كتبت صحيفة “النهار” تقول: نادرا ما اطلق رئيس الوزراء سعد الحريري تنبيهاً الى تجنب الوقوع في تجربة شبيهة بتجربة اليونان كما فعل أمس عقب لقائه رئيس مجلس النواب نبيه بري على هامش جلسة مساءلة الحكومة في الاسئلة والاجوبة في مجلس النواب. والواقع ان الرئيس الحريري بدا كأنه يضرب “الحديد الحامي” لخطوة قرار خطة الكهرباء، دافعا بقوة نحو اطلاق نفير الاجراءات القاسية والمتقشفة في الموازنة التي وضع ملفها واستحقاقها على سكة الاستعدادات العاجلة بعدما اودع وزير المال علي حسن خليل النسخة المعدلة لمشروع الموازنة الامانة العامة لمجلس الوزراء تمهيدا لادراجها في جدول اعمال الجلسة التي سيتفق رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس الحريري قريباً على تحديدها.
وبدا واضحاً ان تحركات ومبادرات وشيكة ستتخذ من اجل استعجال التوصل الى قرار سياسي وصف بانه كبير وجامع من كل الكتل النيابية بما يوفر المظلة الكبيرة لاتخاذ قرارات تقشقية موجعة من شأنها ربما ان تزيد منسوب خفض العجز في الموازنة بما يقترب من نسبة الثلاثة في المئة. ولذا بدأ الحديث عن اتجاه الى عقد لقاء مهم وبارز ومفصلي بين الرئيس الحريري ورؤساء أو ممثلي الكتل النيابية قبل ادراج مشروع الموازنة في جدول اعمال مجلس الوزراء سعياً الى بلورة قرار سياسي كبير يدفع الاتجاهات التقشفية نحو مسار التنفيذ وضمان خفض ملموس للعجز في الموازنة. كما تردد ان الاجراءات الموجعة التي كثر الكلام عنها قد تتناول جوانب مهمة من هيكليات ادارية ووزارية.
في أي حال، لمح الرئيس الحريري الى الطبيعة “القاسية” للاجراءات المطلوبة من دون تفصيله،ا كما بدا كأنه يضع جميع القوى السياسية أمام مسؤولياتها في استجابة الاتجاه الى اقرار موازنة متقشفة. وقال بعد لقائه الرئيس بري عقب جلسة الاسئلة والاجوبة التي عقدها أمس مجلس النواب : “اليوم كانت جلسة اسئلة واجوبة للحكومة، وهذا أمر صحي، ويجب ان تحصل هذه الجلسات دوماً ليرى الناس ماذا نفعل في الحكومة، ومجلس النواب له الحق في أن يعرف ما الذي تقوم به الحكومة”.
وأضاف: “في موضوع الموازنة علينا ان نتخذ قرارات صعبة، وأعمل مع معظم الاطراف السياسيين من أجل ان يكون هناك اجماع كامل على الموازنة، لأن خوفي ان يحصل هنا كما حصل في اليونان، وهذا ما لا يجب ان يحصل، فلا يخافن أحد لأننا سنقوم بإجراءات تنقذ البلد من اي مشكل اقتصادي، ويجب أن نوقف المزايدات بعضنا على البعض ونرى مصلحة البلد المالية والاقتصادية وكيف سنحقق نمواً في الاقتصاد ونقوم بإجراءات ليست كبيرة كثيراً، ولكن قاسية قليلا، نتحملها سنة أو سنتين ثم تعود الامور كما كانت “.
وأوضح رداً على سؤال أن “هذه الاجراءات تنقذ لبنان وليس لدي شك في الأمر، والاساس هو أن نؤمن الإجماع على الاصلاحات من أجل ان نكون جميعاً في خط واحد ونشرح للناس لماذا نقوم بهذا الامر ولماذا وصلنا الى هنا”. وسئل ما اذا كان هناك من يرفض هذه الاجراءات، فاجاب: “حتى الآن هناك نقاش، وتعرفون ان النقاش يجب ان يحصل. الموازنة هي سلسلة اجراءات لمصلحة المواطن اللبناني “.
وقالت مصادر الحريري لـ”النهار” مساء إن ما عناه في تصريحه في مجلس النواب هو انه اذا لم نتخذ الاجراءات اللازمة فمن شأن ذلك ان يجعلنا نواجه سيناريو اليونان.
