئة تشريعية لإقرار خطة الكهرباء، التي يعوّل عليها أصحابها بأنها تضع هذا القطاع على سكة الخروج من أزمته المزمنه والمرهقة للخزينة بمعدل ملياري دولار سنوياً.
لقد أعادت الجلسة تظهير الانقسام السياسي حول سوريا، وكذلك التباين ضمن فريق يسأل عما تفعله الحكومة في شأن ترسيم الحدود بين سوريا ولبنان بما يؤكّد لبنانية مزارع شبعا وتلال كفر شوبا، وفي الوقت نفسه يرفض الفريق نفسه محاورة الدولة السورية. وهنا، كان لرئيس المجلس النيابي نبيه بري موقف حسم الجدل: “لقد حصل في السابق نقاش مستفيض، هناك 14 مزرعة في مزارع شبعا يملكها لبنانيون، وهذا مثبت منذ ايام الاتراك وأيام الانتداب الفرنسي، وعندما حصل تهريب على الحدود آنذاك وضع مركز مراقبة لبناني، وعندما اندلعت الحرب عام 1967 ترك اللبنانيون هذه المنطقة، وبعد احتلال الجولان صارت هناك ذريعة لإسرائيل للسيطرة التامة عليها، خصوصاً انّ هذه المنطقة تحوي أهم نقطة للتزلج ولمصادر المياه. في خلاصة الامر، من الضروري إجراء محادثات بين لبنان وسوريا”.
بري: الموازنة أولاً
واذا كان العنوان الاصلاحي العريض، قد جعلت منه الحكومة غطاء لأدائها في هذه المرحلة، الّا انّ العلامة النافرة تَبدّت في الإعلان عن تأخّر الموازنة لبضعة اسابيع، على حد ما قال رئيسها سعد الحريري صراحة، وهو أمر يخالف كل التوقعات التي قالت انّ مشروع الموازنة سيطرح على مجلس الوزراء في القريب العاجل، وهذا التأخير لقي صدى سلبياً في أوساط النواب، وفي مقدمهم الرئيس بري، الذي اكد انه كان يأمل “أن يُدرج مشروع الموازنة في اول جلسة يعقدها مجلس الوزراء، خصوصاً انّ موجبات التعجيل بالموازنة تكاد لا تحصى، فضلاً عن إنجاز خطة الكهرباء هو أمر مهم، لكنّ هذه الاهمية تبقى غير مكتملة ما لم تأتِ الموازنة قبل اي امر آخر، لإعادة الانتظام المالي والاقتصادي للبلد، وبتخفيض واضح في أرقامها بما يحقق الهدف المنشود بتخفيض العجز، الذي اذا ما استمر سيؤدي الى نتائج شديدة السلبية على البلد”.
عون وخليل
وفيما أكد وزير المال على حسن خليل لـ”الجمهورية” انه “مواظب على السير على الخط الذي انتهجه، وصولاً الى وضع موازنة متوازنة وإصلاحية وتتضمن أرقاماً مخفّضة للعجز الذي نعانيه”، علمت “الجمهورية” انّ أهم ما في الموازنة انها تضمنت 11 مادة إصلاحية تلقى قبولاً من مختلف الاطراف، وبالتالي لا اعتراض عليها. وبحسب المعلومات انّ نقاشاً حول الموازنة، انطلاقاً من افكار تخفيضية للعجز، جرى بين وزراء من تكتل لبنان القوي، ووزير المال، وكذلك كانت الموازنة محور لقاء بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ووزير المال، وانضَمّ اليه الوزير جبران باسيل.
3 أولويات
وتشير المعلومات الى انّ رئيس الجمهورية كان مستعجلاً لإقرار الموازنة بشكل قريب، وهو الامر الذي أكّد عليه وزير المال الذي اشار الى انّ وزارة المال مستنفرة في هذا الاتجاه. وأشار خليل الى 3 امور، او بالاحرى أولويات، لا بد من معالجتها لكي تؤدي الموازنة الغاية المرجوّة منها، ومن دونها تبقى مجرد أرقام مركبة:
الامر الاول، عجز الكهرباء (مليارا دولار سنوياً، اي تخفيض متدرّج من الآن ولغاية العام 2020، أي وضع هذا القطاع على السكة من الآن).
الامر الثاني، التوظيف العشوائي، وهو ناجم عن أمرين:
1- اننا منعنا التوظيف، الّا اننا سمحنا للحكومة عبر قانون بأن تقوم بتوظيف الحالات التي تراها مناسبة. وبالتالي، الحل هنا يكمن في وضع نص جديد يلغي حق الحكومة بالتوظيف، اي ان نقيّد أنفسنا بقانون لسنتين او ثلاث سنوات، مع استثناء وظائف الفئة الاولى ومجالس الادارة التي تنوي الحكومة تعيينها.
2- التطويع في الاجهزة الامنية والعسكرية، وهذا امر يتطلب وضع نص يقيد هذا الامر لأننا لا نستطيع ان نستمر على هذا النحو. (اللافت للانتباه هنا انّ رئيس الجمهورية تحفّظ على هذا الموضوع، علماً انّ مصادر موثوقة أبلغت الجمهورية قولها عن توافق سياسي عسكري حصل على رفع سن التقاعد للعسكريين من العناصر والافراد والرتباء وصولاً الى الضباط حتى رتبة عماد).