وشكلت جلسة البارحة الجلسة الاولى لمساءلة الحكومة الحالية برلمانياً وطرح عليها 13 سؤالاً نيابياً، طغت عليها مسألة التوظيف المخالف لقرار وقف التوظيف والملف البيئي. وفيما لفت الرئيس بري الى أن موضوع التوظيف معلق لمزيد من الدرس، قال الرئيس الحريري: “الموضوع شائك وهذا لم يكن توظيفاً انتخابياً أو سياسياً وكل القوى السياسية تدخلت ووظفت وخصوصا في أوجيرو، كما تم توظيف 3000 شخص في الاجهزة العسكرية والامنية، لكن هناك اقتراحات في الحكومة لاجراء مناقلات داخل الادارة”. وأضاف: “لا شك أن أخطاء حصلت في التوظيف لذلك أقفلنا باب التوظيف الاستثنائي عبر الحكومة في الموازنة المقبلة”.
ورد بري بان لدى مجلس النواب ارقاماً تشير الى توظيف 5000 شخص بمعزل عن العسكريين. وسيتم التأكد من التزام قرار عدم التوظيف.
نصرالله
ومع ان الامين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله خصص معظم كلمته أمس للرد على قرار الادارة الاميركية المتعلقة بتصنيف الحرس الثوري الايراني منظمة ارهابية كما على موضوع العقوبات الاميركية على الحزب، فانه تناول الشأن الداخلي من زاوية انعكاسات المواقف الاميركية على لبنان مثنياً على “التعاون في الحكومة وخارجها”. وعلق نصرالله على كلام وزير الخارجية الاميركي مايك بومبيو عن صعود “حزب الله” في لبنان، قائلاً: “انه يصر على تحريض اللبنانيين بعضهم على البعض”.
اما عما تردد من معلومات عن وضع الرئيس بري على لائحة الارهاب الاميركية، فأكد “انها لا تمت الى الحقيقة بصلة”، منتقداً بعض ” اللبنانيين الذين يعملون في هذا الاتجاه”. وقال: “يجب ان يعرف اللبنانيون ان مصلحتهم في التعاون والتواصل وعدم الاستجابة للتحريض الاميركي الذي دمر بلدانا حولنا”. ودعا اللبنانيين “الى الاختيار بين إبقاء البلد في دائرة السلام الداخلي أو الاستجابة لمن يجرّهم إلى الفتنة”..
وأضاف: “هناك لبنانيون في واشنطن يعملون في اتجاه وضع أصدقاء وحلفاء “حزب الله” على لائحة الارهاب… أضم صوتي إلى صوت رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي صدح في الدوحة وأمام برلمانيي العالم ليقول الحق بصوت مرتفع ويدل الجميع على طريق الخلاص: الوحدة والمقاومة وعندما نأتي إلى لبنان الطريق هو الوحدة والمقاومة إذا كنا نريده أن يبقى حراً مستقلاً ومزدهراً”.
الرئيس اليوناني
وسط هذه الاجواء يبدأ الرئيس اليوناني بروكوبيوس بافولوبولوس زيارة رسمية للبنان اليوم تستمر يومين. وهو اكد عشية زيارته أن “اليونان مستعدة دائما للدفاع عن حق لبنان والشعب اللبناني في العيش في بلده، مع ضمان سلامته الإقليمية وسيادته الوطنية”، معتبرا أن “الأوروبيين مدينون بالتكريم للبنان”.
وقال الرئيس اليوناني في اتصال مع “الوكالة الوطنية للاعلام” :”أشكر رئيس الجمهورية العماد عون لدعوتي الى لبنان، وزيارتي الرسمية هذه هي فرصة عظيمة ليس فقط لتأكيد الصداقة العميقة والبناءة بين بلدينا وشعبينا، على أعلى مستوى، بل لإعطاء هذه الصداقة، وبالتالي تعاوننا المتبادل، آفاقا واعدة. وأود أن أوضح في هذا الصدد أن الوضع الذي لا يزال حرجا في الشرق الأوسط، يسمح، بل يفرض هذا الامر، مع أخذ تاريخ بلدينا وحضارتيهما في الاعتبار. وبالاضافة الى ذلك، يمكن للحوار المتناغم وغير المنقطع بين حضارتينا الأسطوريتين أن يسهم في هذا الاتجاه”.
وأضاف: “اغتنمت هذه الزيارة لأشيد بلبنان والشعب اللبناني لإنسانيته الرمزية تجاه لاجئي الحروب في الشرق الأوسط. اللاجئون الذين يظهرون حالة الإنسان عموما في هذا العالم، وكذلك التحديات الكبيرة للدفاع عن الديموقراطية والاحترام غير المشروط لحقوق الإنسان. ونحن الأوروبيين، مدينون بهذا التكريم للبنان والشعب اللبناني، خصوصا أن الغرب بشكل عام، والاتحاد الأوروبي خصوصا، لم يفوا بواجبهم تجاه الإنسان وحقوق الإنسان أثناء الحرب في الشرق الاوسط”.