الامر الثالث، خدمة الدين العام، حيث أشار وزير المال الى وجود اكثر من سيناريو لمعالجته.
تخفيض الرواتب
الى ذلك، بات أكيداً التوجّه نحو تخفيض رواتب الرؤساء والوزراء. واللافت للانتباه في هذا السياق وجود تململ لدى الشريحة الواسعة من النواب، حيال هذا الاجراء. واذا كان الرئيس بري مؤيّداً لهذا الاجراء من حيث المبدأ، الّا انه في المقابل، يرى انه قبل البحث في تخفيض مخصّصات النواب، ينبغي حصول معالجات فورية في اماكن اخرى. فهناك على سبيل المثال أشخاص يتقاضون اكثر من راتب من الدولة وهذا امر لا يجوز ان يبقى، لأنه مخالف للقانون، اضافة الى انّ هناك رواتب في بعض القطاعات بين 10 و20 و30 و50 مليون ليرة شهرياً تضاف اليها امتيازات تفوق هذه الارقام بكثير، فهذا ايضاً يجب ان يعالج قبل الحديث عن تخفيض رواتب النواب. في الخلاصة يجب تطبيق القانون في هذا المجال، وعندما يتم تطبيقه “بنِحكي”.
وكان موضوع الموازنة محور اللقاء الذي عقد امس بين الرئيسين بري والحريري في مجلس النواب، حيث اشار الحريري الى وجوب اتخاذ قرارات صعبة، وانه يعمل مع الاطراف السياسية من اجل ان يكون هناك اجماع كامل على الموازنة، لأنّ خوفي ان يحصل هنا كما حصل في اليونان، وهذا ما لا يجب ان يحصل، فلا يخف أحد لأننا سنقوم بإجراءات تنقذ البلد من اي مشكل اقتصادي، ويجب أن نوقف المزايدات.
المسار الثلاثي
من جهة ثانية، كان لافتاً أمس انعقاد الاجتماع الثلاثي لوزراء خارجية لبنان واليونان وقبرص، جبران باسيل ونيكوس كريستودوليدس وجورجيوس كاتروغالوس، في وزارة الخارجية، لبحث مجالات التعاون الثلاثي بين هذه البلدان التي تتشارك حوض المتوسط. وأعلن باسيل، بعد الاجتماع “إطلاق المسار الثلاثي بين الدول الثلاث”، وقال: لا يجوز أن يبقى لبنان وجاراه في الجغرافيا من دون تنسيق مميز سياسي واقتصادي، وأعلن: “وضعنا مهلة أمامنا حتى 7 ايار لإنهاء الاتفاقيات بيننا في مجالات: السياحة والتبادل التجاري والاستثمار والتعاون الثقافي، وبعد ذلك ننتقل الى قمة ثلاثية تعقد في قبرص بين الرؤساء الثلاثة لتوقيع الاتفاقيات”. من جهته، أمل رئيس الجمهورية أن يكون الاجتماع الثلاثي بداية إيجابية، مشيراً إلى وجود مصلحة مشتركة للتعاون بين لبنان وقبرص واليونان في المجالات كافة، لاسيما في مجال دعم لبنان في سعيه لإعادة النازحين السوريين إلى المناطق الآمنة في سوريا.
نصرالله
من جهة ثانية، أطلّ الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله، في كلمة متلفزة في مناسبة “يوم الجريح المقاوم”، قال فيها: ما عندنا من أمن وسلام صنعه شهداؤنا وأسرانا وجرحانا، ولا يحق للارهابيين الشياطين القتلى المتآمرين أن يأتوا إلى لبنان ويتحدثوا ويمنوا علينا بالاستقرار والسلام.
ووصف نصرالله الادارة الاميركية بالارهابية، رافضاً تصنيف الحرس الثوري بالمنظمة الارهابية، وقال: “هناك لبنانيون في واشنطن يعملون باتجاه وضع أصدقاء وحلفاء “حزب الله” على لائحة الارهاب”. أضاف: لكل الذين يراهنون على الاجراءات الأميركية نقول، صحيح نحن حتى الآن أمام لوائح الارهاب نكتفي بالادانة والتنديد والصبر وشَد الاحزمة بإدارة الوضع، لكن هذا لا يعني اننا لا نملك أوراق قوة مهمة وأساسية. هناك بعض الاعمال التي يقدم عليها الأميركي ويقول انها ستبقى من دون رد فعل، أنتم مخطئون عندما يشعر أي فصيل أو جزء من محور المقاومة انّ هناك وضعاً خطيراً ما يتهدّدنا ويتهدّد شعبنا وقضايانا الرئيسية، من قال إننا سنكتفي بالاستنكار!!. فمن حقنا ومن واجبنا الاخلاقي أن نواجه كل أولئك الذين يمكن بإجراءاتهم ان يهددوا شعبنا او بلدنا أو مقاومتنا. يدنا مفتوحة وخياراتنا مفتوحة، لكن في الوقت المناسب عندما يكون هناك إجراء بحاجة إلى رد فعل سيكون هناك رد فعل مناسب”.